المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • ارشيف الاخبار
  • 1102

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

 

تجري إسرائيل اتصالات دبلوماسية سرية حثيثة، في الآونة الأخيرة، بهدف منع اعتقال مجموعة من كبار المسؤولين فيها بمجرد وصولهم إلى اسبانيا. توجهت إسرائيل بطلب إلى اسبانيا يقضي بأن تمتنع الأخيرة عن اعتقال شخصيات إسرائيلية، على رأسها وزيري البنية التحتية، بنيامين بن اليعزر، والأمن الداخلي، أفي ديختر، لاتهامه بارتكاب جرائم حرب على ضوء ضلوعهم في اغتيال القيادي في حركة حماس صلاح شحادة و16 مدنيا آخر. وأفادت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الجمعة – 3.10.2008، بأن إسرائيل واسبانيا تجريان في هذه الأثناء اتصالات سرية في محاولة لتسوية تعقيدات سياسية نشأت في أعقاب تقديم دعوى قضائية إلى محكمة اسبانية تطالب بإصدار أوامر اعتقال دولية بحق سبع شخصيات إسرائيلية ضالعة في عملية اغتيال شحادة.

 

 

ويذكر أن الجيش الإسرائيلي استخدم في عملية اغتيال شحادة قبل ست سنوات قنبلة زنتها طن أسقطتها طائرة حربية على حي سكني في غزة وأدت إلى مقتل شحادة ومساعده و15 مدنيا بينهم 11 طفلا وأصيب عشرات المدنيين بجروح. وقبل ثلاثة شهور طلبت منظمة حقوق إنسان اسبانية من محكمة في مدريد إصدار أوامر اعتقال بحق الإسرائيليين الذين كانوا ضالعين في اتخاذ القرار بتنفيذ عملية الاغتيال، وهم رئيس الوزراء السابق، أرييل شارون، ووزير الدفاع الأسبق بن اليعزر، ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) السابق ديختر، ورئيس أركان الجيش الأسبق، موشيه يعلون، وقائد سلاح الجو الأسبق، دان حالوتس، والقائد الأسبق لشعبة العمليات في الجيش، غيورا آيلاند، وقائد الجبهة الجنوبية الأسبق، دورون ألموغ. وكان الموغ قد أفلت قبل سنتين من أمر اعتقال دولي صادر عن محكمة بريطانية عندما امتنع عن النزول من طائرة في مطار هيثرو في لندن خوفا من الاعتقال وعاد على متنها إلى إسرائيل.

 

وبحسب يديعوت أحرونوت، اليوم، فإن السلطات الاسبانية مررت مؤخرا مذكرة سرية إلى الحكومة الإسرائيلية تضمنت عدة أسئلة تتعلق بمعالجة هذه القضية، بينها شكل الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل ضد كل واحد من الشخصيات الإسرائيلية المتهمة، وما إذا كانوا يشغلون مناصب رسمية حاليا ويتمتعون بحصانة، وما إذا كانت إسرائيل قد اتخذت وسائل وقائية لمنع وقوع قتلى مدنيين خلال تنفيذ عمليات اغتيال. ورغم عدم اتخاذ السلطات الإسرائيلية أية إجراء ضد هذه الشخصيات الضالعة في عملية اغتيال شحادة وعشرات عمليات الاغتيال الأخرى، إلا أن السلطات الإسرائيلية تولي أهمية كبيرة للمذكرة الاسبانية وتقدر أن الأجوبة التي سترسلها إسرائيل ستؤثر على طريقة متابعة اسبانيا للقضية. وتتوقع إسرائيل أن تلغي السلطات الاسبانية الدعوى القضائية مثلما فعلت بريطانيا عندما ألغت دعاوى مشابهة ضد ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي.

 

وقالت يديعوت أحرونوت إن الادعاء المركزي الإسرائيلي سيكون أن هذه قضية نظرت فيها المحاكم الإسرائيلية وبينها المحكمة العليا. لكن المحاكم الإسرائيلية، بمن فيها المحكمة العليا، لم تصدر قرارات ضد الشخصيات الإسرائيلية، واعتبرت أن عملية الاغتيال جرت "خلال الحرب"، في إشارة إلى الانتفاضة. إضافة إلى ذلك سن الكنيست الإسرائيلي، مؤخرا، قانونا يمنع المحاكم الإسرائيلية من النظر في دعاوى يقدمها فلسطينيون للحصول على تعويضات بعد أن تضرروا من العمليات العسكرية الإسرائيلية بما فيها عمليات الاغتيال.

 

وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية قد طلبت من المسؤولين الإسرائيليين السبعة عدم السفر إلى اسبانيا بعد تقديم الدعوى، التي تطالب بإصدار أوامر اعتقال لدى وصولهم إلى أية دولة أوروبية. وتجدر الإشارة إلى أن اسبانيا هي إحدى الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وسنت قانونا يسمح بتقديم دعاوى إلى محاكمها ضد مجرمي حرب، كما أن هذا القانون ينظر إلى احتلال الأراضي الفلسطينية منذ العام 1967 على أنه جريمة حرب.

 

وأبلغت جهات سياسية إسرائيلية كلا من ديختر وحالوتس وآيلاند وألموغ بالامتناع عن السفر إلى دول أوروبية تحسبا من اعتقالهم لدى وصولهم إليها، على أثر اتهامهم بتنفيذ جرائم حرب ضد الفلسطينيين. ويذكر أن ديختر يعتبر واضع سياسة الاغتيالات بحق القياديين والنشطين الفلسطينيين عندما أشغل منصب رئيس الشاباك. وكانت أجهزة الأمن الإسرائيلية قد هرّبت يعلون من بريطانيا قبل سنوات قليلة، بسبب تقديم دعوى ضده إلى محكمة بريطانية خلال زيارته واتهمته فيها بارتكاب جرائم حرب.

 

وتفرض السلطات الإسرائيلية تعتيما على الاتصالات مع اسبانيا بهدف حل القضية بطرق دبلوماسية. ويضطلع في هذه الاتصالات الشاباك والجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع ووزارة العدل والسفارة الإسرائيلية في مدريد ومكتب رئيس الحكومة ومحامو المتهمين.

 

وفي أعقاب تقديم الدعوى للمحكمة الاسبانية، توجهت وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، إلى نظيرها الاسباني، ميغيل موراتينوس، وطلبت منه إجراء تدقيق في كيفية حل التعقيدات القضائية الحاصلة. ونقلت يديعوت أحرونوت عن ليفني قولها لموراتينوس إنه "يحظر أن يلحق ضرر بضباط في الاحتياط بسبب تقديم دعاوى سياسية ومعادية لإسرائيل، وأنا أطلب منك المساعدة لحل المشكلة". وهدد مسؤولون سياسيون إسرائيليون بأنه في حال أصدرت محكمة اسبانية أمر اعتقال ضد الشخصيات الإسرائيلية فإن هذا الأمر سيؤدي إلى أزمة في العلاقات بين الدولتين.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات