*تقرير إسرائيليّ استخباراتي جديد: يوجد لحزب الله في جنوب لبنان حاليًا آلاف الصواريخ ذات مدى يتراوح ما بين 40 إلى 110 كيلومترات *المخزون الصاروخي الضخم الذي زودته كل من إيران وسورية لحزب الله يهدف إلى تمكين الأخير من استنزاف إسرائيل عندما يحين الوقت*
قال تقرير إسرائيلي استخباراتي جديد إن إنجازات قرار مجلس الأمن رقم 1701 تتآكل ولا "تشمل الضمانات الكافية لتوفير الهدوء والاستقرار الطويل الأمد في جنوب لبنان وفي لبنان بأسره". وأضاف أن "حزب الله قد يغيّر سياسة عملياته محاولا استعادة مكانته كـ "سيد الجنوب"، لدى انتهاء عملية إعادة تأهيله... وبعد إعادة تأهيل قوته العسكرية سيعود حزب الله ليضع تهديد الصواريخ في وجه الجبهة الداخلية الإسرائيلية على النمط المعروف (بل والمعدّل) لحرب لبنان الثانية".
وأشار هذا التقرير، الصادر يوم الأحد (19/8/2007) عن "مركز المعلومات حول الاستخبارات والإرهاب في مركز تراث الاستخبارات" الإسرائيلي، إلى أنّ قرار مجلس الأمن 1701 (اتخذ في 12 آب 2006) كان بمثابة "علامة تشير إلى انتهاء حرب لبنان وإيجاد واقع جديد في جنوب لبنان". ولدى انتقاله إلى التقييم المرحلي لتنفيذ القرار بعد مرور عام واحد على اتخاذه، ورد في التقرير ما يلي:
"من ناحية، انتشرت جنوبي الليطاني (لأول مرة) قوة كبيرة من الجيش اللبناني بمساعدة قوات دولية معززة من يونيفيل. إلى ذلك فقد حزب الله مكانته كقوة بارزة في جنوب لبنان وفرضت القيود على حرية عمله. ساد في جنوب لبنان هدوء نسبي. ويعمل حزب الله على إعادة تأهيل قوته العسكرية ويسعى للإطاحة بحكومة فؤاد السنيورة. وقد امتنع حتى الآن، في أطول فترة منذ إنشائه، عن القيام بعمليات ضد إسرائيل.
"من ناحية أخرى، فإن تطبيق القرار 1701 جزئي فقط ولم تطبق مكوناته الأساسية: لم يتم نزع السلاح في منطقة جنوب لبنان عن المنظمات الإرهابية، بما فيها حزب الله، إذ يواصل حزب الله بمساعدة إيران وسورية العمل على إعادة تأهيل قوته العسكرية ولم يتم فرض حظر على تهريب الأسلحة من سورية إلى لبنان بشكل ناجع. ولا يوجد هناك أي تقدّم ملحوظ في علاج قضية الجنديين الإسرائيليين المخطوفين.
"تتآكل إنجازات قرار مجلس الأمن 1701 ولا تشمل الضمانات الكافية لتوفير الهدوء والاستقرار الطويل الأمد في جنوب لبنان وفي لبنان بأسره. قد يغير حزب الله سياسة عملياته محاولا استعادة مكانته كـ "سيد الجنوب"، لدى انتهاء عملية إعادة تأهيله أو لدى تغيير منظومة اعتباراته واعتبارات إيران وسورية على الصعيد اللبناني الداخلي أو الإقليمي (على سبيل المثال، على ضوء الأزمة السياسية في لبنان أو أزمة إقليمية). وبعد إعادة تأهيل القوة العسكرية لحزب الله سيعود ليضع تهديد الصواريخ في وجه الجبهة الداخلية الإسرائيلية على النمط المعروف (بل والمعدل) لحرب لبنان الثانية".
وفيما يلي مقاطع مختارة أخرى من هذا التقرير المطوّل:
إعادة تأهيل البنية العسكرية لحزب الله في جنوب لبنان
- في السنة التي مرت منذ الحرب أعاد حزب الله تأهيل غالبية البنية العسكرية في جنوب لبنان (من جنوب وشمال الليطاني)، من خلال ملاءمة نشاطه مع الواقع الجديد الذي تكوّن في أعقاب انتشار الجيش اللبناني والقوات الدولية (اليونيفيل). ويتجسد هذا من خلال عدم وجود خط من القواعد على امتداد الحدود (مثلما كان حتى الحرب)، إخفاء نقل الوسائل القتالية والمواظبة على أن يتم نشاط أفراده بأقل صورة مرئية، دون مواجهات أو احتكاكات مع القوات الدولية (اليونيفيل) ومع جيش لبنان.
- في هذا الإطار:
1- حسب تقديراتنا، يوجد لحزب الله في جنوب لبنان (شمالي وجنوبي الليطاني) اليوم آلاف الصواريخ ذات مدى يتراوح ما بين 40 إلى 110 كيلومترات. يوجد جنوبي الليطاني المئات من القاذفات المضادة للدبابات والصواريخ المضادة للدبابات (يشمل ذلك مضادات متطورة للدبابات)، مئات الصواريخ الشخصية المضادة للطائرات، عشرات المدافع المضادة للطائرات وكمية كبيرة من العبوات الناسفة. معظم هذه الوسائل القتالية مخبأة داخل بلدات شيعية تدعم حزب الله.
2- حتى الآن، تنازل حزب الله عن تواجده في خط المواقع العسكرية الأول على امتداد الحدود. يعتمد حزب الله الآن على جمع المعلومات من بيوت المواطنين في القرى على امتداد الحدود (طريقة العمل التي تم الكشف عنها أثناء حرب لبنان الثانية).
3- جند حزب الله نشطاء تنفيذيين جددا لتعبئة الصفوف ولقنهم التدريبات (خسر التنظيم أثناء الحرب عددا كبيرا من نشطائه، حوالي 650 مقاتلا، معظمهم بجودة رفيعة). استعاد نشطاء حزب الله في جنوب لبنان نشاطهم المنتظم بشكل تدريجي. حسب تقديراتنا، يوجد جنوب الليطاني بضعة آلاف من نشطاء حزب الله (من بين ما مجمله أكثر من 10،000 ناشط يستطيع حزب الله تفعليهم أثناء الأزمة).
محاولات الجهاد العالمي تحويل جنوب لبنان إلى منطقة عمليات
- على خلفية امتناع حزب الله عن تنفيذ عمليات ضد إسرائيل برزت خلال السنة الأخيرة الجهود التي يبذلها الجهاد العالمي من أجل تحويل منطقة جنوب لبنان إلى منطقة عمليات ضد إسرائيل والقوات الدولية.
- في هذا الإطار، برز إطلاق الصواريخ من عيار 107 ملم باتجاه إسرائيل من قبل خلايا إرهابيين ترتبط بالجهاد العالمي (17 حزيران 2007). وقد أُطلقت الصواريخ من منطقة الطيبة- العديسة باتجاه مدينة كريات شمونة. وقد سقط صاروخان من بين الصواريخ في منطقة كريات شمونة (وألحقا الأضرار، لكنهما لم يخلفا إصابات بالأرواح) بينما سقط صاروخ فوق الأراضي اللبنانية، على مقربة من موقع القوات الدولية. وقد عثر الجيش اللبناني على صاروخ ثالث لم يتم إطلاقه. ولم تُكلل محاولات الجيش اللبناني للقبض على منفذي العملية بالنجاح. وقد أنكر حزب الله أي علاقة له بإطلاق الصواريخ. وفقا لتقديراتنا، فقد تم إطلاق هذه الصواريخ من قبل عناصر مرتبطة بفتح الإسلام، فرع القاعدة في لبنان، من أجل توجيه الأنظار إلى الجنوب والتخفيف من الضغط العسكري الذي يقوم به الجيش اللبناني على فتح الإسلام في مخيم نهر البارد للاجئين، شمالي طرابلس.
مدى الصواريخ التي كان يمتلكها حزب الله عشية حرب لبنان الثانية
- تجدر الإشارة إلى أن حزب الله لا يحاول مطلقا إخفاء ترميم بناه العسكرية الذي يتم القيام به على النقيض المطلق من قرار مجلس الأمن رقم 1701. ويمكن العثور على ترجمة لهذا من خلال الخطاب الذي ألقاه حسن نصر الله بتاريخ 16 شباط 2007، واعترف من خلاله بأن منظمته تتزود مجددا بالسلاح وأنها تنقل سرا الوسائل القتالية إلى جنوب لبنان. في الفترة الأخيرة، وفي مقابلة مع قناة الجزيرة (23 تموز 2007)، تفاخر حسن نصر الله بأنه خلال حرب لبنان الثانية، لم يكن هناك مكان في إسرائيل، بما في ذلك تل أبيب، لا يستطيع حزب الله ضربه. ووفقا لأقواله، يوجد اليوم أيضا لدى حزب الله صواريخ قادرة على الوصول إلى أي هدف فوق الأراضي الإسرائيلية.
امتناع الحكومة اللبنانية عن معالجة المواضيع الأساسية في قرار 1701
- أدت حرب لبنان الثانية إلى تسريع النضال السياسي حول هوية لبنان ما بين المعسكر المتطرف (على رأسه حزب الله الذي يحظى بدعم كل من سورية وإيران) وبين المعسكر المعتدل الداعم للغرب ("معسكر 14 آذار" المدعوم من قبل الولايات المتحدة، الغرب والمعسكر العربي المعتدل). استقطب هذا النضال السياسي الحكومة اللبنانية برئاسة فؤاد السنيورة إلى داخله. حكومة لبنان التي كانت غارقة في نضال سياسي من أجل بقائها، أظهرت من خلاله قدرة تحمل وتصميم مدهشة، فضلت عدم الدخول في مواجهة مع حزب الله حول تطبيق القرار 1701. كما أن المجتمع الدولي عادة لا يظهر تلهفه لمتابعة المواضيع الجوهرية لقرار مجلس الأمن 1701.
- في الأشهر الأولى بعد الحرب وجهت ضد حزب الله اتهامات حول المسؤولية عن القتل والتدمير الذي لحق بلبنان في حرب لبنان الثانية، عن الضربة القاسية التي تكبدها الاقتصاد اللبناني وعن استمرار وجوده كقوة مسلحة في جنوب لبنان. زادت هذه الاتهامات من إدراك حزب الله لضرورة زيادة تأثيره السياسي على الساحة اللبنانية الداخلية وإلى إضعاف تأثير معسكر معارضيه. في أعقاب ذلك، تمحور نشاط حزب الله في الحلبة السياسية اللبنانية الداخلية على محولة الإطاحة بحكومة فؤاد السنيورة بطرق وأساليب متنوعة (ترك الحكومة، مظاهرات شعبية، الإضرابات الصامتة وحتى بعض المواجهات العنيفة محدودة النطاق). لم تنجح هذه المحاولة إلا أنها خلقت وضعا سياسيا مهزوزا صعّب على الحكومة اللبنانية التعامل مع المواضيع الجوهرية لقرار مجلس الأمن 1701.
- في مقابل التهاون في التعامل مع حزب الله، فقد أبدت الحكومة اللبنانية أسلوبا صارما في التعامل مع فتح الإسلام، فرع القاعدة في لبنان، وذلك اعتمادا على دعم لبناني داخلي واسع النطاق. وقد أدخلت الحكومة اللبنانية (لأول مرة) قوات كبيرة من الجيش اللبناني إلى مخيم اللاجئين نهر البارد شمالي طرابلس، معقل فتح الإسلام، في مجهود لاجتثاث التنظيم من المخيم، وذلك من خلال توجيه قوات الجيش وصب الاهتمام على "الشمال" وليس على الجنوب. غير أنه ليس واضحا إطلاقا وعلى ضوء الثمن الباهظ الذي تمخض عن الهجوم على نهر البارد (أكثر من 100 قتيل في صفوف الجيش اللبناني) ما إذا كانت حكومة لبنان ستواصل جهودها من أجل اجتثاث معاقل الجهاد العالمي أيضا في مناطق أخرى في لبنان.
خرق قرار مجلس الأمن 1701 من قبل إيران وسورية
- تمت إعادة تأهيل البنية العسكرية لحزب الله بمساعدة مكثفة من إيران وسورية بشكل مخالف تماما لقرار مجلس الأمن 1701. يوجد لدى كلتا الدولتين اهتمام واضح بتقوية حزب الله ومن خلاله دفع مصالحهما في لبنان وفي المنطقة بأسرها. حسب منظور كل من إيران وسورية فان البنية العسكرية المحسنة لحزب الله في لبنان هدفها تمكينه من البقاء دفاعيا إلى جانب الإمكانية الهجومية ضد إسرائيل والتي سيتم تفعيلها عندما يحين الوقت حسب المصالح الإيرانية والسورية.
- المخزون الصاروخي الضخم الذي زودته كل من إيران وسورية لحزب الله يهدف إلى تمكين حزب الله من استنزاف إسرائيل عندما يحين الوقت، من خلال الاستهداف المتواصل للتجمعات السكانية في العمق الإسرائيلي وبالدمج مع العمليات الإرهابية. في السنة الأخيرة لم تشجع إيران وسورية حزب الله على تجديد الهجمات ضد إسرائيل من أجل تمكينه من مواصلة عملية إعادة تأهيله دون تشويشات أو عقبات، وربما أيضا بسبب الخوف من استعمال "تهديد الصواريخ" مرة أخرى قبل أوانها مثلما حصل في حرب لبنان الثانية. لكن اعتبارات إيران وسورية قد تتغيّر بحسب التطورات على الساحة الإقليمية.