المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
"قرية السّلام" بديمونة: طروحات "عبرانية" استفزازية حول الانتماء الجمعي في إسرائيل.
"قرية السّلام" بديمونة: طروحات "عبرانية" استفزازية حول الانتماء الجمعي في إسرائيل.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1967
  • أنس إبراهيم

تعودُ بداية قصّة مجتمع الأفارقة العبرانيين الذين يعيشون في ديمونا [جنوب] داخل وخارج ما يُعرَفُ بـ"قرية السّلام Kfar Hachalom"، إلى قائدهم التّاريخي، بن عامي بن يسرائيل، الذي كان يُعرَفُ بـبن كارتر عندما كان يعيشُ في شيكاغو، أميركا، في ستّينيات القرن الماضي. كان بن عامي، أو بن كارتر آنذاك، عضواً في مجتمع الأفارقة العبرانيين المزدهر آنذاك في شيكاغو، ووفقاً لرواية الجماعة، فقد أتتهُ في العام 1966 رؤيا، عن طريق الملاك جبرائيل الذي قال له إنّ "مهمّته هي إعادة أبناء إسرائيل من الأميركيين الأفارقة إلى الأرض الموعودة". وفي العام 1967، هاجر بن عامي إلى ليبيريا، التي يقضِي قانونها بالسّماح لأيّ أميركيٍّ من أصل أفريقيّ يطلُبُ الهجرة/العودة إليها من أميركا بالعيش فيها. كان برفقة بن عامي ما يقارب أربعمئة أميركيّ أفريقيّ هاجروا برفقته من شيكاغو، وقد هاجروا إلى ليبيريا أوّلاً لأنّهم آمَنوا أنّ عودتهم إلى إسرائيل يجبُ أن تكونُ مُطابِقةً لكيفيّة خروجهم مِنها، وذلك يعني خُروجهم من إسرائيل، إلى أفريقيا، ومن ثمّ استعبادهم وخروجهم من أفريقيا عبر غرب أفريقيا [ليبيريا]، وهكذا فطَريق العودة تكون عبر ليبيريا ومن ثمّ إلى إسرائيل.

"كلُّنا نعرفُ أنّنا خرجنا عبر غرب أفريقيا في وقت تجارة العبيد"، يقول أمادييل بن يهودا، قائدٌ مجتمعيّ في ديمونا، "ينصُّ دستور ليبيريا على فتح الأبواب لأيّ أفريقيّ أميركيّ يريد العودة. تلك كانت تجربتُنا البرّية؛ مغادرة مصر الحديثة [أميركا]. لم نكن نستطيع العودة إلى إسرائيل في حالة العبوديّة التي كُنّا فيها، بكلماتٍ أخرى، بسبب حالة الانحطاط التي أُخْضِعنا لها، لم نكن نحبُّ أنفسنا، ولم يكن ثمّة طريقة لنتمكّن فيها من حبّ بعضنا البعض وهي ضرورة مهمّة لبناء أيّ مجتمع؛ كان لا بدّ لنا من نسيان ما عُلِّمناهُ في أميركا في عمليّة استغرقت عامَين ونصف العام في ليبيريا".

بحلول العام 1969، لم يتبقّ غيرُ 138 أفريقيا عبرانيّا برفقة بن عامي في ليبيريا، بينما مات البعضُ وقرّر آخرون العودة إلى أميركا. وفي العام 1970 سافَرَت المجموعة المتبقّية لأوّل مرّة إلى إسرائيل فيما سيعرَفُ لاحقاً بالموجة الأولى. في ذلك الوقت كانوا قادرين على دخول إسرائيل تحت مظلّة قانون العودة الإسرائيليّ، إلّا أنّ ذلك سيتغيّر لاحقاً، وسيواجه العبرانيُّون الأفارقة مشاكل في دخول إسرائيل وكذلك في البقاء فيها.

"بن عامي كان الشخصيّة المسيانيّة في ذلك الوقت"، يقولُ أمادييل، "تاريخياً، إن عُدت إلى الثقافة اليهوديّة ستجدُ أنّ فكرة المَشيّاح [المسيح المنتظر]، لم تكن تقتصرُ على فردٍ واحدٍ بعينهِ، على العكس من التأويل المسيحيّ. وقد كُلِّفَ بن عامي ببساطةٍ بمهمّة إعادتنا إلى هذه الأرض، وبفعله ذلك، أنبَأ بعودة عصر المشيّاح، ولم نعُد ننتظرُ شخصيّات مسيانيّة بعينها منذُ ذلك الوقت. كانت مهمّة بن عامي هي إعادة بعث الشّعب المسيانيّ، لم يكن يحاولُ أن يكون مخلِّصاً عالميّاً؛ كانت مهمّته تقتصرُ على أبناء إسرائيل. وقد أنجز تلك المهمّة خلال أعوامه الخمسين في خدمتنا، والآن نحنُ متجذّرون في هذه الأرض، ونُجسِّدُ نموذج الحياة المسيانيّة بشكلٍ ملموس، لا هناك في السّماء ولا في الآخرة، بل هُنا. نحنُ ممتنُّون لحضوره، وبطريقةٍ ما، نحنُ كلّنا بن عامي".

كان هناك المزيد من الأفارقة العبرانيين الذين التحقوا بمجتمع ديمونا إلى أن وصل عددهم تقريباً إلى 3000 عضو بحلول العام 1990، وما يقارب الـ5000 الآن. ولكنّ منحهم الحقّ في الإقامة في إسرائيل استغرق عشرين عاماً من التوتّر والصّراع ما بين مجتمع ديمونا والحكومة الإسرائيليّة بداية من العام 1970 وحتّى العام 1990. كثيرون منهم وصلوا إلى إسرائيل بعد تخلّيهم عن جنسيّتهم الأميركيّة حتّى لا تتم إعادتهم إلى الولايات المتحدة. في المقابل، عرضت الحكومة الإسرائيليّة منح الجنسيّة الإسرائيليّة لأعضاء مجتمع ديمونا إن هم وافقوا على التحوّل إلى اليهوديّة وفقاً للشريعة اليهوديّة [الهالاخاه أو الهالوخ، أي الشريعة اليهوديّة، وهي مجموع القوانين والإرشادات الدينيّة اليهوديّة والتي تشتمل على 613 وصيّة، وتعاليم التلمود والتعاليم الحاخاميّة المعروفة بالميتسفاه]، ولكنّهم رفضوا ذلك. في النّهاية تمّ التوصّل إلى اتّفاق بعد سنوات عديدة من الصّراع ما بين الحكومة ومجتمع الأفارقة العبرانيين، لكنّه لم يشتمل على التحوّل إلى اليهوديّة.

كان اعتقادهم أنّهم لو تحوّلوا إلى اليهوديّة، وفقاً لتعاليم الشريعة اليهوديّة في إسرائيل، فذلك سيعني أنّهم ليسوا حقّاً ما يدّعونه عن أنفسهم، أي العبرانيون من نسل العبرانيين الأوائل. لا يدّعي الأفارقة العبرانيون أنّهم يهود، بل هم يتجنّبون الدين المنظّم/الممأسس ويرونه كمصدر للشرور العظيمة في العالم. ولكنّهم يؤمنون أنّهم بصفتهم ينحدرون من الإسرائيليين القدماء، فعليهم التزام العيش في إسرائيل وأن يكونوا مصدر إرشادٍ للأمم الأخرى.

وهم بحسب اعتقادهم، يفعلون ذلك بطرق مختلفة؛ فهم يعيشون في مجتمع نباتيّ مستدام بشكلٍ كلّيّ. فالعيش بناء على حمية غذائيّة نباتيّة يعدُّ بنظرهم طريقة للعودة إلى "جنّة عدن"، إلى الوقت السّابق على إعطاء البشر حيوانات لأكلها، وإلى الوقت السّابق على قوانين الكاشير [الحلال]، والتي هي قوانين للنّاس السّاقطين من الجنّة، وهي قوانين لا يحتاجها الشعب المسيانيّ. وفيما يتعلّق بالزواج، فمعظم البالغين في مجتمع ديمونا يعيشون في زواجٍ أحاديّ، رغم أنّ هناك أقلّية من الرجال المتزوّجين بأكثر من زوجة واحدة، وهو سلوك توافقيّ ما بين الرّجل والمرأة لتقبل أن تكون إحدى الزوجات المتعددة.

إشكاليّات هويّاتية: ما بين مزرعة في تكساس والأرض المقدّسة

لم يكن رفضُ الثّقافة الأميركيّة وحسب ما أتى بالعبرانيين إلى إسرائيل، بل كان انخِراطهُم في عمليّة تفكير توراتيّة بأنفسهم وبمكانهم في العالم. "لقد أيقظنا بن عامي"، يقول إلياكيم، "لحقيقة أنّنا كُنّا في قبورٍ في أميركا. إن قرأت كتاب حزقيال 37، يقول: ’سأخرجكم من قبوركم وآتي بكُم إلى أرض إسرائيل’".

هناك نوع من التوازي ما بين الرواية العبرانيّة والصهيونيّة؛ فالحركتان ادّعتا أنّهما تحاولان وصلَ أتباعهما بتاريخٍ تآمر المجتمع الحديث لفصلهم عنه. فقد مكّنت الصهيونيّة مثلاً اليهوديّ الروسيّ أو الفرنسيّ من رؤية مصيرٍ وتاريخ شخصيّ لم يكن ممكناً له من قبل رؤيته لولا الرّؤية الصهيونيّة الاستعماريّة. وكذلك، علّمَ بن عامي أتباعه من هم حقاً، مالئاً بتعاليمه الفجوات في عمليّة إدراك الذّات التي لطالما وضعتهم في حالة قلقٍ دائمة؛ يقول أمادييل: "لم يكن منطقيّاً بالنّسبة لي أنّنا ظهرنا فجأة في مزرعة عبيدٍ [في أميركا]، التي عادة ما يبدأُ منها تاريخ السّود".

يرى كثير من العبرانيين دولتهم السّابقة، كمحطّة مأساوية في طريق الوصول إلى وطنهم الحقيقيّ، تماماً مثلما فكّر الصهاينة المستعمرون الأوائل بأوطانهم الأوروبيّة السّابقة، محطّة مأساوية في طريقة العودة إلى "الأرض الموعودة"، الأسطورة الصهيونية الشّهيرة التي أقنعَتْ يهود أوروبا أنّهم لن يتمكّنوا أبداً من التّصالح مع ذواتهم إلَّا من خلال تحقيق العودة إلى أرض إسرائيل التي فيها يستطيعون تكوين ذوات وطنيّة غير مرَضيّة وغير "خارجيّة" كما كانت دائماً في أوطانها الأوروبيّة.

في العام 2003 أكّدَ أريئيل شارون لأعضاء مجتمع ديمونا أنّهم سيحصلون على إقامة دائمة، فاتحاً بذلك الباب أمام انضِمامهم إلى الخدمة العسكريّة في العام التالي. لا يشعُرُ العبرانيون بأيّ أسَفٍ على خدمتهم العسكريّة في الجيش الإسرائيليّ، كما يقول أمادييل: "نحن مُسالمون، ولسنا سلميّون"، رغم أنّ الخدمة في جيش فصلٍ عنصريّ كما يعتقد بعض أفراد المجتمع لا تزال تثير الجدل في أوساط العبرانيين. وفي السنوات الأخيرة، شكّلت "قرية السّلام" محطّة انتخابيّة سياسيّة في إسرائيل، فقد زارها كلّ من بنيامين نتنياهو وكذلك إسحاق هيرتسوغ خلال انتخابات العام 2013. وكذلك تشكّل محطّة مهمّة لبعض السياسيين الأفارقة وأيضاً تعدّ حلقة وصل لإسرائيل مع بعض المجتمعات الأفريقيّة كغانا وأوغندا ودول غرب أفريقيا.

ورغم تطوّر العلاقات التي تجمع ما بين مجتمع العبرانيين والحكومة الإسرائيلية والمجتمع الإسرائيليّ، إلّا أنّ العبرانيين لا يزالون يميلون إلى طرح أفكار استفزازيّة عن الانتماء الجمعيّ لا تنسجمُ مع الليبراليّة المعاصرة. ففي مقابل رواية الدّولة الليبراليّة الأشكنازيّة اليساريّة التي أسسها حزب العمل وبن غوريون في العام 1948، والتي قامت واستمرّت على أُسس القوميّة الحديثة، الدّولة الحديثة والمُواطنة [اليهوديّة]، ثمّة رواية دينيّة مسيانيّة تتّخِذُ لنفسها مكاناً جنوب إسرائيل، في مكان وسط الصحراء، وتدّعي أنّها أشدُّ أصالة في هويّتها من تلك الهويّة الصهيونيّة اليهودية المُستحدثة. فقد عاش العبرانيون [الذين يرفضون حتّى أن يُسمُّوا باليهود] المعاناة التي عادوا بعدها إلى الأرض المقدّسة بحسب معتقداتهم ليخلقوا يوتوبيا أرضية مثاليّة تنسجم مع معتقداتهم. وكان مسيحهُم رجلاً كان موجوداً حقّاً، وأيضاً عرفه كثيرون منهُم في ديمونا. وتشكّل قصّته قصّة المجتمع نفسه، المجتمع الذي أسّس نفسه بنفسه، ويُوازي بروايته رواية الدّولة التأسيسيّة، مع فارقٍ أساس، البُعدُ الأسطوريّ الخالِصْ للرواية العبرانيّة، في مقابل بعدٍ دُنيويّ أشكنازيّ صهيونيّ يرفُضُ الاعتراف بما يعتقدُ العبرانيون، أنّه "العرقُ العبرانيّ الملوّن"، ويُصرُّ على أفضلية اليهودي الأوروبيّ على غيره من الذين يدّعون اليهوديّة أو يدّعون أنهم ينحدرون من نسل قبائل بني إسرائيل الضّائعة.

اليهودي الأسود وجذور العنصرية الصهيونية البيضاء

يعتقدُ أمادييل أنّ المُشكلة الأساسيّة في النّظر إلى العبرانيين الأفارقة تكمُنُ في إشكاليّة سابقة في نموذج النّظر الذي يستخدمه الأنثروبولوجيون والإثنيولوجيون بما يتعلّق بالأفارقة العبرانيين الإسرائيليين والتي يمكن تلخيصُها في خطأ الافتراض الأساس أنّ الإسرائيليين القدماء كانوا بيضاً. "ذلك خطأ وغير صحيح"، يقول، "لا يمكن أن يكون صحيحاً. إن كان ذلك هو الافتراض الذي تنطلق منه، فالسّؤال المتعلّق بنا سيكون دائماً: ما الذي [جعلناً سوداً]، تغيُّر أم تكيُّف؟ سيكون أيّ شيء عدا أنّنا بالفعل من نسل بني إسرائيل التوراتيين. وأنا ليس لديّ الكثير من الصّبر على هذه المسألة. بالنّسبة لنا، أن نكون عبرانيين، يعني أن نكون منارةً في وقتٍ فيه يحلُّ كلّ هذا الظلام على العالم. يجب أن تكون هناك حلول للمشاكل التي تواجه الإنسانيّة. وبالنّسبة لنا، الحلُّ لا يكمُنُ في التقنية، أو القوة العسكريّة، أو الاقتصاد، ولكنّه يوجَدُ في التنظيمات الثقافية الاجتماعيّة والتي تشتملُ على الحمية الغذائيّة وأسلوب الحياة". يعتقد أمادييل وغيره من العبرانيين أن هناك دماراً شامِلاً في الأفق، ويتمسّكون بالرواية التوراتيّة لتفسير وتأويل الحاضر: "كما في أيّام نوح، أو مصر القديمة، في كلّ المناطق التي شهدت صعوداً عسكرياً واقتصادياً هائلاً، كان هناك نداء أخيرٌ قبل حلول الدّمار، وذلك النّداء لم يكن للجميع، وآملُ أنّ أكون مفهوماً".

في العام 2014 مات بن عامي، مشياح [مسيح] الأفارقة العبرانيين، وكانت رؤيته قد تحقّقت على الأرض في ذلك الوقت. فبعد عقود من البقاء في الظلّ، كان هناك قبول من طرف الإسرائيليين بالعبرانيين كمواطنين، وكان لمجتمع ديمونا دور هامّ، ولو قليلاً، في إحداث تغيير على صعيد سياسات الحكومة الإسرائيليّة بما يتعلّق بمَن هو اليهوديّ ومن ينتمي للدولة اليهوديّة. كما يقول أمادييل: "على إسرائيل أن تجد طريقة لقبول الشقّ الداكن من العائلة [عائلة بني إسرائيل وقبائلها]، وهو الشقُّ الذي يتفوّق عدداً وأهميّة على اليهود الأوروبيين ذوي البشرة الفاتحة".

شكّل موت بن عامي في 2014 نقطة تحوّل في مجتمع ديمونا وكذلك لمجتمع الأفارقة العبرانيين الإسرائيليين على المستوى العالمي، إلّا أنّ موته لم يُضعِفْ المجتمع بل على العكس، ففي الوقت الحاليّ، يخدِمُ أبناء المجتمع من الجيل الرّابع في الجيش الإسرائيليّ [بفخر، كما يعلّق كثيرون من قادة المجتمع ودون أيّ تعارض ما بين وجهة النّظر المُسالمة والخدمة العسكريّة، والتي تُشيرُ إلى انغلاقٍ أيديولوجيّ ودينيّ مُطلق في تفكير الأفارقة العبرانيين بالعالم وبأنفسهم: من يستحقُّ الخلاص؟ هم، من هو اليهوديّ؟ هم: فبعضُ الأفارقة العبرانيين في أميركا يُشكِّكون حتّى في إمكانيّة أن يكون اليهوديّ أبيض أو غير أسود ويعتقدون أنّ قبائل بني إسرائيل الإثنتي عشر هم ملوّنون وليسوا بيضاً، وقد قام بعضهم بهجمات إرهابيّة على بعض المطاعم اليهوديّة في نيو جيرسي، والمملوكة ليهود بيضٍ أميركيين في كانون الأول 2019].

في إسرائيل، يعلّم مجتمع الأفارقة العبرانيين فوائد النظام الغذائيّ النباتيّ والزراعة العضويّة، وعدم النّظر إلى الغرب كنموذج يجب احتذائه في العيش. تقولُ "كنعانية"، إحدى العبرانيات اللاتي يسكنّ "قرية السّلام" في ديمونا: "هناك المزيد في قصّة القبائل الضّائعة، نحنُ نؤسس ملكوت الله على الأرض. كانت الهجرة إلى هذه الأرض جزءاً من رؤية نبوئيّة، لا لإعادة تأسيس أمّة في إسرائيل فقط، ولكن أيضاً كجزء من عمليّة خلاص العالم [يعتقد المسيانيون الصهاينة والإنجيليّون المسيانيون أنّ خلاص العالم لن يحلّ إلّا بعودة يهود الأرض إلى أرض إسرائيل – فلسطين]، أن تكون جزءاً من قبائل بني إسرائيل الضائعة هو أن تكون مُخلِّصاً. أيّ شخص يدّعي أنّه من نسل بني إسرائيل يجبُ أن يفكّر بهذه الطّريقة. لا يتعلّق الأمر فقط بإرث عبرانيّ أو الانتساب إلى أناسٍ من عصور قديمة، بل يتعلّق الأمر بالارتباط بثقافة خُلاصيّة ستحدُثُ تغييراً عالمياً. أيّ شيء آخر عاديّ وغير مهم".

إضافة إلى الأفارقة العبرانيين الإسرائيليين، هناك عديد الجماعات اليهوديّة أو العبرانيّة حول العالم التي تدّعي انتسابها إلى نسل بني إسرائيل أو قبائل بني إسرائيل الضّائعة، وهناك مبادرات كمبادرة ITribe، التي أنشأها الحاخام هاري روزنبرغ والتي تهدفُ إلى الوصول إلى مجتمعات الأفارقة العبرانيين حول العالم وغيرها من الجماعات والمبادرات. يقول روزنبرغ إنّ "جزءاً من عملنا هو وضع خارطة عالميّة لأماكن تواجد الأفارقة العبرانيين في أميركا الذين يعرّفون عن أنفسهم كأبناء إسرائيل، تماماً مثل ديمونا. لا نتحدّث عن الحق في العودة الآن أو التحوّل، فقط نحاول التواصل مع الجميع لخلق شبكة عالميّة لا علاقة لها بالدين في هذه المرحلة". للمبادرة حالياً تقريباً 300 مجتمع حول العالم، في جنوب أفريقيا، نيجيريا، باكستان، الهند، اليابان والصّين، جميعها في حالة اتّصال مع بعضها البعض وتهدفُ إلى الوصول إلى ما يقارب الـخمسين ألف جماعة عالمياً.

"لقد قلتُ من قبل"، يقول أمادييل "إنّك لو عدت إلى أوّل عبري، وهو أبراهام/ إبراهيم، فستجده كان مُطيعاً للتعليمات التي تلقّاها". و"نحنُ يهود، جذورنا القبليّة تعود إلى يهوذا، لكننا لسنا ممارسين لليهوديّة. هذا هو ما يُميّزنا". و"الرّوحانيّة هي المفتاح. نحن نستخدم التناخ ومجموعة متنوّعة من المصادر الأخرى للإلهام، لكنّ الحقيقة هي المحور المركزي لكلّ ما نلتزم به. يجب أن يكون هناك منطقٌ لكلّ شيء. ذلك ما يُشكِّلُ نمط حياتنا".

مصادر:
“African. Hebrew. Israelite”, Armin Rosen, Tablet Magazine:
https://www.tabletmag.com/sections/arts-letters/articles/african-hebrew-israelite
The Lost and Found Tribe, Ariel Dominique Hendelman, The Jerusalem Post:
https://www.jpost.com/magazine/lost-and-found-514965
Black Hebrew Israelites: What We Know About the Fringe Groupe, The New York Times:
https://www.nytimes.com/2019/12/11/nyregion/black-hebrew-israelites-jersey-city-suspects.html
The Lost Sheep of the House of Israel, The Times of Israel:
https://www.timesofisrael.com/the-lost-sheep-of-the-house-of-israel/

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات