المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

"المشهد الاسرائيلي"، وكالات الانباء:

وجهت محاولة اسرائيل اغتيال عبد العزيز الرنتيسي احد ابرز قادة حركة المقاومة الاسلامية (حماس)، ضربة رهيبة الى الامال الهزيلة التي تولدت اثر قمة العقبة، وشكلت عقبة خطيرة امام تنفيذ خطة السلام الاخيرة المعروفة بـ "خارطة الطريق".


واعلن الخبير الفلسطيني مهدي عبد الهادي لوكالة فرانس برس ان "خارطة الطريق خطة تعرضت اليوم للاجهاض او للتوقف بسبب استفزاز خطير"، مضيفا ان بقاءها على قيد الحياة اصبح رهنا برد فعل الولايات المتحدة، الجهة الوحيدة القادرة على التأثير على اسرائيل.


وفي واشنطن، نقل المتحدث عن الرئيس الاميركي جورج بوش قوله انه "منزعج جدا من الغارة (...) ويعتبر انها ستضر بجهود السلطة الفلسطينية وغيرها لوقف الهجمات الارهابية".


ويشير بوش بذلك الى ان الغارة التي شنتها مروحيات اسرائيلية ضد عبد العزيز الرنتيسي، احد ابرز قادة حماس، قد تقوض جهود رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) الذي يحاول اقناع هذه الحركة الاسلامية والمجموعات الفلسطينية المسلحة الاخرى بتعليق هجماتها ضد اسرائيل.


ونجا الرنتيسي من المحاولة التي اصيب فيها بجروح. لكن هذه الغارة وخصوصا الوقت الذي اختير لها، تعزز على كل حال الشكوك حول النوايا الحقيقية لحكومة ارييل شارون التي تبنت "خارطة الطريق" في 25 ايار/مايو اثر ضغوط اميركية مكثفة.


وفي الجانب الفلسطيني، اجمعت كل الاطراف على شجب هذه الغارة واعتبارها دليلا على رغبة شارون في تعطيل "خارطة الطريق".


ووصفها محمود عباس بانها "اجرامية وارهابية"، مؤكدا ان مثل هذه العمليات تعطل عملية السلام وتقضي على جهوده للتوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار.


وعلى الرغم من الانتقادات الحادة لحركة حماس التي اعلنت قطع اي اتصال معه بسبب الخطاب الذي القاه في قمة العقبة (الاردن) في الثالث من حزيران/يونيو في ختام لقائه مع بوش وشارون، فان المقربين من محمود عباس يؤكدون ان اعلانا لوقف اطلاق النار من قبل الحركة كان وشيكا.

وشكل وقف الانتفاضة الشرط المطلق الذي وضعته اسرائيل والولايات المتحدة لتطبيق "خارطة الطريق".


ويوضح الفلسطينيون انه اذا ما توصل محمود عباس الذي تعهد في العقبة وضع حد "للانتفاضة المسلحة" الى تحقيق اهدافه، فان شارون سيفقد اي عذر لعدم تطبيق الاجراءات التي تفرضها "خارطة الطريق" على اسرائيل ومنها تجميد الاستيطان.


الا ان الاسرائيليين يقدمون منطقا مختلفا. فهم يرون ان محاولة التصفية هذه التي انتهت اسرائيل بالاعتراف بها رسميا، لا تشكل انتهاكا لـ "خارطة الطريق".


واعتبر المحلل الاسرائيلي دان شيفتان ان "الفلسطينيين يتحملون مسؤولية وقف الارهاب. واذا لم يفعلوا ذلك لانهم لا يستطيعون او لا يريدون"، فعلى اسرائيل عندئذ ان تقوم بذلك.


وبرر مسؤول امني طلب عدم كشف هويته الغارة ضد الرنتيسي، مؤكدا انه متورط مباشرة بنشاطات الجناح المسلح لحركة حماس. وقال هذا المسؤول ان "يدي هذا الشخص ملطخة بدماء كثيرة"، واتهمه ايضا بالتحريض على العنف.


واضاف ان الغارة "رسالة واضحة جدا لحماس ولابو مازن ايضا" لافهامه انه حان الوقت للانتقال الى الافعال.


لكن ذلك لا يجيب على السؤال الاساسي وهو لماذا هذه العملية الان في حين يبدو ان "خارطة الطريق" بدات تتلمس طريقها على الرغم من مقتل خمسة جنود اسرائيليين الاحد في الاراضي الفلسطينية؟.


واقر هذا المسؤول بان "ذلك يمكن ان يثير عددا من الاسئلة" معتبرا ان الامر يتعلق بقرار "سياسي".

شارون: اسرائيل ستواصل "التحرك ضد اعداء السلام"

وفي القدس الغربية كد رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ان حكومته ستواصل "التحرك ضد اعداء السلام"، وذلك بعد ساعات من محاولة اغتيال الرنتيسي.


وقال شارون في خطاب امام عسكريين سابقين في نتانيا شمال اسرائيل: "سنواصل التحرك ضد كل اعداء السلام".


واضاف "سنواصل محاربة الارهاب طالما ان لا احد في المعسكر الآخر (الفلسطينيون) يفعل ذلك. سنواصل محاربة كل قادة المنظمات الارهابية المتطرفة والذين ينظمون ويمولون ارسال ارهابيين لقتل يهود".

بالمقابل اعتبر وزير العدل الاسرائيلي يوسف تومي لابيد ان كل محاولة "لتصفية قادة ارهابيين مبررة" وذلك في تعليق على محاولة اغتيال الرنتيسي.

وجاءت تصريحات لبيد بعد صمت مطلق لزمه المسؤولون السياسيون والعسكريون الاسرائيليون حول الغارة

الجيش الاسرائيلي يعترف بمسؤوليته عن محاولة الاغتيال

واعترف الجيش الاسرائيلي بشكل غير مباشر الثلاثاء بمسؤوليته عن الهجوم في غزة.

وجاء اعتراف اسرائيل في بيان للناطق باسم الجيش يحمل عنوان "هجوم على مسؤول كبير في حماس" ويتحدث عن "مساوىء" الحركة. وقال البيان ان "قيادة حماس اتخذت القرار الاستراتيجي بافشال تطبيق 'خارطة الطريق' وتخريب اي امكانية لحوار قد يؤدي الى وقف الارهاب والى مفاوضات سياسية".

واضاف ان "حماس كانت قبل قمة العقبة (التي عقدت في 4 حزيران/يونيو) وبعدها مصدر موجة من الاعتداءات الارهابية الدموية ومن بينها الهجوم الذي وقع الاحد على مركز للجيش في المنطقة الصناعية في ايريز (شمال غزة) وقتل فيه اربعة عسكريين اسرائيليين وجرح اربعة آخرون".

وتابع البيان ان "حماس اعلنت ايضا عزمها على مواصلة عملياتها الانتحارية لتخريب العملية السياسية (الجارية) وذلك بتشكيلها جبهة مشتركة بين المنظمات الارهابية الفلسطينية وبالتعاون مع منظمات ارهابية متمركزة في لبنان وسوريا ومنظمات ارهابية دولية".

وكانت ثلاث مجموعات فلسطينية مسلحة (تابعة لحماس والجهاد الاسلامي وفتح) تبنت في بيان مشترك ومبادرة لا سابق لها الهجوم الذي وقع في ايريز، وذلك بعد ان رفضت قبل يوم من ذلك الدعوة التي وجهها رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس في العقبة الى "وقف الانتفاضة المسلحة".

وقال بيان الجيش الاسرائيلي ان "الجيش وبناء على توجيهات على المستوى السياسي يفعل ما بوسعه لضمان امن مواطني اسرائيل وافشال العمليات الارهابية".

عبد العزيز الرنتيسي زعيم اكثر التيارات تشددا في حماس

ويعتبر عبد العزيز الرنتيسي الذي اصيب بجروح في غارة اسرائيلية استهدفته في غزة زعيم اكثر التيارات تشددا في حركة المقاومة الاسلامية (حماس)، واكثر الوجوه المعروفة فيها. والرنتيسي البالغ من العمر 55 عاما هو احد ابرز قادة حركة حماس المسؤولة عن العدد الاكبر من العمليات الانتحارية الفلسطينية ضد الاسرائيليين.

وقد هدد في اول تصريح له من سرير المستشفى حيث يعالج من الجروح التي اصيب بها بالقضاء على اليهود في فلسطين قائلا "لن نبقي يهوديا واحدا في فلسطين".

والرنتيسي معروف بانه خطيب جيد واحد قادة حماس الذين يتقنون اللغة الانكليزية وقد درسها خلال تحصيله العلمي الجامعي في مصر حيث درس الطب في جامعة الاسكندرية وتخرج منها عام 1971، ثم عاد اليها ليحصل على درجة الماجستير في طب الأطفال. وفي 1976، عاد الى قطاع غزة.

ويعتبر الرنتيسي القائد السياسي لحماس. بينما زعيمها الروحي هو الشيخ احمد ياسين الذي شاركه الرنتيسي خلال العام 1990 زنزانته في المعتقل الاسرائيلي. ولم يكن الرنتيسي يخشى على ما يبدو تعرضه لمحاولة اغتيال، رغم الحملات الاسرائيلية المتصاعدة على كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس.

وهو في اي حال لم يكن حتى اليوم يعيش متخفيا. وكان يستقبل الصحافيين بشكل دوري في منزله في قاعة استقبال تقع في الطبقة الاخيرة من مبنى صغير في شارع فلسطين في حي الشيخ رضوان في غزة.

ولد عبد العزيز علي عبد الحفيظ الرنتيسي في 23 تشرين الاول/اكتوبر 1947 في قرية يبنه (بين عسقلان ويافا) الواقعة في اسرائيل حاليا. لجأت اسرته بعد حرب 1948 الى قطاع غزة واستقرت في مخيم خان يونس للاجئين وهو في الشهر السادس.

وبالتالي كان الرنتيسي احد اللاجئين الفلسطينيين الـ 700 الف الذين خلفتهم حرب 1948. وقد اصبح عدد لاجئي 1948 اليوم مع فروع العائلات 7،3 مليون. ويشكل حق العودة الذي يطالبون به احد ابرز جوانب النزاع الفلسطيني الاسرائيلي.

نشأ الرنتيسي بين تسعة اشقاء وثلاث شقيقات. والتحق في سن السادسة بمدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا)، واضطر للعمل في الوقت نفسه ليساهم في اعالة اسرته الكبيرة.

اصطدم بالقوات الاسرائيلية للمرة الاولى اثناء عمله كطبيب في مستشفى ناصر في خان يونس، بعدما خاض اضرابا مع زملائه احتجاجا على منعهم من السفر لاكمال دراستهم العليا، وتمكن من العودة الى الاسكندرية. اعتقل الرنتيسي عام 1982 لمدة ثلاثة اسابيع بسبب رفضه دفع الضرائب للسلطات الاسرائيلية. عمل محاضرا في الجامعة الاسلامية في مدينة غزة اعتبارا من عام 1986، وذلك بعدما اقصته السلطات الاسرائيلية عن عمله في المستشفى عام 1984 ولم يسمح له بالعودة اليه ثانية.

انتسب الرنتيسي الى جماعة الاخوان المسلمين ليصبح احد قادتها في قطاع غزة، ثم كان احد مؤسسي حركة المقاومة الاسلامية "حماس" عام 1987. اعتقل بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الاولى في التاسع من كانون الاول/ديسمبر 1987 مرات عدة. ففي 15 كانون الثاني/يناير، اعتقل لمدة 21 يوما. وبعد شهر من الافراج عنه تم اعتقاله مجددا وظل محتجزا لمدة عامين ونصف العام. ثم اعتقله الاسرائيليون في 14 كانون الاول/ديسمبر 1990 لمدة عام كامل.

في 17 كانون الاول/ديسمبر 1992، أبعد مع 416 من ناشطي حركتي حماس والجهاد الاسلامي الى جنوب لبنان، حيث برز كناطق رسمي باسم المبعدين في مخيم العودة في منطقة مرج الزهور على الحدود اللبنانية-الاسرائيلية. اعتقلته السلطات الاسرائيلية فور عودته من مرج الزهور واصدرت محكمة اسرائيلية عسكرية حكما عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف، ليفرج عنه في 21 نيسان/ابريل 1997. وقامت السلطة الفلسطينية بتوقيفه في 10 نيسان/ابريل 1998 مرات عدة ايضا.

المصطلحات المستخدمة:

نتانيا, حق العودة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات