لا يمكن النظر الى مشروع شارون للانسحاب من قطاع غزة ومن طرف واحد دون العودة الى «فلسفة الفصل العنصري» ومشروع جدار الفصل الذي بات قريباً من الانتهاء على طول مساره المتعرج في الضفة الغربية ومناطق القدس الكبرى. فالانسحاب الاسرائيلي المتوقع في مارس 2005 من طرف واحد من قطاع غزة وفق أجندة شارون، يأتي متكاملاً مع الانتهاء الكلي من اقامة جدار الفصل، وهروباً من الكتلة السكانية الفلسطينية الكبرى المتجمعة على أرض قطاع غزة. حيث يتواجد أكثر من مليون ونصف مليون مواطن فلسطيني على مساحة لاتزيد عن 360 كيلومتراً مربعاً، وجلهم من اللاجئين «كان يحلم رابين أن يصحو ذات يوم وقد أبتلعهم البحر وأبتلع معهم كامل قطاع غزة». وعليه فقد شكلت مسألة بناء الجدار الفاصل موضوع نقاش مستديم منذ فترة ليست بالقصيرة داخل الدولة العبرية قبل انطلاقة انتفاضة الأقصى والاستقلال الفلسطينية بسنوات، واتخذ هذا النقاش حالة من الاحتدام بين مختلف الكتل السياسية الإسرائيلية.
قدم المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية، ميني مزوز، أمس الخميس، لرئيس الوزراء الاسرائيلي، اريئيل شارون، تقريرا تضمن توصيات تم اعدادها في اعقاب صدور قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي بخصوص جدار الفصل العنصري الذي تبنيه اسرائيل في الضفة الغربية المحتلة. في الوقت ذاته أعلن رئيس المحكمة العليا، القاضي أهارون باراك، أن إسرائيل ليس في مقدورها أن تتجاهل قرار لاهاي، الأمر الذي اعتبرته أوساط قضائية "أهم قرار يصدر عن هذه المحكمة بشأن الجدار".
كشف النقاب في اسرائيل، امس، عن وثيقة سرية اعدها محققو جهاز الأمن العام (الشاباك) حول تفاصيل عملية تعذيب الأسير الفلسطيني حسام علي بدران والتي منعت المحكمة الاسرائيلية الكشف عنها منذ خمس سنوات. ورغم تحويل الوثيقة منذ اسبوعين الى المستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، للتحقيق فيها الا انه لم يرد عليها بعد. وتم كشف الوثيقة بالصدفة حيث وضعت بالخطأ في ملف تحقيق الاسير حسام بدران واطلع عليها محاميه لبيب حبيب فحولها الى اللجنة ضد تعذيب الاسرى وهي بدورها قدمتها الى المستشار القضائي للحكومة.
كتب أسعد تلحمي:
خرج رئيس الحكومة الاسرائيلية، أريئيل شارون، في إجازته السنوية، اليوم الخميس، يتصبّب عرقًا ويجرّ أذيال الهزيمة التي ألحقها به مؤتمر حزبه "الليكود" حين صوت معظم أعضائه ضد إقتراح ضم حزب "العمل" الى الائتلاف الحكومي الهش، ما أدخل الحلبة السياسية في دوامة شديدة وفي حال من الغموض وعدم اليقين. وعلى رغم إعلان مكتب شارون أن رئيس الحكومة سيواصل جهوده لتشكيل حكومة مستقرة وتنفيذ خطته السياسية، إلا أن كبار المسؤولين في "الليكود" حذروه من مغبة الالتفاف على قرار الحزب. ورأى أبرز المعلقين أن شارون لن يكون قادرًا هذه المرة على تجاهل أهم مؤسسات حزبه من دون أن يستبعدوا أن تقود التطورات الى تبكير موعد الانتخابات البرلمانية.
الصفحة 786 من 1047