خصصنا الحيّز الأكبر من هذا العدد للتداعيات المترتبة على سنّ الكنيست الإسرائيلي، يوم 19 تموز 2018، لما يسمى "قانون القومية". ويُعرّف هذا القانون الأساس (دستوري) إسرائيل بأنها "الدولة القومية للشعب اليهودي"، ويمنح أفضلية للغة العبرية على اللغة العربية، وللاستيطان اليهودي، كما يمنح حصرية تقرير المصير في فلسطين لليهود فقط، ويعتبر القدس المُوحّدة عاصمة أبدية لإسرائيل.
أثارت مظاهرة الفلسطينيين في إسرائيل ضد "قانون القومية"، والتي جرت في تل أبيب مساء يوم السبت الأخير (11/8)، وكما كان متوقعا، موجة من ردود الفعل التهجمية والتحريضية من جانب أوساط اليمين الإسرائيلي، ممثليه وقادته.
يمكن القول إن خطوات الوزيرين ميري ريغف وأرييه درعي، أي الخطوة الحكومية الجامعة، بخصوص تقييد الحريات المدنية بذريعة قدسية يوم العطلة في إسرائيل، لم تبدأ بهذين القرارين تحديدا. فليس فقط أن هناك سياقاً عاماً واحدا لذلك، بل إن القضيتين العينيتين: ممارسة الرياضة ضمن الاتحادات والمنظمات، وفتح المحلات التجارية كالبقالات يوم السبت، سبق أن احتلتا مركز النقاش في السنوات الثلاث الأخيرة، أي في فترة الحكومة الراهنة.
تعود قضيّة الزجّ بعطلة السبت في قلب السياسة، أو بالعكس، للظهور مجدداً كلّ بضعة أشهر في إسرائيل. وفي جميع الحالات هي عودة لظهورها كعنوان سياسي وبالتالي إعلامي جارٍ، وليس كقضية تشهد تحولاً وتبدّلاً. فهي مسألة لا تغيب بالمرة في العمق، وربما لا تتغيّر، من حيث كونها عنصراً مبلوراً بفعل قوة المكمون الديني في بنية السياسة الإسرائيلية بأكملها. صحيح أن هناك انزياحات قليلة تتعلق بموقع ما أو ترتيب ما، ولكن الصورة العامة هي التالية: هناك إكراه دينيّ باسم عطلة السبت وفقاً للشريعة اليهودية، يُمنع بموجبه عدد من الخدمات الأساسية التي تمس بحقوق أساس، أبرزها على سبيل المثال حظر المواصلات العامة، ما يعني تقييد حرية وحق التحرك لعدد هائل من المواطنين ممن لا يملكون بديلا آخر.
الصفحة 406 من 883