اعتقلت الشرطة الاسرائيلية ليل الاثنين الثلاثاء (12-13 ايار) خمسة عشر قيادياً ومسؤولا في الحركة الاسلامية (الجناح الشمالي) في اسرائيل، وبرأسهم رئيس الحركة الشيخ رائد صلاح.وتشتبه الشرطة بأن المعتقلين قاموا بتبييض اموال لحساب حركة المقاومة الاسلامية (حماس). وقالت المصارد الاسرائيلية ان احد الملاحقين لم يتم توقيفه مساء الاثنين واستسلم بنفسه صباح الثلاثاء. وبين الموقوفين الذين اعتقل معظمهم في مدينة ام الفحم العربية في شمال اسرائيل، الشيخ رائد صلاح الذي يتزعم <<التيار المتشدد>> في الحركة.
وتشتبه الشرطة الاسرائيلية بأن هؤلاء قاموا بتحويل اموال جاءت من الخارج، الى حركة حماس واسر معتقلين فلسطينيين ومنفذي عمليات انتحارية في اسرائيل. ومثل الموقوفون الثلاثاء امام قاض للبحث في تمديد توقيفهم. وتظاهر المئات امام محكمة الصلح في تل ابيب لدى البحث في تمديد اعتقال الموقوفين.
وقالت الشرطة الاسرائيلية ان اشخاصا آخرين قد يتم اعتقالهم في الايام المقبلة.
وذكرت المصادر الاسرائيلية ان الشرطة نشرت تعزيزات حول بلدات عربية في اسرائيل اخرى لمواجهة اي تظاهرات محتملة بعد هذه الاعتقالات.
وكانت السلطات الاسرائيلية ايضا منعت في ديسمبر الماضي صدور صحيفة "صوت الحق والحرية" التي يصدرها الجناح الذي يتزعمه رائد صلاح في الحركة الاسلامية.
وتنقسم الحركة الاسلامية التي اسست في السبعينات ويمثلها نائبان في البرلمان الاسرائيلي (الكنيست)، الى تيارين، احدهما <<شمالي متشدد>> يتزعمه الرئيس السابق لبلدية ام الفحم رائد صلاح وآخر <<جنوبي اكثر اعتدالا>> بزعامة الشيخ عبد الله نمر درويش مؤسس الحركة.
وكانت السلطات الاسرائيلية منعت منذ عام رائد صلاح من مغادرة البلاد. وقالت المصادر الاسرائيلية ان جهاز الاستخبارات الداخلي (شين بيت) كان يشتبه بان صلاح يريد انتهاز فرصة زيارة الى قطر لتعزيز العلاقات بين منظمته والداعية الاسلامي الشيخ يوسف القرضاوي. وتصف الاوساط الاسرائيلية القرضاوي بأنه <<الاب الروحي لعدد من المنظمات الارهابية الاسلامية>>.
من جهته، اوضح وزير الداخلية الاسرائيلي تساحي هنغبي في مقابلة لاذاعةالجيش الاسرائيلي ان التحقيق الذي ادى الى هذه الاعتقالات "جار منذ سنتين". واضاف انه <<يشتبه بان الاشخاص الذين اعتقلوا كانوا وسطاء بين منظمات ارهابية فلسطينية ومنظمات اسلامية متمركزة في الخارج>>. وتابع ان <<المبالغ الكبيرة التي تم تحويلها سمحت لحماس بتأمين قاعدة مالية كانت ستواجه صعوبة في الاستمرار بدونها>>. ولم يستبعد هنغبي حظر الحركة الاسلامية.
وتعتبر حملة الاعتقالات التي نفذتها الشرطة الإسرائيلية وجهاز الأمن العام (الشاباك)، ذروة الاجراءات السلطوية التي استهدفت القيادات السياسية العربية في اسرئيل، وبضمنها قادة الحركة الإسلامية.
وقال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، إن الحديث يدور عن عملية تحقيق تواصلت لمدة سنتين وشملت مراحل عديدة. <<لقد نضجت الأمور في الأسابيع الأخيرة وكان بإمكاننا إنهاء التحقيق السري والانتقال إلى التحقيق مع المشتبه بهم بشكل علني. التوقيت كان عشوائيًا. توصل الشاباك والوحدة القطرية للتحقيق في أعمال النصب والاحتيال إلى استنتاج بأنه بات من الممكن إنهاء التحقيق السري في هذه المرحلة".
وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون عبر في 16 آذار عن قلقه لما اسماه بـ <<التورط المتزايد من جانب عرب من اسرائيل في "الارهاب">>.
ويشكل العرب في اسرائيل الذين يبلغ عددهم 1.2 مليون شخص 18% من السكان. وهم الفلسطينيون الذين بقوا في ارضهم بعد نطبة 48 واعلان قيام اسرائيل في 1948.
وجاءت ردود الفعل العربية في اسرائيل على حملة الاعتقالات شديدة، وقال رئيس بلدية أم الفحم، الدكتور سليمان إغبارية ان الحملة ليست سوى خزعبلات ومضيعة للوقت. لقد قاموا بهذه الحملة بسبب قدوم باول إلى المنطقة ويريدون أن يظهروا وكأنهم يعملون شيئـًا. إنها ليست المرة الأولى التي يتعرضون فيها لهؤلاء الاشخاص. سيتم إطلاق سراحهم بعد عدة أيام بالتأكيد. لقد اعتقلت شخصيـًا أربع مرات في السابق ولم يقدمونني للمحاكمة حتى الآن".
وعقد أعضاء الحركة الإسلامية اجتماعـًا طارئـًا في أم الفحم واتخذوا قرارًا بالقيام بخطوات احتجاجية تنطلق في نطاقها مسيرات احتجاجية بعد صلاة الجمعة في جميع المدن والقرى العربية. وتقرر أيضـًا تنظيم مظاهرة حاشدة في أم الفحم يوم السبت القادم. إلى ذلك، ستعقد لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية اجتماعـًا طارئـًا.
وتقول مصادر أمنية إسرائيلية إن قرار القيام بهذه الحملة جاء بعد تلقيهم معلومات بأنه في الآونة الأخيرة تم نقل ملايين الشواقل من خارج إسرائيل إلى الحركة الإسلامية في إسرائيل. وبموجب الشبهات، نقل الشيخ رائد صلاح وأعضاء آخرون من الحركة الإسلامية تلك الأموال إلى عائلات منفذي العمليات الانتحارية وعائلات معتقلين أمنيين إلى مناطق السلطة الفلسطينية.
وقد أدار حملة الاعتقالات التي أطلق عليها اسم "مجهود متواصل" كل من المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، شلومو أهرونيشكي، ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، آفي ديختير.
ومن بين المعتقلين، مدقق حسابات واقتصاديين كانوا يرئسون، حسب الشبهات، لجانا خيرية ومساعدة للفلسطينيين سكان الضفة الغربية وقطاع غزة. وصادرت الشرطة وثائق وأجهزة كمبيوتر وجدت في الأماكن التي تمت فيها الاعتقالات.
ويشار إلى أن التحقيقات ضد قادة الحركة الإسلامية في إسرائيل جارية منذ سنتين في الشرطة وجهاز الأمن الاسرائيلي العام (الشاباك) بإشراف رئيس الوحدة القطرية للتحقيق في أعمال الغش، العميد ميري غولان. وتشتبه الشرطة أن المعتقلين خالفوا القانون بمساعدة ودعم وتقديم خدمات لمنظمات أخرجت عن القانون واتصال مع شخصيات تابعة لهذه المنظمات.
واقتيد المعتقلون إلى مقر شرطة بات يام بعد أن ضربت الشرطة ما يشبه الحصار على منطقة مقر الشرطة في المدينة حين تقرر اعتقال قادة الحركة الإسلامية. وأحيط مقر شرطة بات يام بحواجز ولم يسمح أيضـًا حتى لسيارات الشرطة في الدخول إلى المحطة وفي تلك الأثناء تواجد في المنطقة شرطيون مسلحون.
ولم تسمح الشرطة للصحافيين أيضـًا بالاقتراب واضطروا أن يصوروا من المجمع التجاري القريب. وبدأت سيارات الشرطة التي تقل المعتقلين تصل إلى مقر شرطة بات يام حوالي الساعة الثانية ليلاً. وحمل رجال الشرطة صناديق تحوي مواد صودرت من أماكن مختلفة أعتقل فيها قادة الحركة. كما أحضرت الشرطة إلى المقر حواسيب المعتقلين.
وفي مقابلة مع موقع يديعوت احرونوت على الشبكة اكد الشيخ رائد صلاح أن المسؤولين الكبار في دولة إسرائيل تآمروا ضده شخصيـًا وضد الجماهير العربية عامة. ومع ذلك أكد صلاح أن الحركة الإسلامية تستنكر بشدة مقتل الأبرياء مشددًا على أن الأسلوب الصحيح لنضال الجماهير العربية داخل إسرائيل يجب أن يكون قانونيـًا وشرعيـًا.
وحذرت لجنة المتابعة العليا لشؤون المواطنين العرب في اسرائيل، من عواقب حملة الاعتقالات التي بدأت الشرطة الاسرائيلية وجهاز المخابرات، بشنها ضد الحركة الاسلامية وتنظيمات وجمعيات خيرية فاعلة في المجتمع العربي، وحملت الحكومة الاسرائيلية مسؤولية هذا الاجراء الفظ، وطالبتها بإطلاق سراح جميع المعتقلين فوراً، وفي مقدمتهم الشيخ رائد صلاح، <<والكف عن التعامل مع المواطنين العرب وقياداتهم السياسية في البلاد كمشبوهين>>.
جاء ذلك خلال الاجتماع الطارئ الذي عقدته قيادة لجنة المتابعة في الكنيست، الثلاثاء، بمشاركة رئيس اللجنة، المهندس شوقي خطيب وأعضاء الكنيست العرب.
واعتبر المجتمعون ان التحقيقات البوليسية والمسّ بقيادات ومنتخبي الجمهور العربي باتت نهجاً جلياً في السياسة الرسمية الاسرائيلية يقوم على اسس واضحة وصارخة من التمييز القومي.
وأعلن المشاركون في الاجتماع إستنكارهم الشديد لحملة الاعتقالات، واعتبروا التهم الموجهة اليهم واهية ومضللة، ضبابية وتحريضية، يتم اطلاقها من خلال اتباع أساليب الابرتهايد، واساليب تذكر بمحاكم التفتيش خلال القرون الوسطى. وقالت اللجنة في بيان صدر عقب الاجتماع ان حملة الاعتقالات هذه تعتبر اجراءا خطيرا يحمل في طياته سياسة عدائية تحريضية ومنهجية لا تستهدف الحركة الاسلامية، كحركة سياسية شرعية، فحسب، إنما تطال الجماهير العربية وقياداتها وحركاتها السياسية كافةً، إضافة الى كون هذا الاعتقال يشكل مسّاً خطيراً بأسس وجوهر ما تبقى من فتات الديمقراطية وحقوق الانسان في البلاد، وهو أيضاً سابقة لها دلالات ومؤشرات خطيرة في تعامل المؤسسة الاسرائيلية مع الجماهير العربية وقياداتها السياسية الشرعية.>>
ودعا البيان "القوى الديموقراطية والتقدمية الحقيقية اليهودية في اسرائيل وخارجها والهيئات والمؤسسات الحقوقية اليهودية والعربية والدولية للعمل الجاد والفعال وعلى مختلف المستويات للجم سياسة الحكومة الاسرائيلية المنافية لابسط حقوق الانسان وقواعد الديمقراطية والمعادية للشرعية السياسية، ليس للجماهير العربية فقط وإنما لمختلف قوى وحركات السلام الحقيقي والعادل.. "
وقالت ان "مثل هذا النهج وهذه السياسات لا يتوقف عند الجماهير العربية والاقليات فحسب، فقد علمنا التاريخ ان هذه الاجراءات ستطال الحقوق الديمقراطية والسياسية وحرية الرأي والتعبير لمختلف الفئات.. فهذه هي الطريق المباشرة نحو مأسسة الانظمة الفاشية والشوفينية.."
واعتبرت اللجنة في بيانها "ان الدفاع عن حقوق وشرعية العمل السياسي المشروع للحركة الاسلامية وللشيخ رائد صلاح وحقه في التعبير والنشاط السياسي هو دفاع عن شرعية وجودنا وشرعية حقوقنا الاساسية الجماعية والفردية الى جانب كونه دفاعا عن قواعد الحقوق الديمقراطية والانسانية في البلاد.."
ودعت لجنة المتابعة قيادات الجماهير العربية في البلاد للمشاركة في الفعاليات والنشاطات الاحتجاجية التي دعت اليها الحركة الاسلامية وتحديداً في التظاهرة التي تنظم يوم السبت القادم، (17/05) الساعة الثالثة بعد الظهر (15:00) في مدينة ام الفحم..
وأصدر التجمع الوطني الديمقراطي بيانا صحفيا يدين فيه اعتقال الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية وناشطين أخرين من الحركة الاسلامية. كما ادان البيان اعتقال منير منصور مدير جميعة أنصار السجين.
واعتبر البيان عملية الاعتقالات بالخطوه القمعية واستمرارا للحملة العنصرية والتحريضية التي تستهدف القيادات والقوى السياسية العربية في الداخل والمواطنين العرب على خلفية نضالهم العادل ضد سياسة التمييز العنصري وتضامنهم مع الشعب الفلسطيني ونضاله من اجل الحرية والاستقلال.
