بالرغم من أن التقييم الإسرائيلي العام لنتيجة الحرب، التي شنتها إسرائيل على إيران والتي باتت تحمل عدة أسماء لعل أبرزها "عملية شعب كالأسد" أو "عملية الأسد الصاعد" و"حرب الأيام الـ12"، وانضمت إليها الولايات المتحدة التي قامت بقصف عدة منشآت نووية، ولا سيما منشآت فوردو ونطنز وأصفهان، يخلص في جلّه إلى أنها بمثابة انتصار له ما بعده إلا إن الثقة بأن تأثير هذا "الانتصار" على مستقبل القوة التي تمتلكها إيران تبدو متضعضعة نظراً إلى انعدام المعطيات بشأن الأضرار التي لحقت بتلك المنشآت، وذلك بموازاة الإجماع على أن نتيجة واحدة كان من المتوقع أن تُمنى الحرب بالفشل في تحقيقها وهي القضاء على البرنامج النووي الإيراني قضاءً مُبرماً.
لا تزال أنظار العالم مشدودة إلى ردة الفعل التي من المتوقع أن تُقدم عليها إيران في إثر انضمام الولايات المتحدة إلى الحرب الإسرائيلية العدوانية عليها، من خلال إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تنفيذ هجوم وصفه بأنه ناجح للغاية استهدف ثلاثة مواقع نووية في إيران هي منشآت فوردو ونطنز وأصفهان، الليلة قبل الماضية.
وبالرغم من الغموض الذي يسيطر على الموقف بوجه عام، من الواضح أن منطقة الشرق الأوسط قد دخلت مرحلةً جديدة، وأن الخطوات اللاحقة التي ستتخذها إيران والولايات المتحدة وإسرائيل لن تحدّد فقط مصير المواجهة الحالية، بل أيضاً مسار المنطقة برمّتها.
لليوم الرابع على التوالي تستمر اليوم (الاثنين) العملية العسكرية الهجومية واسعة النطاق التي أعلن عنها الجيش الإسرائيلي تحت مسمى "عام كِلافي" ["شعب كلبؤة"]، مشيراً إلى أنها تستهدف منشآت عسكرية ونووية تابعة للنظام الإيراني، وذلك بتوجيهات مباشرة من المؤسسة السياسية الإسرائيلية. وبموجب بيانات الجيش الإسرائيلي، جاءت العملية رداً على "العدوان المتواصل من طرف النظام الإيراني ضد دولة إسرائيل"، واستناداً إلى "معلومات استخباراتية دقيقة" تتعلق بسيرورة البرنامج النووي الإيراني.
تصدر بين الفينة والأخرى أوراق ومقالات تشفّ عن مواقف اليمين الإسرائيلي المتطرّف الذي يسيّر وجهة حكومة بنيامين نتنياهو الحالية ويمكن اعتبارها بمثابة شهادة على المسار الذي يتطلع لأن تنحو الحرب العدوانية ضد غزة نحوه في الوقت الحالي. وهو مسار يرتبط فقط بالسياقات التي تعني هذا اليمين المتطرّف، والذي لا يعتقد أن الحرب تحتضر، أو أنها تواجه أزمة مستعصية.
وبغية النمذجة على ما نقصد سنعرض بإيجاز، بادئ ذي بدء، آخر ما كتبته وزيرة شؤون الاستيطان أوريت ستروك من حزب "الصهيونية الدينية" في موقع "القناة 7" اليميني المتطرّف قبل ثلاثة أيام، حيث أكدت أن على إسرائيل تجنب ارتكاب "خطأين" في الوقت الراهن فيما يخص سيرورة الحرب ضد غزة (30/5/2025):
في يوم 1 نيسان 2025 سجّل رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق نفتالي بينيت حزباً جديداً تحت الاسم الموقت "بينيت 2026". وقبل ذلك تم عدة مرات صدور تبليغات بشأن عودة بينيت إلى حلبة السياسة الإسرائيلية. وفي أيلول 2024، أدلى بمقابلة إلى صحيفة "بيلد" الألمانية قال فيها إنه لا يستبعد العودة إلى السياسة الإسرائيلية، أو حتى الانضمام إلى ائتلاف مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، مؤكداً أنه مستعد لأن يكون في أي منصب يستطيع فيه إحداث تغيير.
مع استمرار الجدل الإسرائيلي الداخلي بشأن القدرة على إطاحة الحكومة الإسرائيلية الحالية التي تتألف، بحسب أوصاف عديد من المحللين، من "قيادة جامحة لا تعرف حدودها"، ومن "سياسيين متعطشين إلى السلطة نسوا لمصلحة مَن يعملون"، برزت على السطح مرة أخرى مسألة البديل المطروح من ناحية الجوهر.
وثمة تقديرات، سوف تبدي الأيام المقبلة ما إذا كانت صحيحة أم لا، بأن إسرائيل تقترب من تفكُّك الحكومة، ومن ثمّ التوجه إلى انتخابات جديدة. وهناك من يؤكد أن امتداد الحرب على قطاع غزة، إلى جانب الدفع قدماً بقانون الإعفاء من الخدمة العسكرية لمصلحة اليهود الحريديم المتشددين دينياً، يخلطان الأوراق، وهما من المؤشرات إلى أن الانتخابات باتت خطوة لا مفرّ منها.
الصفحة 1 من 49