في تحليل مستجد لخّص رئيس تحرير صحيفة "هآرتس"، ألوف بن، آخر الأفكار المعششة في رأس رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو حيال الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، فأشار من ضمن أمور أخرى إلى أنه يعارض التوصل إلى صفقة شاملة مع حركة حماس لإعادة المخطوفين الإسرائيليين في مقابل وقف الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع، ويبرّر موقفه هذا أكثر من أي شيء آخر بـ "الحاجة إلى تفكيك حركة حماس" ("هآرتس"، 29/12/2024).
منذ فترة طويلة يسود لدى معظم المحللين الإسرائيليين الاعتقاد بأن ما يوصف بأنه "التهديد الحوثي لإسرائيل" يستحق اهتمامًا خاصًا، ناهيك عن أنه يشكل تهديدًا ليس فقط لإسرائيل بل أيضًا لاستقرار الإقليم وحتى للاقتصاد العالمي، وأنه يزداد تفاقمًا بمرور الوقت.
ما زالت التحليلات التي تحاول استشراف الاتجاهات التي ستنحو إسرائيل نحوها في إثر السقوط المدوي لنظام بشار الأسد في سورية تتوالى، ويتعلّق معظمها بما يوصف بأنه "الشرق الأوسط الجديد" الذي يتم السعي لتكريسه من الآن فصاعداً. وبرز على السطح، خلال الفترة القليلة الفائتة، أكثر من أي شيء آخر، التقييم الذاهب إلى أن التقديرات السائدة في أروقة المؤسستين الأمنية والسياسية في إسرائيل تذهب إلى أنه في أعقاب إضعاف الجماعات التابعة لإيران في المنطقة وسقوط نظام الأسد، هناك فرصة استثنائية لضرب المنشآت النووية الإيرانية. ولذلك يواصل سلاح الجو الإسرائيلي زيادة استعداداته وجهوزيته لمثل هذه الضربات المحتملة في إيران.
(*) تمثلت أول ردة فعل إسرائيلية على إسقاط نظام الأسد في سورية في التباهي بأن ما ألحقته إسرائيل بـ "محور المقاومة" من ضربات عسكرية ماحقة يُعدّ بمثابة المساهم الرئيس في التأدية إلى هذا السقوط، وهو ما عبّر عنه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في التصريحات التي أدلى بها في منطقة الحدود مع سورية أمس الأحد، والتي اعتبر في سياقها أن هذا السقوط هو "بمثابة نتيجة مباشرة للضربات التي أنزلتها إسرائيل بكل من إيران وحزب الله، باعتبارهما الداعمين الأساسيين لنظام الأسد. وهذا أحدث ردة فعل متسلسلة في أنحاء منطقة الشرق الأوسط من طرف الذين يريدون التحرّر من هذا النظام".
ينبغي أن نعيد التذكير بأنه قبل أسبوع واحد من حلول الذكرى السنوية الأولى لاندلاع حرب الإبادة على غزة، التي بدأت يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أعلنت إسرائيل أنها دخلت إلى ما تصفها بأنها "مرحلة جديدة" من القتال تتسّم أساساً بتوسيع نطاق الحرب لتشمل الجبهة الشمالية، حيث شرع الجيش الإسرائيلي في شنّ ما قال إنها "عملية برّية مركزة" في جنوب لبنان، معلناً أنها ستركّز، في بدايتها، على البنى التحتية التي أنشأها حزب الله قريباً من منطقة الجدار الحدودي، تحضيراً لشنّ هجوم على المستوطنات والقواعد العسكرية الإسرائيلية الحدودية على غرار هجوم "طوفان الأقصى".
ما زال فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية التي جرت يوم 5 تشرين الثاني الحالي، يمنح أبواق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو حافزاً على التحليق بعيداً في كل ما يتعلّق بالتوقعات الإسرائيلية منه خلال ولايته الرئاسية الثانية التي سوف تبدأ يوم 20 كانون الثاني 2025.
ولعل الأمر المهم عند قراءة هذه التوقعات هو سبر الرغبات التي ينطوي عليها هذا التحليق حيال الواقع المرتبط بمصير الحرب على قطاع غزة ومستقبل القضية الفلسطينية وسائر القضايا الإقليمية وفي طليعتها الصراع مع إيران.
الصفحة 1 من 46