أين يذهب الآلاف الذين شاركوا في نشاطات يوم الارض، الثلاثين من آذار الماضي، الآن؟ هذا سؤال موجه للقيادات العربية داخل إسرائيل، على اختلافها. ليس مناطحة، بل اعترافًا وإقرارًا بصلاحياتها وبمسؤوليتها.
أعلن عضو الكنيست الحالي ورئيسها السابق، أفراهام بورغ، هذه الأيام، عن تطليق العمل البرلماني، وكذلك السياسي- الحزبي، بالثلاث. وجاء قراره، بكيفية ما، تعبيرًا عن تململ حيال قدرة الكنيست على النهوض بالأعباء التي تتطلبها المرحلة الحالية على الصعد كافتها. ولم يكن إقدام "بورغ" على هذه الخطوة أمرًا جديدًا، الجدة كلها، في الساحة الحزبية الاسرائيلية، خصوصًا على خلفية الأزمة السياسية المتفاقمة منذ حوالي أربع سنوات. فالأمر نفسه شهدته الكنيست السابقة، خلال سنوات عملها التي لم تكتمل، وإن على نطاق أوسع مما شهدناه حتى الآن.
لا يختلف اثنان على ان ظاهرة العملاء في صفوف الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة باتت خطيرة للغاية، لا بل يمكن اعتبارها من اخطرالامراض المتفشية في المجتمع الفلسطيني، والتصفيات التي يقوم بها الاحتلال الاسرائيلي لرموز المقاومة تؤكد ان الخونة والعملاء استطاعوا اقتحام الدوائر المغلقة وتزويد المخابرات الاسرائيلية بمعلومات تمكنها من تنفيذ جرائمها. اكتب هذه الكلمات بعد ان انتهيت في هذه الايام من مطالعة كتاب جديد صدر مؤخرا باللغة العبرية لمؤلفه د. هيلل كوهين، وهو مستشرق يدرس موضوعي الاسلام والشرق الاوسط في الجامعة العبرية في القدس. الكتاب الذي يحمل عنوان "جيش الظل: عملاء فلسطينيون في خدمة الصهيونية" هو كتاب مثير للغاية ليس من ناحية السرد، انما بسبب الجرأة التي يعالج فيهاالكاتب، وهو بالمناسبة محسوب على ما يسمى اليسار الاسرائيلي الصهيوني، موضوع العملاء، حيث يتطرق الى الفترة الواقعة بين العام 1917 وحتى النكبة المشؤومة عام 1948. وللتنويه فقط نشدد في هذا السياق على ان المؤلف هو صهيوني، وبالتالي فان كتابه قد يكون جاء ليعزز الرواية الاسرائيلية حول ما حدث.
أدخل أريئيل شارون الليكود واليمين الاسرائيلي في دوامة انتخابية يصعب التكهن بنتائجها الآن. ولكن من الوجهة الواقعية ظل شارون يرفض استفتاء منتسبي "الليكود" حول خطة الفصل الى ان اضطر لذلك. ورغم ان الميزة الاولى التي ظهرت لقبوله اقتراح الاستفتاء تمثلت في كسب الوقت حتى صدور قرار المستشار القضائي للحكومة بشأن لائحة الاتهام في قضية "الجزيرة اليونانية"، إلا ان ما يجري في الحكومة والليكود لا يؤكد هذه الميزة. ففي اجتماع الحكومة يوم الأحد الأخير علا الصراخ والتهديد بين شارون وقادة اليمين الاقصى في المفدال والاتحاد القومي. وفي الليكود تتبلور معالم المعركة الصاخبة على خطة الفصل في ظل انقسام واضح.
الصفحة 47 من 81