أظهرت كتلة "أزرق أبيض" ورئيسها بيني غانتس في الأيام الأخيرة، حالة من التململ والامتعاض من نهج وسيطرة بنيامين نتنياهو على قرارات الحكومة، وظهر وكأن الأمر تهديد بحل الحكومة، رغم ضعف الكتلة في استطلاعات الرأي العام. وهناك شك بمدى جدية "أزرق أبيض". وعلى الأغلب فإن قرار حل الحكومة سيبقى بيد نتنياهو، الذي من المفترض أن يكون في حالة ارتباك حاليا، على ضوء استفحال انتشار كورونا، وهبوط حزبه الحاد في الاستطلاعات. ولكن حسابات نتنياهو الشخصية هي التي ستقرر في نهاية المطاف، وقد يصدر قراره في كل يوم من الآن، وحتى بضعة أشهر.
هل ستبدأ تظاهرات الاحتجاج ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والتي تطالبه بالاستقالة، سواء على خلفية تقديمه إلى المحاكمة بشبهة ارتكاب مخالفات فساد أو على خلفية فشل حكومته في مواجهة أزمة فيروس كورونا، تؤتي أكلها؟
هذا هو السؤال الذي يطغى على الكثير من التحليلات الإسرائيلية في الأيام القليلة الفائتة مع دخول هذه الاحتجاجات أسبوعها الـ15 واستقطابها للمزيد والمزيد من الإسرائيليين وبالأساس المتضررين من تداعيات الأزمتين الصحية والاقتصادية- الاجتماعية اللتين ترتبتا على تفشي فيروس كورونا وعلى الفشل في مكافحته.
قالت تقديرات جديدة صادرة عن مركز الأبحاث في بنك إسرائيل المركزي، في نهاية الأسبوع الماضي، إن الاقتصاد الإسرائيلي لن يدخل إلى مسار التعافي قبل نهايات العام المقبل 2021، وهذا على ضوء استفحال انتشار فيروس كورونا، إذ أن الوضعية الحالية في إسرائيل تعد من الأسوأ عالميا بعدد المصابين، من حيث عدد السكان. وبالرغم من ذلك فإن التقديرات ما تزال مختلفة بين ما يقوله البنك المركزي، الذي يقدّر بأن كلفة كل أسبوع إغلاق تصل إلى 9 مليارات شيكل (2.63 مليار دولار)، وبين تقديرات وزارة المالية التي تقول إن الخسائر هي 66% مما يطرحه البنك المركزي، ولكن كل المؤسسات المالية متفقة على أن البطالة ستقفز مع نهاية العام إلى 13.5%.
تثير القرارات التشريعية والسياسية الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية، بناء على التعديل القانوني الذي أقرّه الكنيست بأغلبية أصوات الائتلاف الحكومي، تنفيذاً لطلب الحكومة ورغبتها، جملة من الأسئلة والمعضلات الجوهرية التي تمس صميم كيان الدولة الإسرائيلية، لما تنطوي عليه من آثار وانعكاسات جوهرية وخطيرة على المستويين المتوسط والبعيد بصورة خاصة. ففي موازاة الجانب الاقتصادي وما فيه من غموض وأسئلة تحيط بمستقبل الاقتصاد الإسرائيلي، بكل فروعه وقطاعاته، جراء هذا الإغلاق الشامل المستمر، تشهد دولة إسرائيل هذه الأيام إحدى أعمق وأخطر أزمات الثقة التي عصفت بالدولة منذ
الصفحة 256 من 859