المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أشار مؤشر السلام لشهر تشرين الأول 2004 ("هآرتس"، 9/11/2004) إلى أن الأغلبية المؤيدة لخطة فك الارتباط بقيت مستقرة حتى بعد الصراع الحاد في الكنيست بخصوص المصادقة عليها. لكن الجمهور الإسرائيلي ـ اليهودي انقسم بشكل متساوٍ بين من يعتقد أن نزول ياسر عرفات عن المنصة السياسية يجب ألا يؤثر على تنفيذ الخطة، وبين من يعتقد أنه على ضوء الوضع الجديد يتعيّن تنسيق فك الارتباط عن قطاع غزة مع القيادة الفلسطينية الجديدة، ووفقاً لذلك تعليق تنفيذ الخطة. فنسبة المعنيين بتعليق فك الارتباط ومحاولة حل المشكلة بشكل عام تفوق نسبة المعارضين لتعليق الخطة.

من ناحية أخرى فإن التدهور الشديد في الوضع الصحي للرئيس عرفات لم يخفف أبداً من حدة العداء تجاهه في الجانب الإسرائيلي. وكما في السابق، فإن معظم الإسرائيليين ـ اليهود يرون فيه إرهابياً بينما تعرفه أقلية صغيرة جداً فقط بأنه سياسي. ثم إن أغلبية واضحة أيضاً تعتقد أن إسرائيل أخطأت عندما سمحت له بالعودة الى المناطق الفلسطينية من تونس في العام 94 ضمن إطار تنفيذ اتفاق أوسلو.
يلاحظ أيضاً وجود ارتفاع ذي مغزى في نسبة المعتقدين بأن عرفات سيطر منذ بداية الانتفاضة على ما يحصل في الشارع الفلسطيني في كل ما يتعلق بتنفيذ عمليات العنف ضد إسرائيل.

وعلى خلفية الصراعات بشأن المصادقة على خطة فك الارتباط هذا الشهر، والأثمان السياسية المتوقعة مع تغيير القيادة في الجانب الفلسطيني، فحص المؤشر كيفية تقدير الجمهور لأداء قادتهم والمؤسسات في كل ما يتعلق بإدارة النزاع مع الفلسطينيين. والهيئة الوحيدة التي قامت الأغلبية اليهودية بتقدير أدائها بشكل إيجابي في هذا السياق كان الجيش الإسرائيلي ومن بعده، بفارق كبير، وسائل الإعلام. في المقابل حظي أداء الحكومة والكنيست بتقدير متوسط وما دونه.

ومن بين الزعماء نال وزير الدفاع، شاؤول موفاز، التقدير الأكثر إيجابية على أدائه، ومن بعده بفارق صغير جاء رئيس الحكومة أريئيل شارون، ورئيس الأركان موشيه يعلون. أما تقدير أداء رئيس المعارضة شمعون بيريس ووزير الخارجية سيلفان شالوم فكان متوسطاً. العلامة الأدنى من بين الجميع نالها وزير المالية بنيامين نتنياهو.
وبمناسبة مرور 9 سنوات على اغتيال رئيس الحكومة إسحاق رابين، حاول المؤشر معرفة كيفية تأثير هذا الحادث على السجال السياسي في إسرائيل. وقد اتضح أن الرأي السائد هو أن الاغتيال لم يؤثر على السجال بين اليمين واليسار وبين المتدينين والعلمانيين.
فيما يلي النتائج الرئيسية لمؤشر السلام عن شهر تشرين الأول 2004، في أعقاب استطلاع أجري بين الأول والثالث من الشهر الجاري. ويشرف على هذا المشروع البروفيسور إفرايم ياعر ود. تمار هيرمن من مركز تامي شتاينيتس لأبحاث السلام في جامعة تل أبيب.

على الرغم من الملاحظات الخطيرة حول خطة فك الارتباط التي طُرحت في الكنيست من قبل جمهور المستوطنين، فإن نحو 60% من الجمهور الإسرائيلي ـ اليهودي يؤيد الخطة (نسبة التأييد في أوساط الجمهور العربي أعلى: نحو 70%).

