تواصل عناوين الصحف العبرية الصادرة في أعقاب قمة شرم الشيخ بث أجواء تفاؤل وارتياح لنتائجها خصوصاً إلى جهة تلميع صورة رئيس الوزراء الإسرائيلي أريئيل شارون وإظهاره كـ«رجل سلام» وبترحيب من كبرى الدول العربية مصر. كما تناولت الصحف كواليس اللقاء الثنائي بين شارون ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) لتؤكد «العلاقة الحميمة» بين الرجلين.
ونقل المراسل السياسي لصحيفة «يديعوت أحرونوت» شمعون شيفر عن «أبو مازن» الذي تحدث الى شارون بالعربية، فيما قام مستشار الأخير شالوم تورجمان بالترجمة، قوله: «اننا ننطلق اليوم على طريق جديدة واذا فشلنا، لا سمح الله، فإن المسؤولية ستقع على كاهلينا. أعي ان جهات متطرفة معنية بتفجير العملية ونحن سنحارب هذه الجهات... لكنها ليست مسألة يوم أو اثنين وعليكم إبداء الصبر».
وتابع شيفر ان «أبو مازن» حين سمع شارون يحضه على التعجيل في استئصال قاعدة الارهاب رد عليه بالعبرية: «مهلاً... أنا في منصبي منذ ثلاثة اسابيع فقط ولم أشكل حكومة بعد»، فرد عليه شارون: «المشكلة عندكم في تشكيل حكومة، بينما مشكلتي في كيفية الحفاظ على حكومتي».
واقترح شارون على الزعيم الفلسطيني ان يلتقيه في المرة المقبلة في رام الله على رغم معارضة رجال الأمن الإسرائيليين للفكرة، وقال: «سيكون هذا حدث السنة... سيأتي عدد أكبر من الصحافيين». ثم تحدث شارون عن رغبته بتنسيق «فك الارتباط» مع الفلسطينيين، مهدداً أن إسرائيل لن تحتمل وضعاً يطلق فيه الفلسطينيون النيران على قوافل المستوطنين أثناء إجلائهم «واذا حصل ذلك فسنرد بشكل غير مسبوق». ورد «أبو مازن» ملتزماً بأن يبذل كل ما هو مستطاع للحيلولة دون ان يتم الانسحاب تحت وطأة النيران. وختم شارون بإبداء استعداده لاتخاذ «خطوات كبيرة»، لكن شرط «وقف الارهاب». وقال: «كلهم يطالبونني بمساعدة أبو مازن وأنا أقول انني سأساعده بشرط ألا يمس ذلك بأمن مواطني اسرائيل».
وتناولت الصحيفة العبرية «المعاملة الدافئة والودودة» التي كانت من نصيب شارون في مصر «بعد ان قرر (الرئيس المصري حسني) مبارك عناقه». وقالت ان مبارك ابلغ شارون ان في لقاءاته مع الزعماء العرب يقول لهم بصريح العبارة انهم اذا أرادوا التوصل الى تسوية مع اسرائيل «ينبغي عليهم التفاوض معك... وأنا أؤمن بذلك من كل قلبي».
وذكرت «يديعوت احرونوت» ان «أبو مازن» طلب من شارون قرب نهاية لقائهما الثنائي إطلاق سراح الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات وفؤاد الشوبكي الذي تتهمه اسرائيل في قضية سفينة الأسلحة «كارين ايه».
لكن مقابل اجواء التفاؤل الحذر انشغلت المحافل السياسية بـ«الصفعة» التي سددها وزير الخارجية سيلفان شالوم لرئيس الحكومة بإعلانه، بعد ساعات من انتهاء القمة، انه سيطلق حملة لإجراء استفتاء عام حول الانسحاب من غزة، وهو مطلب يكرره أقطاب اليمين إلى جانب المستوطنين ويعارضه شارون بقوة.
وعزت أوساط قريبة من رئيس الحكومة اعلان شالوم الى «زعله» من عدم دعوته للمشاركة في قمة شرم الشيخ.
غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أكد انه يعارض بشدة تنظيم استفتاء حول خطته لفك الارتباط في قطاع غزة.
وذكرت الاذاعة الاسرائيلية العامة نقلا عن الصحافيين المعتمدين في البرلمان ان شارون قال: «لن ينظم استفتاء حول خطة فك الارتباط. والتصريحات في هذا الخصوص اشبه بالتهديدات ولم ارضخ يوما للتهديدات».