المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

بين المناطر العديدة في الجليل، بين الفيللات الفخمة والحدائق المستثمرة فيها مبالغ طائلة، تختبىء احياناً كروم من الزيتون. ولأن أشجار الزيتون هي جزء من المنظر العام، فهي لا تلفت الانتباه كثيرًا. لكن سلطات التخطيط في الجليل تعتبر تلك الكروم مصدرًا لمواجهات مستقبلية محتملة: ذلك ان تلك الكروم، في غالبية الحالات، هي اراض بملكية خاصة لمواطنين من غير اليهود قد يحصلون على تراخيص للبناء فيقيمون حيًا عربيًا، مسلماً او مسيحيًا او درزياً، في قلب بلدة يهودية صغيرة.

بين المناطر (او "المستمسكات"، وهي مستوطنات يهودية "عشوائية" تقام فوق الارض العربية - المترجم) العديدة في الجليل، بين الفيللات الفخمة والحدائق المستثمرة فيها مبالغ طائلة، تختبىء احياناً كروم من الزيتون. ولأن أشجار الزيتون هي جزء من المنظر العام، فهي لا تلفت الانتباه كثيرًا. لكن سلطات التخطيط في الجليل تعتبر تلك الكروم مصدرًا لمواجهات مستقبلية محتملة: ذلك ان تلك الكروم، في غالبية الحالات، هي اراض بملكية خاصة لمواطنين من غير اليهود قد يحصلون على تراخيص للبناء فيقيمون حيًا عربيًا، مسلماً او مسيحيًا او درزياً، في قلب بلدة يهودية صغيرة.

المناطر في الجليل موجودة على قمم الجبال، لأسباب عدة من بينها الأسباب التخطيطية: نسبة الأراضي بملكية خاصة قليلة نسبياً في هذه المناطق التي ليس من السهل فلاحة الأرض فيها، ولم تكن ثمة فائدة من شرائها. نسبة عالية من الأراضي التي هي بملكية الدولة أتاحت اقامة بلدات يهودية في تلك المناطق، بسهولة نسبية وبأقل ما أمكن من المصادرة. ولكن في جزء من هذه البلدات - وخاصة في مسجاف - نشأ، رغم ذلك، نوع من الفسيفساء في الخرائط الخاصة بمساحات تلك البلدات: اراض بملكية الدولة عليها بيوت معلمة بألوان الملكية الخاصة، غير اليهودية غالباً، ولأغراض الزراعية. وقد التف خط الخارطة الهيكلية، بطريقة لولبية احياناً، على قسائم ارض خاصة متاخمة بقيت خارج الخارطة الهيكلية.

هذه الطريقة وفرت، ظاهرياً، الحل لمشكلة الملكية الخاصة. لكن هذه المشكلة عادت لتثور في السنوات الأخيرة. فاحتياجات التوسع والتطور في هذه البلدات، التي تتطلب استغلال مساحات اضافية من الأراضي، تصطدم برغبة اصحاب هذه الأراضي الخصوصية. وفي المقابل، تزيد عملية التطوير من قيمة وسعر هذه الأراضي الخاصة، الأمر الذي يحاول اصحابها الاستفادة منه ايضاً.

رئيس لجنة التخطيط والبناء المحلية في مسجاف، اريك راز، ومسؤولون آخرون في سوق الأراضي، يدعون بأن القضية سببها القصور المستمر من قبل "مديرية اراضي اسرائيل" التي لا تقوم بما هو مطلوب من اجل نقل الأراضي الاشكالية الى ملكيتها هي. لكن في "مديرية اراضي اسرائيل" يرفضون هذه الاتهامات.

"اشكالية مساحة من الأرض الخاصة تتعلق بعاملين اثنين"، يوضح راز، "اذا كانت الأرض مخصصة للبناء، حسب الخارطة الهيكلية, ام لا. ثانياً، الملكية: اذا كان مالك الأرض شخصًا "محرضاً" - لا يستطيع تقبل حقيقة اقامة بلدة ( يهودية) معدة لسكن الذين اقاموها - فبامكانه ان يثير الكثير من المشاكل، بشتى الطرق".

في حالة واحدة على الأقل، شرع صاحب الأرض في اجراءات احصول على ترخيص للبناء.

أحمد كريّم، عربي من قرية مجد الكروم، يطلب بناء 12 وحدة سكنية في كرم الزيتون التابع لعائلته، والموجود في بلدة " تسوريت" المطلة على مجد الكروم من أعلى الجبل. الكرم الذي تملكه عائلة كريّم يمتد على مساحة 9 دونمات في المنطقة التابعة لتسوريت، حسب الخارطة الهيكلية.

في صيف 1998 قدم كريم (41 عاما) طلبًا لتغيير تخصيص الأرض من الزراعة الى البناء ولاقامة وحدات سكنية عليها. في شباط 1999 قررت اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء في لواء الشمال ايداع الخرائط لتقديم اعتراضات عليها، وفقا لما تقره لجنة الحفاظ على الاراضي الزراعية والمناطق المفتوحة، التي لا تزال تبحث الأمر.

واضافت اللجنة اللوائية شرطاً آخر اضافيا: "مع ذلك، تعتقد اللجنة انه يجب اشتراط اصدار رخصة البناء بموافقة البلدة، لأنه لا يمكن تجاهل طابعها الاجتماعي الذي تحدد بواسطة اجراءات القبول التي تبلورت خلال سنوات طويلة". وبهذا اعادت اللجنة كريّم الى مسار القبول في البلدة نفسها، وهو يفحص امكانية الاستئناف على هذا القرار.

"اريد تغيير تخصيص الأرض لكي استطيع اقامة مبان سكنية، والسكن فيها، مبدئياً، انا وعائلتي"، يقول كريم. "في تسوريت يرفضون الفكرة من اساسها، واعتقد انه لا عدل في هذا اطلاقًا. هذه الأرض ارضي، وارى انه لا بأس في السكن هناك، خاصة وان المستوى اعلى منه في القرى (العربية) - اكثر ترتيباً ونظامًا، افضل تخطيطاً، وهو جميل ومريح، وهذا يلائمني. انهم لا يريدونني لأن لديهم افكارًا غير صحيحة، لأنني عربي، وآمل ان استطيع التغلب على هذا وان اثبت لهم انهم مخطئون".

"مبدئيا، هناك اجراءات رسمية للقبول في الجمعية التعاونية تسوريت، حسب القانون، وكل شيء يتقرر بصورة موضوعية"، يقول يوني غلعاد، رئيس لجنة تسوريت.

"انا اقول رأيي الشخصي: من حق كل انسان ان يقدم طلبًا وان يخضع لإجراءات القبول، لكن الاجتماع العام لأعضاء الجمعية هو الذي يقرر، في نهاية المطاف، بشأن العضوية. الحكمة هي في كيفية المحافظة على الجيرة الحسنة، مسبقاً. انا لست بحاجة الى شراء ارض في مجد الكروم والسكن هناك، وكل من يفعل ذلك يكون مستفزًا ومثيرا للمشاكل - ليس في ذلك أي منطق اجتماعي، جماهيري او ثقافي. هذا الأمر ينبغي ان يكون متبادلاً. كريّم لا يريد البناء في تسوريت. كريّم يريد مقابلا، وحسب رأيي فقد عرضوا عليه مقابلا ملائما، وأكثر".

في تسوريت يعتقدون ان كريم لا يريد حقا السكن في تسوريت، وانه يفضل الحصول على ارض للبناء في منطقة مجد الكروم. كريّم لا ينفي ذلك: لقد اجرى مفاوضات متواصلة، ثلاث مرات، من اجل الحصول على ارض كهذه.

"لدى مديرية اراضي اسرائيل معايير محددة للبدل، ودائما تكون المطالب التي يعرضها كريم اكثر من هذه المعايير بكثير"، يقول يعقوب يونيش، الذي تفاوض مع كريم نيابة عن "مسجاف" و "تسوريت".

"كان موقفي انه يجب البحث عن حل ما، حتى لو لم يكن حلا تقليديًا. لأنه اذا ما قام ببناء حي في تسوريت، فقد تقام احياء اخرى ايضاً. لكن تصلب المشرفين على الأراضي ("مديرية اراضي اسرائيل") لم يتح مثل هذه الامكانية".

وحسب ما يقوله يونيش، فانه "مع كل خطوة تقدم بها كريم في مسار الاجراءات والقانون، جاء بطلبات جديدة كليا".

"امكانية المبادلة كانت جيدة في وقتها"، يقر كريم، "لكن كلما تقدمت الى الأمام يحاولون عرقلة الأمور، مما يمدني بالمزيد من الجرأة والشجاعة للمضي قدما وبصورة اقوى".

جميع العاملين في المجال، يجمعون على ان الحل المفضل لمشكلة الأراضي الخاصة هو في نقلها الى ملكية الدولة - بالمبادلة، عامة، وبالشراء في حالات معينة. لكن جهات مختلفة تدعي بأن مديرية اراضي اسرائيل منغلقة على معايير متصلبة، ولا تتصرف بمرونة وبسرعة.

"المديرية تعتقد، على ما يبدو، انها مهمة جهة اخرى، لا مهمتها هي"، يقول راز، من مؤسسي "مسجاف"، "انها تعمل في هذا الموضوع ليس لتحقيق نتائج، ولا احد يستطيع تقديم تفسير لهذه النتيجة: بين 1995 و 2000 تمت في مسجاف، بالمعدل، مبادلة 17،7 دونما فقط في السنة، وتم شراء 0،9 دونم فقط. ربما كانت سريعة الرد في رمات هشارون، اما في سخنين فهي بطيئة جدا".

"في اللحظة التي نقدم فيها حلولا مشابهة للجميع، لا يعود بالامكان اجراء اية مبادلات"، يضيف يعقوب يونيش، "ينبغي ان يتوفر المزيد من العقل. ان ابقاء الوضع على ما هو الآن يعني انك تقدم اليوم حلا بمليون دولار لما كان بالامكان حله بـ 100 الف فقط".

وتعقيبا على ذلك قالت "مديرية اراضي اسرائيل" انها "تعمل كل ما في وسعها لمبادلة اراض من اجل استكمال مساحات مخطط ان تكون بملكيتها. هذا الأمر ليس ممكنا دائما، وخاصة بسبب المبالغ المالية الطائلة وغير المعقولة التي يطلبها اصحاب الأراضي العرب".

مسجاف: حوالي 770 دونما بملكية خاصة

مشكلة الأراضي الخاصة في البلدات الجماهيرية تتركز، اساساً، في مسجاف، لكنها موجودة ايضًا في مناطق اخرى فيها مساحات واسعة من الأراضي الخاصة. المعطيات التي جمعتها اللجنة المحلية للتخطيط والبناء في مسجاف تبين ان هنالك ملكية فردية خاصة على مساحات من الأراضي في 16 بلدة. وتتراوح نسبة الملكية بين 1،1% في "منوف" وبين 7،15 % في "تسوريت - غيلون".

وإجمالاً، توجد في مستوطنات مسجاف حوالى770 دونما من الأراضي التي هي بملكية خاصة. ليس على كل هذه المساحات يمكن البناء في المستقبل، بسبب موقعها الجغرافي الذي لا يسمح بالبناء. وقال مصدر مطلع ان هنالك في منطقة مسجاف حوالي الف دونم اخرى من الأرض بملكية خاصة، في مناطق معدة للتطوير خارج المستوطنات.

(اوري أس، هآرتس، 1/4، ترجمة: "مدار")

المصطلحات المستخدمة:

المطلة, هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات