طالب الفلسطينيون مرارا بحماية دولية تصد عنهم عنف واضطهاد جيش الاحتلال الإسرائيلي، ولكن الإدارة الأميركية رفضت ذلك بإصرار، مفضلة شعارها المحبب بدعوة الطرفين للتفاوض من دون شروط مسبقة (وهذه تعني مباشرة التفاوض حسب الشروط الإسرائيلية). الأوروبيون أدركوا أهمية الطلب الفلسطيني، ليس لأسباب إنسانية، بل في أحيان كثيرة انزعاجا من العمليات الاستشهادية، ومحاولة لحماية إسرائيل منها، فقالوا في محادثات سرية كثيرة مع الأميركيين، إن الوسيلة الوحيدة لإنجاح التفاوض الفلسطيني ـ الإسرائيلي هي في إرسال قوات فصل دولية، بكامل عدتها وسلاحها، تتولى منع العمليات الاستشهادية من طرف الفلسطينيين باعتبارها اسلوب العمل الذي ازعج الإسرائيليين وأقلقهم، كما تتولى منع الجيش الإسرائيلي من مهاجمة الفلسطينيين
يجب أن نعترف أن السياسة الاقليمية للولايات المتحدة الأميركية في الشرق الاوسط ترتبط ارتباطاً مباشراً بأمن إسرائيل ومصالحها في المنطقة، ويجب ألا يغيب عن الذهن أن تأمين إسرائيل واستخدام الملف العراقي للتأثير سلباً في القضية الفلسطينية هي أمور تقع ضمن اولويات العلاقة الوثيقة بين إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية
تتضارب المشاعر في إسرائيل مما يجري الآن في العراق. فقد كان الجميع، شعباً وحكومة، يأملون بنصر سريع، عديم الضحايا من جانب الأميركيين وهزيمة ساحقة للعراقيين. ونجحت حكومة شارون في تعميق الاحساس العام لدى الإسرائيليين بأن هذه الحرب يخوضها <<الأغيار>> بدلا عنا، ولكن <<من أجل مصلحتنا>>، ولذلك لم يخرج عن هذا الاحساس سوى قلة قليلة من اليساريين الإسرائيليين وبعض اليهود العراقيين.
عندما يتجوهر الاعلام الاسرائيلي في تغطية العدوان على العراق على قاعدة الانفصام بين السيد الابيض والعبد الاسود. لا تلاقي بين الاثنين. بل طلاق مؤبد. هكذا يتحوّل افراز القتل والدمار الى حالة مفهومة ومرغوبة
الصفحة 68 من 81