رام الله- صدر حديثاً عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار كتاب بعنوان "الهوية الدرزية في إسرائيل: مواطنون متساوون في الواجبات" والذي يقع في 150 صفحة للدكتور رباح حلبي. ترجمه عن العبرية سعيد عياش، وقدم له د. خليل نخلة.
تكمن خصوصية الكتاب إلى جانب منهجيته العلمية المتينة في كونه رحلة بحث شخصية عن الهوية لكاتب درزي في إسرائيل، يستشعر موقعه الشخصي والإنساني في السياق التاريخي لجماعته التي يرى أنها خُدعت واستغلت بطريقة نتنة لخدمة المشروع الصهيوني.
يستدرج الكاتب عبر مداخل شخصية جذّابة أسئلة الهوية الدرزية في إسرائيل والحراك الداخلي فيها وعلامات الشد والجذب بين المعطى والمحيط العربيين وبين مكونات "الصفقة" مع الصهيونية، ملقياً الضوء بشمولية على موضوعة الخدمة في الجيش وملابساتها وانعكاساتها، ليخلص إلى كون مسمى "المواطنة الإسرائيلية" مجرد واجهة للمساواة، لكنها مساواة الواجبات دون الحقوق.
ويرتكز الكتاب إلى مجموعة طويلة ومعمقة من المقابلات مع طلبة دروز يسردون فيها هواجسهم الشخصية والجماعية ضمن تبويب يتناول مكونات هذه الهوية المركبة والمرتبكة على نحو تفتقر إليه المكتبة العربية كثيراً.
ومن مقدمة د. خليل نخلة للكتاب نختار:
"يقول الكاتب والباحث رباح حلبي في خاتمة الكتاب (ص 142): "منذ أن اتسعت مداركي شعرت بعدم ارتياح إزاء العلاقة الدرزية اليهودية. وقد أدركت في مرحلة مبكرة أن "الصفقة" التي تمت بين الجانبين (الدروز واليهود) ليست نزيهة، إن لم نقل نتنة. أدركت أن القوة الصهيونية- اليهودية المتنفذة، مارست خدعة على الدروز واستغلتهم في لعبة غايتها الوحيدة: خدمة المشروع الصهيوني والدولة اليهودية. ولكن في أعقاب البحث وعندما تعمقت في الأمور أدركت أن هذه الظاهرة لا تميزنا نحن (الدروز في إسرائيل) فقط.. أدركت أن الحركة الصهيونية عملت وتصرفت كحركة كولونيالية، وإنها في طريقها لاحتلال الأرض والسيطرة على المنطقة، تعاطت مع السكان الأصلين- الفلسطينيين- كعامل إزعاج .. واستخدمتهم كحجارة شطرنج في سبيل تحقيق أهدافها".
منذ ما ينوف على ستين عاما وعلاقة دروز فلسطين مع الدولة اليهودية هي علاقة مريبة ومأزومة؛ إذ أن دروز فلسطين لا يكونون فقط طائفة مذهبية تقوقعت في جزء من جغرافية فلسطين، التي أصبحت، فيما بعد، إسرائيل، وإنما هم جزء من مجمل سكان فلسطين العرب الأصليين، ولهم امتدادات تاريخية واجتماعية وعاطفية مع الدروز العرب في سورية ولبنان، منذ أن انتشروا في تلك المناطق في القرن الحادي عشر. لكن الخطاب الرسمي الصهيوني ركز على عزل الدروز عن تاريخهم العربي والإسلامي، وتوصيفهم كمجموعة اثنية مستقلة ومميزة عن بقية العرب والمسلمين، والتركيز على العلاقة التاريخية العدائية مع المسلمين.
وعلى مستوى آخر، ركز الخطاب الصهيوني على خرافة العلاقة التاريخية والدينية المميزة التي تجمع الدروز واليهود سطحيا في نضالهم المستمر ضد باقي العرب والمسلمين لتحقيق "تقرير مصيرهم" واستقلالهم.