اعلنت مصادر مسؤولة في أجهزة الأمن الإسرائيلية (الجمعة 21/3) انه قد يتقرر في مطلع الاسبوع إنهاء حالة التأهب في إسرائيل والعودة الى روتين الحياة اليومي العادي. وترى هذه المصادر أن احتمالات إطلاق الصواريخ العراقية على إسرائيل انخفضت أكثر من ذي قبل بعد أن أصبحت معظم المناطق التي من المحتمل انطلاق الصواريخ منها باتجاه اسرائيل تحت سيطرة قوات الاحتلال الامريكية والبريطانية.وكانت المخابرات العسكرية الاسرائيلية اعربت عن تقديرها بأن احتمالات توجيه ضربة صاروخية لإسرائيل <<منخفضة جداً>>.
وفي نهاية الاسبوع هاجمت شخصيات مسؤولة في قيادة <<الجبهة الداخلية>> الاسرائيلية قرار حكومة شارون اصدار الاوامر للاسرائيليين بفتح علب الكمامات الواقية تحسباً لهجوم عراقي بالصواريخ يتزامن مع بدء العدوان الامريكي – البريطاني على العراق. وقالت هذه الشخصيات: <<هذه فضيحة كبرى. على احتمال منخفض كهذا بأن تتعرض اسرائيل للهجوم بذرت الدولة مليارات الشواكل>. واضافت: <<قيادة شجاعة كانت ستقول: هذه ليست حربنا، لذلك لن تعو الجمهور باعداد غرف مأطومة ولا تطلب منه فتح علب الكمامات>>.
وتقول اوساط الخبراء في اسرائيل انه نتيجة للطلب من الجمهور فتح الكمامات الواقية ستضطر قيادة الجبهة الداخلية الاسرائيلية – مع انتهاء المعارك في العراق – الى تجنيد الاف جنو الاحتياطي لاسترجاع ملايين الكمامات من ايدي الجمهور. ولهذه الغاية ستشكل طواقم فحص للكمامات لاستبدال الحقن والفلاتر والتأكد من سلامتها واعادتها مجدداً الى اكياس نايلون ورزمها في علب كرتون من جديد. بعدها ستبدأ عملية توزيع ثانية لعلب الكمامات لسكان اسرائيل كافة.
وفي ذلك كتبت "هآرتس" في موقعها على الشبكة (22/3) ان الانتقادات الموجهة لبعض القرارات الصادرة في الايام الاخيرة عن الوسطين السياسي والامني في اسرائيل هادئة وخفية حالياً. ويتساءل مسؤولون في قيادة <<الجبهة الداخلية>> عن دور قائد الاركان العسكرية الجنرال موشيه في اصدار الاوامر بفتح علب الكمامات. وتسبب قرار يعلون، وبخاصة بسبب توقيته، بانعدام التنسيق بين مختلف طواقم الارشاد التابعة للجيش ولمكتب رئيس الوزراء، وبالبلبلة والغضب في اوساط الاسرائيليين.
ووصف مسؤولون إسرائيليون سيطرة القوات الامريكية على موقعيين جويين غربي العراق بالتطور <<المهم للغاية>>، خاصة بعد أن قلت إحتمالات لجوء العراق لإستهداف إسرائيل بصواريخ "سكود."
وبحسب مصادر إسرائيلية رفيعة، فقد تدفع التطورات الأخيرة الحكومة الإسرائيلية لإعادة النظر في الأوضاع الأمنية داخل إسرائيل، مما قد يؤدي بدوره إلى خفض حالة التأهب.
وأجبرت المخاوف من شن العراق ضربات كيمائية وبيولوجية ضد إسرائيل إلى حمل المواطنين الإسرائيليين لأقنعة واقية باستمرار.
وأشار دبلوماسي إسرائيلي أن فرص شن العراق لضربات صاروخية ضد إسرائيل <<كانت ضئيلة للغاية>>، وأن مرور الوقت يجعل منها إحتمالا مستبعدًا.
