المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

بعد الاعلان عن تأسيسه رسمياً (14 ايار)، يخطط "اللوبي الاستيطاني" البرلماني سلسلة من النشاطات الاحتجاجية على سياسة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون، وبضمنها مباحثاته مع "ابو مازن" والجانب الفلسطيني حول "خارطة الطريق"، وموافقته الصورية على قيام دولة فلسطينية فوق اقل من اربعين بالمائة من اراضي الضفة الغربية وقطاع غزة.وبتشكيل "اللوبي"، تكون "جبهة ارض اسرائيل" قد بعثت رسمياً من جديد، في ما ينذر بصيف ساخن على الساحة السياسية والحزبية الاسرائيلية، وبمزيد من التعقيدات على المسار الاسرائيلي الفلسطيني المنقطع.

ومن المقرر ان يبدأ "اللوبي الاستيطاني" (في اطار "مجلس ييشَع" - مجلس "يهودا والسامرة وغزة") حملة إعلامية واسعة ضد "خارطة الطريق" والدولة فلسطينية القادمة.

بالمقابل، ينوي المستوطنون القيام بأول مظاهرة لهم خلال ولاية شارون الحالية في رئاسة الحكومة مساء السبت 17 ايار. وستجري المظاهرة قبالة منزل رئيس الحكومة الإسرائيلية، أريئيل شارون، في القدس الغربية، أثناء لقائه رئيس الوزراء الفلسطيني، محمود عباس. وتجري المظاهرة تحت شعار "يجب محاربة الإرهاب وعدم التحدث معه. أبو مازن ودحلان هما عرفات بلا ذقن".

وتأتي خطوات المستوطنين هذه ردًا على مباحثات وزير الخارجية الأميركي، كولن باول، في منطقة الشرق الأوسط.

وكانت نقطة الانطلاق في هذه الخطوات الاحتجاجية الاجتماع الذي نظمه "مجلس ييشَع" في الكنيست، لتعزيز اللوبي اليميني في البرلمان الإسرائيلي.

وشارك في الاجتماع، الذي عقد تحت شعار <<"خارطة الطريق" أسوأ من اتفاق أوسلو>>، أعضاء كنيست ووزراء من حزبَي" المفدال" و"الاتحاد الوطني"، وكذلك حوالي عشرة اعضاء من "الليكود"، بينهم نجل شارون، عومري، والوزيرة ليمور لفنات. وحضر الاجتماع رؤساء "مجلس ييشَع" ورؤساء مجالس مستوطنات الضفة والقطاع.

ويعد هذا الاجتماع نقطة الانطلاق في المعركة التي يتحضر لها المستوطنون، للضغط على رئيس الحكومة، أريئيل شارون، عشية لقاءين سيجريهما مع أبو مازن والرئيس جورج بوش.

وكخطوة أولى، ينوي المسؤولون في "مجلس ييشَع" إخراج أعضاء مركز حزب "الليكود" إلى جولات، يقومون بها في المستوطنات بمجموعات كل يوم جمعة.

وتقول مصادر في "مجلس ييشَع": "إننا ننوي جمع أعضاء فروع حزب "الليكود" من كل أنحاء البلاد، وإحضارهم إلى بلدات في المناطق القريبة من بيوتهم، ليفهموا قصدنا. وسنأتي بأعضاء مركز "الليكود" من كفار سابا ورعنانا إلى "أريئيل" و"ألفيه منَشيه"، ليروا كم ذلك قريب من بيوتهم".

وفي المقابل، هناك نية في "مجلس ييشَع" للشروع خلال أسبوع بحملة شعبية واسعة. وسيتم تعليق آلاف الشعارات في جميع أنحاء البلاد، وتوزيع المناشير والملصقات على مفارق الطرق، كما سيتم بث الإعلانات في وسائل الإعلام تحت شعار "دولة فلسطينية - خطأ يحظر علينا ارتكابه".

وتكتب "يديعوت احرونوت" الالكترونية ان "مجلس ييشَع" استخلص العبر من الحملات السابقة التي قام بها، وقرر المسؤولون في المجلس، هذه المرة، عدم مهاجمة احد او اتباع اسلوب التخويف، بل الشرح والإيضاح. وتقول أوساط في "مجلس ييشَع": "هناك أشخاص في أنحاء البلاد يقولون اليوم، إنه يجب منح أبو مازن فرصة، ومع ذلك يجب أن نكون يقظين"، مضيفة أن "وظيفتنا هي أن نشرح لهم ماهية الفرصة التي يتحدثون عنها، ولماذا لا يجب منح الفلسطينيين هذه الفرصة".

ويخطط "مجلس ييشَع" لاستخدام الأولاد في هذه الحملة. فالعطلة الصيفية على الأبواب، وينوي زعماء المستوطنين إرسال الصغار للقيام بنشاطات في جميع أنحاء البلاد، بهدف تقديم المساعدة في الشرح والإيضاح في "المعركة على البيت".

وتكلف هذه الحملة في هذه المرحلة مئات آلاف الشواكل، ويقوم المستوطنون بجمع التبرعات من الخارج، لتجنيد ملايين الشواكل، لتوسيع نطاق حملتهم.

"الجبهة" تملك وصولات على قدراتها..

وهناك من يستذكر ان "جبهة ارض اسرائيل" (اللوبي البرلماني من العقد المنصرم)، وعندما كانت في ذروة قوتها، اجبرت رئيس الحكومة الأسبق، بنيامين نتنياهو، على إنشاء حي "هار حوماه" الاستيطاني (في رأس العمود) في القدس المحتلة. وفي فترة متأخرة ضعضعت الجبهة إئتلاف نتنياهو الى ان ادت الى اسقاطه. وفي فترة ولاية رئيس الحكومة ايهود باراك ومن بعده أرئيل شارون تضعضعت قوة الجبهة.

ووخلافا لما كان في السالق، جاءت المبادرة الى اقامة اللوبي الاستيطاني البرلماني الجديد من "الليكود" بالذات، (عضو الكنيست يحيئيل حزان). وقد فضل معظم اعضائه - في الاجتماع التأسيسي على الأقل - اتباع خط "حذر ومتسامح" تجاه ارئيل شارون، دون وضع خطوط حمراء أو توجيه انذارات، حالياً على الاقل! وشارك نحو 25 نائباً في الاجتماع التأسيسي لـ "الجبهة"، معظمهم أعضاء في الليكود. وقلة فقط كانوا أعضاء كنيست من "المفدال" و"الاتحاد الوطني"، وقد كانت نبرة حديثهم اكثر صرامة من الاخرين.

وتقول المصادر الاسرائيلية ان هناك اتفاقا لدى طرفي "الجبهة" على وجوب تجنب خلق تهديد على حكومة شارون في الوقت الحالي، تخوفاً من أن يؤدي ذلك الى انسحاب "المفدال" و"الاتحاد الوطني" من الائتلاف الحكومي، أو فرض عقوبات من جانب اعضاء في الليكود، وبالتالي فتح الباب أمام انضمام حزب العمل المعارض للحكومة.

وبرز هذا "الحذر النسبي" لدى اعضاء "الجبهة" في البرلمان الاسرائيلي بالذات على خلفية الاحاديث الجانبية التي دارت بين رئيس الجبهة المتجددة، حزان - مدير ديوان شارون في مستوطنات الضفة والقطاع سابقاً - ونتان انجلسمان، الذي دعي للجلسة، مثله مثل نشطاء اليمين الاخرين. ويترأس انجلسمان، مع عدد آخر من الناشطين، "مجموعة الحفاظ على قيم الليكود". وقادت مجموعة انجلسمان قبل اكثر من سنة الى القرار الذي اتخذ في مركز الليكود، خلافاً لرأي شارون، بشأن معارضة إقامة دولة فلسطينية.

كما ان حزان، وهو مستوطن في ارئيل، يعارض قيام دولة فلسطينية لكنه يعتقد بأن انجلسمان ورفاقه يصنعون معروفاً للمستوطنين. لكن انجلسمان، مثل معظم الاعضاء في اليمين غير البرلماني "لا يعمل حساباً" - ويعتقد بأنه يجب تطويق شارون من يمينه. رئيس مجلس مستوطنات الضفة والقطاع، بينتسي ليبرمان، الذي دعي هو أيضاً الى جلسة اللوبي، كان اكثر تشدداً، وقال: "ليست لدينا أي مشكلة بأن نفعل لرئيس الحكومة شارون، ما فعله وزراء الاطواق شارون وموداعي لرئيس الحكومة سابقاً، اسحاق شامير. كان لنا أستاذ ممتاز".

وبهذه الروح يخطط مجلس المستوطنات لمظاهرة أمام بيت رئيس الحكومة في القدس مساء السبت، تحت شعار"لنحارب الارهاب وألا نتحدث معه". وهذه هي المظاهرة الأولى التي ينظمها المجلس خلال ولاية الحكومة الحالية. ومؤخراً اجتمع ممثلو خمسة تنظيمات يمينية غير برلمانية وقرروا هم ايضاً استئناف احتجاجات الشارع ضد الحكومة.

غير ان النبرة في "الجبهة" المتجددة مختلفة. ومع ان حزان يتحدث عن "خارطة الطريق الخطيرة"، ويصف تجميد الاستيطان كـ "خط احمر" ويحذر من هدنة تكون نهايتها "عودة الى الارهاب وتسليح إضافي للفلسطينيين"، لكنه أيضاً يشدد على "توجيه تحية باسم اللوبي الى رئيس الحكومة والشد على يديه لصموده أمام ضغوطات الادارة الامريكية". كما دعا حزان الى جلسة اللوبي الأولى عضو الكنيست عومري شارون، نجل رئيس الوزراء الاسرائيلي. وأوضح شارون الأبن بأنه لا ينضم الى اللوبي وجاء فقط ليستمع لما يقال في الجلسة، ولكن بعض الحضور أعربوا عن خشيتهم من أن يكون شارون بمثابة "مراقب" على اللوبي من طرف رئيس الحكومة.

كما ان وزيرة التربية والتعليم، ليمور ليفنات، التي ألقت كلمة في اجتماع اللوبي، كانت حذرة نسبياً في كلمتها: "ليس من المؤكد قطعياً بأن شارون لا يريد أن نقيّد يديه"، أكدت. الخطيب الحذر الآخر كان عضو الكنيست ايهود يتوم (الليكود)، الذي تحدث عن "تقليل الضرر الى الحد الأدنى"، لكنه اوضح أنه في نهاية النضال ضد "خارطة الطريق"، سيصوت في الكنيست لصالح قرارات الحكومة.

وكان عضو الكنيست غلعاد أردان (الليكود) وحيدا في اقتراحه بأن يتخذ اللوبي في اجتماعه التأسيسي قراراً برفض إقامة دولة فلسطينية. وتحدث أردان عن مشروع القانون الذي طرحه ومفاده ان على الكنيست أن تصادق باغلبية 61 عضواً على اتفاقية سياسية ينطوي عليها إعادة أراض (للفلسطينيين) أو إقامة دولة فلسطينية، علماً أن شارون أيد مشروع قانون مماثلاً عندما كان رئيساً للمعارضة.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات