المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

عشية سفر رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون الى "لقاء حاسم" مع الرئيس جورج بوش في واشنطن، تهب من الجانب الامريكي "رياح باردة" اعقبت تأكيدات من شارون مجدداً - في تصريحات صحفية - رفضه اخلاء المستوطنات من الاراضي الفلسطينية المحتلة. ونوهت "يديعوت احرونوت" (15 ايار) الى ان الادارة الامريكية اعربت عن خيبة املها واسفها الشديدين من تصريحات شارون بأنه لا يعتزم اخلاء مستوطنتي بيت ايل وشيلو قائلة ان "شارون ينعطف يميناً".

وكشفت مصادر امريكية رفيعة لمراسل الصحيفة السياسي ان الرئيس بوش خاب امله كثيرا من تصريحات شارون لصحيفة "جيروزليم بوست" (13 ايار) والتي قال فيها انه لن يخلي مستوطنتي شيلو او بيت ايل، او أي مستوطنات اخرى من الاراضي المحتلة. واعربت شخصيات كبيرة في الادارة الامريكية عن غضبها لهذه الاقوال التي تبدو لهم ايضا مناقضة لتصريحات سابقة ادلى بها في الاونة الاخيرة لوسائل الاعلام المحلية والعالمية. واشارت المصادر الامريكية لمراسل الصحيفة الى ان امل الرئيس بوش خاب مما بدا له تغييرا في موقف شارون ومما قد يبدو كمحاولة منه لتضليل صانعي السياسة في الحلبة الدولية فيما يخص نواياه دفع عملية التسوية مع الفلسطينيين الى امام.

واشارت المصادر الامريكية ايضا الى ان الرئيس بوش يعتزم التباحث مع شارون خلال لقائهما في عشرين الجاري في مسألة اخلاء المناطر الاستيطانية القائمة في الاراضي الفلسطينية في العامين الاخيرين بالذات.

وجاءت تصريحات شارون لصحيفة "جيروزليم بوست" لتصحيح انطباع خاطىء تركته تصريحاته قبل حوالي الشهر لصحيفة "هارتس"، والتي عدد فيها مستوطنتي "بيت ايل" و"شيلو" وكذلك قبة راحيل في بيت لحم في قائمة "التنازلات المؤلمة" التي قال انه "مستعد لتقديمها من اجل السلام".

ابو مازن يلتقي شارون مساء السبت

في هذه الاثناء تتواصل الاستعدادات للقاء ابو مازن – شارون. وصرح مسؤول فلسطيني كبير ان رئيس الوزراء الاسرائيلي شارون ورئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس سيلتقيان مساء السبت 17 الجاري.

وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه ان "محمود عباس سيلتقي شارون السبت للحصول على موافقته على خارطة الطريق بما ان وزير الخارجية الاميركي كولن باول لم يتمكن من الحصول من اسرائيل على الضوء الاخضر" لتنفيذ خطة السلام الدولية هذه.

ولم يوضح المصدر مكان عقد هذا اللقاء الاول بين المسؤولين منذ تنصيب حكومة ابو مازن في 30 نيسان الحالي. لكنه اكد انه سيعقد مساء السبت في نهاية العطلة الاسبوعية الدينية عند اليهود. واكد المسؤول ان "اللقاء الذي جمع الاحد الماضي محمود عباس وكولن باول (في اريحا بالضفة الغربية) كان ايجابيا جدا وبما ان كولن باول لم يتمكن (من اقناع اسرائيل بابداء موافقتها على خارطة الطريق) اعتبر محمود عباس ان عليه الحصول على موافقة شارون بلقائه مباشرة".

واضاف ان وزير الدولة المكلف بالشؤون الامنية محمد دحلان ورئيس المجلس التشريعي الفلسطيني احمد قريع (ابو علاء) سيشاركان ايضا في هذا اللقاء.

ولم يتم بعد تاكيد هذا اللقاء رسميا من الجانب الاسرائيلي ولكن الاذاعة العامة اعلنت انه سيعقد مساء السبت فيما قال مسؤول اسرائيلي انه سيعقد في "نهاية الاسبوع".

واضاف المسؤول الاسرائيلي "ان المحور الاساسي في المناقشات سيتناول التدابير التي تعتزم الحكومة الفلسطينية اتخاذها لتفكيك المنظمات الارهابية ونزع اسلحتها". واوضح "بعد هذه المحادثات الاولى سياتي دور وزير الدفاع شاوول موفاز ومحمد دحلان ليلتقيا ويدرسا قرارات ملموسة يتعين اتخاذها في اطار مكافحة الارهاب".

وتحدث شارون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع كولن باول في القدس عن "لقاء قريب" مع محمود عباس قبل زيارته الى واشنطن المقررة في العشرين من ايار.

وقد اجرى ابو مازن لقاءات سرية مع شارون منذ توليه السلطة في اذار 2001 وقبل ذلك ايضا. وفي المقابل لم يلتق رئيس الوزراء الاسرائيلي ابدا بعرفات.

وبانتظار التطورات، تتعزز الاصوات داخل الحكومة الاسرائيلية الرافضة لخطة "خارطة الطريق". وقال وزير الدفاع شاؤول موفاز في جلسة للحكومة ان خارطة الطريق بصيغتها الحالية سيئة لاسرائيل. وشهدت الحكومة الاسرائيلية اوسع حملة ضد "الخارطة" الاميركية. وعبرت هذه الحملة التي تسبق بأيام اللقاء "الحاسم" بين ارييل شارون والرئيس الاميركي جورج بوش عن الاقتناع المتزايد في اسرائيل بأن الخريطة ستجد طريقها سريعاً الى "مزبلة التاريخ" بسبب الموقف الاسرائيلي تحديداً.

ووقف جميع أعضاء الحكومة الاسرائيلية الذين حضروا الاجتماع الوزاري يوم الاربعاء 14/5، عدا اثنين، ضد "الخارطة". وكان في مقدمة المعارضين لها رئيس الحكومة نفسه، الذي اعتبرها غير موجودة اصلا. وقال شارون لوزرائه انه "لا ينبغي لنا الانشغال بقبول او رفض الخريطة فهي من ناحيتي غير موجودة. وأنا اقول بوجوب التركيز على تصور بوش".

غير ان وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز قال ان "الخريطة بصيغتها الحالية سيئة لاسرائيل... وهي لا تتوافق مع المصالح القومية ولا يمكن تنفيذها كما هي". ومع ذلك اتهم موفار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات" بالرغبة في افشال خريطة الطريق عن طريق تشجيع العمليات الإرهابية". وأوضح أن السلطة الفلسطينية لا تقوم بأي "محاولة حقيقية لمحاربة الإرهاب". واعتبر ان "اختبار حكومة ابو مازن يتمثل في قدرتها على الاقلاع، غير ان طول جناحيها لا يتيحان لها تحمل مسؤولية محاربة الارهاب".

من جانبه ركز شارون على وجوب ان تحارب السلطة المنظمات الفلسطينية "ليس بالاقوال، وليس بالتصريحات. فالمهم هو التنفيذ، ولديهم الفرصة للعمل ومحظور علينا القبول فقط بوقف النار. فهذا سيجلب المشاكل لهم ولنا". وشدد على ان الاميركيين لا يمارسون اي ضغظ على اسرائيل. وقال "هناك اتصالات بنّاءة طوال الوقت مع الاميركيين، وأنا لا أسافر إلى هناك تحت الضغط. وهذه الاتصالات سوف تستمر. فالعلاقات مع الولايات المتحدة ممتازة، وليس هناك اي ضغط". وأكد شارون ان الموضوعين المركزيين حالياً هما الامن وديموقرطية السلطة الفلسطينية. وأشار الى ان السلطة لم تنفذ الاصلاحات المطلوبة.

وبدأ الحديث عن خريطة الطريق بإشارة وزير الصناعة والتجارة ايهود اولمرت الى ان الفلسطينيين "لا ينوون محاربة الارهاب"، فأوضح الوزير مئير شطريت، المعروف باعتداله نسبياً ان "من الواجب المحافظة على الامل، فرئيس الحكومة يتصرف بشكل صائب، ومن المستحيل علينا إبقاء السيطرة على 3,5 ملايين فلسطيني، كما لا يمكن لنا افتراض أنه ليس هناك ما نفعله".

وهنا فتحت النيران على خريطة الطريق من جانب جميع الوزراء الآخرين عدا زعيم حركة شينوي، تومي لبيد. إذ اعترضت وزيرة التعليم ليمور ليفنات على أقوال شطريت وقالت: "ليس مؤكدا أن الخريطة ستصل كما هي الى الحكومة. مطلوب إدخال تعديلات. والجميع يتذكرون أوسلو، لقد تعلمنا الدرس".

وتحدث وزير العدل تومي لبيد موضحا أنه إذا حارب الفلسطينيون ضد الإرهاب "فسوف تضطر إسرائيل الى التقدم في المفاوضات وتفكيك مستوطنات". وقال: "محظور علينا إبداء التحفظ على مبادئ خريطة الطريق.. فهي مبادرة مشتركة أميركية أوروبية. ويجب على الحكومة أن تأخذ بالحسبان أن الوفاء ببند تفكيك المنظمات الإرهابية يعني أن الخطوة التالية هي تفكيك المواقع الاستيطانية".

وحينها هاج أفيغدور ليبرمان على أقوال لبيد: "كف عن الحماقة. أولا عليك معالجة مئة ألف مبنى غير قانوني في النقب (يقصد للبدو) وحديثي هذا موجه إليكما وزير العدل ووزير الداخلية". ومع ذلك استمر لبيد في كلامه: "إذا لم تستوعبوا أنه بعد محاربة الإرهاب سيأتي دور المواقع الاستيطانية، فيجب عليكم أن لا تتبنوا خريطة الطريق".

والواقع أن تصريحات شارون الأخيرة التي قال فيها إن مسألة المستوطنات "ليست في الأفق" دفعت بالكثير من المعلقين الإسرائيليين الى رؤية نهاية خريطة الطريق. إذ إن هذه التصريحات تأتي بعد وصول مدير مكتب شارون دوف فايسغلاس لواشنطن للإعداد للقاء شارون بوش، وبعد الاتفاق على عقد اجتماع مع أبو مازن في بيت شارون في القدس الغربية مساء السبت.

رايس: "فرصة استثنائية" للسلام في الشرق الأوسط

واعتبرت كوندوليزا رايس مستشارة الرئيس الاميركي جورج بوش لشؤون الامن القومي ان ثمة "فرصة استثنائية" للسلام في الشرق الاوسط.

وقالت رايس للصحافة الاجنبية في واشنطن "لدينا فرصة استثنائية بفضل انتصار قوات التحالف في العراق الذي ابعد مستبدا شنيعا وقوة مزعزعة للاستقرار في الشرق الاوسط".

وعن رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) قالت، "لدينا فرصة لان قيادة فلسطينية جديدة قد بزغت ونأمل في ان تطرد المنظمات الارهابية".

واضافت ان على القيادة الفلسطينية "الاعتراف بأن دولة فلسطينية لا يمكن ان تقوم على الارهاب انما فقط على السلام والديموقراطية".

لكن رايس لم تذكر اسرائيل ولا رفض حكومتها "خارطة الطريق" التي طرحها وزير الخارجية كولن باول وتنص على تجميد المستوطنات.

وقالت ان "الرئيس يرى فرصة للمضي قدما. لقد اصدرنا "خريطة الطريق"، ونتلقى تعليقات الاطراف عليها، وهذا امر جيد".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات