كشف النقاب في اسرائيل، امس، عن وثيقة سرية اعدها محققو جهاز الأمن العام (الشاباك) حول تفاصيل عملية تعذيب الأسير الفلسطيني حسام علي بدران والتي منعت المحكمة الاسرائيلية الكشف عنها منذ خمس سنوات. ورغم تحويل الوثيقة منذ اسبوعين الى المستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، للتحقيق فيها الا انه لم يرد عليها بعد. وتم كشف الوثيقة بالصدفة حيث وضعت بالخطأ في ملف تحقيق الاسير حسام بدران واطلع عليها محاميه لبيب حبيب فحولها الى اللجنة ضد تعذيب الاسرى وهي بدورها قدمتها الى المستشار القضائي للحكومة.
وتفصل الوثيقة اساليب تعذيب الفلسطينيين الذين يدرجهم المحققون في قائمة "القنابل الموقوتة" لاسرائيل وسجلها رئيس وحدة التحقيق في الشاباك والمعروف باسم "عوز". وجاء في الوثيقة ان هذا الاسلوب يندرج ضمن اساليب اخرى تمارس مع الاسرى الذين تعتبرهم اسرائيل "قنبلة موقوتة ويشكلون خطرا على امنها".
واسلوب التعذيب، الذي مورس بحق الاسير بدران، اتبعه المحققون مع جميع الاسرى وفيه يجلس الاسير الفلسطيني على كرسي من دون ظهر بعد تكبيل يديه. امامه محقق وخلفه محقق. الثاني يمسك كتفي الاسير ويشدهما الى الخلف ويبقى الاسير بهذه الوضعية التي تسبب له آلاما شديدة لدقائق طويلة وبعد ذلك يدفع المحقق من الخلف الاسير الى الامام فيمسكه المحقق من امامه ويدفعه الى الخلف وهكذا يبقى الاسير لوقت طويل.
وتظهر الوثيقة اساليب اخرى من التعذيب كانت قد منعتها المحكمة العليا في العام 1999 بعد ان تقدمت مؤسسات فلسطينية عدة بالتماسات اليها ضد محققي "الشاباك" الذين مارسوا اساليب تعذيب ممنوعة على الاسرى الفلسطينيين وادت الى وفاة بعضهم واعاقة البعض الآخر اضافة الى تدهور حالتهم الصحية.
وكشفت "اللجنة ضد التعذيب" ومنظمة "بتسيلم"، من خلال شهادات الاسرى، ان المحققين والجيش الاسرائيلي واصلوا ممارسة اساليب التعذيب الممنوعة ومنها "الهز" و"الشبح" و"تبريد الاسير بوضعه داخل ثلاجة او سكب المياه الباردة في الشتاء وابقاء الاسير تحت المطر لساعات طويلة" واسلوب التعذيب المعروف ب"الموزة" بحيث يتم وضع الاسير بشكل ملتو شبيه بالموزة لوقت طويل مما يؤدي الى آلام شديدة في الظهر وهناك من اصيب بالشلل بعد تعرضه لهذا الاسلوب بالذات وهو الاقرب لحالة الاسير بدران.
ولم تنكر مصادر امنية اسرائيلية ممارسة اساليب التعذيب الممنوعة من قبل المحققين وقالت ان ممارسة هذه الاساليب تتم بعد الحصول على مصادقة من المستشار القضائي للحكومة. وحول التحقيق مع بدران رد الناطق بلسان وزارة القضاء ان الموضوع ما زال قيد التحقيق.
من جهة أخرى تضمن التقرير نصف السنوي الذي قدمه ممثل النيابة العسكرية، الجنرال مناحم فنكلشتاين، للجنة الدستور في الكنيست الاسرائيلي امس اعتراف جيش الاحتلال ان الحواجز المقامة في الاراضي الفلسطينية تشكل "ثغرة" في مجال حقوق الانسان. واعرب رئيس اللجنة البرلمانية ميخائيل ايتان (ليكود) عن "قلقه" من حالة حقوق الانسان الفلسطيني في الاراضي المحتلة واوضح انه سيدعو قائد اركان الجيش موشيه يعلون للمشاركة في جلسة قادمة للجنة لبحث المسألة.
وخلال اجتماع لجنة الدستور قال فنكلشتاين انه منذ انتفاضة الاقصى فتحت الشرطة العسكرية تحقيقاً ضد 600 جندي يشتبه في انهم تعرضوا للفلسطينيين بالضرب والاهانة والمماطلة والسرقة لافتا الى تقديم لوائح اتهام ضد الجنود في 90 حالة فقط. وكشف ان العقاب الاقصى للذين ادينوا من الجنود الاسرائيليين بالاعتداء على ارواح وحقوق الفلسطينيين لم يتعد 11 شهرا ومن ضمن ذلك ادانة ضابط قتل طفلا فلسطينيا بالسجن لمدة ستة اشهر فقط فيما ادين جندي بالسجن لمدة 10 شهور لادانته بالحصول على رشوة في الحاجز الذي خدم فيه.
النائبة زهافا جالؤون (ميرتس- ياحد)، عضو لجنة الدستور، عقبت على المعطيات بالقول "انحسار عدد الجنود الذين تمت محاكمتهم مقابل الاعداد الهائلة للفلسطينيين الذين يقتلون يدلل على التدهور الاخلاقي في هذه البلاد". اما النائبة يولي تمير (العمل) المشاركة في اللجنة فقد اعتبرت ان الارقام التي طرحت في اجتماع اللجنة الدستورية تناهز الصفر قياسا بالوضع الحقيقي الصعب على الارض ما يعكس الشلل في جهاز مراقبة وفحص الشكاوى.
الجندي يهودا شاؤول، ممثل حركة "يكسرون الصمت" والذي شارك في الاجتماع، عرض صورة مأساوية لما يتعرض له الفلسطينيون من تنكيل واعتداءات على ايدي الجنود تفوق بكثير حجم وشكل الصورة التي عرضها فنكلشتاين في الجلسة.
(من وديع عواودة)