تناقضت التقارير الإسرائيلية، اليوم الجمعة – 21.8.2009، حول مضمون لقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مع نائبه الأول ووزير الشؤون الإستراتيجية، موشيه يعلون، مساء أمس. لكن صحيفة هآرتس أفادت بأن نتنياهو وبخ يعلون بعد وصفه حركة "سلام الآن" والنخبة الإسرائيلية ب"الجرثومة".
وقالت هآرتس إنه في ختام اللقاء الانفرادي بين نتنياهو ويعلون أعلن الأخير إنه "أعترف بأهمية النقاش الديمقراطي ووجوب احترام الآراء الأخرى" وأنه لم يقصد توجيه انتقادات لسياسة الحكومة أو تجاه نتنياهو نفسه. وأضافت الصحيفة أن نتنياهو اتفق مع يعلون على أن يصدر الأخير بيانا للصحافة يوضح من خلاله أقواله ضد اليسار الإسرائيلي وعملية سلام بين إسرائيل والفلسطينيين خلال اجتماع لحركة "قيادة يهودية" اليمينية المتطرفة داخل حزب الليكود والتي كشفت عنها القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي، أمس الأول الأربعاء.
ونقلت هآرتس عن يعلون تشديده أمام نتنياهو على أنه "بصفتي عضوا في الحكومة ونائبا أول لرئيس الحكومة فإني شريك كامل في بلورة السياسة والمسؤولية الجماعية عن السياسة". وادعى أنه لم يقصد توجيه انتقاد للحكومة أو لرئيسها نتنياهو بصورة شخصية "وإذا تم تفسير الأقوال بشكل آخر فإني آسف على ذلك".
كذلك تراجع يعلون عن تهجمه الشديد على حركة "سلام الآن" المناهضة للاحتلال والاستيطان والنخبة الإسرائيلية في المحكمة العليا ووسائل الإعلام. وقال لنتنياهو "أريد أن أوضح أني أعترف بأهمية النقاش الديمقراطي المفتوح من خلال الاحترام المتبادل للآراء المتنوعة وهنا أيضا لم يتم تفسير أقوالي بصورة صحيحة وأنا آسف على ذلك".
لكن صحيفة يديعوت أحرونوت رأت أن نتنياهو وافق على أقوال يعلون بأنه تم إخراج أقواله من سياقها وقرر نتنياهو ألا يوبخه. وادعى يعلون، بحسب يديعوت أحرونوت، أن الشريط الذي عرضته القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي قد تم "طبخه" وعرضت أجزاء جمل من التي قالها وأنه "قصدت أن طريقهم (السياسية) هي مثل الجرثومة، لكني لم اقل أبدا عن إنسان كهذا أو ذاك أنه جرثومة".
وشددت يديعوت أحرونوت على أن نتنياهو قرر عدم توبيخ يعلون وعدم اتخاذ إجراءات ضده من أجل ألا يتسبب بمواجهة في قيادة الليكود وبشرخ في الحزب. ونقلت الصحيفة عن مقربين من نتنياهو قولهم إنه نادم على تجنيد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، يعلون، إلى صفوف الليكود وأضافوا أن يعلون "سبب لنفسه ولليكود حرجا وهذه لن تكون المرة الأخيرة".
وأثارت تصريحات يعلون خلال اجتماع "قيادة يهودية" انتقادات شديدة حتى داخل الليكود، وقال وزير المالية، يوفال شتاينيتس، الذي كان نشطا في "سلام الآن" وحتى أنه أصيب جراء إلقاء قنبلة على مظاهرة "سلام الآن" وأدت إلى مقتل عضو الحركة إميل غرينتسفايغ في العام 1983، إنه "أنا أيضا أعارض قسما من نشاطات سلام الآن وليس اقل من يعلون، لكني أعارض بشدة استخدام تعابير خطرة وشديدة مثل ’جرثومة’". لكن شتاينيتس اعتبر "أنني مقتنع بأن يعلون نادم في أعماق قلبه على هذا التعبير القاسي".
كذلك نقلت يديعوت أحرونوت عن أحد وزراء الليكود انتقاده لنتنياهو بسبب تجنيده يعلون إلى صفوف الليكود وأن "تفوهات يعلون لا تناسب حتى آخر عضو في الكنيست ويجلس في الصف الأخير". وطالبت جهات في المعارضة الإسرائيلية وحزب العمل، الشريك في الحكومة، نتنياهو بإقالة يعلون او إخراجه من هيئة "السداسية" التي تتخذ القرارات الهامة للحكومة الإسرائيلية.
وهاجم الصحفي في يديعوت أحرونوت، أوري مِسغاف، يعلون على خلفية تصريحاته وكتب في مقال نشره، اليوم، أنه "تم في الماضي إطلاق أقوال مشابهة. فقد قال يونا أبروشمي إن سلام الآن هم جراثيم، وذلك بعد أن قتل إميل غرينتسفايغ مباشرة".
وكتب كبير معلقي يديعوت أحرونوت ناحوم برنياع إن "بوغي يعلون أدمن على غضبه ووصف كل من لوى ذراعه أو اعترض على رأيه أو تجاوزه بأنه كاذب وخائن. وهو شخص تتحكم به الإهانات الموجهة له وطوال سنواته في الخدمة العامة لم يطور قدرة على الامتصاص وأخذ الأمور بصورة تناسبية، ولم يستوعب أن كل شيء في الحياة ليس أسودا وابيضا". وأضاف برنياع أن "الفلسطينيين وحكومات إسرائيل وزملائه في هيئة الأركان العامة خيبوا أمله، والتحول الحاصل في أفكاره السياسية لم تأت من رأسه وإنما من بطنه، فكل شيء عنده شخصي وعاطفي وكل شيء مشحون ومتفجر".
لكن برنياع أشار إلى أن "عزاء نتنياهو هو أن مواقف يعلون ستساعده على التوضيح لجورج ميتشل (المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط)، خلال لقائهما في لندن الأسبوع المقبل، مدى صعوبة تليين موقفه (تجاه مطلب تجميد الاستيطان)". وخلص برنياع إلى أن "يعلون لم يعتذر واكتفى بالقول إنه تم إخراج أقواله من سياقها. لكن الذي خرج من سياقه هو يعلون، ودون عودة".
وصف يعلون حركة "سلام الآن" الإسرائيلية المناهضة للاحتلال والاستيطان والنخب الإسرائيلية ب"الجرثومة" وقال إنه لا يخاف من الأميركيين الذين يطالبون حكومة إسرائيل بتجميد الاستيطان. وجاءت أقوال يعلون خلال اجتماع مغلق أمام وسائل الإعلام لحركة "قيادة يهودية" التي تعتبر الجناح اليميني المتطرف في حزب الليكود ويتزعمها موشيه فايغلين.
وردا على سؤال أحد الحاضرين في الاجتماع حول "ما الذي ينبغي فعله من أجل إنقاذ مستوطنة ومن خلال ذلك الدولة كلها؟"، قال يعلون "إننا منشغلون في هذه المسألة، إذ أن الجرثومة هم سلام الآن، وإذا أردتم النخب أيضا، لأن الضرر الذي يلحقونه كبير للغاية، وبالنسبة لي على اليهود أن يعيشوا في جميع أنحاء البلاد إلى الأبد" في إشارة إلى الضفة الغربية.
وقال فايغلين في بداية الاجتماع إن "أحد أسباب منع دخول وسائل الإعلام إلى الاجتماع هو أن يجري البحث بصورة حقيقية وصادقة". من جانبه هاجم يعلون وسائل الإعلام الإسرائيلية وقال إنها تمارس ضغوطا وبالتالي تأثيرا على نتنياهو. وبحسب يعلون فإنه "علينا أن نستمر بالقلق اليوم أيضا" بعد فوز اليمين بالانتخابات العامة الإسرائيلية وأن "للإعلام واليسار قوة تصل حد التأثير حتى على رؤساء الحكومات".
وقال ردا على سؤال "لماذا نحن نخاف من الأميركيين؟" إنه "لا أخاف من الأميركيين" وألمح إلى أن هناك وزراء داخل الحكومة الذين يخافون من الإدارة الأميركية. ورأى يعلون أن "ثمة أمورا علينا القول حيالها أنه كفى وحتى هنا. وعندما تقوم بأمور لست مقتنعا بها فإنك تدخل إلى منزلق وتتم ممارسة ضغوط عليك ويبدأ وضعك بالتدهور". ومضى يعلون أنه "عندما كنت رئيس لأركان الجيش قلت عدة مرات في هيئات مغلقة إنه في كل مرة يحضر فيها السياسيون حمامة السلام إلى هنا، يكون علينا نحن كجيش أن ننظف خلفها".
ويذكر أن يعلون تجول برفقة ثلاثة وزراء إسرائيليين آخرين في البؤر الاستيطانية العشوائية، الاثنين الماضي، وأعلن أن يجب دراسة إمكانية إعادة إقامة مستوطنة "حوميش" في شمال الضفة الغربية التي تم إخلاؤها في إطار خطة فك الارتباط في العام 2005 واعتبر أنه يحظر على حكومة إسرائيل إخلاء البؤر معتبرا أنها شرعية.
المصطلحات المستخدمة:
يديعوت أحرونوت, هآرتس, الليكود, الكنيست, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو, موشيه يعلون