اتهمت الإدارة الأميركية رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بإحداث أزمة سياسية في المنطقة ومنع استئناف عملية السلام في الشرق الأوسط، فيما طالبه نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، في اتصال هاتفي، بتليين موقفه حيال تجميد أعمال البناء في المستوطنات. وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الخميس – 17.9.2009، أنه في أعقاب فشل المحادثات التي أجراها المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، مع نتنياهو، خلال اليومين الماضيين، "اتهم الأميركيون نتنياهو، في اتصالات من وراء الكواليس، بأنه يحدث أزمة".
واضافت الصحيفة أن الأميركيين "حذروا من أن صبر إدارة (الرئيس الأميركي باراك) أوباما تجاه نتنياهو بدأ ينفذ"، وأن نتنياهو "عقّد الأمور عندما قرر المصادقة على بناء 450 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية وجعل العرب والفلسطينيين يطرحون مواقف متصلبة".
وكان ميتشل قد عقد لقاءين مع نتنياهو، أمس وأمس الأول، من دون تحقيق تقدم فيما يتعلق بمطلب تجميد أعمال البناء في المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، بعدما رفض نتنياهو ذلك في تصريحات أطلقها في عدة مناسبات خلال الأسبوع الأخير. وغادر ميتشل إسرائيل، أمس، متوجها إلى دول عربية على أن يعود، غدا الجمعة، ليعقد لقاء ثالثا مع نتنياهو. وقالت يديعوت أحرونوت إن ميتشل سيحاول "ابتزاز" مبادرات نية حسنة أخرى من العرب مقابل موافقة نتنياهو على تجميد الاستيطان علما أن الأخير أعلن أن التجميد سيكون جزئيا ومؤقتا.
ويبدو أن الأزمة الحاصلة تمنع عقد لقاء قمة ثلاثية تجمع أوباما ونتنياهو والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، على هامش افتتاح أعمال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الأسبوع المقبل. وأعلن نتنياهو،، أمس أنه سيتوجه إلى نيويورك حتى لو لم تنعقد القمة، لكنه قال إنه سيغادر قاعة الجمعية العامة عندما يبدأ الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، بإلقاء خطابه، معتبرا أنه "بنظرة تاريخية فإنه ليس صائبا أن أتواجد في قاعة واحدة إلى جانب رئيس إيران، والأميركيون فهموا قراري هذا بكل تأكيد".
من جهة ثانية أفادت صحيفة هآرتس بأن نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، هاتف نتنياهو، قبل أسبوع، وقبل مجيء ميتشل إلى المنطقة، وطالبه بتليين موقفه والموافقة على تجميد البناء في المستوطنات لمدة سنة لكي يوافق الرئيس الفلسطيني على الحضور إلى القمة. وقالت هآرتس إن الجهود الأميركية أمام كل من إسرائيل والفلسطينيين لم تسفر حتى الآن عن أية نتائج، ومحادثات ميتشل مع نتنياهو في اليومين الماضيين انتهت بالفشل.
ونقلت هآرتس عن مصادر سياسية في مكتب نتنياهو قولها إن الخلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة ما زالت عميقة "والفجوات كبيرة جدا" بين مواقف الجانبين. وأوضحت المصادر ذاتها أن الخلافات تتمحور حول عدة قضايا، هي:
1. الأميركيون يواصلون مطالبة إسرائيل بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية لمدة سنة بينما يوافق نتنياهو على التجميد الجزئي لمدة ستة شهور. وقالت هآرتس إن المطلب الأميركي بالتجميد لسنة نابع من رفض فلسطيني لحضور القمة الثلاثية قبل إعلان إسرائيل عن تجميد أعمال البناء في المستوطنات.
2. معارضة إسرائيل الإعلان عن أن الحدود المستقبلية بين إسرائيل والدولة الفلسطينية ستستند إلى حدود العام 1967، مع إجراء تعديلات، في إشارة إلى تبادل أراض، بينما يطالب نتنياهو بتعهدات أميركية فيما يتعلق ب"حدود آمنة" لإسرائيل، ما يعني رفضه الانسحاب من أجزاء واسعة في الضفة بينها غور الأردن.
3. يطالب نتنياهو بأن يكون إطار المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين وفقا لما طرحه في "خطاب بار إيلان"، الذي القاه في شهر حزيران الماضي، وتتمثل بدولة فلسطينية منزوعة السلاح واعتراف الفلسطينيين بإسرائيل "كدولة يهودية" وأن يواف،ق الفلسطينيون على أن أي اتفاق يتم التوصل إليه يجب أن يشكل نهاية المطالب الفلسطينية ونهاية الصراع.
4. تخشى إسرائيل من أن خطاب أوباما أمام الجمعية العامة "سيقوض" ما يعرف ب"رسالة الضمانات" التي سلمها الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش، لرئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، أرييل شارون، في العام 2004، وتعهد فيها بتأييد الولايات المتحدة لضم الكتل الاستيطانية في الضفة إلى إسرائيل وعدم عودة اللاجئين إلى داخل إسرائيل في أي اتفاق مع الفلسطينيين.
5. تعارض إسرائيل تحديد فترة المفاوضات بينها وبين الفلسطينيين للتوصل إلى حل دائم بمدة زمنية وأن يتم بعد عامين الإعلان عن قيام دولة فلسطينية. ويعتبر نتنياهو أنه وفقا لهذا المسار فإن "نتائج المفاوضات محددة مسبقا".
ونقلت هآرتس عن نتنياهو قوله في محادثات مغلقة، أمس، إنه لم يتم حتى الآن تحديد موعد لقمة ثلاثية، وأنه ليس واضحا ما إذا كان سيتم عقد قمة كهذه، وأن التقديرات في مكتب نتنياهو تشير إلى أنه حتى لو لم يتم عقد القمة في نيويورك، الأسبوع المقبل، فإنها ستنعقد بعد بضعة أسابيع في شهر تشرين الأول المقبل.