*قصة الفيلم فلسطينية بامتياز وعلى الإسرائيليين أن يناضلوا لإنهاء الاحتلال لدوافع أخلاقية لا لتطهير أنفسهم من الذنوب فقط*
*قصة الفيلم فلسطينية بامتياز وعلى الإسرائيليين أن يناضلوا لإنهاء الاحتلال لدوافع أخلاقية لا لتطهير أنفسهم من الذنوب فقط*
كتبت هبة زعبي:
عرض الفيلم الوثائقي الفلسطيني "خمس كاميرات مكسورة" في عشرات الدول في العالم وحاز على 30 جائزة، وهو مرشح الآن لنيل جائزة الأوسكار.
يروي الفيلم قصة مصوره ومخرجه الفلسطيني عماد برناط الشخصية، والتي نغوص فيها من خلال كاميراته الخمس المكسورة التي وثقت النضال الشعبي في قرية بلعين ضد الجدار الفاصل والذي انطلق قبل أسبوعين من ولادة ابنه جبريل في العام 2005.
وقد أنقذت إحدى هذه الكاميرات حياته ذات مرة، واعتبر برناط الكاميرا وسيلة لإنقاذ حياته.
اتسمت مشاهد الفيلم بالصدق والعفوية مع عرضه رؤية فنية ناقدة وعميقة بكل بساطة للواقع الصعب الذي عاشه برناط وعايش خلاله مقتل صديقه "الفيل"- اللقب الذي لقب به الشهيد باسم أبو رحمة. وتعرض للسجن والإصابة مثل باقي أبناء قريته الذين رافقوه وشاركوه في النضال. وشارك المخرج الإسرائيلي وناشط السلام غاي دافيدي برناط في إخراج وإنتاج الفيلم الذي اعتمد على المواد التي صورها برناط خلال هذه السنوات، وجاء هذا التعاون كنتاج لعلاقة شخصية إنسانية جمعتهما معا، كون دافيدي ناشط سلام تواجد لسنوات في بلعين.
والفيلم هو من إنتاج فلسطيني- إسرائيلي- فرنسي. وأثار عرض الفيلم ردودا متباينة ومختلفة داخل المجتمع الإسرائيلي وواجه انتقادات لاذعة، وبعد ترشيح الفيلم لجائزة الأوسكار اعتبر الإعلام الإسرائيلي الفيلم إسرائيليا وتجاهل مخرجه الفلسطيني عماد برناط، لكن مخرجه الشريك ناشط السلام غاي دافيدي صرح بأنه لا يمثل إسرائيل من خلال الفيلم، وأن القصة هي فلسطينية بامتياز.
قابلنا دافيدي قبل أسبوع من سفره إلى الولايات المتحدة لحضور حفل إعلان جائزة الأوسكار حتى نسمع منه عن تجربته من خلال الفيلم، وعن الردود التي أثارها الفيلم في إسرائيل، وللتعمق في رؤيته الشخصية التي يسعى لإثارتها داخل المجتمع الإسرائيلي.
(*) س: كيف بدأت قصة تعاونك مع عماد لإنتاج الفيلم؟
دافيدي: كنت ناشطا فعالا للسلام وتواجدت منذ العام 2003 في الضفة الغربية بغرض فهم ما يجري في المجتمع الفلسطيني عن كثب ومعاينة تأثير الاحتلال على حياة هذا المجتمع، وتواجدت بصورة كبيرة في القرى التي ناضلت ضد بناء الجدار وشاركت في فعالياتها. شاركت في فعاليات المقاومة ضد الجدار في بلعين بعد شهرين من بدايتها وتوطدت علاقتي مع أهالي القرية، وحتى أنقل ما يجري هناك لإسرائيل وللعالم بدأت بتصوير وإخراج أفلام قصيرة عن تأثير الاحتلال هناك والنضال ضد الجدار، لكن بعد إنتاج الكثير من الأفلام التي تمحورت حول هذا الموضوع قررت إنجاز فيلم عن مشكلة المياه والتي نتجت بسبب الاحتلال وهي مشكلة لا يعلم بها الإسرائيليون، واستلهمت الفكرة من اسم القرية بلعين (بلا عين ماء)، فالقرية بنيت ولم تكن هناك عين ماء فيها، والناس في القرية فعلا محرومون من توصيلهم مع شبكة المياه، ولفهم المشكلة بعمق قررت مع المنتج السويسري الذي عملت معه أن أعيش فترة في بلعين، فمكثت هناك شهرين ونصف الشهر لتصوير الفيلم، ومكثت أيضا بهدف مؤازرة السكان ودعمهم، وخلال تلك الفترة تعرفت على عماد، فقد حمل عماد كاميرته لتوثيق كل ما يجري في القرية لأنه آمن بأهمية التوثيق، واستطاع أن يطور مقدرته في التصوير، وتمت الاستعانة بالمواد التي صورها عماد في جلسات المحاكم، ونشر ما وثقه في اليوتيوب وعرض أيضا على شاشات التلفزيون، وقرر عماد بعد سنوات من التوثيق العمل على إنتاج فيلم عن بلعين وخاصة بعد إنتاج أفلام إسرائيلية وأجنبية عنها وجد أنها لا تمثل الواقع. وعرض عماد عليّ العمل معه بعد أن احتاج إلى شريك لإنتاج العمل، وبعد بحث مضن قام به عن تمويل، ووفرت جزءًا من التمويل للفيلم من خلال مشروع لتطوير السينما أقامه صندوق السينما الإسرائيلي وهو ممول من جهات أوروبية، وبدأنا العمل معا منذ العام 2009 (اشترت القناة الإسرائيلية الثامنة لاحقا حقوق عرض الفيلم على شاشتها). ودخلت شركة أليجاري الفرنسية شريكا ثالثا في الفيلم.
(*) س: هل ترددت في قبول الشراكة في إنتاج الفيلم؟
دافيدي: قبول العمل على الفيلم لم يكن فكرة سهلة، وقد توقعت أن أتعرّض إلى الكثير من الانتقاد ومن كلا الجانبين، لكن ما شجعني هو أن العمل على الفيلم سيكون من خلال قصة عماد الشخصية ووجهة نظره، ومن خلال ذلك يمكنني إيصال رسالتي عن الاحتلال إلى المجتمع الإسرائيلي والعالم، وأيضا من خلال وجهة نظره كفلسطيني، وفي نفس الوقت فإننا أمام قصة نجاح خاصة لشخص أفلح من خلال آلامه ومعاناته الشخصية في أن ينتج أمرا يساهم في تغيير الواقع ولو بصورة محدودة، لكنها مشجعة وتبعث الأمل خاصة الآن بعد أن شاهد الفيلم مئات الآلاف في العالم.
(*) س: ما هو عدد الساعات التي استعنتم بها لغرض إنجاز الفيلم؟
دافيدي: صور عماد حوالي 700 ساعة على مدار 5 سنوات واستعنا بــ200 ساعة أخرى لمصورين آخرين وأخذنا منها مشاهد كانت تنقصنا، لكن التصوير الأساس الذي اعتمدنا عليه أنجزه عماد. عملنا معا على إخراج وإنتاج الفيلم، وفي بداية عملنا عندما قررنا أن يكون عماد هو مركز الفيلم قام بتحديد المواد التي يمكننا أن نستعين بها بموجب السيناريو الذي حددناه للفيلم، وقام بتصوير مشاهد إضافية تخدم السيناريو الذي حددناه وتتعلق بحياته الشخصية، وقمت أنا فقط بتصوير المشاهد التي يظهر فيها عماد. وعلى مدار سنة ونصف السنة قمت بمَنتًجة الفيلم بعد مشاورات واجتماعات حولها أجريتها مع عماد، ثم سافرنا إلى باريس وهناك تولت منتجته مرة أخرى معدة فرنسية لأننا احتجنا إلى وجهة نظر خارجية.
(*) س: كيف كتب النص باللغة العربية؟ وكيف تم اختيار الموسيقى التصويرية التي طغا عليها صوت آلة العود؟
دافيدي: كتبت نص الفيلم باللغة الانكليزية، وقد استوحيته من خلال محادثاتي مع عماد وشاركنا سكان بلعين في أفكارهم، وقامت شابة فلسطينية بترجمته إلى العربية، وقرأ عماد النص بصوته لكنه غيّر أمورا كثيرة وأضاف عليه أمورا جديدة. واخترنا المقطوعات الموسيقية معا، إذ أحضر لي عماد مجموعة من الألبومات الموسيقية الفلسطينية، واستمعت لها، وبعد أن تشاورنا قررنا اختيار مقطوعات موسيقية لـ "تريو جبران"، والتي تكمن فيها خصوصية فنية جميلة وعميقة تتكرر وتتطور في نفس الوقت.
