يخشى رئيس الحكومة الإسرائيلي، إيهود أولمرت، والجيش الإسرائيلي تقريرا حول الاعتناء بالجبهة الداخلية أثناء حرب لبنان الثانية، يتوقع أن ينشره مراقب الدولة الإسرائيلي، القاضي المتقاعد ميخائيل ليندنشتراوس.
وقدم قائد الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي، اللواء إسحق غرشون والمحامية الرئيسية للجيش الإسرائيلي، أورنا دافيد، الاثنين 5/3/2007، التماسا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية ضد مراقب الدولة ورئيس لجنة مراقبة الدولة في الكنيست، عضو الكنيست زبولون أورليف، وطالبا بإصدار أمر يمنع مراقب الدولة من نشر ملخص التقرير خلال اجتماع للجنة البرلمانية. وقد أجلت المحكمة النظر في الالتماس، فيما أعلن المراقب أنه سيكتفي بعرض عام للتقرير.
ويطالب الملتمسون بعدم نشر تقرير مراقب الدولة قبل منح الجيش الإسرائيلي وقائد الجبهة الداخلية، الذين يتعرضون لانتقادات شديدة في التقرير، فرصة لقراءة التقرير والردّ على الانتقادات التي يتضمنها. واعتبروا أن النشر هو "عمل غير قانوني يمس بحقوق أساسية لكل من يوجه التقرير انتقادات ضده ويمس بسلطة القانون وبثقة الجمهور بمؤسسة مراقب الدولة وجهوده".
وفي المقابل يطالب الملتمسون بأن يتم عرض التقرير من دون أن يشمل استنتاجات تتضمن انتقادات من أي نوع لم يمررها مراقب الدولة لفحص أمني، بشكل يمنع نشر أمور يمكن أن تلحق ضررا بأمن إسرائيل.
يشار إلى أن أورليف كان قد أرسل، الأسبوع الماضي، دعوة إلى ليندنشتراوس لحضور اجتماع للجنة هذا الأسبوع "بما أن مكتب المراقب أشرف على إنهاء التقرير واستخلاص العبر من نتائجه".
من جانبه بعث أولمرت برسالة شديدة اللهجة إلى رئيسة الكنيست، داليا ايتسيك، اتهم فيها ليندنشتراوس بتسريب معلومات من التقرير إلى وسائل الإعلام وصفها أولمرت بأنها "معلومات كاذبة". واعتبر أن ليندنشتراوس يرتكب بذلك "مخالفة جنائية".
ورغم أن أولمرت رفض المثول أمام محققي مكتب مراقب الدولة ولم يرد على أسئلة مكتوبة بعث بها إليه ليندنشتراوس، إلا أنه طالب بعدم نشر التقرير من دون أن يعقب على ما جاء فيه.
ويوجه تقرير مراقب الدولة إلى أولمرت انتقادات شديدة أهمها عدم إعلانه عن أن إسرائيل في حالة حرب، إلا في وقت متأخر.
استنتاجات تقرير المراقب
ونشرت صحيفة "هآرتس" بعض استنتاجات تقرير مراقب الدولة حول الإخفاقات المركزية في أداء السلطات الإسرائيلية والتي تبين إهمال الجبهة الداخلية أثناء الحرب.
وتبين أنه في النصف الأول لفترة الحرب لم تضع السلطات الإسرائيلية حلولا للنقص الحاصل في المواد الغذائية في مناطق شمال إسرائيل، فيما قامت الجمعيات الاجتماعية بدور الحكومة وزودت عشرات آلاف المواطنين بوجبات طعام وذلك من دون وجود جهة تعمل على تنظيم توزيع الغذاء.
وأضاف التقرير أنه في مناطق معينة مكث مواطنون في ملاجئ طوال أيام الحرب الـ33 من دون أن تكون هذه الملاجئ صالحة لمكوث البشر فيها، وذلك رغم التحذيرات المتكررة قبل الحرب من وجوب تحسين حال الملاجئ، كما كان هناك عدد كبير من الملاجئ الصغيرة قياسا بعدد المواطنين الكبير الذين لجأوا إليها إضافة إلى عدم إجراء أعمال صيانة فيها.
كذلك لم تضع الحكومة والجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي خطة منظمة لإخلاء السكان من الأماكن التي تتعرض للقصف، في حين وفرت جمعيات غير حكومية حلولا مع مساعدة جزئية من السلطات. وقال التقرير في هذا السياق إن عمليات الإخلاء كانت انتقائية وتم خلالها "تفضيل مقربين".
وحول العلاج الطبي أثناء الحرب قال التقرير إن ثلث المواطنين المصابين لم يتلقوا العلاج في الوقت المناسب وتم إهمال المواطنين المتواجدين في الملاجئ. كما أنه كانت هناك مشاكل في إشراف وزارة الصحة على صناديق المرضى التي تدير العيادات الطبية التي تبين أن جزءا منها قد فشل في القيام بمهامه.
وتطرق التقرير إلى توزيع الجرحى إلى المستشفيات وتبين أن معظم المصابين بجروح خطيرة تم نقلهم إلى مستشفى "رامبام" في حيفا علما أن هذا المستشفى بعيد نسبيا عن البلدات في شمال البلاد حيث يوجد مستشفيان في صفد ونهريا. وقال أطباء كبار إن نقل هؤلاء الجرحى إلى "رامبام" قلل من احتمال حصولهم على العلاج الطبي المناسب.
ووجد مراقب الدولة أن وزير الدفاع الإسرائيلي، عمير بيرتس، قرّر عدم الإعلان عن حالة طوارئ، الأمر الذي كان من شأنه أن يؤدي إلى تنسيق العمليات التي تنفذها الهيئات المختلفة.
ران كوهين: أولمرت يعمل على كسر الديمقراطية ومبادئ القانون
من جانبه رأى عضو الكنيست ران كوهين، عن حزب ميرتس، في حديث خاص لـ"المشهد الإسرائيلي"، إن قرار مراقب الدولة بنشر التقرير هو "قرار صائب، لأن واجبه يحتم عليه وضع التقرير أمام الكنيست بأسرع وقت ممكن". وأضاف: "لقد ترأست لجنة مراقبة الدولة في الكنيست مرتين وهذه هي مبادئ مراقبة الدولة. وإنّ الذي لا يتصرف بالشكل الصحيح بصورة مطلقة هو رئيس الحكومة. قد تكون بعض أقوال قائد الجبهة الداخلية صحيحة لكن فيما يتعلق برئيس الحكومة فإنه لا يستطيع بأي حال منع نشر التقرير. فهذا رئيس حكومة قرر خلال أربع أو خمس ساعات شنّ حرب. وهذا ما فعله في الحرب الغبية الأخيرة. ولا يمكنه القول إنه لا يستطيع الرد على أسئلة مراقب الدولة وهو ملزم بذلك، فهذا واجبه القانوني، وكذلك عليه إبداء الاحترام لمراقب الدولة. ورئيس حكومة يمس بهذا الشكل الفظ بمراقب الدولة هو رئيس حكومة يعمل على كسر الديمقراطية الإسرائيلية ومبادئ القانون".
(*) "المشهد الإسرائيلي": هل يمكن تفسير معارضة أولمرت لنشر التقرير بأنها دليل على أنه يخشى شيئا؟
- كوهين: "برأيي أنه يخشى أمرين على الأقل. الأمر الأول هو أن هناك ما يريد إخفاءه ويخاف أن يكشفه مراقب الدولة. والأمر الثاني هو أن أولمرت يخشى أن يشكل التقرير أساسا لتشكيل لجنة تحقيق رسمية بدلا من لجنة فينوغراد التي عينها بنفسه".
(*) هل يخشى أولمرت أن يؤثر تقرير مراقب الدولة على تقرير "لجنة فينوغراد" الذي يتوقع صدوره بعد أسبوعين؟
- كوهين: "لا شك في أنه إذا كان هذا التقرير خطيرا، فإنه لن يمكّن لجنة فينوغراد من الخروج باستنتاجات مخففة".
(*) كيف ترى ما يحدث في إسرائيل من ناحية الفساد وترويج الأكاذيب، وكيف سيؤثر هذا على دولة إسرائيل؟
- كوهين: "قبل حوالي 40 سنة، بعد حرب الأيام الستة، انسحبت من صفوف حزب مبام الذي كان شريكا في الحكومة وقلت إننا ملزمون بالخروج من احتلال الأراضي الفلسطينية بسرعة، وإلا فإن هذا سيدمرنا من الناحية الأخلاقية وطهارة القيم وسوف يُفسد الدولة. وهذا ما حدث بالضبط. لا يمكن أن نكون شعبا محتلا وأن نتمتع بالديمقراطية وطهارة القيم. إن تأثير الاحتلال هو تأثير قاتل. وهذا التأثير يلقي بظلاله على الحكم ورأس المال والتعليم والسلطات المحلية... على كل شيء. وأعتقد أن علينا أن ندرك أنه طالما لا نخرج من الاحتلال فإننا لن نتمكن من إشفاء المجتمع الإسرائيلي".
(*) وما هو دور المعارضة في هذا الوضع؟
- كوهين: "بكل تأكيد هناك دور للمعارضة. عليها أن تدافع عن مراقب الدولة أمام دكتاتورية الحكم وإلزام رئيس الحكومة والحكومة بكشف نتائج التحقيق أمام الكنيست. وهذا ما نفعله".
المصطلحات المستخدمة:
مراقب الدولة, هآرتس, لجنة مراقبة الدولة, الكنيست, رئيس الحكومة, عمير بيرتس