يصل عدد أصحاب حق الاقتراع الدروز إلى حوالي (65) ألفًا. من الصعب تحديد نتائج الانتخابات بينهم بالضبط، لأنهم يعيشون في قرى وبلدات مختلطة يعيش فيها أيضًأ مسيحيون ومسلمون، مثل شفاعمرو، البقيعة، أبو سنان والمغار.
بقلم: يوسف الغازي
في هذه الأيام يعرض مسرح "النقاب" في عسفيا مسرحية جديدة بعنوان "الأمر"، من تأليف د. مسعود حمدان ومن إخراج صالح عزام، من عسفيا. المسرحية تتحدث عن جندي درزي واقع بين واجباته تجاه الجيش الاسرائيلي والدولة، وبين إلتزامه أمام أخيه الذي تطلب السلطات هدم بيته، لبنائه من دون ترخيص. في الخلفية، يزور وزير من الحكومة الاسرائيلية القرية ويتجاهل مطلب منع هدم البيت، ويعلن تخصيص ميزانية لتوسيع المقبرة العسكرية في القرية.
تحظى هذه المسرحية بأصداء أيجابية وتثير الاهتمام بين أبناء الطائفة الدرزية. الناس الذين شاهدوا المسرحية يقولون إنه مثل أمور هامة أخرى تحدث عند الدروز في إسرائيل وتشغلهم، فإن مضامين "الأمر" أيضًا لن يعرف بها الجمهور اليهودي في الدولة. وهم يقولون إن الجمهور اليهودي موجود في غيبوبة بما يخص أبناء الطائفة الدرزية: في أوقات الحروب يكون الدروز موضع تقدير نتيجة لحصاد الدماء عندهم، ولكن في أيام الانتخابات يتحولون إلى وكر من الصفقات، والتزويرات، وشراء الأصوات، ونسب التصويت الخيالية والفساد السياسي.
"هذه الظواهر موجودة عندنا"، يعترف مدير معهد إميل توما للأبحاث الاجتماعية في حيفا، الكاتب سلمان ناطور من دالية الكرمل. لكن، يضيف، "الجمهور الدرزي لم يخلق هذه الظاهرة، وإنما الأحزاب الحاكمة. منذ إقامة الدولة تعاملت الأحزاب الحاكمة مع المنتخبين الدروز كرزم من أصوات الاقتراع يجلبونها إلى الصناديق وليس كبشر. الفساد هو نتاج أبيض – أزرق (صنع في اسرائيل). المؤسسة حولت العملية الديمقراطية إلى إنتخابات لفرص إنتهازية لدفع مصالح شخصية وعائلية".
محمد نفاع، عضو كنيست سابق عن "الجبهة"، يعترف بأن هناك ظواهر من الفساد في الوسط الدرزي، لكن بحسب أقواله فهي جزء من الثقافة السياسية السائدة في إسرائيل. "مصدرها الشهية غير المحدودة عند النشطاء الحزبيين، الذين يضعون نصب أعينهم بشكل أساسي دفع مصالحهم الأنانية، وأقل من ذلك مصالح الجماهير التي يمثلونها".
في نظر المحامي سعيد نفّاع من "التجمع الوطني الديمقراطي"، فأن (20%) فقط من الناخبين الدروز يصوتون للكنيست من منطلقات أيديولوجية. "إسم اللعبة عندنا هو ‘منفعة وعلاقات‘". من كان لمدة (15) عامًا رئيسًا للمجلس المحلي في البقيعة، صالح خير، أضاف بسخرية، أنه "عشية الانتخابات، تصل محافظ مليئة بالنقود إلى غالبية القرى الدرزية وتختفي هناك. هكذا يشترون الحكم". المدير العام لجمعية "تطوير الديمقراطية في الوسط العربي في إسرائيل"، وجيه كيّوف، الذي شغل منصب القائم بأعمال رئيس المجلس المحلي في عسفيا، لخّص: "طيلة الوقت الذي نجحت فيه الصفقات والفساد ولم تكن هناك فضائح وتحقيقات شرطية، لم يهتم أحد ولم تهتز الفرائص، ولكن في لحظة الكشف عن البشاعة والسلبيات في هذا النهج- حوّل المسؤولون عنها الدروزَ إلى كبش الفداء".
* لاندفر، عزيزة الوسط
يتهم الشارع الدرزي الأحزاب الشريكة في الحكم، في الماضي والحاضر، بالانتهازية والفساد، لكن جُلّ النقد موجّه تجاه الأقدم من بين الأحزاب، حزب "العمل". أعداء "العمل" يذكرون القليل من الصفقات التي حيكت في السنوات الأخيرة.
تنافس في برايمريز حزب "العمل" في العام 1996 إثنان في اللواء الدرزي - صالح خير وعضو الكنيست صالح طريف. خير، بعد خسارته في التنافس، تقدم بشكوى إلى محكمة الحزب وإلى المحكمة بدعوى التزويرات، لكن إستئنافه رُفض لسبب تقني: إنتخابات معادة في الوسط الدرزي كان يمكن أن تسبب تأجيلاً لكل معركة الانتخابات. وقد تجاوزت نسبة التصويت في اللواء الدرزي في الانتخابات التمهيدية في "العمل"، في العام 1999، حاجز الـ (90%)، نسبة خارقة بدون جدل. وقد حصل طريف وعدد من أصدقائه في "العمل" على نسب دعم خيالية. ومن بين الرابحين كانت أيضًا صوفا لاندفر - عضو الكنيست المجهولة في الوسط الدرزي، والتي رغب ايهود براك آنذاك، في نجاحها.
في السنة الماضية، وفي الجولة الأولى في المنافسة بين أفرهام بورغ وبين بنيامين بن إليعيزر على قيادة "العمل"، حظي بورغ بغالبية الأصوات في اللواء الدرزي. في الانتخابات الجزئية المعادة أكد إمتناع طريف ومَن حوله عن التصويت على فوز بن إليعيزر.
"يهاجمونني، ليس بسبب فشلي في نشاطي الحزبي، وإنما بدافع من الغيرة لأنني نجحت في الوصول إلى مناصب رسمية رفيعة، مثل أن أكون الوزير غير اليهودي الأول في دولة إسرائيل"، يقول عضو الكنيست طريف رادًا. ويقول طريف عن قضية الاستئناف الذي قدمه خير في العام 1996 في حزب "العمل"، إنه لا يذكرها. ولا يرى عيبًا في نسب التصويت العالية في الانتخابات التمهيدية في العام 1999 وفي نشاطه من أجل لاندفر: "ما السيء في أنني استجبت لطلب براك لمساعدة لاندفر؟" يسأل.
يقول طريف كرد على الادعاء أنه ساعد في قلب نهج التصويت في الانتخابات المعادة بين بورغ وبن إليعيزر: "من جهة واحدة اتهمنا الزملاء اليهود بأمراض البرايميرز، ومن جهة أخرى، لم يدعمنا بورغ، الذي صوتنا لأجله. لذلك قررنا الامتناع عن المشاركة في الانتخابات المعادة لكي يتوقفوا عن توجيه الادعاءات صوبنا".
يصل عدد أصحاب حق الاقتراع الدروز إلى حوالي (65) ألفًا. من الصعب تحديد نتائج الانتخابات بينهم بالضبط، لأنهم يعيشون في قرى وبلدات مختلطة يعيش فيها أيضًأ مسيحيون ومسلمون، مثل شفاعمرو، البقيعة، أبو سنان والمغار. وبحسب معطيات جمعية "تطوير الديمقراطية في الوسط العربي في إسرائيل"، حصل "العمل" في الانتخابات الأخيرة في القرى والبلدات ذات أكثرية درزية، على (25%) من الأصوات، "الليكود" حصل على (8.5%)، "شاس" على (10.5%)، "ميرتس" على (5%)، "التجمع" على (6%) وحصلت "الجبهة" على (5.5%) من الأصوات. في انتخابات 1996 حصل "العمل" في هذه القرى والبلدات على (40%) من الأصوات، "الليكود" على حوالي (12%)، "شاس" على (4.5%)، "ميرتس" على (12.5%) و"الجبهة" على (13.5%) من الأصوات.
الناطق بلسان لجنة المتابعة الدرزية، محمد رمال من يركا، يعتقد أن الكثيرين من مؤيدي "العمل" السابقين من الدروز ملّوا من الحزب ولذلك، بحسب رأيه، فإنه سيفقد من قوته في الوسط. "الناس يروْن بشكل سلبي أنه لم يتنافس مرشح درزي لائق أمام طريف. هذه المرة أيضًا حافظ "العمل" على النهج البطركي الذي خلقه. من المؤسف أن عمرام ميتسناع، الذي يتمتع بتقدير كبير عند الدروز، لم يشجع متنافسين آخرين للمنافسة أمام طريف".
عضو الكنيست أيوب القرا من "الليكود" يعرض أحيانًا مواقف صقورية. الكثيرون، في طائفته وحزبه، ينتقدونه على أنه يندفع إلى أمام كاميرات التلفزيون في الوقت الذي يفضل فيه ناشطون دروز أن يقفوا جانبًا. مثلا، رافق أريئيل شارون في ذهابه إلى الأقصى في سبتمبر 2000.
على الرغم من ذلك، في الانتخابات الداخلية في "الليكود"، تراجع القرا إلى موقع متأخر غير مضمون في قائمة الرمشحين. مجلي وهبة يحتل الموقع الثاني والعشرين في قائمة "الليكود"، وهو درزي أيضًا، وجزء كبير من الفضل في ذلك يعود إلى التنظيم الجيد الذي جنّده عمري شارون من أجله. هذا ما يحصل مع الذي يرغب رئيس الحكومة أريئيل شارون، في رضاه، يقولون في "الليكود". ويذكر وهبة صداقته القريبة، السياسية والشخصية، بينه وبين شارون منذ العام 1981. وقد بدأ مشواره السياسي بعد تحرره من الجيش برتبة نائب كولونيل قبل ثماني سنوات. وهو يفتخر بشكل خاص في حصته في "إعادة عملاء ‘الموساد‘ إلى البيت"، العملاء الذين كانوا متورطين في محاولة إغتيال خالد مشعل، من "حماس"، في عمان.
وهبة متأكد من أن "الليكود" سيزيد من قوته في الانتخابات بين الدروز، خاصةً وبشكل أساسي، لأنه في فترة حكمه وصل درزي إلى رتبة كولونيل في الجيش الاسرائيلي، يوسف مشلب، وعُيّن قائدًا لقيادة الجبهة الداخلية. مقابل ذلك، يقول مُركّز حزب "ميرتس" في الوسط الدرزي، فيصل حلبي، إن تعيين الكولونيل مشلب لقائد الجبهة الداخلية "لن يُضيف لـ ‘الليكود‘ ولو صوتًا واحدًا في الصناديق". وهو يقدّر بأن "الدروز خائبو الأمل من ‘الليكود‘ نتيجةً للوضع الأمني السيء، البطالة، الركود وعدم تطوير القرى والبلدات الدرزية".
* الجيش ينتج سياسيين
كما في السياسة اليهودية، فإنه عند الدروز أيضًا يتوجه الكثير من الضباط، بعد تحررهم من خدمة نشيطة في الجيش، إلى مواقع قيادية سياسية. كل أعضاء الكنيست الدروز، من "العمل" و"الليكود"، والكثير من رؤساء السلطات المحلية الدرزية جاءوا إلى السياسية بعد تحررهم من الجيش برتب نائبي كولونيل.
ناطور يستنتج من هذا أن "الخدمة في الأذرع الأمنية تصمم الكثير من قياديي الطائفة الدرزية. ومع تحررهم من الخدمة في الجيش أو من اي جهاز أمني آخر، الكثير ممن وصلوا إلى مراتب قيادية رفيعة يستغلون العلاقات التي أقاموها خلال الخدمة في المؤسسة الأمنية والسياسية، لكي يندمجوا في عدة وظائف مدنية وأن يبنوا لأنفسهم حياة سياسية". كيّوف يربط هذه الظاهرة مع النسبة العالية من الرجال الدروز الذي يعملون في الجيش،، في "حرس الحدود"، في الشرطة، في "الشاباك" وفي مصلحة السجون.
في الانتخابات للكنيست الخامسة عشرة حصلت "شاس" لوحدها على أكثر من (10%) من أصوات الناخبين الدروز - ما يساوي تقريبًا كل الأصوات التي حصلت عليها الأحزاب العربية مجتمعةً. من الممكن الافتراض أن مصدر شعبية "شاس" هو الوزارات الحكومية التي تتحكم بها وبميزانياتها. قبل سبع سنوات انضم إلى الحزب نائب رئيس المجلس المحلي في دالية الكرمل، منصور وهبة (34). قبل ذلك كان عضوًا في "الليكود" وقبله في "هتحياه"، حزب غئولا كوهين. "أنا أدعم ‘شاس‘ لأن الدين في نظري ليس كلمة مسيئة"، يقول وهبة، "وعدا عن ذلك، نحن الدروز متعلقون بالوزارات الحكومية التي في أيدي ‘شاس‘".
وحول السؤال عن كيفية رده على تصريح الراب عوفاديا يوسيف، الذي وصف العرب بأنهم ثعابين، يقول وهبة: "الراب يوسيف لم يقصد كل العرب وإنما أولئك الذين يمسّون اليهود. نحن الدروز أقمنا تحالف دماء مع الشعب اليهودي وسندعم دائمًا المؤسسة ونشاطاتها. نحن نعيش جميعًا معًا ونأكل من نفس الصحن. للأسف، الشعب اليهودي لم يعاملنا من مبدأ المعروف مقابل المعروف. الشعب اليهودي يُشركنا في حروباته لكنه لم يشركنا في المحادثات السلمية مع العرب".
حلبي لا يعلق آمالاً كبيرةً على نجاح "ميرتس" في الانتخابات عند الدروز. وعلى الرغم من أن حزبه يتمتع بالتعاطف والقبول عند الجمهور الدرزي، يقول، إلا أنه لا ينجح في ترجمة هذا التعاطف لأصوات في الصناديق. السبب كامن، في رأيه، في حقيقة عدم وضع مرشح درزي في موقع مضمون في القائمة.
متحدثون دروز يتنبأون بارتفاع في قوة "التجمع" عند الطائفة، على الرغم من أنهم يستصعبون تفسير عدم اختيار سعيد نفاع من بيت جن لواحد من المواقع المتقدمة، المعروف بين جمهوره كله، واختارت مرشحًا مجهولاً من الطائفة بدلا منه، هو عبدالله شاهين. المحامي نفّاع يقدّر أنه وعلى الرغم من ذلك فإن الجمهور الدرزي سيشارك في الانتخابات، بقليل من الحماس، وحتى أنه سيقوّي من "التجمع"، بسبب تنيظم لقاءات بين دروز إسرائيليين مع أقربائهم من سوريا، وبسبب نشاطه العام.
مزاج عضو الكنيست صالح طريف، مؤخرًا، محطّمٌ. في تقديره، الانتخابات نائمة نتيجة لعدم الثقة السياسية، الأمنية، الاقتصادية والاجتماعية في الدولة. "الميدان في وضع محرج"، يقول. هو متأكد من حزبه "العمل" سيواصل كما في السابق الحصول على أصوات أكثر من أي حزب آخر في الشارع الدرزي، لكنه في التلخيص الاجمالي يتنبأ بمصير سوداوي للحزب ويشكك في إمكانيات وصوله للكنيست، هو بنفسه، الموجود في المكان الـ (21).
كيّوف شريك في الرأي السائد بأن المعركة الانتخابية للكنيست بين الدروز، خاملة هذه المرة بشكل خاص. "الدروز يستيقظون في الانتخابات البلدية التي تُحسم فيها شؤون محلية والتي تهتم فيها عائلات وحمائل بالمصالح المباشرة لها"، يوضح. "عندما يكون ‘العمل‘ في سدة الحكم فإن غالبية رؤساء السلطات المحلية الدرزية يدعمونه، وعند حدوث انقلاب، ينقل غالبية الرؤساء دعمهم إلى ‘الليكود‘".
المقارنة بين الانتخابات المحلية وبين العامة، تدل بحسب كيّوف، على أن "أجهزة الأحزاب الحاكمة مسؤولة عن عدم نمو احتياطي سياسي شاب بين الدروز.. دور النساء في الانتخابات للكنيست مُتدنٍ أكثر منه في الانتخابات المحلية. النساء لا ينشطنَ في المجال القطري لأنهن لا يُمنحنَ الفرصة لحمل مسؤولية وظيفة سياسية أيًا كانت. الجمود يتحكم بكل شيء. ومع أن هناك جيلاً جديدًا من الشباب الأكاديميين ينمو وينكشف للعالم الكبير، وهو غير راضٍ عن الوضع، إلا أنهم في الغالب لا يتمثلون، لأنهم يُبلعون من قبل أجهزة الأحزاب التي تمنعهم من قيادة تغييرات في المدارك، في التصرف وفي سير الأمور السياسية. القليلون يعبرون عن إستقلالهم في التوجه إلى الأحزاب العربية، مثل ‘الجبهة‘ و‘التجمع‘".
("هآرتس"، 20 كانون الثاني)
(ترجمة: "مدار")
المصطلحات المستخدمة:
حرس الحدود, الموساد, مصلحة السجون, انقلاب, هآرتس, الليكود, الكنيست, رئيس الحكومة, أيوب القرا