عند تلخيص جولة المواجهة الأخيرة مع إسرائيل تطالعك الكثير من التحليلات الإسرائيلية، بما في ذلك تحليلات لأشخاص متخصصين في الشؤون الأمنية، لا تتماهى مع البيئة الرسمية المحيطة، السياسية والأمنية، وترى إلى الواقع بعينٍ ثاقبةٍ وتسعى لأن تنزع عنه أوراق التوت بغية كشف علله.
ونقصد بهذا الكلام سيلاً من التحليلات خلص في شبه إجماع إلى أن نتائج تلك الجولة من ناحية إسرائيل، حتى على الصعيد العسكري، لم تكن في المستوى الذي أرادته وعملت من أجل الوصول إليه. وزاد الصورة العامة لتلك النتائج كآبة، كما أشير في أكثر من تحليل، أن الجمهور العريض في إسرائيل بقي مُحبطاً من استمرار المقاومة في قطاع غزة في إطلاق الصواريخ، ومن عجز الجيش الإسرائيلي عن منع ذلك، ومن عدم تحقيق ما يوصف بأنه انتصار إسرائيلي واضح وقاطع. وبموجب أحد التحليلات، ففي الاستديوهات المفتوحة في قنوات التلفزة المتعددة اعتُبر كل إطلاق جديد لصواريخ المقاومة علامة على إخفاق الجيش الإسرائيلي في ضرب الفصائل الفلسطينية.
تناول تقرير الرقابة السنويّ 71 ب وهو القسم الثاني من التقرير السنويّ لمراقب الدولة في إسرائيل، نتائج الرقابة على الهيئات الخاضعة للرقابة في العام 2020، وبينها "تعامل السلطات في إسرائيل مع تحدّي الاستعداد لسوق العمل المتغيّرة، بتشكيلة واسعة من الأبعاد ذات الصلة برأس المال البشريّ للعمّال القائمين حاليّاً والعمّال المستقبليّين"، كما جاء في التقرير. وهو ينوّه خصوصا إلى التغيّرات في هذه الفترة خاصّة، في ظلّ وباء كورونا، وفي ظلّ التأثيرات الجوهريّة للوباء على احتياجات السكان في مجموعة منوّعة من المجالات.
كانت للإضراب العام الذي عمّ مدن الداخل بتاريخ 18 أيار 2021 تداعيات مهمة لا بد من الالتفات إلى بعضها. لا تقتصر هذه التداعيات على المستوى الاقتصادي وحسب، وإنما تنسحب أيضاً على رؤية الحكومة الإسرائيلية لمكانة الفلسطينيين، وجدوى دمجهم اقتصاديا. هذه المقالة تحاول أن تستشرف تداعيات الإضراب، في حال تكرر استخدامه كأسلوب نضالي مطلبي، على مساعي الحكومة الإسرائيلية لدمج المواطنين العرب في الاقتصاد الإسرائيلي.
لم تكن الادعاءات التي تناقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، سواء عن ألسن محللين أمنيين أو مسؤولين سياسيين إسرائيليين، بشأن "عجز الشرطة" عن مواجهة ومعالجة ووقف ما وصفته بـ "الاضطرابات وأعمال خرق النظام" التي شهدتها القرى والبلدات الفلسطينية في داخل إسرائيل، وفي مقدمتها المدن التي تسمى "مدناً مختلطة" وقد أصبح اليهود يشكلون فيها أغلبية السكان في أعقاب النكبة الفلسطينية - لم تكن تلك الادعاءات سوى ذر للرماد في العيون ضمن مسعى تعتيميّ على قرار الشرطة الواضح، والمتجسد بصورة لا يشوبها أي غموض في ممارساتها الميدانية التي ألقت الحبل على غاربه لقطعان المستوطنين المنقولين، في سفريات منظمة، من الضفة الغربية إلى داخل المدن الإسرائيلية ليعيثوا فيها اعتداءً وتخريباً ضد المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، تحت أبصار الشرطة وأسماعها دون أن تبذل الحد الأدنى من محاولة ردعهم، منعهم أو الحؤول دون تنفيذ اعتداءاتهم الإجرامية.
الصفحة 230 من 883