وحذر دبلوماسي إسرائيلي آخر من خطورة الأوضاع والعمليات العسكرية في العراق، بالاشارة إلى أن الحكومة الإسرائيلية لن تتخذ مثل هذه الخطوة الى أن تتضح الصورة بشأن مصير نظام الحكم في بغداد.
وأشار المسؤولون الى أهمية التطورات التي ستحدث خلال الـ48 ساعة من بدء العمليات الأميركية البريطانية ضد العراق، وإلى <<حساسية ودقة الأوضاع البالغة>> فيما يختص بأمن إسرائيل.
وتعتبر المناطق الغربية من العراق أقرب النقاط لإطلاق الصواريخ العراقية على إسرائيل.
وتتخوف الحكومة الإسرائيلية من أسوأ سيناريوهات الحرب على العراق، ولجوء الرئيس العراقي، عند محاصرته، إلى ضرب إسرائيل مستخدمًا طائرات، بطيار أو بدونه.
ومنذ دخول أزمة العراق إلى مراحل حرجة، رفعت الحكومة الإسرائيلية درجات التأهب، حيث يقوم سلاح الجو الإسرائيلي بطلعات جوية مستمرة على مدى الأربعة وعشرين ساعة.
ويرى عمير راببورت، المعلق العسكري في صحيفة "معاريف" (21/3) إن مستوى التأهب في إسرائيل سينخفض نهائياً بعد أن يتأكد نهائياً أن الرئيس العراقي صدام حسين لم يعد على رأس السلطة في العراق.
وقال أن الاجهزة الأمنية والاستخبارية الاسرائيلية تتركز، حالياً، في ثلاثة أصناف من الأخطار يمكن أن تنجم عن الحرب ضد العراق وتهدد إسرائيل. وهي: إمكانية مهاجمة إسرائيل بالصواريخ أو محاولة العراق إرسال طائرة ذات حمولة كيماوية أو بيولوجية أو تعرض الاسرائيليين في الداخل أو في الخارج <<لعمليات إرهابية>>.
<<لا يمكن فعل شيء ضد الخطر الأخير سوى إعلاء مستوى التأهب والاستعداد، المرتفع أصلاً – يكتب ربابورت - أما احتمال نجاح طائرة عراقية بالاقتراب من إسرائيل فيضاهي الصفر، وفي كل الأحوال فان طائرة كهذه وقبل أن تخترق الأجواء الاسرائيلية ستواجه الطائرات الحربية الاسرائيلية التي تقوم بأعمال الدورية في الجو على مدار 24 ساعة في اليوم من أجل إسقاطها>>.
<<يبقى خطر الصواريخ – يكتب المعلق الاسرائيلي- وهو متعلق إلى درجة كبيرة بما يحصل في منطقة غرب العراق، التي منها فقط يمكن إطلاق صواريخ صوب إسرائيل>>.
وبحسب التقارير الاستخبارية الاسرائيلية في نهاية الاسبوع، لا توجد الآن إشارات تدل على وجود صواريخ في غرب العراق. <<الأقمار الاصطناعية الأمريكية، سوية مع القمر الاصطناعي الاسرائيلي "أوفك"، تراقب، بعيون مفتوحة، كل حركة في غرب العراق. مع ذلك هناك عدة أمكنة مشبوهة يحتمل أن يكون صدام حسين قد خبأ فيها صواريخ سكود، وهي عبارة عن تحصينات تحت الأرض مغطاة جيداً برمال صحراوية منذ عدة سنوات. مثل هذا الاحتمال غير قوي، لكن مثل هذه النقاط تشكل هدفاً لغارات الجيش الأمريكي في غرب العراق. كما أن قوات أمريكية خاصة باتت موجودة في تلك المنطقة للبحث عن الصواريخ>>، يكتب ربابورت، ويخلص الى القول <<إن نقطة الاختبار الأخيرة لبرامج صدام حسين بالنسبة لاسرائيل تكمن في اللحظة المصيرية التي سيشعر فيها أنه على وشك الموت أو الوقوع في الأسر. وعندها سيرغب بأن يدخل التاريخ كمن وجه أسلحة غير تقليدية صوب إسرائيل. لكن ما يمكن إفتراضه أنه في هذه المرحلة لن يجد من ينفذ أوامره!>>.
ويرى المعلق العسكري في "يديعوت احرونوت>>، الكس فيشمن، في مقال نشره في صحيفته (الجمعة 21/3) ان إسرائيل بانتظار عدة أيام أخرى من حالة التأهب القصوى، حتى إذا سار العدوان الأميركي حسب المخطط الاصلي. <<إذا سار كل شيء على ما يرام – يكتب فيشمن - سنتمكن من الحديث عن تخفيض حالة التأهب وبدء تسريح رجال الاحتياط، في منتصف الأسبوع القادم. إنها فترة أسبوع، أو أقل، لكن الطريق ما زالت طويلة. فالحرب بدأت الآن فقط، وأمامنا الكثير من الأمور المجهولة>>.
<<إنطوى خطاب صدام (الأول بعد بدء العدوان الامريكي فجر الخميس – المحرر) على عاملين إشكاليين بالنسبة لإسرائيل>>، يكتب فيشمن. <<أولاً، صوَّرَنا كشركاء في العملية البريطانية – الأميركية. هذا يعني: بما أننا شركاء في المؤامرة، فإنه يتمتع بشرعية العمل ضدنا. في هذه المرحلة، ما دام يمتطي حصانه، لن يستخدم صدام الصواريخ بعيدة المدى – إذا كان لديه مثلها – وانما سيستخدم السلاح المشروع، كالطائرات مثلاً. إنه لم يقل ذلك بصراحة، لكن هذا هو ما تم فهمه.
<<أما الرسالة الثانية، فقد بعث بها إلى العالم العربي، خاصة إلى الجماعات الإسلامية المتطرفة، كي ينتقموا باسم العراق. إنه لم يقل ذلك بصراحة، لكن الرسالة واضحة. لذلك وصلت التحذيرات من الاعتداء على مؤسسات إسرائيلية ويهودية – كالكنائس والفنادق والسفارات الإسرائيلية – إلى قمتها، خاصة في أفريقيا وآسيا والشرق الأقصى والكتلة الشرقية سابقاً.
<<ليس من الواضح متى سيستخلص صدام أنه يقف وظهره إلى الحائط>>، يكتب المعلق الاسرائيلي. <<التقدير السائد هو أنه إذا سارت الخطة الأميريكة على ما يرام، فسيشعر صدام بذلك خلال 24 ساعة، وعندها، يحتمل قيامه بالتصرف بشكل مختلف. عندها سيتحول السلاح غير التقليدي إلى سلاح مشروع بالنسبة له، وسيسعى إلى استخدامه لجباية اكبر عدد ممكن من الضحايا الأميركيين ومحاولة اصابة إسرائيل كي يدخل التاريخ.
<<يجب أن نفهم في هذه النقطة، أنه كلما مرت الأيام، كلما تقلصت مقدرة صدام على إصابة إسرائيل، فالأميركيون والبريطانيون يعمقون سيطرتهم على غرب العراق. الاميركيون لم يقصفوا، حتى الآن، أي منصات لاطلاق الصواريخ في غربي العراق. لقد تم فحص المواقع المشبوهة ولم يتم العثور على منصات فيها. لكن هذا لا يعني أن صدام لم ينجح باخفاء بعض المنصات هناك. الفرص ضئيلة، لكنها محتملة.
<<على كل حال، إن سيطرة البريطانيين والأميركيين على مواقع تعتبر مفتاحية في الغرب، وفي مركزها القاعدة الجوية دي 3، تسمح لهم بالسيطرة الجوية المكثفة على ما يحدث غربي العراق>>.