المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

افاد تقرير لرئيس الكنيست حول نشاطات النواب مع انتهاء الدورة البرلمانية الصيفية مؤخرًا ان النائب عبد المالك دهامشة (القائمة العربية الموحدة) أحرز تفوقا كميا بمثابرته على حضور جلسات البرلمان الاسرائيلي( 96%) وتقديم اكبر عدد من الاستجوابات الخطية والشفهية والخطابات والاقتراحات إلى جدول الاعمال. داخل مكتبه في مسقط رأسه، كفركنا، تحدثنا الى النائب دهامشة (55 عاما) وهو محام وسجين أمني سابق، وذلك عشية إضراب الأسرى الفلسطينيين، فأجاب على اسئلتنا باجابات تراوحت بين العفوية وبين وضع كلماته على ميزان الذهب قبل لفظها. وفي سياق اللقاء أكد دهامشة أنه لا يستبعد تكرار إنفجار أكتوبر 2000 في أوساط الجماهير الفلسطينية في الداخل. وجاءت التطورات اللاحقة (الحديث عن ضرورة الترانسفير والتقرير الداعي إلى فرض "الخدمة الوطنية" على أبناء هذه الجماهير- إقرأ عنها في مكان آخر) لتؤكد ملموسية هذا التوقع

أجرى المقابلة: وديع عواودة

افاد تقرير لرئيس الكنيست حول نشاطات النواب مع انتهاء الدورة البرلمانية الصيفية مؤخرًا ان النائب عبد المالك دهامشة (القائمة العربية الموحدة) أحرز تفوقا كميا بمثابرته على حضور جلسات البرلمان الاسرائيلي( 96%) وتقديم اكبر عدد من الاستجوابات الخطية والشفهية والخطابات والاقتراحات إلى جدول الاعمال. داخل مكتبه في مسقط رأسه، كفركنا، تحدثنا الى النائب دهامشة (55 عاما) وهو محام وسجين أمني سابق، وذلك عشية إضراب الأسرى الفلسطينيين، فأجاب على اسئلتنا باجابات تراوحت بين العفوية وبين وضع كلماته على ميزان الذهب قبل لفظها. ورغم مرور يومين على نشر التقرير، وقت المقابلة، كان لا يزال مغمورًا بشعور من الزهو والغبطة لاطراء تقرير الكنيست له وعلى طاولته تكدست اعداد من تقرير جديد اعده مكتبه بعنوان "مسيرة الخير والعطاء للنائب دهامشة". وفي سياق اللقاء أكد دهامشة أنه لا يستبعد تكرار إنفجار أكتوبر 2000 في أوساط الجماهير الفلسطينية في الداخل. وجاءت التطورات اللاحقة (الحديث عن ضرورة الترانسفير والتقرير الداعي إلى فرض "الخدمة الوطنية" على أبناء هذه الجماهير- إقرأ عنها في مكان آخر) لتؤكد ملموسية هذا التوقع.

بادرنا النائب عبد المالك دهامشة بالسؤال عن مدى رضاه من نفسه ومن أدائه البرلماني في ضوء النتائج المذكورة فقال "بدون ادنى شك. لا أسمح لاحد ان يتجاوزني في النشاط طالما كان المجال مفتوحا".

(*) "المشهد الاسرائيلي": الا ترى ان هذه الشهادة لك ولبعض زملائك من النواب العرب هي عليك وليس لكم، باعتبار انها تؤكد في وجهها الاخر ابتعادكم عن الشعب وعن المواطنين العرب؟

"لا. المتواجد في الكنيست متواجد في كل مكان وقريب من الشعب الذي اختاره. وعلى سبيل المثال كنت ولا ازال على استعداد لأنام في العراء ومواجهة المخاطر في خدمة قضايانا الهامة كما حصل في قضية اراضي الروحة حيث نمت هناك ليالي كثيرة مع المعتصمين".

(*) "المشهد الاسرائيلي": نلاحظ عنايتك الخاصة بقضية السجناء الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية هل ينبع ذلك من حقيقة كونك سجينا امنيا سابقا؟

"نعم هذا الاهتمام هو جزء من كياني السياسي كما ينبع من ادراكي الكامل لمعنى ان تكون محبوسا خلف القضبان وسط عتمة الليل والنهار سنوات طويلة".

(*) "المشهد الاسرائيلي": وهل تفضل ان يدعوك الاخرون بالمحامي ام بالنائب؟

"اللقبان مركبان في هويتي. ولا شك ان المحاماة والمرافعة عن السجناء والمستضعفين عزيزة على قلبي وعملي في الكنيست هو استمرار لها".

(*) "المشهد الاسرائيلي": هناك من يقول ان النواب العرب يجعجعون ويصرخون ولا طحين حيث لم تتمكنوا مجتمعين من تشريع قوانين بعدد اصابع اليد الواحدة؟

"صحيح. انا لم أتمكن من سن قانون واحد منذ دخولي للكنيست ومع ذلك شاركت في تأييد سن بعض القوانين مثل قانون القضاة الشرعيين وربط البيوت بالكهرباء، وهذه هي حال النواب العرب في البرلمان الاسرائيلي منذ 50 عاما. النواب اليهود لا يقبلون بأن نمارس مهمة تمرير مشاريع قوانين نقترحها وانا شخصيا قدمت مقترحات كثيرة تم احباطها من قبل الائتلاف الحكومي (اغلبية اعضاء الكنيست)، كان اخرها مشروع قانون لاعفاء طلاب الثواني عشر من تسديد رسوم امتحانات التوجيهي التي يقدمونها. في رده على استيضاحي عن اسباب عرقلته من قبل الائتلاف الحكومي قال مقرره في الكنيست، غدعون ساعر: انت محق بهذا المشروع لكن كيف يمكن ان نعطيك الفرصة ان تجمع النقاط وتكسب " بياض الوجه" فنحن اولى منك بهذا".

(*) "المشهد الاسرائيلي": ولكن تمار جوجانسكي، النائبة اليهودية السابقة التي كانت ممثلة عن كتلة عربية (الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة)، نجحت خلال وجودها في الكنيست في تمرير قوانين كثيرة لصالح الشرائح الاجتماعية الضعيفة والاقليات والمواطنين العرب. فكيف تفسر ذلك ؟

"اولا لقد كانت نائبة يهودية، ثم ان قوانينها خدمت شرائح اوسع من دائرة المواطنين العرب".

(*) "المشهد الاسرائيلي": مع انتهاء الدورة البرلمانية الاخيرة هذا العام كيف تقيم جدوى الكنيست بالنسبة للمواطنين العرب ونضالهم العام؟

"الكنيست هي حلبة الصراع السياسي لكل القوى وفيها يؤدي النواب وظيفتهم بالدفاع عن حقوق وتطلعات جمهور ناخبيهم. وهذه الوظيفة لا تقتصر على عملية التشريع فقط انما من خلال امور اخرى مثل مراقبة السلطة التنفيذية واحراجها او استجواب الوزراء واسماع صوتنا للاعلام والعالم. وفي كل ذلك نحن نخدم المصالح العليا للمواطنين العرب. وحتى لو عجزنا عن التشريع وهذا امر متوقع فليس بوسعنا ان ننفى جدوى الكنيست بالنسبة لنضالنا. ثم هل غيابنا عنها هو افضل لنا.. ومع هذا اؤكد ان اساليب العمل والنضال المطروحة كبديل من قبل البعض لا تتناقض مع العمل البرلماني بل تكمله لان النضال الجماهيري يبقى ضعيفا بدون وجود سفراء له في البرلمان الاسرائيلي".

(*) "المشهد الاسرائيلي": ثمة من يقول ان اسرائيل مستفيدة اكثر من المواطنين العرب ومن وجود نواب عرب تزين بهم ديموقراطيتها امام العالم؟

"أنا لا اعتقد ذلك. من لامنا بالامس على دخول الكنيست عاد وشكرنا على دورنا في مساندة نضال شعبنا بكافة الاصعدة".

(*) "المشهد الاسرائيلي": اتهم النواب العرب وانت شخصيا بالاهتمام بالقضية الفلسطينية على حساب قضية الخدمات المدنية اليومية، فما هي الحقيقة برأيك؟

"الجواب واضح. بداية اعتز بالانتماء للشعب الفلسطيني ومساندة مسيرته من اجل اقامة الدولة المستقلة. هذا شرف وواجب قومي نقوم به وهو ليس على حساب النضال من اجل الحقوق المدنية فلا تناقض بينهما، الا ان الاعلام الاسرائيلي المريض بداء الانتقائية والبحث عن الاثارة والتهييج يشوه الصورة . وقد اهتم الاعلام الاسرائيلي كثيرا بقولي للنائبة الليكودية روحاما ابراهام "دعيك من غيرة النساء" تعقيبا على مهاجمتها عدة مرات للسيدة سهى عرفات واتهامها بالحصول على الملايين، ولكنني عندما قمت باستجواب وزير الشرطة عن الاعتداءات بالضرب على شبان عرب في شواطىء مدينة نتانيا فإن وسائل الاعلام المطبوعة والالكترونية اصابها الخرس، وهكذا بالنسبة للزميل محمد بركة الذي تم تجاهل الكثير من نشاطاته حتى قفز الى العناوين الكبيرة بعد ان قال للنائب المتطرف تسفي هندل "سأضع حذاء في فمك". لقد روج لهذه الكذبة نواب متطرفون ومغرضون امثال الوزير جدعون عزرا وللاسف وجدت لها آذانًا صاغية لدى البعض . وكنت قد قلت لوزير الداخلية الذي ردد هذه الاكذوبة زاعما ان النواب العرب لا يعملون بما فيه الكفاية لرفع التمييز عنهم : انت الخصم وانت الحكم فانت الوزير وبامكانك الغاء غمط حقوق العرب ومساواتهم، لكنك صادقت على قانون المواطنة العنصري وبذلك توجت نفسك بلقب "صانع السم"، فكيف تلومنا بعدم التحرك الكافي لتحاشيه...".

(*) "المشهد الاسرائيلي": تتواصل شبه قطيعة بين المواطنين العرب واليهود في اسرائيل لا نتيجة انتفاضة الاقصى ومشاركة الاوائل فيها وحسب انما أيضًا بسبب عوامل اخرى منها تصريحات شعبوية تستفزهم فتصب الزيت على النار؟

"هذا ما كان في الدورة السابقة قبل الاخيرة ولم يعد موجودا اليوم. ومن ضمن الاخطاء التي ارتكبناها مبادرة الاخوة بركة والصانع ومخول الى سن قوانين لالغاء شركة الاراضي،"الكيرن كييمت"، او النشيد الوطني،"هتكفاه". مثل هذه المقترحات غير مفيدة بل شكلت ورقة رابحة بايدي نواب اليمين. ومع ذلك ينبغي التأكيد على ان القطيعة المستمرة هي نتاج التحريض المتصاعد علينا منذ ايام حكومة باراك الذي اراد نواب اليمين ردعه عن الاعتماد على اصواتنا وكسب النقاط في الشارع اليهودي من خلال مهاجمتنا والتحريض علينا ونجحوا بذلك. ربما هناك حاجة لترشيد خطاباتنا وتوخي الدقة والحذر ولكن بعيدا عن الاذعان والاستسلام لخطاب الاغلبية اليهودية".

(*) "المشهد الاسرائيلي": وهل المساهمة في جسر الهوة بين المواطنين العرب واليهود يرد في حساباتكم ام انكم تتركون الحبل على غاربه كي تشق الاحداث طريقها بدون تدخل؟

"الحل لا يكمن بيد النواب لعرب فالطرف الاخر هو الذي اعتمد التحريض علينا والشارع الاسرائيلي يصغي لهم لا لنا، ومع ذلك اؤكد ان الفصل الراهن بين العرب واليهود لا يخدم مصالحنا فنحن نريد المساواة وليس الانفصال ولا نقبل بهيمنتهم علينا كاغلبية. وفي الكنيست اقوم شخصيا بالاهتمام بقضايا مواطنين يهود ايضا لا بشكل جماعي فحسب حيث حصل ان توجه لي مواطنون من العفولة في مسائل خاصة كقروض الاسكان مبررين توجههم لي بالجيرة بيننا كما ابلغوني وكذلك توجهت لي سيدة من مدينة مغدال هعيمق اليهودية ( المجيدل –الجليل) بعد ان تعرضت للضرب من قبل موظفي دائرة الاجراء".

(*) "المشهد الاسرائيلي": وهل لا زلت تؤمن فعلا بفكرة المساواة في اسرائيل؟

"نظريا نعم. الصورة في الحالة الراهنة قاتمة لكن الامكانية للمساواة واردة مستقبلا بعد انجاز السلام المرتجى وعودة اسرائيل الى العقلانية".

(*) "المشهد الاسرائيلي": هل تعتقد أن هبة اكتوبر ستعود على نفسها مجددا في الداخل؟

"كانت هبة اكتوبر نتيجة لتراكم الغبن ولا أستبعد تكرار الانفجار اذا ما استمر الاحتقان النابع من التمييز العنصري، وان لم يكن ذلك غدًا او بعد غد".

(*) "المشهد الاسرائيلي": تتحدث تقارير اجهزة الامن الاسرائيلية عن تزايد كبير في مشاركة مواطنين عرب في عمليات مسلحة فماذا تقول بذلك؟

"على اسرائيل ان تقول شكرا للمواطنين العرب على انتهاجهم العقلانية، فالقلائل منهم فقط انخرط بالكفاح المسلح. بشكل عام نجحنا حتى الان في وضع الحد بين مواطنتنا وواجباتها وبين انتمائنا واستحقاقاته وعلينا ان نصمد في موقعنا هذا وعدم الانجذاب الى احد القطبين، الفلسطيني والاسرائيلي، اللذين يتنافسان على حسمنا لصالح طرف معين على حساب الآخر".

(*) "المشهد الاسرائيلي": ازاء المخاطر المحدقة بالمواطنين العرب ألم يحن الوقت لعودة الوحدة للحركة الاسلامية ام ان واقع الانقسام غير قابل للتغيير؟

"الانقسام واقع لكن الوحدة فرض والتكفير عن جريمة الانشقاق فرض آخر واستمرار الحالة هذه هو أمر بالغ السوء وينعكس سلبا على الحركة الاسلامية وعلى مجمل شعبنا. بالنسبة لنا، نحن في الحركة الام ، لم نغلق الباب ولا زلنا متمسكين بمطلب الوحدة فالخلاف غير عقائدي انما شخصي وسياسي علما ان الحركة قررت بشكل ديموقراطي الى جانب المشاركة بانتخابات الكنيست لكن الاخوة ارتأوا الانفصال عنا".

(*) "المشهد الاسرائيلي": ومع ذلك ماذا يعني لك الشيخ رائد صلاح؟

"اخ حبيب وطيب وارجو الله ان يفك أسره".

(*) "المشهد الاسرائيلي": كيف تقيم على ميزان الربح والخسارة الفلسطيني انضمام حزب "العمل" لحكومة "الليكود"؟

"مشاركة العمل في حكومة وحدة وطنية هي امر سلبي، كما كانت في حكومات سابقة من عدة نواح منها ناحية قضية الحقوق المدنية للمواطنين العرب، بل ان ذلك مضر بحزب العمل نفسه لانه سيتحول الى عجل في عربة الليكود بدلا من أن يكون بديلا له. كما ان حكومات الوحدة الوطنية خطيرة على الفلسطينيين حسبما دللت التجربة حيث يقوم بيريس بدور الحمامة البيضاء ليغطي على فظائع شارون الذي ينهش لحم اهلنا في الاراضي المحتلة".

(*) "المشهد الاسرائيلي": كيف ترى مخاطر الجدار الفاصل على علاقات التواصل بين ابناء الشعب الواحد على جانبي الخط الاخضر؟

"خلافا لبعض زملاء لي انا لم امانع في اقامة الجدار طالما ان هذه ارادة الاسرائيليين، شرط ان يقوم على حدود العام 67 وليس على حساب اراضي الضفة الغربية، لكن السلام العادل مع الشعب الفلسطيني وحده هو الكفيل بتوفير الامن لهم لان جدار برلين وهو اقوى من جدار اسرائيل سبق وانهار مثلما ان الف جدار لا يقوى على فصل اللحم عن العظم، وسيتواصل الفلسطينيون مع بعضهم البعض بأشكال مختلفة".

المصطلحات المستخدمة:

الكنيست, نتانيا, عزرا, باراك, الليكود

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات