وزراء بارزون في الحكومة الإسرائيلية يبثون رسائل تهدئة إلى دمشق تنفي قطعاً أن تكون لإسرائيل نية في شن حرب على سورية. وقال مصدر إعلامي إسرائيلي حسن الإطلاع لـ"المشهد" إنه يتوقع أن يبقى "الملف السوري" متصدرًا للاهتمام السياسي والإعلامي إلى فترة طويلة على خلفية الأزمات الداخلية والتعقيدات المتعلقة بـ"الملف الفلسطينيّ".
سعى وزراء بارزون في الحكومة الإسرائيلية إلى بث رسائل تهدئة إلى دمشق تنفي قطعاً أن تكون لإسرائيل نية في شن حرب على سورية. في الوقت نفسه أبدت إسرائيل قلقها من الأنباء الأخيرة بشأن "قيام روسيا بتزويد سورية أنظمة دفاعية جوية متطورة".
وقال مصدر إعلامي إسرائيلي حسن الإطلاع لـ"المشهد الإسرائيلي" إنه يتوقع أن يبقى "الملف السوري" متصدرًا للاهتمام السياسي والإعلامي إلى فترة طويلة، على خلفية الأزمات الداخلية والتعقيدات المتعلقة بـ"الملف الفلسطينيّ".
وقد عاود الوزراء التحذير من أنّ أي "تفسير سوري خاطئ" لتصريحات وتحليلات إسرائيلية وللتدريبات العسكرية المكثفة، التي يواصل الجيش الإسرائيلي القيام بها في الجولان المحتل، قد يؤدي إلى مواجهات عسكرية بين الجانبين، "في وقت لا يعتزم أي منهما شن حرب على الآخر"، كما قال وزير الإسكان زئيف بويم.
ودعا المتحدثون نظراءهم إلى الكف عن "الثرثرة" بشأن حرب محتملة بين إسرائيل وسورية، في وقت نشرت صحيفة "هآرتس" أن دولتين عربيتين "صديقتين لإسرائيل" نقلتا للأخيرة تطمينات بأن سورية لا تنوي مهاجمة إسرائيل في الأشهر المقبلة.
واختار عدد كبير من الوزراء طرق "الملف السوري" في تصريحاتهم الأسبوعية لوسائل الإعلام العبرية، التي سبقت جلسة الحكومة الأسبوعية أول من أمس، الأحد. وقال وزير الداخلية مائير شيطريت إنه يجدر الكف عن الثرثرة عن سورية و"حان الوقت لتخرس كل الأصوات... لا نية لدينا أبداً في شن حرب على سورية". واستذكر الوزير العناوين الصاخبة من الأشهر السابقة التي تحدثت عن "حرب في الصيف المقبل" بين إسرائيل وسورية، وقال: "ها هو الصيف يوشك على الانتهاء ولم تندلع أي حرب".
وانضم بويم إلى شيطريت في دعوته إلى تهدئة الأجواء المتوترة، وقال إن الجيش الإسرائيلي مستعد للرد على أي سيناريو "لكن إلى جانب هذه الجهوزية يجب تفادي تفسير غير صحيح للتدريبات التي يقوم بها الجيش منذ عام على الحدود الشمالية قد يتسبب في سوء فهم".
ونصح وزير شؤون المتقاعدين، رافي ايتان، المسؤول السابق في جهاز "الموساد"، بتقليل الكلام عن الموضوع، وقال إنه يجب إرسال رسائل توضيحية لسورية "لكن ليس بلغة التحذير". واعتبر الحديث عن احتمال اندلاع حرب في الفترة القريبة مجرد "زوبعة في فنجان"، لكنه أضاف أنه على المدى البعيد "ثمة مشاكل عديدة سنضطر لمواجهتها وتكمن أساساً في إيران والعراق وسورية وحزب الله وحماس، ويجب الإعداد لمواجهة هذه الدول التي تحيط بنا".
من جهته، قال وزير شؤون البيئة، جدعون عزرا، إن الوضع على الحدود الشمالية هادئ، على رغم العديد من التصريحات غير المبررة، "لكن مع ذلك ينبغي على إسرائيل أن تكون مستعدة لمواجهة أي طارئ، وأنصح الجميع بالوثوق بأجهزة الاستخبارات والإصغاء إلى ما يقوله رئيس الحكومة في هذا الشأن بدلاً من الرسائل غير المبررة الصادرة عن أشخاص ليسوا مطلعين على حقيقة ما يحصل".
وقال وزير الصحة يعقوب بنيزري ان الرأي السائد في الحكومة يقضي بوجوب بث رسائل تهدئة لسورية، مضيفا: "صحيح أننا نحصن مواقعنا والسوريون أيضاً، لكن ذلك ينبغي ألا يقود إلى التصعيد".
وكانت صحيفة "هآرتس" أوردت في عنوانها الرئيس أول من أمس أن دولتين عربيتين "صديقتين" نقلتا الأسبوع الماضي للحكومة الإسرائيلية رسائل تؤكد أن سورية لا تنوي شن هجوم على إسرائيل. وأضافت أن مسؤولين من الدولتين العربيتين بلغوا نظراءهم الإسرائيليين أن التدريبات العسكرية السورية الأخيرة دفاعية، و"هي انعكاس للاستعدادات الدفاعية الإسرائيلية في هضبة الجولان خشية اندلاع حرب". وأضافت أن "الرسائل العربية" لإسرائيل هدفت إلى تخفيف حدة التوتر بين إسرائيل وسورية "حيال الانعكاسات المتوقعة على المنطقة بأسرها من حرب بين الجانبين". وتابعت أن البلدين العربيين، كما تركيا، يسعيان إلى إعادة دمشق وتل أبيب إلى طاولة المفاوضات.
جهود وساطة تركية
تجدر الإشارة هنا إلى أن صحيفة "هآرتس" سبق لها أن انفردت (يوم 16/8/2007) بنشر نبأ قالت فيه إنّ تركيا تبذل، في الآونة الأخيرة، جهود وساطة بين إسرائيل وسورية ترمي إلى تهدئة الأجواء والتخفيف من حدة التوتر بين البلدين. وتسعى تركيا حاليًا، بحسب الصحيفة، إلى حمل البلدين على اتخاذ خطوات لبناء الثقة فيما بينهما.
ويرى المسؤولون الأتراك في التصريحات الأخيرة لرئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، والرئيس السوري بشار الأسد جزءا من تلك الجهود لتخفيف حدة التوتر تمهيدا لمواصلة العملية السياسية. وقال المسؤولون الأتراك إن تبادل الرسائل بين الطرفين مستمر.
وأضافت "هآرتس" أن "تركيا تهدف حاليًا إلى إقناع إسرائيل ودمشق بالقيام بخطوات لبناء الثقة بينهما. وفي المرحلة القادمة ستسعى تركيا إلى ترتيب لقاءات بين مسؤولين من البلدين من أجل التوصل إلى اتفاق بين البلدين".
وقالت إن السلطات التركية ترى أن التوصل إلى مثل هذا الاتفاق يعد أكثر عمليا في المرحلة الراهنة وأكثر سهولة من أي اتفاق محتمل بين إسرائيل والفلسطينيين. وتعزو ذلك إلى أن الأتراك يعتقدون أن المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين تتطلب "اتفاقا إسرائيليا فلسطينيا حول الحدود، وموافقة عربية على حل قضية اللاجئين وموافقة إسلامية تتعلق بالأماكن المقدسة". وتنطلق الصحيفة من أن حل قضية اللاجئين سيكون عبر التوطين.
وتضيف الصحيفة: "في هذا السياق ترى تركيا التصريحات الأخيرة للرئيس الأسد إيجابية، لأنه امتنع عن ذكر الشرط القديم- استئناف المفاوضات من حيث توقفت- وعن الاعتماد على ورقة الضمانات التي سلمها إسحق رابين إلى وورن كريستوفر العام 1994" (يذكر أن إسرائيل تعهدت في هذه الوثيقة بالانسحاب الكامل من هضبة الجولان في مقابل علاقات سلام كاملة مع سورية).
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين أتراك قولهم إنه من الخطأ جمع سورية وإيران في قالب واحد، لأنه لا يوجد اتفاق تام بين دمشق وإيران حول كافة القضايا، بما في ذلك القضية الفلسطينية، والوضع في لبنان، وحول إمكانية التفاوض مع إسرائيل. والإثبات، يتابع هؤلاء المسؤولون، هو أنّ "إيران اعترضت على اتفاقية مكة في شباط الماضي التي وقعت بين حماس وفتح في جدة، وبالمقابل عملت سورية على إنجاحها وإقناع زعيم حماس خالد مشعل بالتوقيع على الاتفاق".
وتضيف الصحيفة الإسرائيلية: "تعترض تركيا على سياسة الولايات المتحدة التي تسعى إلى عزل سورية وحماس وإيران، وتعتقد أن هذه السياسة قد تدفع سورية أو حماس إلى دائرة تأثير إيران". وتتابع: "التقديرات في تركيا هي أن الظروف لم تنضج بعد للمصالحة بين حماس وفتح وأنه دون تعاون حماس لن يتمكن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، من عرض حل سياسي قابل للتطبيق. لذلك قررت تركيا الاستمرار في علاقاتها مع حماس بخلاف موقف إسرائيل والولايات المتحدة". وتنقل الصحيفة عن مسؤولين أتراك قولهم إن مواقف تركيا في هذه القضية تنطلق من المصلحة التركية والإقليمية، وأن أي جهة، بما فيها الولايات المتحدة، لا يمكنها أن تحدد سياسة تركيا.
وأكدت الصحيفة نفسها: "تعتقد تركيا أن المؤتمر الدولي الذي بادرت إليه الولايات المتحدة لا يمكنه أن يكون بديلا للمفاوضات المباشرة وأن المحاولات لاستبعاد سورية من المؤتمر يعمل ضد المصالح الإسرائيلية والأميركية لدفع العملية السياسية قدمًا". وتنقل عن مسؤولين أتراك قولهم: "في نهاية المطاف قد تقتنع الولايات المتحدة بصحة الموقف التركي كما اقتنعت في الماضي بضرورة الحوار مع إيران بشأن الوضع العراقي".
"أسلحة روسية متطورة إلى سورية"
إلى ذلك، تبدي إسرائيل قلقها من الأنباء الأخيرة عن قيام روسيا بتزويد سورية أنظمة دفاعية جوية متطورة. وذكرت عدة وسائل إعلام إسرائيلية أنّ صناع القرار في إسرائيل "يتابعون بقلق التسلح السوري". ويرى معلقون في الشؤون العسكرية أن حصول سورية على مضادات جوية متطورة قد يشكل رداً قوياً على الطيران الحربي الإسرائيلي الذي ترى فيه إسرائيل "ذراعها الطولى" في أي حرب في المستقبل، فضلاً عن أن مثل هذه الصواريخ قادرة على إصابة القواعد الجوية الإسرائيلية شمال إسرائيل.
ويضيف هؤلاء أن من شأن التسلح السوري أن يعزز موقع سورية في معادلة الصراع العربي - الإسرائيلي، هذا عدا عن مخاوف إسرائيلية من أن تصل الأسلحة المتطورة التي تحصل عليها دمشق إلى إيران أو إلى "حزب الله"، "مثلما وصلت الصواريخ المضادة للمدرعات التي اشترتها سورية من روسيا إلى عناصر حزب الله" وشكلت مفاجأة للجيش الإسرائيلي في حربه العام الماضي على لبنان حين نجحت هذه المضادات في تدمير عدد هائل من المدرعات الإسرائيلية.
المصطلحات المستخدمة:
الموساد, هآرتس, عزرا, رافي, رئيس الحكومة