المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • ارشيف الاخبار
  • 904

تباينت الاراء في اسرائيل الرسمية والشعبية ازاء محاولة الاغتيال الارهابية التي قامت بها حكومة ارئيل شارون في غزة مستهدفة الدكتور عبد العزيز الرنتيسي احد كبار قادة حماس، الذي تتهمه الاوساط الامنية والاستخبارية بأنه ""المسؤول الفعلي عن الجناح العسكري في حماس"، خلفا لصلاح شحادة، الذي اغتالته اسرائيل في غزة قبل شهور. وكشف امير اورن، المحلل العسكري في "هآرتس" (11 حزيران" ان قرار الخروج الى تنفيذ محاولة الاغتيال تم بضغط من رئيس الوزراء شارون وبتشجيع من وزير الدفاع موفاز، اللذين طالبا بانتهاج "بدائل عملية ضد حماس"، بعد عملية معبر بيت حانون التي قتل فيها اربعة جنود اسرائيليين. وذلك على رغم ان قرار الاغتيال كان جاهزا منذ شهور.

 

وكتب "الوف بن" المراسل السياسي لصحيفة "هآرتس" ان محاولة اسرائيل الفاشلة لاغتيال للدكتور عبد العزيز الرنتيسي (الثلاثاء 10 حزيران) اظهرت "محدودية التنسيق والتفاهم القائمين بين واشنطن وتل ابيب".

واضاف ان العملية اثارت مخاوف في البيت الابيض من ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون قد تراجع عن التعهدات التي قطعها خلال قمة العقبة أمام الرئيس جورج بوش، وعاد للبحث عن حلول عسكرية للصراع مع ، عوضًا عن اعطاء فرصة لحكومة ابو مازن.

وقالت المصادر الاسرائيلية ان مستشارة الامن القومي كونداليزا رايس اجرت اتصالا هاتفيا مع رجل اتصالها في القدس الغربية، مدير مكتب رئيس الحكومة دوف فايسغاليس، معربة عن "تخوفها من ان محاولة الاغتيال الفاشلة للرنتيسي قد تعزز نفوذ حركة "حماس" وتضعف رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس، الذي يحظى بتقدير الاميركيين".

واستطرد مراسل "هآرتس" في تقريره مشيرا  الى ان مدير مكتب شارون شرح  لـ "رايس" الاعتبارات التي دفعت اسرائيل للقيام بالعملية، مدعيا ان الرنتيسي خطط لعمليات كبيرة كان من شأنها  ان تنسف ما تم التوصل اليه في قمة العقبة. ووعد فايسغاليس باطلاع الادارة الاميركية على ما وصفه بـ "معلومات استخبارية سرية تثبت تورط الرنتيسي في التخطيط لهجمات ارهابية"، على حد تعبيره.

واردف "بن" في تقريره ان انطباع المحافل السياسية الاسرائيلية يشير الى ان الإدانة الاميركية لمحاولة الاغتيال الفاشلة كانت ضعيفة، حسبما وردت في الرسالة التي نقلت الى القدس الغربية عبر قنوات عمل من خلال مدير مكتب شارون والسفير الاميركي في واشنطن داني ايالون، وقد آثرت الادارة الاميركية عدم التحدث مباشرة في هذا الخصوص مع شارون او مع وزير دفاعه شاؤول موفاز.  

كذلك رأت المحافل السياسية الاسرائيلية ذاتها ان التوبيخ العلني الذي وجهته ادراة بوش للعملية كان "متوسطا في حدته"  ("الرئيس منزعج جدا.."). وقد اكدت مصادر اميركية ان المقصود من الاتصال اراد الايحاء بما معناه: "لسنا مرتاحين للعملية،  لكن ذلك ليس نهاية العالم.." .

ويمكن الافتراض ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون استند (عندما صادق على القيام بمحاولة اغتيال الرنتيسي) على التصريحات العنيفة التي ادلى بها الرئيس جورج بوش في قمة العقبة الاسبوع الماضي، ضد "الارهاب".

وطبقا لما ذكرته محافل مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي فقد حذر بوش المسؤولين الفلسطينيين (خلال لقاء العقبة) بأنه اذا لم يعملوا على وقف الهجمات فورا واذا لم يهتموا بفرض الامن والهدوء فانه "لن يتم تطبيق اي شيء مما تنص عليه خارطة الطريق".

وبحسب المصادر ذاتها فقد شدد كل من بوش وشارون امام ابو مازن على ان " القضاء على الارهاب" هو شرط لأي تقدم في العملية السياسية. ووصف بوش يوم الاثنين الماضي قادة وأعضاء حركة حماس بـ "اعداء السلام"، من هنا ربما تكون محافل صنع القرار في اسرائيل قد رأت في تصريحات بوش "ضوءا اخضر" للعمل ضد زعماء الحركة. غير ان ردة الفعل "المنزعجة" الصادرة عن واشنطن تدل على ان الرئيس بوش لم يقصد التفسير الذي ذهبت اليه حكومة شارون، حتى بعدما ابلغ الاخير الرئيس بوش ورئيس الوزراء الفلسطيني (ابو مازن) بأن اسرائيل ستواصل عمليات الاغتيال والعمل ضد ما تصفه بـ "القنابل الموقوتة".

ويقل مراسل "هآرتس"  ان فكرة اغتيال الرنتيسي ليست جديدة، وان اسمه طرح في الماضي مرات عديدة ضمن قائمة المرشحين للاغتيالات الاسرائيلية. ويضيف ان مصادقة شارون على تنفيذ العملية هذا الاسبوع بالذات، بعد قمة العقبة، تثير تساؤلات بشأن دوافع شارون: "هل اهتم فقط بالاعتبارات التنفيذية، ام انه رغب في ايجاد "توازن" ازاء صور ومشاهد عمليات اخلاء مواقع الاستيطان غير القانونية وازاء صيحات الاستنكار التي قوبل بها (شارون) اثناء مؤتمر حزب (الليكود)، عن طريق القيام بعملية قوة استعراضية؟! هل رغب – شارون- في ان يؤكد  لـ "ابو مازن" و لـ "بوش"، بأن رضوخه للمطلب الاميركي باقرار خارطة الطريق وتفكيك مواقع الاستيطان غير الشرعية، لا يشكل دليل ضعف؟"

وقالت مصادر مأذونة في مكتب رئيس الوزراء شارون، ان العملية ضد الرنتيسي كانت "مبررة" وانها استهدفت "منع موجة ارهاب فظيعة"، على حد تعبيرها.

مهما يكن الامر، فان النتيجة تقول ان اسرائيل القت بـ "الكرة" الشهيرة للمسؤولية عن الجمود واستمرار الصراع والمواجهة في ملعبها هي نفسها، وخففت قليلا من الضغط الدولي على محمود عباس (ابو مازن) بالعمل ضد فصائل المعارضة والمقاومة الفلسطينية المسلحة، كما وكشفت مرة اخرى رئيس الوزراء ارئيل شارون ليواجه الاتهام بأنه يسارع الى اصدار اوامر بتنفيذ عمليات اغتيال مثيرة للجدل  كلما لاحت فرصة للهدوء والتقدم على طريق احلال السلام.

 

 

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس, الليكود, رئيس الحكومة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات