المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

لأنها "تعود على المحاولة الفاشلة لحل النزاع بصيغ دبلوماسية"

"المشهد الاسرائيلي":

قال ريتشارد بيرل، المساعد السابق لوزير الدفاع الأمريكي، في لقاء أدلى به لصحيفة "هآرتس" الاسرائيلية (13/10)، إن رئيس الوزراء الاسرائيلي، اريئيل شارون، "فوَّت على نفسه فرصة سياسية كبيرة بعد "خطاب الرؤيا" للرئيس الأمريكي، جورج بوش، في 24 حزيران (يونيو) 2002". "ففي هذا الخطاب - تابع يقول - دعا بوش الى تسوية (النزاع) على أساس إقامة دولتين، إسرائيل ودولة فلسطينية، تعيشان بجوار بعضهما البعض. وتحدث عن قيادة فلسطينية أخرى. لقد كان هذا الخطاب هاماً للغاية وكان يتعين على القيادة الاسرائيلية أن تحتضنه بكلتا يديها". وأكد أنه كان "يتوجب على إسرائيل أن تتبنى موقفاً يقول إن هذا الخطاب هو بمثابة اختراق أول في التفكير بحل وأن تتبع ذلك بالقول إنها تقف وراء ذلك بنسبة مئة بالمئة. لكن بما أن مثل هذا الأمر لم يحدث فقد ظهرت خطة خريطة الطريق التي قبلها شارون على رغم أنها، بمفاهيم عديدة، لا تتلاءم مع خطاب بوش".

وأشارت "هآرتس"، على لسان معلقيها السياسيين ألوف بن وشموئيل روزنير، إلى أن بيرل لا يزال معدوداً على أبرز الناطقين بلسان تيار "المحافظين الجدد" في الولايات المتحدة، وعلى رغم أنه لا يتبوأ أي منصب رسمي في الادارة الأمريكية الحالية فان تأثيره على السياسة الخارجية الأمريكية لا يزال كبيراً وملموساً.

وفي شأن متصل أعرب بيرل، في المقابلة نفسها، عن معارضته لخطة "خارطة الطريق" التي تعود – برأيه - على "المحاولة الفاشلة لحل النزاع الاسرائيلي - الفلسطيني بصيغ دبلوماسية". وأوضح أنه "لا جدوى من أي إتفاق" مع رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، ياسر عرفات، الذي قال عنه "إنه غير قادر على صنع السلام ولا قيمة لتوقيعه (على إتفاقات)". ومع أنه يقرّ بأنه لا يملك حلاً سهلاً او سحرياً لهذا النزاع إلا أنه أكد أن "أية مناورة سياسية لن تحقق النتائج المرجوة، إذا ما تغاضت عن النزعات السائدة في المجتمع الفلسطيني والتي بموجبها يتم تعليم أولاد في السادسة من عمرهم كيفية قتل الاسرائيليين"ّ وشدد على "أن الاستمرار في التمسك باتفاق أوسلو كان خطأ مريعاً بعد أن اتضح ان الموقف من إسرائيل (لدى الفلسطينيين) بقي على ما هو عليه"!

ويزور ريتشارد بيرل إسرائيل حالياً للمشاركة في ما يسمى بـ "قمة القدس" التي تضم ساسة و"مفكرين" يمينيين من إسرائيل والولايات المتحدة. وخلال هذه "القمة" سيقلَّد بيرل وسام قائده السابق، السيناتور الجمهوري الراحل هنري جاكسون، الذي وصفته الصحيفة الاسرائيلية بأنه كان من "أبرز المقاتلين في سبيل إسرائيل وهجرة يهود الاتحاد السوفييتي إليها".

وتعيد "هآرتس" إلى الأذهان، أيضاً، أن بيرل، اليهودي الأصل، كان من كبار الذين حرضوا واشنطن على شن حرب ضد العراق من أجل تغيير خريطة الشرق الأوسط. وتؤكد أنه على رغم الفشل الذريع في العثور على أسلحة الدمار الشامل، التي بذريعة إمتلاك العراق لها جرى شن العدوان عليه، فانه ما زال مصراً على رأيه السابق بأن هذه الحرب كانت لازمة "لكونها حررت 23 مليون إنسان وفتحت الباب أمام تغيير إقليمي ذي أهمية فائقة".

ومتشجعاً من هذا "الباب"، الذي يقول بانفتاحه، يدعو بيرل، في سياق آخر من المقابلة مع "هآرتس"، إلى إتخاذ "خطوات عملية تؤدي الى تقويض النظام الايراني الحالي، قبل أن يفلح في الحصول على سلاح نووي"، ويقترح أن ترفق هذه الخطوات باجراءات إعلامية مساعدة مثل "توزيع صحف سرية وتبني حكومة مهجر".

و"إن مثل هذا الأمر – برأيه - كان ينبغي فعله منذ زمن بعيد، غير أن الادارة الأمريكية تتعامل بحذر مبالغ فيه مع إيران". ويضيف: "لا أسقط من الحساب الخيار العسكري، لكن يفضل البدء بتقوية المعارضة، فان من شأن ذلك أن ينجح أكثر مما نتصور".

وعبر بيرل عن تأييده المتحمس للغارة الاسرائيلية الأخيرة على سورية مؤكداً أنه في "حالة قيام إسرائيل بالرد المثابر على الهجمات التي تتعرض لها من الأراضي اللبنانية وذلك في قلب دمشق وحولها، فان هذه الهجمات ستتوقف. إن سورية ضعيفة وبشار الأسد يفهم جيدًا أن حرباً مع إسرائيل ستفضي الى نهايته. ولكن نحن وكذلك أنتم (إسرائيل) لم نفعل ما فيه الكفاية لممارسة الضغط على سورية".

تحفظ أمريكي من مسار "الجدار"

من ناحية أخرى كشف المعلق السياسي في "هآرتس"، ألوف بن، أن الولايات المتحدة أبدت تحفظها من المسار المقرر للجدار الفاصل في الضفة الغربية، وخصوصاً من الجيوب التي ستطوّق قرى فلسطينية بأكملها تقع بين "الخط الأخضر" والكتل الاستيطانية الاسرائيلية. وأورد بن أن واشنطن تعارض، على سبيل المثال، الجيب المخطط إقامته بمحاذاة شارع رقم 443 من مستوطنة "موديعين" الى القدس، الذي سيضطر المواطنين الفلسطينيين في تلك المنطقة الى التحرك في أنفاق تحت الشارع الاسرائيلي الرئيسي.

وذكر بن أن السفير الأمريكي في إسرائيل، دان كيرتسر، اجتمع، الأحد، مع وزير الخارجية الاسرائيلي، سيلفان شالوم ومع وزير الدفاع شاؤول موفاز، وأبلغهما بتحفظات الادارة الامريكية على مسار "الجدار" الذي أقرته الحكومة الاسرائيلية في الأول من تشرين الاول (أكتوبر) الحالي. كما أبلغهما بأن طاقماً أمريكياً من خبراء حماية المطارات سيزور إسرائيل قريباً لكي "يفحص مزاعم إسرائيل الذاهبة الى أن إنشاء جدار شرقي مستوطنة بيت أرييه، من خلال إغلاق جيب فلسطيني كبير، يستهدف حماية مطار بن غوريون من تسلل "الارهابيين" ومن إطلاق صواريخ كتف باتجاه طائرات مدنية"!

الى ذلك أضاف كيرتسر أن الادارة الأمريكية "تعارض موقف إسرائيل الذي يعتبر الجدار وسيلة أمنية - تقنية لوقف العمليات التفجيرية، وترى فيه (الجدار) محاولة لتثبيت حقائق سياسية قبل المفاوضات حول الحل الدائم".

بالاضافة الى موضوع الجدار فان مباحثات كيرتسر مع المسؤولين الاسرائيليين تناولت قضية الرئيس ياسر عرفات. وبحسب ما يقول الوف بن فان كيرتسر عاد على موقف إدارته بأن طرد الرئيس ياسر عرفات أو اغتياله لا ينطويان على أية منفعة، وذلك رداً على تذكير شالوم له بقرار المجلس الوزاري المصغر بشأن "إزاحة" عرفات، مع ذلك فقد أكد كيرتسر أن الولايات المتحدة "لا تمتلك حلاً سحرياً لمشكلة عرفات. ولذا فمن الأجدى تقليل الحديث عنها قدر الامكان"!

أخيراً يشير بن الى أن تحفظات واشنطن على "الجدار" تتزامن مع تصريحات أدلى بها رئيس الممثلية الأوروبية، رومانو برودي، في القاهرة، واعتبر خلالها قرار بناء الجدار ناجما عن توجه خاطئ وأنه "الجواب غير الصحيح على المشكلة". وبالنسبة لفرص تسوية النزاع في الأفق المنظور أعرب برودي عن تشاؤمه البالغ وذلك في ضوء "عدم حصول أي تغيير في تحركات الطرفين" (الاسرائيلي والفلسطيني).

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس, اريئيل, الخط الأخضر, موديعين, برودي

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات