تحت شعار "حركات مناهضة الحرب والعولمة الى أين؟" عقدت الحركة العالمية لمناهضة الحرب والعولمة مؤتمرها في فندق "بريستول" في العاصمة اللبنانية بيروت، وذلك أيام (17-19/09/2004)، هذا المؤتمر جاء بعد عملية مخاض عسير لم يكن من الهين تنظيمه، وجاء القرار بعقد هذا اللقاء الدولي الهام، ثمرة مجهود كبير بذله الناشطون العرب وزملاؤهم في الحركة العالمية لمناهضة العولمة، وذلك بناء على قرار تم اتخاذه في اللقاء الذي عقد بتاريخ (16/07/2004) في بيروت ايضا... كلمة الافتتاح في هذا المؤتمر الهام كانت للناشطة العربية نهلة الشهال، والتي تنشط ضمن المنتدى الاجتماعي الاوروبي، وحركة مناهضة الحرب والعولمة في فرنسا حيث تقيم هناك، التي قدمت التحية لاكثر من (300) مشارك يمثلون أكثر من (200) حركة من مختلف دول العالم.
من النادر ان تعرض القوة العسكرية الأعظم في المنطقة، وهي إسرائيل، آمالا صغيرة. فقد دأبت عبر السنين لتبرير حملاتها العسكرية بلا شيء أقل من "القضاء على الإرهاب" او تقريب تحقيق السلام. لكن مع مرور الوقت تلاشت هذه التبريرات وصارت تتمحور غالبا حول "مكافحة الإرهاب" بوصفه آفة لا سبيل الى القضاء عليها او "الدفاع عن النفس" تعبيرا عن الاحساس بالظلم. ويبدو ان انشغال العرب من جهة والعالم بأسره من جهة أخرى بقضايا أخرى، ترك إسرائيل والفلسطينيين وجها لوجه في مواجهة دامية لا سبيل للفكاك منها.
على الرغم من تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن برنامجها النووي منذ أن وقّعت على البروتوكول الإضافي للحد من انتشار الأسلحة النووية، فإن القلق الإسرائيلي إزاء البرنامج النووي الإيراني خرج من دائرة الأجهزة الأمنية والعسكرية الى مجال الإعلام والجهود الديبلوماسية. ومن يتابع وسائل الإعلام الإسرائيلية هذه الأيام وكذلك تصريحات المسؤولين الإسرائيليين يستنتج بأن إسرائيل مستعدة لعمل كل ما هو ممكن لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، خصوصاً وأن إسرائيل ترى أن امتلاك إيران لمثل هذه الأسلحة سيقلب مفاهيمها العسكرية من نوع: التفوّق ـ القدرة على شن الحرب الوقائية ـ خوض الحرب على أرض العدو... رأساً على عقب.. لتجد نفسها أمام مفاهيم الردع النووي وتوازن الرعب وجهاً لوجه مع إيران، إذ يقول المحلل العسكري الإسرائيلي أليكس فيشمان في مقالة له تحت عنوان (جيش الدفاع يستعد للقنبلة النووية الإيرانية عام 2005): مع وصول إيران الى نقطة اللاعودة في مجال تخصيب اليورانيوم وهي التي تسمح بإنتاج قنبلة نووية بعد عام، فإن إسرائيل باتت أمام قواعد صعبة جديدة في الشرق الأوسط أدخلتها في سباق مع الزمن.
هل ما زال بالإمكان عملياً الاستمرار في فكرة حل الصراع العربي الإسرائيلي على أساس قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى جانب إسرائيل؟ المعطيات على الأرض تشي بالنفي وعدم الإمكانية. فمكونات إقامة دولة فلسطينية ذات شكل وسيادة وتواصلية ترابية ظلت تقل شيئاً فشيئاً في ضوء السياسات الإسرائيلية الاستيطانية التوحشية.
الصفحة 49 من 81