تبنّت الأمم المتحدة في العام 1966 ميثاقين يتعلّقان بحقوق أساسية؛ يتضمّن الأول الحقوق المدنيّة والسياسيّة، بينما يتضمّن الثاني الحقوق الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة. وإن حقيقة وضع وثيقتين متميّزتين تعتبران حجر الأساس للحماية الدوليّة لحقوق الإنسان، في نفس السنة، تطرح السؤال: لماذا تمّ وضع ميثاقين وليس ميثاقاً واحدًا؟. السّبب الرئيس لوضع نظام مزدوج للحقوق هو استمرار النقاشات التي وجّهتها أيديولوجية الحرب الباردة، وتضّمن ذلك الأمور المتعلّقة بحقوق الإنسان الأساسية. وقد أيّد المعسكر الذي سُمّي "الغرب" ميثاق الحقوق المدنيّة والسياسيّة، بقيادة الإمبراطورية التي أخذت بالظهور في مرحلة ما بعد الحرب العالميّة الثانية، الولايات المتحدة. وأيّد المعسكر الثاني، "الشرق"، ميثاق الحقوق الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافية، وقاد هذا المعسكر الاتحاد السوفييتي، الذي حاول هو ذاته إقامة أمبراطورية بعد العام 1945.
في الأيام الأولى للحرب على العراق، توافد المعارضون للدخول الى البلد برفقة الجنود الاميركيين. كان بينهم ضابط عراقي سابق اجتاز بعض المسافة وما لبث ان قرر عدم اكمال الرحلة. عندما سأله أصدقاء، قال انه لم يتقبل ما رآه. كان حزّ في نفسه ان يضطر للذهاب مع الأميركيين، لكنه مدرك ان هذا هو الخيار المتاح، غير ان شيئاً آخر جعله يحجم عن المتابعة، إذ تبين له انه ذاهب الى العراق برفقة الاسرائيليين ايضاً.
(*) الكتاب: قوة الكلمات ووهن المعرفة (الدعاية، التحريض وحرية التعبير)
(*) تأليف: مجموعة من الكتّاب
(*) إصدار: مركز إسحق رابين لأبحاث إسرائيل/ عام عوفيد، 2002، 286 صفحة
شكل إغتيال رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق، إسحق رابين، في 4/11/1995، نقطة مفصلية في تاريخ إسرائيل فضلا عن مفصليتها في تاريخ الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني عمومًا. ومنذ ذلك التاريخ لا تزال إسرائيل تشهد الكثير من النقاشات والسجالات حول أثر عملية الاغتيال هذه على الواقع السياسي وخلافه، وكذلك على جوهر نظام الحكم وأدائه. كما صدرت حتى الآن عدة كتب حول الموضوع منها هذا الكتاب، الذي يضم وقائع مؤتمر دولي عقده "مركز إسحق رابين لأبحاث إسرائيل" حول موضوع "أنماط من السجال السياسي: دعاية، تحريض وحرية الكلام".
يُقال إنه إذا كان المرء كذوباً فعليه أن يكون ذَكوراً، أي قوي الذاكرة حتى لا يتناقض مع نفسه فينفضح أمره ويحبط عمله. وفي إدارته لقضية استفزاز الفرنسيين اليهود نحو الهجرة إلى إسرائيل، وقع رئيس الوزراء الإسرائيلي اريئيل شارون في هذا المحظور. لقد كان كذوباً ولم يكن ذكوراً!. فهو دعا يهود فرنسا فعلاً الى الهجرة فورا إلى إسرائيل بسبب ما وصفه بتفجر موجة من معاداة السامية، مُعللاً ذلك بوجود نسبة كبيرة من الفرنسيين من ذوي الأصول العربية. وأحد أوجه الخطأ هنا أن هذا التصريح هو من الوضوح و"الطزاجة" بما لا تجدي معه محاولات الترقيع والتجميل والانسحاب المنظم عبر الاعتذار الممجوج والمبتذل بالقول بأن "الكلام أُسيء فهمه".
الصفحة 45 من 81