المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

يتوجه وزير الخارجية الاسرائيلي، سيلفان شالوم، نهاية الأسبوع، في زيارته الأولى لواشنطن، وسيلتقي هناك مع وزير الخارجية الأمريكي، كولين باول. وسيتركز لقاؤهما في دفع "خارطة الطرق" الدولية لحل النزاع الاسرائيلي- الفلسطيني، وتعيين "أبو مازن" رئيسًا مفترضًا للحكومة في السلطة الفلسطينية.وتحدث شالوم هاتفيًا، نهاية الأسبوع، مع باول ومع نظيره البريطاني، جاك سترو. وأعرب الأخيران عن قلقهما العميق من نية إسرائيل إدخال تغييرات في "خارطة الطرق"، وذكرا التقارير عن "التعديلات المئة" الموجودة في وثيقة الرد الاسرائيلي، وطلبا من إسرائيل المساعدة في إنجاح (مهام) "أبو مازن". وقال شالوم لهما إن إسرائيل ترغب في إسماع ملاحظاتها، وإن تعيين "أبو مازن" كان "خطوة أيجابية في الاتجاه الصحيح". وبحسب أقواله، "فنحن نتتبع جهوده لتشكيل الحكومة، ونولي أهمية خاصة للأمن وللحرب على الإرهاب".

وبحسب تقارير وصلت القدس الغربية، وأشارت اليها صحيفة "هآرتس" (23/3)، فإن النظام الأمريكي توصل إلى <<تفاهمات سرية مع "أبو مازن"، بشأن تأجيل العرض الرسمي لـ "خارطة الطرق" على الطرفين، إلى حين أداء الحكومة الفلسطينية الجديدة لقسم الولاء، ويمكن أن يُؤجل حتى إلى ما بعد الحرب في العراق. ويقدرون في واشنطن أن "أبو مازن" معني بتغيير وزير الداخلية الفلسطيني، هاني الحسن، ووزير القضاء أحمد درمة، والاثنان مقربان من رئيس السلطة ياسر عرفات>>، على ذمة الصحيفة.

وفي نظر الولايات المتحدة، فإن الحقائب الوزارية الهامة هي وزارة الداخلية، التي تسيطر على الأجهزة الأمنية، وحقيبة المالية التي يتولاها سلام فياض، الذي من المفترض أن يبقى في منصبه. وكتبت "هآرتس" أن الأمريكيين يتوقعون من "أبو مازن" أن يدمج في حكومته الجديدة قائدَي الأمن الوقائي السابقين، جبريل الرجوب ومحمد دحلان.

وخرجت من واشنطن بلاغات ضبابية ومتناقضة، في الأيام الأخيرة، بشأن "خارطة الطرق"، وتوقيت وشكل عرضها على الطرفين. وأعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش، قبل تسعة أيام، عن أن الولايات المتحدة تتوقع "دعمًا" من إسرائيل ومن الفلسطينيين <<لهذه الوثيقة، التي ستنتج سلامًا حقيقيًا. وسنشجعهم على التباحث سوية حول خارطة الطرق>>. وتدعو الخطة، التي تستند إلى خطاب بوش من شهر تموز 2002، إلى حل على مراحل، تُقام من خلاله دولة فلسطينية في حدود موقتة حتى نهاية العام، وتحقيق إتفاق دائم حتى 2005.

وبحسب مصدر سياسي اسرائيلي رفيع في القدس الغربية، فإن مكتب رئيس الحكومة شارون توصل إلى إتفاق مع البيت الأبيض، يكون بوسع إسرائيل بمقتضاه تقديم ملاحظاتها وتحفظاتها على الخطة، حين تتأتى الفرصة لذلك.

ويتوقع الأمريكيون أن تكون التحفظات الاسرائيلية <<في صلب الموضوع>>، وأن تتركز في مواضيع جوهرية، من خلال دفع تطبيق الخطة. وقال المصدر السياسي الرفيع إن هذا الموقف مقبول على إسرائيل. وبحسب أقواله، التي اقتبستها "هآرتس": <<سنصرّ على الأمور الجوهرية>>.

وتُدرّج المسودة الأخيرة لوثيقة الملاحظات الاسرائيلية، التي أنجزت في 24 شباط، التعديلات المقترحة بحسب سلم أولويات. واتفق في المداولات الداخلية، مثلا، على أنه لا جدوى من الاصرار على شطب صفة <<مستقلة>> فيما يخص الدولة الفلسطينية، في مرحلة الحدود الموقتة.

وذكر المصدر الرفيع أن النشر في "هآرتس" في الشهر الماضي، حول التعديلات المئة التي تطلب إسرائيل إدخالها على "خارطة الطرق"، كان العامل من وراء الضغوطات التي مارستها شخصيات دولية عديدة، وعلى رأسها رئيس الحكومة البريطانية، توني بلير، على النظام الأمريكي لنشر الخارطة بصيغتها الحرفية، وعدم قبول أية ملاحظات وتغييرات في النص. وقد أثار إعلان بوش من جديد، الذي أبقى منفذًا للتداول حول بنود الخطة، القلقَ في العواصم الأوروبية والعربية.

وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، فإن دبلوماسيين أوروبيين وعربًا عبروا عن خشيتهم الكبيرة من فتح الخطة لنقاش مجدد. وقد طمأنهم وزير الخارجية، كولن باول، بأن المسودة القائمة لـ "خارطة الطرق"، من 20 كانون الأول، هي التي ستُقدم للطرفين. وأوضح الناطق بلسان الوزارة الخارجية الأمريكية، (الجمعة 21/3)، أن الوثيقة التي ستُعرض قريبًا على الطرفين هي "خارطة الطرق"، وهذا ما سيكون في النهاية. وبحسب أقواله، فإن الولايات المتحدة مستعدة للتباحث مع الطرفين في تطبيق الخطة، ولكن ليس في الصياغات. وكانت كوندوليسا رايس مستشارة الأمن القومي الأمريكي صرحت في لقاء لقناة "الجزيرة" إن <<الحديث لا يدور عن مفاوضات على ‘خارطة الطرق‘>>.

وقد أثارت البلاغات الخارجة عن الخارجية الأمريكية القلق في القدس الغربية، ومررت إسرائيل بلاغًا مضادًا، أوردت فيه ملاحظاتها على التغيير في الموقف الأمريكي. وقال موظفون إسرائيليون إنهم فهموا أن بوسع إسرائيل أن تعرض ملاحظاتها على "خارطة الطرق" قبل نشرها، والآن يتضح أن هذه الوثيقة ستُقدم للطرفين بالصياغة القائمة. ورد موظفون أمريكيون عليهم أن التركز في التطبيق أكثر أهمية من التركز في الصياغات، وأن علاج المسألة الأمنية سيكون شرطًا لازمًا لكل تقدم.

وقد عُين في البيت الأبيض موظف جديد لتولي الملف الاسرائيلي - الفلسطيني، وهو روب دينين، وسيكون مساعدًا لإليوت أبرامز، المسؤول عن الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي. ويُبدّل دينين - وهو يهودي وموظف الخارجية الأمريكية - فلينت ليفرت، الذي عاد لعمله السابق في الـ "سي آي أيه". وخلافًا لسابقه، لن يتمتع دينين بقناة مباشرة مع رايس ونائبها، ستيف هيدلي، وإنما سيعمل تحت مسؤولية أبرامز الكاملة. وعمل دينين في وظيفته الأخيرة في قسم التخطيط السياسي التابع للخارجية الأمريكية، وشارك، من ضمن مشاركاته، في طاقم فحص خطة "الوصاية" الدولية في الأراضي المحتلة، والتي بادر لها السفير الأمريكي السابق في إسرائيل، مارتين أينديك.

* النظام الأمريكي سيعرض طلب المساعدات الاسرائيلية على الكونغرس، الاثنين أو الثلاثاء

على صعيد المساعدات الاقتصادية الامريكية لاسرائيل، تتوقع الأخيرة أن تعرض الحكومة الأمريكية، الاثنين (24/3) أو الثلاثاء، على الكونغرس، طلب الميزانية الاضافية، الذي سيشتمل على مساعدات خاصة لاسرائيل بقيمة مليار دولار، وتسعة مليارات دولار أخرى، كضمانات لقروض.

وأنكر المتحدث بإسم الخارجية الأمريكية، يوم الخميس الماضي (20/3)، أنه تم التوصل إلى إتفاق بين إسرائيل والولايات المتحدة، بشأن المساعدات الخاصة وقال إنهم (الاسرائيليين) <<قالوا ذلك ثلاث مرات حتى الآن، ولكن بحسب علمي، لم يتم الاتفاق على شيء>>.

وتبذل الحكومة الأمريكية جهدًا خاصًا لعدم توفير المعلومات عن تفاصيل طلب الميزانية الاضافية، قبل أن ينتقل إلى مصادقة الكونغرس. ولذلك، أدى توفير إسرائيل لمعلومات مسبقة عن واحد من بنود الطلب، إلى إمتعاض في الحكومة الأمريكية. ومع ذلك، أوضحت مصادر إسرائيلية أنه على الرغم من أقوال الخارجية الأمريكية، إلا أن الاتفاقات على المساعدة ما زالت كما كانت.

وسيكون طلب الميزانية الاضافية الذي ستعرضه الحكومة الأمريكية على الكونغرس، بقيمة 75 إلى 95 مليار دولار. وتُخصص غالبيته لتمويل تكاليف الحرب في العراق، ولكنه يشمل أيضًا تكلفة المساعدات لحليفات أمريكا - إسرائيل، والأردن، ومصر وتركيا، ويشمل أيضًا المرحلة الأولى لـ <<خطة المساعدة لإعادة إعمار العراق>>. ويشتمل قانون الميزانية الاضافية، أيضًا، على تكاليف تحسين الجهاز الأمني الداخلي في الولايات المتحدة، وتكلفة الاستعدادات لمنع موجة من العمليات <<الارهابية>> مع بدء الحرب.

وستبلغ قيمة المساعدات العسكرية الاضافية لإسرائيل مليار دولار فقط، مقابل أربعة مليارات طلبتها إسرائيل. ولكن عمليًا، فإن الحديث يدور عن مساعدات أقل من ذلك، لأن إسرائيل تنازلت، حين تقديم طلب المساعدة الخاصة، عن مبلغ 200 مليون دولار كانت موعودة بها قبل سنة، وكانت في مراحل المصادقة عليها في الكونغرس.

وهكذا، يدور الحديث فعليًا عن 800 مليون دولار فقط، كمساعدات أمريكية لإسرائيل.

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس, رئيس الحكومة, مجلس الأمن القومي

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات