شكّلت المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية حالة فريدة من نوعها، في مجال العلاقات الدولية، فهذه المفاوضات، مثلاً، تجري بين طرفين لا يعترف أحدهما بالآخر تماماً، بما لذلك الاعتراف من معنى قانوني وسياسي وأمني وتاريخي وأخلاقي. وهي تجري انطلاقا من رؤية مسبقة، لدى كل من طرفيها، بأن وجود الآخر سيكون على حساب وجوده، أو نفياً له.
تعريف ومدخل
تكبدت إسرائيل في حرب لبنان الثانية ثمناً باهظاً في الخسائر البشرية والأضرار الجسمانية والمادية وغيرها. في هذه الأثناء تنشغل المؤسسات العامة الإسرائيلية في استخلاص العبر مما حدث ومناقشة أسئلة لاذعة تدور حول ما نتج وحول ما زال متوقعاً أن ينتج عن تلك الحرب من تطورات وتداعيات.
في ذكرى "يوم الاستقلال" الأخير (24 نيسان 2007) أطلقت المنظمات الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة وابلاً كثيفاً من صواريخ "القسّام" وقذائف "الهاون" في اتجاه الأراضي الإسرائيلية. وقد بُرِّرت هذه الهجمة بالقول إنها جاءت رداً على مقتل ستة فلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة برصاص الجيش الإسرائيلي. في مساء اليوم المذكور تحدثت نشرات الأخبار في محطات التلفزة الإسرائيلية عن محاولة لاختطاف جندي إسرائيلي قيل أنها جرت تحت ستار وابل قذائف "الهاون" وصواريخ "القسّام".. عنوان نشرة الأخبار المركزية في محطة "القناة الثانية" ذكر بأنه "تم إحباط اختطاف جندي في غزة". وقد أذيع هذا النبأ على خلفية بث صور فيديو لنشطاء مسلحين من حركة "حماس"، يرتدون ملابس عسكرية، يخرجون من نفق وينقضون. لم يكن باستطاعة المشاهدين معرفة ما إذا كان الأمر يتعلق بصور أرشيفية لتدريب النشطاء، بثتها المنظمات الفلسطينية في قطاع غزة أم أنها صور لمحاولة الاختطاف التي قيل إنها وقعت في ذلك اليوم.
* الميزانية الأمنية الإسرائيلية تساوي ميزانيات دول غنية مثل كندا واستراليا وعلى مستوى الشرق الأوسط تساوي ميزانية مثيلتها في تركيا *
الصفحة 531 من 1047