يصعب تفسير هذه الحرب بغير التفسير الأقرب الى منطق الامور الحالي: أي أنها <<حرب إسرائيل السابعة>>، وأن كل مشارك بها إلى جانب أمريكا ومن معها من الغزاة أنما يقاتل في خدمة المشروع الصهيوني الأمريكي التوسعي، مشروع بوش وزمرته الحاكمة، الذين يستندون في رؤيتهم إلى نظريات دينية وعنصرية واستعلائية وتوسعية واستعمارية، تعتبر بكل تأكيد أكبر خطر يهدد البشرية ومستقبل العالم.
وبما أن تفيت كان مراسلاً صحافياً متمرسًا وعنيدًا وجريئًا وشجاعًا وقام بتغطية والأحداث وإرسال الأخبار بدون تجميل وإضافات تنحاز بالأخبار لمصلحة أحد الأطراف المتحاربة، وبما أن أعمال إسرائيل الوحشية تعتبر مادة ممتازة لكل صحافي يعمل في الشرق الأوسط، كانت تقارير تفيت القيّمة ونصوصه وصورَه وأشرطته التسجيلية، التي صورت معاناة الناس في زمن الحرب ومجرمي الحاضر في عصرنا الحديث، غزيرة ومؤلمة.
سيتكاثر، بدءاً من اليوم، منظّرو المقايضة. سيقال إن الدولة الفلسطينية هي جائزة الترضية لفقدان العراق وان جيشا منسحبا من مدن الضفة يعزّي بجيش داخل الى مدن العراق. وهناك من سيقول اكثر: سنحصل على الديموقراطية في العراق والدولة في فلسطين! هذه الخديعة المكشوفة لا تأخذ بالاعتبار موازين القوى الناجمة عن الحرب، ولا تهتم باقتراب الحملة الرئاسية في اميركا، ولا تتوقف عند تركيبة الحكومة الاسرائيلية الجديدة وغياب الاشارة في برنامجها الى خريطة الطريق، او الدولة، او حتى <<خطاب هرتسليا>>. ومن اجل اكتمال الخديعة سنتوقع ضجة كبيرة في اسرائيل تزعم ان التدمير الذي يهدد الامة العربية هو، في الحقيقة، تهديد غير مسبوق لإسرائيل!
ما يبدو الآن تأتأة أو رطانة علي استحياء قد يصبح خلال اقل من ربيع واحد بالعبرية الفصحى، ومن أذّنوا في الجرار ذات صحراء رسولية قد يصعدون المآذن ليأمروا الناس بالامتناع عن التجوّل، خصوصاً اذا صدقت نبوءة ابن الأثير مرة أخري، وبني هولاكو مآذن من جماجم العرب.
الصفحة 70 من 81