يتواصل الصّخب منذ ثلاثة أسابيع ولا ينتهي. تزعزعت أركان الدولة ليس بسبب الانفصال وليس بسبب قتل المتظاهرين ضد الجدار بل بسبب أغنية.
وكما جرت العادة لدى المسيحيين اعترفت نوعمي شيمر، عشية وفاتها، بالخطيئة الكبيرة التي ارتكبتها في حياتها: أغنيتها الأكثر شهرة، "يروشلايم شل زهاف" (القدس الذهبية)، ليست إلا نسخة عن أغنية تهليلية باسكية. لقد سمعت اللحن قبل سنوات من المطرب الإسباني باكو إبنز عندما قدّم عرضه في يافا.
نشرت صحيفة "هآرتس"، يوم الثامن من أيلول الجاري، في رأس صفحتها الأولى، نبأ مثيرا: "أطباء: عرفات مات من الإيدز أو من التسمم". الإيدز تصدّر المكان الأول.
طيلة عشرات السنين، خلال حياة ياسر عرفات، أدارت كل وسائل الإعلام الإسرائيلية، بإيحاء من الحكومة، حملة مركّزة ضد الزعيم الفلسطيني (كانت "هعولام هزيه" هي الاستثنائي الوحيد). مئات الملايين من عبارات الكراهية و"الشيطنة" كيلت على هذا الرجل أكثر من أي شخص آخر في جيله. إذا كان هناك من يعتقد بأن هذه الحملة ستنتهي بموت عرفات، فإنه مخطئ. هذه المقالة، بقلم آفي يسسخاروف وعاموس هرئيل، هي استمرار مباشر لتلك الحملة.
نجح فنيّ إيراني يدعى جلال الدين طاهري، كان يعمل في المفاعل النووي، في الهرب إلى أوروبا حيث كشف النقاب هناك عن برامج آيات الله لإنتاج الأسلحة النووية.
استقبل طاهري في مختلف أنحاء العالم استقبال الأبطال. اقترحت منظمات السلام ترشيحه للحصول على جائزة نوبل للسلام. الرئيس بوش رفع من شأنه وكال له المديح. أريئيل شارون دعاه لزيارة إسرائيل وللعيش فيها، حتى أنه كنّاه "عزيز أمم العالم". أعلنت آيات الله عنه خائنا، كافرا، صليبيا وصهيونيا.
هذه القصة هي من وحي الخيال. إلا أنها توازي قصة مردخاي فعنونو موازاة تامة، وهو الشخص الذي يرى فيه الإسرائيليون خائنا بغيضا. هذا الأمر يثبت أن الخيانة، مثلها مثل الإباحية، هي أمر يتعلق بالجغرافيا.
جرت مؤخرًا مظاهرة لحركات السلام الإسرائيلية الممأسسة لدعم خطة أريئيل شارون للانفصال. تردّدت أياما بالانضمام أو عدم الانضمام. ما زال ذلك يضايقني، والنقاش حول الموضوع لا ينتهي.
من المحتمل أن تكون أفضل طريقة لفحص الموضوع هي طرح التعليلات المؤيّدة والمعارضة
نبدأ بالتعليلات المعارضة:
أنا لا أصدّق شارون. دافيد بن غوريون، الذي أحب شارون بالذات، قال قبل 40 سنة إن شارون هو كذوب محترف. "لو تمكّن من التخلص من سيئاته، مثل عدم قول الصدق والانغماس في "القيل والقال"، لكان قائدا عسكريا يحتذى به"، هذا ما سجّله بن غوريون في يومياته بتاريخ 29 كانون الثاني 1960.
الصفحة 722 من 859