رام الله- صدر حديثًا عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- "مدار" العدد رقم 31 من سلسلة "أوراق إسرائيلية" وهو بعنوان "إعلام في مهب الريح- وقائع ومعطيات جديدة حول أداء وواقع الإعلام الإسرائيلي". ويشتمل على مداخلات جديدة في هذا الشأن.
تستهل العدد مداخلة مطوّلة بعنوان "وقائع أسلبة الإعلام الإسرائيلي" بقلم أنطوان شلحت، محرّر السلسلة المذكورة. وتتوقف المداخلة، بشكل خاص، عند مشروع "مؤشر الديمقراطية الإسرائيلية" للعام 2005، الذي صدر عن "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" في حزيران 2005 وتركز في موضوع الإعلام في الديمقراطية الإسرائيلية من وجهات نظر مختلفة. وفضلاً عن هذه المداخلة يضم العدد مجموعة من المقالات والتقارير المنشورة مؤخرًا عن وسائل الإعلام الإسرائيلية وعن ماهية أدائها للدور المفترض بـ"وسائل إعلام الدول الديمقراطية" أن تؤديه، خصوصًا في فترات الأزمات. وفي طليعة هذه التقارير الاستطلاع العام، الذي تجريه مرة كل سنتين مجلة "هعاين هشفيعيت" (العين السابعة)، المتخصصة في شؤون الاتصال والصادرة عن "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية"، حول رؤية الصحافيين الإسرائيليين أنفسهم للأداء المذكور.
كما يضم محورًا خاصًا بأوضاع الصحافيين اليهود في إسرائيل. ومع أن هذا المحور جاء منحصرًا في الاجتماعية- الاقتصادية منها، فإنه لا معنى لقراءة معطياته، التي شفّت عن حالة رثة وبائسة، كما تؤكد "الورقة"، دون استعادة الأداء العام لوسائل الإعلام الإسرائيلية الذي يتناءى، يومًا بعد آخر، عن الأداء المفترض أن تؤديه وسائل إعلام في دولة تعرّف نفسها بأنها "دولة ديمقراطية".
ويلي ذلك تحقيق حول الصحافة الإسرائيلية المحققة أعرب في سياقه أغلب المراسلين والمحررين الصحافيين، الذين تمت محاورتهم في نطاقه، وخاصة العاملين منهم في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وهي أوسع الصحف العبرية انتشاراً في إسرائيل، عن قلقهم وخشيتهم إزاء ما يرون أنه تراجع واضح خلال السنوات الأخيرة في كمية "التحقيقات الصحافية السياسية" بشكل خاص، وانحسار مستمر لدور الصحافة الإسرائيلية "المحققة" على وجه العموم.
مجمل الأوضاع السالفة وغيرها جعلت أحد الأساتذة الجامعيين في موضوع الاتصال يحذّر، في المقال الأخير ضمن "الورقة"، مما اعتبره "عودة وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى النموذج القديم المجنّد والمنضبط، وهو النموذج البنيوي الذي ساد قبل العام 1973"، على حدّ قوله. كما جعلته يتساءل: هل تلك العودة هي مجرّد تغيير مؤقت، ينبع من تفاقم الصراع مع الفلسطينيين، وبالتالي سنعود بعد انتهاء هذا الصراع لنجد صحافة انتقادية أكثر؟. ومع أنه يميل إلى الفرضية، أو الإمكانية، الثانية فهو يؤكد أن الأيام هي التي ستحكم فقط.