ومع ذلك، في ضوء تدهور الحالة الصحية لعرفات وابتعاده عملياً عن الحلبة السياسية، ثمة تباين في الرأي حول مسألة استمرار تنفيذ الخطة بشكل أحادي الجانب (40%) أو حول ضرورة محاولة الوصول الى تفاهم مع القيادة الفلسطينية (40%). في أوساط الجمهور العربي يعتقد 53في المئة أنه من الأفضل محاولة الوصول الى تفاهم مع الفلسطينيين بينما يؤيد نحو 29% فقط استمرار تنفيذ خطة فك الارتباط بشكل أحادي الجانب.


48% من الذين سُئلوا قالوا إنهم يؤيدون تعليق فك الارتباط عن غزة ومحاولة العودة الى المفاوضات حول التسوية السلمية الشاملة مع القيادة الفلسطينية الجديدة، في مقابل 43% يعارضون مثل هذا التعليق. وكما هو متوقع، ففي هذه النقطة أيضاً يفضّل الجمهور العربي التفاوض مع القيادة الفلسطينية ـ 58% يؤيدون تعليق فك الارتباط في محاولة للتوصل الى اتفاق شامل مقابل 30% يعارضون ذلك.
المرض الخطير جداً لعرفات لم يؤدِّ الى تليين العداء تجاهه في الشارع اليهودي. 79% من اليهود اعتبروه إرهابياً و5% فقط اعتبروه سياسياً. بينما وضعه 15% في منتصف الطريق بين السياسي والإرهابي.
ثمة أغلبية واضحة في الجمهور اليهودي ـ 64% ـ تعتقد أن إسرائيل لم تتصرف بشكل صحيح عندما سمحت لعرفات بالعودة الى المناطق الفلسطينية في إطار تطبيق اتفاقات أوسلو (23% يعتقدون أن إسرائيل تصرفت بشكل صحيح، 13% لم يعطوا جواباً).


الآراء في الشارع العربي في هذا الموضوع مختلفة كلياً ـ 75% من العينة التي فحصناها اعتبرت عرفات سياسياً، 15 في المئة يعتقدون أنه يوجد في وسط المحور بين السياسي والإرهابي، و7% فقط يعتبرونه إرهابياً. أما بالنسبة للإذن الذي أعطته إسرائيل لعرفات بالعودة الى هنا في العام 1994 فيعتقد نحو 69% بأن القرار كان صحيحاً مقابل 12.5% يعتبرونه غير صحيح.
في السابق كان الجمهور اليهودي منقسماً بين من يعتقد بأنه منذ اندلاع الانتفاضة سيطر عرفات على الجمهور الفلسطيني في كل ما يتعلق بعمليات العنف ضد إسرائيل، وبين من اعتقد أنه لم يسيطر عليها. واليوم ترسخت رواية القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل من أن عرفات سيطر على ما يحصل (75%). و20% من اليهود يعتقدون اليوم بأن ما يحصل في الشارع الفلسطيني كان خارجاً عن سيطرتهم.

الآراء منقسمة بين الجمهور اليهودي بشأن مسألة ما إذا كانت مسيرة أوسلو فشلت بسبب عرفات، لكن يمكن التوصل الى سلام مع قيادة فلسطينية أخرى (أو لا يمكن التوصل الى سلام مع الفلسطينيين من دون أية صلة بمن يقف على رأسهم). في هذا المجال يتفوق الذين يعتقدون بإمكانية التوصل الى سلام مع قيادة فلسطينية أخرى (49%) على الذين يعتقدون أن السلام مع الفلسطينيين غير ممكن أياً تكن قيادتهم (43%). لكن على الرغم من ذلك تعتقد الأغلبية ـ 58% ـ بأن فرص التوصل الى اتفاق سلام شامل مع الفلسطينيين بعد ابتعاد عرفات عن الحياة السياسية، متدنية أو غير قائمة أصلاً (32% يقدرون أن فرص هذا الأمر كبيرة أو كبيرة جداً).
على ما يبدو ينبع هذا الموقف من النظرية القائلة بأن الفلسطينيين يعادون إسرائيل من دون أي صلة بالقيادة التي تدير أمورهم.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات