المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

بقلم: جدعون ألون

كما في كل سنة صادقت الكنيست بهيئتها الكاملة، الأسبوع الفائت، على طلب الحكومة تمديد سريان "حالة الطوارىء" القائمة منذ العام 1948. وكانت لجنة فرعية مشتركة للجنة الخارجية والأمن ولجنة الدستور والقانون والقضاء التابعتين للكنيست قد قررت، الأسبوع الماضي، تقديم توصية للكنيست بتمديد حالة الطوارىء لمدة نصف سنة فقط، تعبيراً عن احتجاج اللجنة إزاء تجاهل الحكومة لطلبات متكررة من الكنيست باستبعاد بعض القوانين والأنظمة من قائمة قوانين وأنظمة الطوارىء، والتي ليس لها إلا صلة عابرة بحالة الطوارىء.

يقول رئيس اللجنة الفرعية البرلمانية، عضو الكنيست حامي دورون (شينوي)، موضحاً: في كل سنة يأتينا ممثلو وزارة الدفاع وجهاز الأمن العام (الشاباك) ووزارة العدل واعدين باستبعاد تلك القوانين التي لم تعد ذات صلة بحالة الطوارىء، من لائحة القوانين والأنظمة لكنهم من ناحية عملية لا يفعلون شيئاً.

وأضاف دورون أن "الحكومة ببساطة تهزأ من الكنيست". وأردف: "في هذه المرة أوضحنا لهم بصورة قاطعة أننا لن نوافق على تمديد حالة الطوارىء سوى لستة أشهر فقط (لغاية 13 كانون الأول/ديسمبر من العام الجاري)، وإذا لم يقوموا حتى ذلك الموعد بتحويل تلك القوانين والأنظمة إلى قوانين عادية، فإننا لن نوافق على تمديد العمل بحالة الطوارىء".

هذا القرار اتخذ بإجماع أعضاء اللجنة تقريباً، باستثناء عضوة الكنيست زهافا غلئون (ميرتس/ ياحد) التي صوتت ضد القرار لكونها تؤيد إلغاء حالة الطوارىء إلغاءً تاماً.

وتقول غلئون إن "استمرار وجود حالة الطوارىء يشكل وصمة سافرة على جبين الديمقراطية الإسرائيلية وهذا أحد الأسباب التي تجعل إسرائيل غير منتمية للديمقراطيات البارزة في العالم ... فالصلاحيات الممنوحة للحكومة في نطاق حالة الطوارىء تعد غير مسبوقة". وأضافت أن "حالة الطوارىء" تحولت إلى أداة تلتف الحكومة بواسطتها على الكنيست، نظراً لأنها (حالة الطوارىء) تمكن الوزراء من وضع أنظمة دون طرحها على الكنيست للإقرار والتصديق.

وتكشف معاينة لائحة القوانين والأنظمة المشمولة في حالة الطوارىء وجود قوانين ليست لها أية صلة أو علاقة بالإعلان عن حالة الطوارىء، ومنها على سبيل المثال "قانون الإجازة السنوية" و"أمر براءة الإختراعات" و "قانون عمل القصّر" و "قانون ساعات العمل والراحة". علاوة على ذلك، ففي إطار "قانون مراقبة السلع والخدمات" الذي سن في العام 1957، هناك 131 أمراً بعضها مثير للسخرية.

أثناء تولي يوسي بيلين لمنصب وزير العدل (1999-2001) شرع هذا بتحرك استهدف إلغاء (أو على الأقل تقليص) لائحة قوانين وأنظمة الطوارىء، وعندما قدم اقتراحه للحكومة في تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 قال بيلين "أمامنا وضع مشوه، حيث لاتزال هناك حتى اليوم قوانين قد يكون نفاذها مريح لأية سلطة أو نظام حكم، لكنه لا مبرر لوجودها في كتاب القوانين. لاتزال الحكومة مخولة حتى الآن صلاحية وضع أنظمة وأوامر دون أية رقابة تقريباً، وهو ما يتيح لها امتلاك قوة هائلة لامثيل لها في أية دولة ديمقراطية في العالم".

واشار بيلين إلى أن قانون مراقبة السلع والخدمات يحتوي على لائحة أنظمة تجعل كل من يراها أو يقرأها يحسب أنه أمام كتاب سخافات اللامعقول ... وعلى سبيل المثال فإن الحكومة مخولة بالتدخل، بواسطة أوامر حالة الطوارىء، في أسعار البيض واستيراد الإسمنت، وأسعار تذاكر السينما وتنظيم سباق السيارات ...

في أعقاب مبادرة بيلين تم عام 1999 تشكيل طاقم في وزارة العدل برئاسة مساعد المستشار القانوني للحكومة، المحامي يهوشع شوفمان، كلف بدراسة وتفحص جميع القوانين القائمة بحكم الإعلان عن حالة الطوارىء. وقد أوصى الطاقم أمام الحكومة بإلغاء حالة الطوارىء المعمول بها في إسرائيل في غضون ستة أشهر على أن يتم خلال هذه الفترة بلورة (10) قوانين جديدة، تحل مكان تشريع الطوارىء، وخاصة المتعلقة بالشؤون الأمنية، كأمر منع الإرهاب، وقانون صلاحيات حالة الطوارىء (الإعتقالات) الذي يخول وزير الدفاع صلاحية الإعتقال الإداري لمشتبهين بتخطيط هجمات أو مساعدة منفذيها، وقانون صلاحيات التفتيش في حالة الطوارىء، الذي يخول أفراد شرطة "حرس الحدود" والحراس على مداخل مراكز التسوق ودور السينما تفتيش حقائب المرتادين لهذه الأماكن. ولكن في أعقاب سقوط حكومة إيهود باراك عام 2001 وما تبع ذلك من انتهاء لولاية بيلين كوزير للعدل، توقفت عملياً مبادرة الإصلاح في موضوع "حالة الطوارىء". ويقول شوفمان إنه "عندما دار الحديث عن إلغاء جزء من القوانين المشمولة بحالة الطوارىء، كان هناك وضع سياسي مختلف، إذ كنا نمر بفترة إتفاقيات أوسلو وكانت هناك حالة هدوء أمني. ولكن الوضع تغير مع اندلاع الإنتفاضة (الثانية) في أيلول/سبتمبر 2000. فالحكومة لا ترى اليوم أية إمكانية للتفكير بإلغاء حالة الطوارىء في ضوء الوضع الأمني السائد في البلاد، ولذلك فقد تغير كل سلم الأولويات في مجال التشريع. وفيما يتعلق بالأوامر المشمولة في قانون مراقبة السلع والخدمات، يقول شوفمان "لغاية ما قبل بضع سنوات أصدر بفعل القانون حوالي 170 أمراً، وبعد فحص تفصيلي تم إلغاء نحو (40) أمراً منها وتجري في الوقت الحالي دراسة تهدف إلى إيجاد إطار قانوني آخر للأوامر المتبقية".

ويعتقد عضو الكنيست دورون بأن الحكومة لا تعمل بالشكل المطلوب لإستبعاد القوانين التي لا توجد لها صلة بشؤون الأمن من هذه القائمة، ذلك لأن الوضع الحالي، كما يقول دورون، مريح أكثر للحكومة. وأضاف أن الحكومة تخشى كما يبدو من أنه إذا إضطرت إلى إعادة سن القوانين المشمولة حالياً في حالة الطوارىء فقد يطرح إدعاء بأن هذه القوانين تتناقض مع قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته.

وقال النائب دورون: في الجلسة التي عقدناها الأسبوع الماضي تصادمت مع المستشار القانوني لجهاز "الشاباك" الذي قال بأن استثناء – استبعاد – هذه القوانين سيشكل "ضربة لأمن الدولة". فقلت له إن مثل هذه الحجج والمزاعم طرحت أيضاً خلال المداولات التي جرت السنة الماضية، وإننا لا نقبل بهذه المبررات.

دولة في حالة طوارىء دائمة

في أيار من العام 1948 أعلن مجلس الدولة المؤقت عن وجود حالة طوارىء في الدولة، ولم يحدّد الإعلان بزمن. وكانت السلطة تضيف في كل سنة قوانين جديدة لحالة الطوارىء، لم تكن تطرح بتاتاً، لغاية العام 1996، للمصادقة عليها من قبل الكنيست. وفي عام 1996، وفي نطاق سن قانون أساس الحكومة الجديد (قانون الإنتخاب المباشر لرئيس الوزراء) تم التأكيد على أنه "إذا رأت الكنيست أنه توجد في الدولة حالة طوارىء فإنها مخولة، بمبادرتها أو بناء على اقتراح من الحكومة، بالإعلان عن حالة طوارىء. فترة سريان مفعول الإعلان ... لا تزيد عن سنة. الكنيست مخولة بالإعلان مجدداً عن حالة طوارىء بمقتضى ما ذكر".

وفي العام ذاته أدخل أيضاً تعديل على نظام الكنيست ينص على أنه يتعين على الحكومة أن تقدم الإقتراح للمصادقة عليه من قبل الكنيست خلال فترة لا تقل عن 60 يوماً قبل انتهاء موعد الإعلان، وذلك لتمكين لجنة مشتركة للجنة الخارجية والأمن ولجنة الدستور والقضاء من إجراء مداولات وتقديم توصية للكنيست بهيئتها العامة بشأن تمديد أو عدم تمديد حالة الطوارىء.

وتنقسم قوانين الطوارىء إلى قسمين أو مجموعتين: خمسة قوانين سريان مفعولها مشروط بوجود حالة طوارىء، و(11) قانوناً تكون صلاحيات الطوارىء المشمولة بها لاغية أتوماتيكياً عند إلغاء حالة الطوارىء.

قوانين المجموعة الأولى هي: أمر تمديد مفعول أنظمة الطوارىء (السفر للخارج)، قانون منع التسلل، قانون ترتيبات القضاء والإدارة، قانون تمديد مفعول أنظمة الطوارىء (مراقبة وسائل الملاحة المائية) وقانون تسجيل المعدات والتجهيزات وتجنيدها للجيش الإسرائيلي.

أما قوانين المجموعة الثانية فهي: أمر منع الإرهاب، قانون ترتيب وضع اليد على عقارات في حالة الطوارىء (مصادرة أراض وعقارات بملكية خاصة لأغراض أمنية)، قانون وسائل وأدوات الرماية (البنود 11 و 17)، قانون ساعات العمل والراحة (بند 11- (1))، قانون عمل القصر، قانون الإجازة السنوية (بند 62)، قانون مراقبة السلع الإستهلاكية والخدمات، قانون صلاحيات التفتيش في حالة الطوارىء، قانون صلاحيات حالة الطوارىء (الإعتقالات)، أمر الأضرار (صيغة جديدة، مادة 37/أ) وأمر براءة الإختراعات.

( عن "هآرتس"، ترجمة "مدار")

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات