كلّما اقترب يوم الاستفتاء الذي يجري مطلع الأسبوع القادم كلما ازدادت تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية أريئيل شارون حدة. وهكذا، من دون سابق إنذار، أراد تحميل الليكوديين واليمين الإسرائيلي عامة مسؤولية عدم المساس، مستقبلا، بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات إن صوتوا ضد خطة الفصل. وهو كذلك يحمّل هؤلاء، ومنذ الآن مسؤولية سقوط حكومة اليمين وتدهور العلاقات، مستقبلا، مع الولايات المتحدة برفض "الأمانة" التي أودعها لديه الرئيس الأميركي جورج بوش.
أحدث تبادل البيانات ثم المؤتمر الصحافي المشترك بين الرئيس جورج بوش ورئيس وزراء اسرائيل اريئيل شارون في 14 نيسان (أبريل) هزة كبرى للقضية الفلسطينية لا مثيل لها منذ وعد بلفور في 1917. اذ رفع الاعلان المكتوب الذي قدمه بوش - واجوبته الفورية عن أسئلة الصحافيين - عن اسرائيل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه شعب فلسطين والقانون الدولي. ولا شك ان الموقف الجديد سيكون حاسم التأثير في سياسة الولايات المتحدة تجاه الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي، وكذلك في القانون الدولي، والتحالف الاستراتيجي الأميركي - الاسرائيلي، واستقرار هذه المنطقة المتفجرة من العالم.
سرعان ما هدأ الضجيج الذي أثارته التصريحات التي أدلى بها المحامي دوف فايسغلاس، مدير مكتب شارون، إلى صحيفة هآرتس (نشرت يوم 8/10)، والتي كشف فيها حقيقة خطة شارون المتعلقة بالانسحاب الأحادي من قطاع غزة، وأهدافها القريبة والبعيدة؛ وضمنها التملص من "خريطة الطريق"، وتقويض عملية التسوية برمتها، وفرض الاستيطان والاحتلال كأمر واقع.
ليتها كانت وعد بلفور ثانياً, تلك المباركة التي حظي بها رئيس الحكومة الإسرائيلية، أريئيل شارون، من قبل القوة العظمى الوحيدة في العالم, أثناء زيارته الأخيرة إلى واشنطن, حيث تبنى الرئيس جورج بوش الابن نظرة ضيفه وسياسته حيال الفلسطينيين بحذافيرها, إلا ما كان من تلك الحذافير تفصيلاً هامشياً لا يفسد للود قضية.
الصفحة 48 من 81