كما أعتبر مركز "عدالة" عمليات الاعتقال على ذروة جديدة من السياسة الإسرائيلية ضد الحركات الاجتماعية والسياسية للأقلية العربية في البلاد. ووجه مركز "عدالة" رسالة احتجاج الى المستشار القضائي للحكومة الياكيم روبنشطاين والى المدعية العامة للدولة المحامية عدنا أربيلي. وجاء في الرسالة: "يحق للحكومة الإسرائيلية التعبير عن تذمرها من المساعدات الانسانية التي تقدم لأبناء الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة، لكنه لا يوجد لها أي حق باستعمال القوة المتوفرة لها لمنع مثل هذه الأعمال".
وقالت الرسالة ان ممارسات قوات الامن هذه انما تأتي بدوافع سياسية غير قانونية وتعتبر انتهاكا للحقوق الأساسية وحق التنظم وحرية التعبير.
كما رفض مركز عدالة عبر رسالته الحجج "الأمنية" لتسويغ حملة الاعتقالات حيث كتب في الرسالة: "الاستناد الى اعتبارات أمنية بهدف تنفيذ سياسة السيطرة وتقييد حرية النشاط السياسي والاجتماعي بين أوساط المجتمع المدني العربي غير مقنعة، كما انه لا يمكنها أن تقنع المجتمع العربي الذي يعرف عن قرب معاناة الجماهير الواقعة تحت الاحتلال والحاجة لتقديم المساعدات الانسانية لهم".
وطالبت الرسالة المستشار القضائي اصدار أوامره للشرطة بالافراج عن نشطاء الحركة الاسلامية واطلاق سلااح الشيخ رائد صلاح.
ووجهت "عدالة" نسخا من الرسالة الى كل من رئيس الحكومة أريئيل شارون ووزير الأمن الداخلي تساحي هنغبي.
وقد أصدرت الحركة الاسلامية بيانا صحفيا باعقاب عمليات الاعتقال ذكرت فيه تفاصيل عملية الاعتقالت وجاء فيه:
"داهمت قوات كبيرة زاد عددها عن الالف جندي من الوحدات الخاصة قبيل فجر هذا اليوم وأشرف عليها مدير عام الشرطه " أهرونشكي " ورئيس الشاباك " آفي ديختر بيوت " مجموعة من أبناء الحركة الاسلامية واعتقلتهم بطريقتها الهمجية المعهودة" كما ذكر البيان أسماء كوادر الحركة المعتقلين وهم: "عبد النصر خالد، وحازم اسماعيل، وعبد المجيد محمد، وحسين رشيد، وجمال رشيد، ومصطفى غليون والشيخ محمود ابو سمره والمحاسب خالك ابراهيم ابو شقرة وتوفيق عباد اللطيف من ام الفحم وعلي ابو شيخه والمحاسب نور جزماوي من قرية عاره وابو موسى من قرية الفريديس".
وذكر البيان ان الشرطة داهمت مؤسسات الاقصى والاغاثة الانسانية في مدينة ام الفحم .
وقال البيان: "هذه الحملة ليست الاولى فهي مبرمجة ومخططة وتتصاعد وتيرتها بين كل حملة واخرى وقد كشفت وسائل الاعلام أن المؤسسة الاسرائيلية تخطط لاعتقال العديد من قيادات الحركة او لاخراجها عن القانون ووضعها في دائرة الارهاب".
واضاف البيان: "يتزامن هذا الهجوم الارعن مع الحملة التربوية التي تقوم بها مؤسسة "مسلمات من اجل الاقصى" هذا اليوم لتعميق الصلة والعلاقة مع المسجد الاقصى المبارك ومقدساتنا الاسلامية اذ تطمع هذه الحكومة باغلاق ملف الاقصى".
ودعا البيان في ختامه الجماهير العربية للمشاركة في التظاهرات التي ستخرج من المساجد بعد صلاة الجمعة في قرانا ومدننا . كما دعا البيان كافة التيارات السياسية للمشاركة في المظاهرة التي ستجري في مدينة ام الفحم وذلك يوم السبت الموافق 18-5-2003 والتي ستنطلق في تمام الساعة الثالثة من مجمع ابو عبيدة .
واصدرت بلدية الناصرة، بيانا ندد بالاعتقالات واعتبره خطوة تصعيدية لحملة التحريض والهجوم على الجماهير العربية وقيادتها.