(*) س: كيف تعاملت مع فكرة العمل المشترك على الفيلم؟ ألم تتوقع أن توجه للفيلم تهم التطبيع بسبب وجودك في العمل؟
دافيدي: أدرك جيدا حساسية موضوع التطبيع بالنسبة للفلسطينيين، وأدركت جيدا التحديات التي نواجهها بسبب تعاوننا معا والتحديات التي نواجهها بسبب "الشراكة الإسرائيلية"، فهناك الكثير من المواد والأفلام السينمائية السابقة التي أنتجت عن القضية الفلسطينية وتستخدمها إسرائيل بغرض الدعاية لتعرض أمام العالم صورة كما لو أنها دولة منفتحة وديمقراطية، لكن في نفس الوقت كان يهمني وجود شركاء إسرائيليين لتمويل الفيلم حتى أتمكن من عرض الفيلم داخل إسرائيل بسهولة، وحتى أتمكن من عرضه في دور السينما وفي المدارس وعلى شاشات التلفزيون الإسرائيلية. نحن لا يمكننا أن نؤمن بأن إنهاء الاحتلال سيكون فقط عن طريق الولايات المتحدة ودول اوروبا أوعن طريق حركة المقاطعة أو أي ضغوطات خارجية أخرى، فكل هذه الأمور هامة وضرورية لكن يجب أيضا أن يكون هناك نشاط وحراك داخل إسرائيل نحو تحقيق السلام، ولا شك في أنك تلاحظين تراجع الولايات المتحدة عن التحرك في الموضوع عندما نرى رفضا داخل المجتمع الإسرائيلي له، لذا أجد حاجة إلى وجود طرق لخلق مثل هذه الشراكات والتي يجب أن تنفذ مع حذر شديد من وجود خطر للتطبيع واستغلال ذلك لغرض دعائي وترويجي لإسرائيل. وشاهدنا في الفيلم شخصيات إسرائيلية لكن انحصر دورها في سعيها للدعم من منطلق الالتزام الأخلاقي وليس بهدف تجميل صورتها وعرض صورة تخوض في قضية التعايش والتي يحب الأوروبيون عرضها في العادة أيضا، وأنا شخصيا لم أظهر في الفيلم لهذا السبب. نحن نجحنا من خلال الفيلم في تحقيق هذه الأهداف، وفي أن يقوم الفيلم بالتعبير عن موقف ناقد وقوي وفعال، وأن يحدث تأثيرات سياسية داخل إسرائيل وفي العالم.
(*) س: هل تعتبر مشاركتك في الفيلم وسيلة لتبرئة نفسك كإسرائيلي؟
دافيدي: أنا لم أعمل على الفيلم حتى أغسل مشاعر الذنب التي أحملها، أو حتى أبرئ نفسي كإسرائيلي، فأنا إنسان ملتزم بإحداث تغيير لإيجاد حل، أنا لا أومن بجدوى مشاعر الذنب. وسأنتهز فرصة هذه المقابلة كي أقول إن الاستمرار في إلقاء اللوم والتهم والتذنيب نحو الاسرائيليين من قبل الفلسطينيين لن يجدي نفعا ولن يجلب حلا، فالإسرائيليون يتمتعون بكونهم مذنبين ويحبون هذا، هم يشعرون بالذنب لفترة قصيرة ومن ثم يستمرون في حياتهم، وهذا أمر لا أسعى اليه، أنا أطمح في أن يقوم الإسرائيليون بتحمل المسؤولية وأن يقوموا بالمشاركة في الفعاليات والنشاطات الاحتجاجية من منطلق السعي لدعم القضية وإنهاء الاحتلال، وليس لتطهير أنفسهم من الذنب.
(*) س: كيف ترى إلى تناول الإعلام في إسرائيل للفيلم على أنه إسرائيلي؟ وما هو موقف المؤسسة الإسرائيلية منه؟
دافيدي: إن التصنيف الوثائقي في المهرجان لا يدرج اسم أي دولة، وما تم تناقله هو كلام مشوه أنتجه الإعلام الإسرائيلي حيث اهتم به مباشرة بعد الإعلان عن ترشيحه وجعل منه أمرا يفتخر به على النطاق الإسرائيلي خصوصا بعد ترشيح الفيلم "حراس التخوم". في نفس الوقت استغلوا كوني مخرجا إسرائيليا للإعلان عن هذا النجاح على أنه إسرائيلي مع تغاض تام عن الجانب الفلسطيني. هذا التصرف يمكن وصفه بالقبيح لكنه نموذجي واعتدنا على أن نجده في الإعلام الإسرائيلي. ومباشرة قمت أنا وعماد بالاعتراض على هذا التصرف وعلى محو القصة الفلسطينية للفيلم. لا يمكن إنكار وجود إنتاج إسرائيلي أو وجود مخرج إسرائيلي وأيضا يوجد إنتاج فرنسي، لكن بموجب تصنيف الأوسكار لا يتم التطرق لأي تمثيل دولي، لذا عندما سألوني هل تمثل إسرائيل؟ أجبت بالنفي وأني لا أمثل إسرائيل، فهذه هي الحقيقة. الأمر الثاني هو أن توجهي للعمل فيه لم يأت من موقع أمثل به إسرائيل، لا من ناحية افتخار، ولا من خلال تمثيل إسرائيل المسؤولة عن الاحتلال. صحيح أن الإعلام الإسرائيلي افتخر كثيرا بالفيلم، لكن المؤسسة الإسرائيلية لم تفتخر به فأنا لم أتلق أي اتصال من أي مسؤول أو جهة حكومية، وأعتقد أنهم لا يفتخرون به.
تلقيت تهديدات!
(*) س: تعرّض الفيلم لانتقادات إسرائيلية لاذعة منها ما اتهمته بأنه غير واقعي، كيف ترد على هذه الانتقادات والمواقف القاسية منه؟
دافيدي: تعرضت إلى العديد من الانتقادات الصعبة وحتى التهديد، فمباشرة بعد عرض الفيلم في فرنسا تلقيت رسالة تهديد، وتم نشر البروفايل الخاص بي في مواقع يهودية متطرفة في فرنسا وتلقيت العديد من التهديدات. أيضا تنوعت الردود والمواقف، من بينهم من يقول إن إقامة الجدار جاءت لحمايتهم، وغيرهم من يفكر أن الفيلم يمثل جانبا واحدا، وأرادوا أن نعيد إعداد الفيلم واستعراض وجهة النظر الإسرائيلية وهي المريحة لهم، ويؤلمهم جدا وجود مخرج إسرائيلي وضع كل مجهوداته حتى يمنح الفرصة لعرض الصوت الفلسطيني، ولذا هم يستصعبون مشاهدة الفيلم واستيعاب مضمونه. وحتى أمي التي تفتخر بالفيلم قالت لي إنها تستصعب مشاهدة أطفال يتم اقتيادهم للسجن. الفيلم في النهاية يعرض قصة عماد ونحن غير مجبرين على إضافة مواقف أخرى. مع ذلك، كانت هناك ردود إيجابية نالها الفيلم في إسرائيل وسمعتها كثيرا، فمثلا خلال أحد العروض في مدينة بئر السبع توجه إلي شخص متدين وقال لي: أنا آرائي يمينية لكن حين شاهدت الفيلم لا أعلم ما حدث معي... لقد قلبت حياتي ولا أعلم ماذا سأفعل الآن فعالمي انقلب. وهذا رأي قوي وهو لا يحدث كثيرا، لكنني أحترمه.
(*) س: ما هي المقولة الأقوى التي تجدها وتحبها في الفيلم؟
دافيدي: بالنسبة لي وبشكل شخصي أعتبر وأجد أن حديث عماد في نهاية الفيلم عن شفائه (من كونه ضحية) وعن التزام الضحية بأن تتعافى هما الأقوى في الفيلم، والمشاهد الإسرائيلي يستصعب هضم هذا الموقف، فهو معتاد على رؤية الفلسطيني يعبر عن معاناته وأنها أكبر من معاناة الآخر. أنا لا أناقش هذه الحقيقة وهذا الواقع الصعب، لكن الدخول في نقاش حول من يعاني أكثر لن يوصلنا إلى شيء، وحين يعرض الفيلم المعاناة التي مر بها عماد بصورة مباشرة ويقول بعدها أنه على الرغم من كل هذه المعاناة التي مر بها سيسعى لأن يشفى، كأنه هنا يقول لهم: أنا لا أهتم لكم، لكني سأستمر في المحافظة على صحتي العقلية، وأتجاوز كل المعاناة التي مررت بها بقوة وصمود. الإسرائيلي لا يمكنه الصمود أمام هذا الموقف، فسيقول بينه وبين نفسه بأن هؤلاء الأشخاص وعلى الرغم من المعاناة التي مروا بها ينجحون في الصمود وفي أن يحافظوا على الحس الإنساني في أنفسهم، ونحن ومع الألم والمعاناة التي نمر بها نستمر في ترديد واستعراض معاناتنا أمام العالم بأننا مساكين، مشددين في دعايتنا أمام العالم على أننا الضحايا الحقيقيون، وبسبب ما مررنا في المحرقة يسمح لنا أن نفعل ما يحلو لنا. أجد أن هذه النقطة هامة وتكشف التلاعب الدعائي الذي يستخدمه الإسرائيلي في تصوير نفسه كضحية، وهي من الممكن أن تثير حافزا للتغيير لدى المجتمع الإسرائيلي.
(*) س: ما هي قصة الشكوى التي قدمتها منظمة إسرائيلية للمطالبة بإلغاء ترشيح الفيلم لجائزة الأوسكار؟
دافيدي: إنها منظمة "أماجور"، وهي منظمة لعائلات ضحايا العمليات الانتحارية. وهذا مثال جيد لما ذكرته سابقا عن لعب دور الضحية دائما، فهذه العائلات فقدت أعزاءها لكنها بقيت في نفس المكان كعائلات ثكلى ولم تتجاوز محنتها ومشكلتها وتردد دائما قصتها أمام العالم، ولم تفكر مرة في التوقف عند هذه النقطة وأن تسعى قدما للشفاء من ألمها هي وجيرانها حتى يشفى الجميع من جراحه، ولقد قام أعضاؤها بإرسال عدة رسائل إلى الأكاديمية لإلغاء ترشيح فيلمنا، وترشيح فيلم "حراس التخوم".
(*) س: هل توقعت أن يترشح الفيلم للأوسكار؟
دافيدي: خلال السنة الماضية عرض الفيلم تقريبا في كل دولة في العالم، وانطلق في دور السينما في 12 دولة في نفس الوقت، وهذا الأمر يعتبر نادرا بالنسبة لفيلم وثائقي، وعرض أيضا على عشرات الشاشات التلفزيونية ونال أكثر من 30 جائزة كبيرة في كل قارات العالم، وليس من فراغ وصل إلى الأوسكار، وعرض في دور السينما في إسرائيل منذ شهر أيلول ونال جائزة في مهرجان القدس، وحضره آلاف من المشاهدين حتى الآن على الرغم من أنه ليس من السهل تقبله في المجتمع الإسرائيلي.
(*) س: ما هي توقعاتكم بخصوص الجائزة؟
دافيدي: نحن مقبلون على مواجهة مجتمع أميركي ومجتمع يهودي أميركي، وبطبيعة الحال فهو ليس مجتمعا متعاطفا مع الفلسطينيين، لكن الترشيح بحد ذاته هو إنجاز كبير، وعلينا أن نأتي مع توقعات متواضعة، فنحن لا ندرك ما الذي سيحدث .
جندي خدم في بلعين قال لي:
"الحقيقة أفظع مما عرضته"!
(*) س: هل وصلتك ردود ومواقف من قبل الجيش إزاء الفيلم؟
دافيدي: لا لم يصلني أي رد، لكن في بعض العروض يتوجه لي أحيانا جنود يقولون لي بعض الأمور. وفي أحد العروض والذي غضب خلاله الجمهور، توجه إلي جندي خدم في بلعين وقال: "أنت تعرض الحقيقة، وحتى أنها أفظع مما عرضته".
(*) س: كيف ترى أهمية الترشيح لجائزة الأوسكار؟
دافيدي: إن اهتمامي بالترشيح للأوسكار أو الجائزة هو بسبب ثلاثة أهداف وضعتها أمامي وحققت أحدها، وهو إجراء مقابلة مطولة مع عماد في عدد يوم الجمعة من صحيفة "يديعوت أحرونوت"- الصحيفة الأكثر انتشارا في الدولة، وقد حققنا هذا الأمر ونجحنا في عرض شخصية من النضال ضد الجدار تتحدث مع جمهور واسع وكبير، والأمر الثاني هو عرض الفيلم في أحد القنوات الكبيرة إما القناة الثانية أو القناة العاشرة كي يصل الفيلم إلى شريحة أكبر من الجمهور، والأمر الثالث، هو أن تقوم وزارة التربية والتعليم بالسماح لي بعرض الفيلم في المدارس. هذه الأهداف يمكن تحقيقها بسبب الترشيح للأوسكار، لكن سعادتي ستكون فقط في تحقيق هذه الأهداف وليس في الجائزة نفسها، والجائزة بدون تحقيق الأهداف لن تسعدني.
(*) س: لماذا أنهيتم الفيلم على شاطئ مدينة تل أبيب؟
دافيدي: قبل الجدار كان هناك مجال فضاء مشترك عاش فيه الجميع، وقد قسم الجدار هذا الفضاء إلى جهتين، لكن حين نرى جبريل بالقرب من شاطئ فإننا نتخيل كيف سيكون الواقع حين نرجع لنعيش في فضاء مشترك يتيح لجبريل إمكان الوصول إلى شاطئ البحر.