صدر مؤخرًا عن دار الأسوارـ عكا كتاب "الاستيطان الإسرائيلي- التاريخ والواقع والتحديات الفلسطينية" للزميل الدكتور جوني منصور. يقع الكتاب في 216 صفحة من القطع الوسط
ويأتي صدور الكتاب، كما يقول الناشر، في مرحلة مصيرية من مراحل الصراع الإسرائيلي- العربي/ الفلسطيني، وفي أعقاب الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة دون التوصل إلى تسوية حقيقية مع الفلسطينيين سوى مجموعة من الترتيبات الحياتية اليومية لتصريف الأمور الجارية بين الطرفين.
والكتاب المذكور عبارة عن سلسلة من البحوث والدراسات العلمية المبنية على معطيات إحصائية حديثة لها علاقة بتطور الاستيطان وتحوله إلى عقدة مركزية في طريق التوصل إلى حل سلمي أو على الأقل التوصل إلى تسوية بين طرفي الصراع.
يتطرق الكتاب إلى مواضيع لم تطرح في السابق، منها على سبيل المثال: استعمال المستوطنين ووسائل تثقيفهم لنصوص أدبية لدعم حركتهم الاستيطانية في مواجهة الحركة الأدبية الفلسطينية المقاومة لهم. كما تطرق الكتاب إلى الجهاز التعليمي والتربوي في المستوطنات ومقارنته مع الجهاز التعليمي الإسرائيلي حيث يبين الباحث أنه لا فرق بين الجهازين بل هما جهاز واحد متناسق ومتناغم للغاية. وأشار الكتاب في أحد فصوله إلى مساهمة الحركة الاستيطانية في تدمير البيئة الفلسطينية بواسطة تحويل مناطق كثيرة في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى مكبات للنفايات الناتجة عن المصانع الاستيطانية. وتطرق الكتاب في بعض مواده إلى الجدار الفاصل بكونه مظهرا من مظاهر الأبرتهايد الذي تستعمله الحكومة الإسرائيلية بذريعة حماية مواطنيها من الفلسطينيين، وهوـ أي الجدارـ عبارة عن سجن كونته إسرائيل بموافقة صامتة من المحافل الدولية التي تدعم إسرائيل. ويستعرض الكتاب صورة العلاقات بين الجيش الإسرائيلي وبين المستوطنين بكون هذا الجيش قد تحول إلى وسيلة في يد المستوطنين يستغلونه في سبيل تدعيم نشاطاتهم بكونها صادرة عن الحكومة الإسرائيلية، وهم- أي المستوطنون- يقومون بتأدية "رسالة مقدسة" صادرة عن الحكومة وما على الجيش سوى حمايتهم وتوفير هذه الحماية بصورة خدمة لهم. وهكذا تحولت كل مرافق الحياة في إسرائيل بصورة شبه كاملة إلى مجندة لخدمة المشروع الاستيطاني الإسرائيلي.
وتستند نظرية مؤلف الكتاب إلى أن الاستيطان الإسرائيلي ما هو إلا شكل من أشكال الاستعمار التقليدي في تكوينه الفعلي، وقد تحول إلى استيطان مجند من قبل العقيدة الدينية والعسكرية والسياسية، وهذا التوجه نال دعما جماهيريا من قبل الأوساط والمحافل السياسية الإسرائيلية على مختلف مشاربها وتوجهاتها. فالاستيطان الإسرائيلي يشكل عقبة كأداء أمام الفلسطينيين ويتوجب عليهم مواجهته بكل السبل المتاحة لهم للتخلص منه أولا ثم للبدء بسلسلة من المفاوضات التي تكمل طريق التسوية. بمعنى آخر فإن واضع الكتاب يرى أنه يتوجب على الفلسطينيين السعي بكثافة إلى إنهاء الاستيطان قبل التعرض إلى أمور أخرى.
ويمكن اعتبار هذا الكتاب مساهمة علمية في كشف المزيد من خفايا وخبايا الحركة الاستيطانية الصهيونية- الإسرائيلية ومساهمتها في تدمير حياة ومستقبل الفلسطينيين، وإن الطروحات في الكتاب جديدة من حيث مقارنة الأوضاع السائدة في المستوطنات والأوضاع في القرى والمدن الإسرائيلية والعربية في إسرائيل اعتمادا على الإحصائيات والمعطيات الرقمية الصادرة عن دائرة الإحصاء المركزية في إسرائيل والوزارات المعنية بالأمر كوزارات المالية والدفاع والإسكان والهجرة والاستيعاب، رغم أنها ليست كاملة وناقصة في الوقت ذاته.
المصطلحات المستخدمة: