المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

شيعت إسرائيل يوم 26/4/2005 رئيسها السابق، أحد اكبر جنرالاتها العسكريين عيزر فايتسمان الذي غيبه الموت يوم السبت عن 81 عاما قضى ثلثيها في النشاط العسكري والسياسي، وهو الذي بدأ حياته صقرا جارحا آمن بـ«أرض إسرائيل الكاملة» وأنهاها معترفاً بأن للقوة العسكرية حدوداً وأن لا خيار آخر سوى تحقيق السلام بين الدول العربية وإسرائيل يقوم على انسحاب الأخيرة من الأراضي العربية التي احتلتها في العام 1967.

واعتبر أركان الدولة العبرية فايتسمان «أحد أبرز زعماء الأمة» و«زعيماً بالفطرة» و«صهيونيا حقيقيا» وتوقفوا عند محطات حياته الكثيرة التي شهدت تقلبات في المواقف والمواقع لكنهم أقروا بأنه كان أحد أكثر الشخصيات السياسية المتعددة الألوان التي حظيت دون سواها بشعبية غير مسبوقة في أوساط الإسرائيليين خصوصا في سنوات جلوسه على كرسي «رئيس الدولة» حين رفض أن يكون مجرد موقع رمزي يستقبل السفراء ويتحدث فقط في القضايا محط الإجماع، فلم يتردد في اتخاذ مواقف سياسية في قضايا مثار خلاف، ما لم يعجب صناع القرار. وعُرفت عنه سلاطة لسانه وتهوره في عدد من التصريحات فوقع في زلات بحق شرائح مختلفة في المجتمع الإسرائيلي اعتذر عن بعضها ودافع عن الأخرى.

وتوقف المؤبنون عند حقيقة أنه من مواليد البلاد قبل إنشاء الدولة العبرية في العام 1948 فاعتبروه «ابن البلد» (الصبّار) ذا المزاج الحاد. كان عضوا فاعلا في العصابات الصهيونية «ايتسل» و«بلماح» مؤمنا بقيمة القوة العسكرية وبتفوق سلاح الجو، وكان أول طيار إسرائيلي ثم تدرب في معهد سلاح الجو الملكي البريطاني وصاحب توجهات توسعية ومن دعاة «ارض إسرائيل الكبرى». كما أشادوا بكونه من أبرز مؤسسي سلاح الجو الإسرائيلي الذي ذاع صيته بعد حرب العام 1967 في أعقاب تدميره سلاح الجو المصري، مع التذكير بأنه كان من كبار محرضي رئيس الحكومة إبان الحرب المذكورة ليفي أشكول على شنها مهددا بالتنازل عن رتبته العسكرية إذا لم يفعل!

ومع اعتزاله الحياة العسكرية انضم إلى حزب «حيروت» اليميني المتطرف بزعامة مناحيم بيغن فقاده إلى صعود الحزب إلى سدة الحكم في انتخابات العام 1977 ليتسلم وزارة الدفاع ويشرف بعد عام على العدوان على لبنان («عملية الليطاني»)، لكن تغييرا مفاجئا طرأ على مواقفه - يُقال أن إصابة ابنه في حرب العام 1973 كانت وراء هذا التغيير - ليتبين أن الرجل غدا يؤمن بأن قوة الذراع العسكرية وحدها لن تحقق الأمن المنشود إسرائيليا وتخلى عن حلم التوسع من النهر إلى البحر وكان أشد المتحمسين لمبادرة السلام التي قام بها الرئيس المصري الراحل أنور السادات فجمعت بينهما علاقات صداقة شخصية فناداه الأخير باسمه الشخصي المحبب «عزرا». وفي العام 1980 اختلف فايتسمان مع بيغن حول تلكؤ الأخير في منح حكم ذاتي للفلسطينيين، ومع أرييل شارون راعي الاستيطان فغادر الحكومة وتنحى جانبا قبل أن يقيم حزبا جديدا لم يكتب له النجاح الكبير فانخرط في حزب الوسط «العمل» وعُيّن وزيرا وكان أول الداعين الى التقاء قادة منظمة التحرير الفلسطينية فدفع لقاء ذلك التخلي الاضطراري عن عضوية المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية برئاسة اسحاق شامير. وفي الأعوام 1993 - 2000 شغل منصب الرئيس الإسرائيلي رافضا اتباع مسلكية رسمية أو التنازل عن التعبير عن رأيه الشخصي. وتحدى الإسرائيليين في العام 1996 ورئيس الحكومة في حينه بنيامين نتانياهو حين استضاف الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في بيته، لكنه عاد وانقلب عليه، بعد تنحيه فدعا إلى محاصرة الرئيس الفلسطيني في «المقاطعة» حتى يقبل بشروط السلام. أحبه الإسرائيليون على صراحته وإن لم يتفقوا معه في عدد من المسائل أبرزها دعوته إلى إعادة الجولان السوري المحتل إلى أصحابه مقابل اتفاق سلام. وبعد اعتزاله فاجأ من جديد بدعوته الإسرائيليين إلى تفضيل أرييل شارون على إيهود باراك لمنصب رئيس الحكومة مدعيا أن الأول معني بتقديم تنازلات إقليمية مقابل تحقيق السلام.

رأى فيه بعض المعلقين واحدا من أكبر 3 شخصيات في تاريخ اسرائيل بعد رئيسي الوزراء مناحيم بيغن، الذي وقع اتفاق سلام مع مصر واسحق رابين.

المصطلحات المستخدمة:

الصهيونية, ايتسل, رئيس الحكومة, عزرا, باراك

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات