المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

هاجم وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، تقرير لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق حول الحرب على غزة، برئاسة القاضي اليهودي الجنوب أفريقي، ريتشارد غولدستون، فيما أفادت تقارير صحفية بأن إسرائيل تبذل في هذه الأثناء جهودا دبلوماسية وقانونية لمنع اعتقال قادتها ومسؤوليها في دول أجنبية بعد اتهامهم بارتكاب جرائم حرب. واعتبر ليبرمان في بيان صحفي عممه مكتبه، اليوم الخميس – 17.9.2009، أنه "تم تشكيل لجنة غولدستون بهدف تجريم إسرائيل بجرائم تم تحديدها سلفا. وأعضاء اللجنة لم يجعلوا الحقائق تربكهم، إذ أن غاية التقرير كان يهدف إلى تقويض صورة إسرائيل بواسطة دول لا تَرِد مصطلحات مثل حقوق الإنسان وأخلاقيات القتال في قواميسها" في إشارة إلى دول عربية وإسلامية تدعي إسرائيل أنها تقف وراء تشكيل اللجنة الأممية.

وأضاف ليبرمان، المتواجد حاليا في جولة في دول البلقان، أن "تقرير غولدستون يريد إعادة الأمم المتحدة إلى فتراتها الأكثر حلكة والتي أقرت فيها إن الصهيونية عنصرية". ورأى أنه "لا توجد للتقرير أية قيمة قانونية أو أخلاقية ولا يستند إلى حقائق، وهو يجرم كاتبي التقرير ومرسليهم أكثر مما يجرم إسرائيل، وسوف تستمر إسرائيل في الدفاع عن جنودها أمام هجمة النفاق والتزوير".

وبدأ نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني ايالون، أمس، بحملة دبلوماسية وإعلامية ضد تقرير لجنة غولدستون، والتقى مع سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، سوزان رايس، في نيويورك، وبحث معها موضوع التقرير والاتهامات التي تضمنها ضد إسرائيل. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن ايالون اعتباره أن "تقرير غولدستون هو محاولة خطرة للمس بمبدأ الدفاع عن النفس من جانب دول ديمقراطية ويمنح الشرعية للإرهاب". كذلك طالب أيالون بوجوب التعامل مع تقرير غولدستون مثلما تم التعامل مع قرار الأمم المتحدة رقم 3379، الذي ساوى بين الصهيونية والعنصرية، والذي تراجعت عنه الأمم المتحدة لاحقا.

من جهة ثانية قالت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم، إن إسرائيل بدأت بحملة دبلوماسية وإعلامية وقانونية ضد تقرير لجنة غولدستون بهدف "دفنه" ومنع وصوله إلى طاولة مجلس الأمن الدولي والمحكمة الدولية في لاهاي. وأضافت الصحيفة أن إسرائيل ستحاول تجنيد دول غربية "شريكة في الحرب ضد الإرهاب العالمي" إلى جانبها، وبين هذه الدول الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واسبانيا وايطاليا.

كذلك بدأ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في إجراء سلسلة محادثات حول الموضوع مع زعماء دول، كما أجرى الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيرس، ووزير الخارجية، ليبرمان، محادثات مشابهة.

وفي موازاة ذلك يجري العمل في إسرائيل على إعداد "ملف أدلة" بهدف دحض استنتاجات لجنة غولدستون بأن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب خلال الحرب على غزة ومن خلال مواصلة فرض الحصار على قطاع غزة. كما أن الجيش الإسرائيلي يعمل على إعداد تقرير مفصل يرد من خلاله على كل واحدة من الحالات التي يذكرها التقرير الأممي ويصفها بأنها انتهاكات فاضحة لقوانين الحرب والقانون الإنساني الدولي.

وستتركز الحملة الإسرائيلية على حلبتين، هما الأمم المتحدة والمحاكم في الدول التي تسمح قوانينها بمحاكمة متهمين بجرائم حرب. وتتطلع إسرائيل إلى منع وصول التقرير إلى طاولة مجلس الأمن الدولي الذي يملك صلاحية اتخاذ قرار بمحاكمة إسرائيل أمام المحكمة الدولية في لاهاي، وإبقاء التقرير على رفوف مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والتي أقرت تشكيل لجنة تقصي الحقائق. وتصف إسرائيل مفوضية حقوق الإنسان بأنها "هيئة مارقة تسيطر عليها دول مثل السودان والصومال وليبيا" التي تعتبرها إسرائيل دولا "راعية للإرهاب".

ونقلت يديعوت أحرونوت عن مسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الخارجية الإسرائيلية تعبيرهم عن قناعتهم بأنه حتى لو وصل التقرير على مجلس الأمن فإن الولايات المتحدة ستستخدم حق النقض "الفيتو" ضد أي قرار ضد إسرائيل.

ووفقا للصحيفة فإن التخوف الأكبر في إسرائيل هو من نظر محاكم في دول أجنبية في دعاوى ضد مسؤولين إسرائيليين، مثل رئيس أركان الجيش ووزير الدفاع ورئيس الحكومة، واعتقالهم فور وصولهم إلى تلك الدول ومنعهم من العودة إلى إسرائيل من أجل إجراء تحقيق معهم حول اتهامهم بارتكاب جرائم حرب. ولفتت يديعوت أحرونوت إلى أنه بإمكان رئيس أي دولة أن يدعي بأنه يتمتع بحصانة تمنع محاكمته لكن الصحيفة شددت على أن هذا الادعاء يصبح واهيا لدى الحديث عن اتهامات بارتكاب جرائم حرب.

وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من أن تقرير غولدستون لا يشكل دليلا في العملية القضائية إلا أن بإمكانه أن يشكل طرف خيط لجمع أدلة كما أن بإمكانه أن يشكل أساسا كافيا لمجرد اتخاذ قرار بفتح تحقيق ضد مسؤولين إسرائيليين.

من جانبه اعتبر المدعي العسكري العام الإسرائيلي، العميد أفيحاي مندلبليت، الذي زود الجيش بتوصيات قانونية أدت إلى تنفيذ عمليات عسكرية اعتبرها التقرير الأممي جرائم حرب، في حديث لصحيفة هآرتس أن "التقرير مغرض ومتطرف بصورة غير مألوفة ولا يستند على الواقع، وبعد قراءة أولية للتقرير يبدو أنه يتجوز بشكل فظ التفويض الذي تم منحه للجنة". وأضاف مندلبليت، الذي قرر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غابي اشكنازي ووزير الدفاع ايهود باراك أمس ترقيته إلى رتبة لواء، أن "التقرير يورد ادعاءات كاذبة ولا أساس لها وكأنه تم التخطيط للعملية العسكرية وتنفيذها بهدف المس عمدا بالسكان المدنيين وأنه تم تنفيذ عمليات خلال العملية العسكرية غايتها معاقبة السكان والمس بهم وإثارة الرعب بينهم".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات