المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

تشكو شخصيات سياسية رفيعة في اسرائيل من ان إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش <<تتهرب، منذ فترة، من الالتزام الواضح في كل ما يتعلق بابلاغ اسرائيل بموعد بدء الهجوم على العراق>>.وبموجب المصادر الصحفية والسياسية الاسرائيلية فإن أحد الأسباب من وراء هذا <<التهرب>> هو ما يعتبره الأمريكيون <<مرض تسريب وثرثرة>> في اوساط القيادات الأسرائيلية في كل ما يتعلق بمواعيد وخطط الحرب الأمريكية على بلاد الرافدين.

وعلى اثر ذلك – تكتب <معريف> (10 آذار) قررت الأجهزة العسكرية الإسرائيلية الانطلاق، في خططها، من فرضية <<ان الحرب الأمريكية على العراق ستبدأ في لحظة مباغتة لإسرائيل>>.

وتقول المصادر الإسرائيلية ان خطط الحرب الأمريكية تنطلق من فرضية ان اي معلومة يتم نقلها الى مسؤولين اسرائيليين، ولو كانوا من الدرجة الأعلى، لا بد وان يتم تسريبها الى وسائل الإعلام ومنها الى الجمهور الواسع.

وحتى الفترة الأخيرة، كان الأمريكيون لا يزالون يأملون في ان <<تتحلى اسرائيل بقدر كاف من المسؤولية وتحافظ على سرية المعلومات الحساسة>>. يكن الأمريكيين على ما يبدو <<فقدوا أي امل كهذا الآن>>.

ويزداد تخوف الأمريكيين من خطر التسريبات الإسرائيلية، على خلفية الغضب المتراكم لديهم تجاه اسرائيل على كون قادتها <<ثرثارين اكثر من اللزوم>>. على رغم ذلك، فان المصادر الاسرائيلية مطمئنة الى ان الولايات المتحدة لا بد وان تبلغ اسرائيل بموعد الحرب، قبل بدئها بساعتين او ثلاث، من خلال محادثة هاتفية مع رئيس الحكومة او وزير الدفاع او السفير الاسرائيلي في واشنطن.

واشارت المصادر الاسرائيلية الى ان التسريب الأسرائيلي الأخير الذي أغضب الولايات المتحدة كان الكشف عن الزيارة <السرية> التي قام بها رئيس وكالة المخابرات الأمريكية (سي. آي. ايه) جورج تينت الأسبوع الماضي الى اسرائيل وبعض الدول العربية المجاورة، للبحث في الحرب الوشيكة على العراق. لكن مسؤولين في ديوان رئيس الحكومة الاسرائيلية ارئيل شارون نفوا بشدة، ان تكون الولايات المتحدة قدمت أي احتجاج على ذلك.

ويحاول شارون، في الأسابيع الأخيرة، السيطرة على ظاهرة التسريب في ما يتعلق بالحرب على العراق، اذ اصدر اوامر تمنع أي مسؤول اسرائيلي رسمي من التحدث بشأن الحرب، باستثنائه شخصياً ووزير الدفاع شاؤول موفاز ووزير الخارجية بنيامين نتنياهو. ولكن، وعلى رغم اوامر شارون هذه، تواصل شخصيات رسمية اسرائيليية رفيعة المستوى اطلاق سيول من التصريحات والتقييمات حول الحرب. ويبرز من بين هؤلاء بشكل خاص الجنرال عاموس غلعاد، مسؤول <الإعلام القومي>، والجنرال اهرون زئيفي ـ فركش، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية.

وقد قوبلت هذه التصريحات الرسمية الإسرائيلية بالكثير من الأنتقادات، سواء من جانب اوساط رسمية في الولايات المتحدة او من جانب سفراء اسرائيليين في دول اجنبية اخرى، بل وحتى من جانب مكتب للعلاقات العامة في نيويورك يتولى الإعلام الإسرائيلي الرسمي - فقد نقل جميع هؤلاء في الفترة الأخيرة رسائل شديدة الى اسرائيل تؤكد ان السلوك الأسرائيلي العلني منذ اندلاع الأزمة مع العراق يسبب ضررًا كبيرا للمصالح الأسرائيلية ويحول الحرب الى <<حرب (من اجل) اسرائيل>>.

<<هذه التصريحات تعزز ادعاءات معارضي الإدارة الأمريكية الذين يقولون ان الولايات المتحدة تبادر الى هذه الحرب من اجل مصالح اسرائيلية>>، قال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأسرائيلية لصحيفة <معريف> (10 آذار)، وأضاف: <<الأدارة الأمريكية اوضحت لنا، مرات عدة، انها تفضل ان لا تضطلع اسرائيل بأي دور في الحرب ضد العراق، بل ان تبقى خارج الصورة، لتلافي اثارة الغضب في الدول العربية. لكن المقابلات العديدة والمتواترة مع مسؤولين اسرائيليين رسميين في وسائل الإعلام تخلق الإنطباع بأن اسرائيل تدفع الولايات المتحدة الى الحرب دفعا>>.

وأكدت صحيفة <يديعوت احرونوت> هذه المعلومات على لسان مسؤولين كبار في القنصلية الإسرائيلية في نيويورك، كانوا أعربوا مؤخرًا، عن تذمرهم من أن تصريحات شخصيات رفيعة المستوى في أجهزة الأمن الإسرائيلية حول الحرب الامريكية على العراق <<تسبب ضررًا لإسرائيل>>.

وبحسب أقوال المسؤولين الاسرائيليين، فإن التصريحات الصحفية التي تدلي بها شخصيات إسرائيلية رفيعة المستوى لصالح الهجوم الامريكي <<تساعد من يدعي أن الولايات المتحدة ستحارب، في حقيقة الأمر، نيابة عن إسرائيل>>.

ويعيد هؤلاء الى الأذهان حقيقة أن <<الانطباع الذي تتركه تفوهات الشخصيات الإسرائيلية هو أن ثمة "تململاً" في إسرائيل مع اقتراب الهجوم>>. وتقول مصادر في وزارة الخارجية الاسرائيلية أن <<ثرثرة الشخصيات الإسرائيلية الكبيرة، العسكرية او المدنية، التي تتحدث وكأنها تدير الحرب، تضر بإسرائيل>>.

وهم يقولون ان إسرائيل ادعت في البداية، أنها ليست جزءًا من المعركة في العراق، <<لكن تصريحات الشخصيات الرفيعة المستوى تخلق انطباعًا خاطئـًا، وكأن إسرائيل لها ضلع في الشأن العراقي، ولا شك بأن المواطن الأمريكي يمكن أن يتقد غضبًا عند سماعه هذه الأقوال>>.

وكان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، اللواء أهرون زئيفي فركش، أبدى تقديراته، في تقرير أمني عرضه (الأحد 9 آذار)، على أعضاء الحكومة الإسرائيلية بأن <<الهجوم الأمريكي على العراق سيبدأ الأسبوع المقبل>>.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، شاؤول موفاز، في جلسة الحكومة الاسرائيلية من مطلع الاسبوع، في معرض حديثه عن الأزمة الامريكية - العراقية، إن <<الجهود الدبلوماسية في مراحلها الأخيرة، ولم تبق سوى أيام على ساعة الحسم في مجلس الأمن. الحرب على العراق ستبدأ خلال وقت قصير>>.

وتأتي هذه التقديرات على خلفية التطورات التي شهدتها الساحة الدولية في نهاية الأسبوع الأخير، حيث منحت الولايات المتحدة للعراق مهلة زمنية أخيرة حتى السابع عشر من الشهر الجاري، كي يثبت أنه يقوم بنزع أسلحة الدمار الشامل التي تدعي الولايات المتحدة أنه يمتلكها.

وكان اللواء فركش صرّح في الأسبوع الماضي أن موعد اندلاع الحرب على العراق <<متعلق بموافقة البرلمان التركي على انتشار قوات أمريكية في أراضيه>>. وقال إن عدم مصادقة البرلمان التركي على المطلب الأمريكي سيرجئ اندلاع الحرب حتى نهاية نيسان وبداية ايار. وأضاف أن موافقة البرلمان التركي <<ستجعل فرص اندلاع الحرب واردة بالحسبان يومياً>>.

وكان فركش ادلى بتصريحات سابقة مفادها أن <<احتمال قيام الرئيس العراقي صدام حسين بالهجوم على إسرائيل ، ضئيلة جدًا>>، مشيداً بالقدرات الإسرائيلية على مواجهة مثل هذا التهديد.

المصطلحات المستخدمة:

رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات