المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

تتوقع اجهزة الاستخبارات الامريكية ان تثور في الشرق الاوسط بعد العراق <<موجة من الارهاب المعادي لامريكا، يتعزز في نطاقها الالتحاق بالجماعات المتطرفة ومنظمات الارهاب>>.ولدى هذه الاجهزة طرقاً لمجابهة هذا الوضع وتليين الشكوك والعداء تجاه امريكا في المنطقة، ابرزها "الترويج بأن الولايات المتحدة تبذل جهودًا جبارة للتوسط في تسوية بين اسرائيل والفلسطينيين".

هذا ما صرح به روبرت هاتشينغس رئيس "المجلس القومي للاستخبارات" (NIC) التابع للادارة الامريكية والمسؤول عن التقديرات الاستخبارية على المدى المتوسط والبعيد. وعرض هاتشينغس ملخص تقديراته الاسبوع الماضي، ونقلتها "هآرتس" (13/4).

وترى هذه التقديرات ان تأثيرات الحرب على العراق ستكون مرتبطة بالنظام الذي سيتشكل في هذا البلد العربي وبطابع الاحتلال الامريكي. وتقول ايضًا ان المواقف في المنطقة ستتأثر بالعلاقات الاسرائيلية – الفلسطينية وان "تطورات ايجابية في القيادة الفلسطينية قادرة على مجابهة اجواء العداء العميق" لامريكا في الشرق الاوسط.

ويجري هذا الاسبوع اثنان من كبار مساعدي رئيس الوزراء الاسرائيلي اريئيل شارون مباحثات منفصلة مع كبار المسؤولين الامريكيين في قضايا مشتركة تهم البلدين. وسيعرض دوف فايسغلاس رئيس مكتب شارون تحفظاته ازاء "خارطة الطريق" التي تعرض حلا للصراع في الشرق الاوسط، وتنص على قيام دولة فلسطينية بحلول العام 2005. وسيجتمع فايسغلاس خصوصًا مع مستشارة الرئاسة لشؤون الامن القومي كوندوليسا رايس.

اما المستشار لشؤون الامن القومي افرايم هليفي، الذي دعي لالقاء محاضرة في معهد واشنطن، فيسعى للتباحث مع المسؤولين الامريكيين في الآثار الاقليمية للحرب على العراق وسقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين.

وافادت صحيفة "هآرتس" (13/4) ان اسرائيل ستحث الولايات المتحدة على "الاعتناء بايران وسورية، بسبب دعمهما للارهاب وجهودهما لتطوير وانتاج اسلحة للدمار الشامل".

وبحسب الرواية الاسرائيلية، "يمكن وضع ايران وسورية في الامتحان بسبب دعمهما لنشاطات حزب الله، الذي تعتبره الولايات المتحدة هدفاً مهماً في الحرب ضد الارهاب الدولي".

وكان موظفون امريكيون كبار صرحوا مؤخراً في محادثات مغلقة ان الولايات المتحدة ستعمل ضد ايران وسورية "ولكن ليس بأدوات عسكرية". وهناك غضب كبير في الادارة الامريكية على سورية، واستعدادها لايواء قياديين عراقيين في نظام صدام حسين المنهار، هربوا من وطنهم العراق خلال العدوان.

وفيما يتعلق بايران، تعرض الادارة الامريكية إشراك الامم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة النووية، في الجهود المبذولة لوقف المشروع النووي الايراني. وتقول "هارتس" ان اسرائيل تشجعت مؤخراً من موقف فرنسا "التي تخشى تطوير سلاح نووي في ايران".

وسيعرض فايسغلاس في لقائه مع كوندوليسا رايس تحفظات اسرائيل على "خارطة الطريق". واقتبست "هآرتس" عن مصادر سياسية رفيعة المستوى قولها ان الادارة الامريكية اوضحت سلفاً انها ليست مستعدة لإعادة فتح "خارطة الطريق"، وانها ستعرضها على الاطراف المعنية بنفس الصيغة، بعد تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة برئاسة "ابو مازن".

وترى اوساط اسرائيلية ان فايسغلاس سيحاول التوصل الى تلخيصات مع الامريكيين حول مبادىء متفق عليها لتطبيق الخطة الامريكية، تراعي وجود "الخطوط الحمراء" بالنسبة لاسرائيل.

واشنطن لن تضغط على اسرائيل

وترى الاوساط السياسية الاسرائيلية ان ادارة الرئيس جورج بوش "لن تضغط على اسرائيل في موضوع خارطة الطريق" بعد انتهاء الحرب على العراق، وبخاصة بسبب معركة انتخابات الرئاسة الامريكية المنتظر ان تبدأ بعد عدة شهور. ومع ان الانتخابات الرئاسية الامريكية ستجري في اواخر العام 2004 الا ان المتوقع ان تبدأ معركة الانتخابات هذا العام.

ونقلت "معريف" (13/4) عن خبراء اسرائيليين في الشأن الامريكي قولهم ان الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة قد يمس بشعبية الرئيس بوش، وسيكون عليه تجنيد معظم الدعم في اوساط اليهود الامريكيين ولدى جهاز الحزب الجمهوري "الذي يؤيد اسرائيل كثيراً".

علاوة على ذلك – تكتب "معريف" – تستذكر جهات سياسية ان 70 من بين 100 من اعضاء مجلس "السينات" الامريكي، وحوالي نصف النواب في الكونغرس، وقعوا رسالة تدعو الرئيس بوش الى الامتناع عن الضغط على اسرائيل في موضوع "خارطة الطريق"، والاصرار على المطالب الموجهة الى السلطة الفلسطينية.

ويقدّر المسؤولون الاسرائيليون ان "اجندة الرئيس بوش مكتظة في قضايا اكثر اهمية بالنسبة للولايات المتحدة مثل الحرب على الارهاب الدولي والتسلح النووي في ايران وكوريا الشمالية" ("معريف" 13/4).

وعشية بدء محادثات واشنطن تحدث وزير الخارجية الاسرائيلي سلفان شالوم مع نظيره الامريكي كولين باول، وقال شالوم ان ملاحظات اسرائيل "جاءت لتسهيل تطبيق الخريطة". وقالت المصادر الاسرائيلية ان شالوم اوضح لباول "القيود السياسية التي تقيد بها حكومة شارون". وبحسب اقوال شالوم فإن قبول التحفظات الاسرائيلية سيسهل التصديق على "خارطة الطريق" في حكومة شارون. الا ان باول، بموجب نفس المصادر، اوضح لشالوم ان "الخارطة" ستعرض بدون تغيير.

وتدعو "خارطة الطريق" إلى تطبيق حل على مراحل، تقوم من خلاله دولة فلسطينية في حدود موقتة حتى نهاية هذه السنة، ويتحقق الحل النهائي حتى سنة 2005. وأوضحت الولايات المتحدة أن الخطة ستُقدم رسميًا إلى الأطراف بعد التعيين الرسمي للحكومة الفلسطينية، برئاسة "أبو مازن". وتقول مصادر سياسية اسرائيلية في القدس الغربية إنه وبحسب التفاهمات مع البيت الأبيض، فسيكون بإمكان إسرائيل عرض ملاحظات "جوهرية" على "خارطة الطريق"، في حالة كانت قليلةً، وفي حالة عدم الإطالة في المداولات على الصياغة.

وقد توصل الطاقم الذي عمل على صياغة الرد الاسرائيلي على "خارطة الطريق"، برئاسة مدير مكتب شارون، دوف فايسغلاس، إلى تفاهم حول تدريج الملاحظات والتعديلات بحسب أهميتها. وبحسب المصادر السياسية، هناك حوالي 20 تعديلاً جوهريًا "مهمًا" في الصيغة المعدلة لوثيقة الرد الاسرائيلي، ستُصرّ إسرائيل عليها "حتى الرمق الأخير"، اهمها:

• تغيير القيادة الفلسطينية.

• يمكن أن تقوم دولة فلسطينية، في حدود موقتة وفي حل نهائي لاحقًا، وذلك بعد مفاوضات متبادلة مع إسرائيل فقط.

• رفض المبادرة السعودية الداعية إلى إنسحاب إسرائيل إلى حدود 67، كواحدة من ثوابت الخطة.

• تفصيل المطالب الأمنية من الجانب الفلسطيني، بطلبات لتنفيذ إعتقالات، تحقيق ومحاكمة مشتبه بهم بـ "الارهاب"؛ والتوضيح أن قيام الدولة الفلسطينية سيتم بعد القضاء نهائيًا على البنى التحتية لـ "الارهاب" فقط.

• الحفاظ على حرية عمل الجيش الاسرائيلي في مناطق السلطة الفلسطينية.

• ستوافق إسرائيل على تجميد البناء في المستوطنات، بعد أن يحل الهدوء الأمني الشامل والمستمر فقط، ولن توافق على إخلاء مستوطنات في الفترات المرحلية، من أجل توسيع مساحة الدولة الفلسطينية في الحدود الموقتة.

• الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل كـ "دولة يهودية".

ووافق رئيس الحكومة الاسرائيلية، أريئيل شارون، على إعتبار "خارطة الطريق" أساسًا للتقدم، شريطة أن تكون مطابقة لخطاب الرئيس بوش الذي ألقاه في الرابع والعشرين من حزيران 2002.

ويقولون في مكتب شارون إن إسرائيل ترغب في التقدم السياسي، لكنها تتوقع رؤية كيفية عمل "أبو مازن": هل سينجح في نقل صلاحيات فعليه إليه، وهل سيعمل ضد "الارهاب"؟ "إذا كان ‘أبو مازن‘ شريكًا جديًا، فإن التقدم سيكون أسرعَ بكثير مما يُعتقد"، يقول مصدر سياسي اسرائيلي في القدس الغربية، "وإذا لم يفعل شيئًا، فإن 60 ‘خارطة طريق‘ لن تجدي نفعًا".

ولفوفيتز: على دمشق ألاّ تتدخل في العراق

سعى نائب وزير الدفاع الاميركي بول ولفوفيتز الى التخفيف من حدة تصريحاته السابقة في شأن ضرورة إحداث تغيير في سورية التي اتهمها بالتعاون مع النظام المنهار في العراق. وقال في لقاء عقده مع ممثلي وسائل الاعلام العربية والتركية في واشنطن (11/4)إن ما عناه بقوله "إن هناك حاجة الى التغيير في سورية" هو "التطلع الى تغيير في التصرف السيء لسورية التي تساعد النظام العراقي بقبولها إخفاء اسلحة محظورة". وقال إن على دمشق "التوقف عن التدخل في العراق وعن دعم ذلك النظام الشرير".

ورداً على تكهنات بأن سورية قد تصبح الهدف التالي لعمل عسكري اميركي، قال إن العراق "يمثل حالة خاصة واستثنائية" وإن "من الخطأ التعميم... فهناك طرق مختلفة للتعامل مع اوضاع مختلفة، وسيتم التعامل مع كل دولة بالطريقة المناسبة".

وتزامنت تصريحات ولفوفيتز مع تحرك عدد من اعضاء الكونغرس لإعادة احياء مشروع قانون محاسبة سورية من خلال طرحه على اللجنة الفرعية المصغرة الخاصة بشؤون الشرق الاوسط، تمهيداً للتصويت عليه، قبل ان ينتقل الى لجنة موسعة للمناقشة والتصويت عليه مرة ثانية. وفي حال اقرار المشروع الذي قد يفرض عقوبات اضافية على سورية، سيحال على الكونغرس لإقراره نهائياً وبدء تنفيذه.

وجاء اعلان اعضاء في الكونغرس نيتهم اعادة احياء مشروع القانون غداة ايجاز قدّمه ولفوفيتز إلى اللجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس عن خلفية التحذيرات التي وجهتها وزارة الدفاع لدمشق اخيراً، والتي اشارت الى دعم عسكري وسياسي وفرته دمشق للنظام العراقي.

وفي مواجهة انتقادات شديدة للسياسة الاميركية بسبب عدم استعداد واشنطن لتسليم المدن العراقية "المحررة" فوراً الى سلطة عراقية، قال ولفوفيتز ان "مكتب اعادة الاعمار والمعونة الانسانية" الذي يترأسه الجنرال الاميركي المتقاعد جاي غارنر "لا يمثل حكومة انتقالية في العراق"، وان دوره "لا يتعدى تقديم الخدمات الاساسية التي سيتم نقلها الى سلطة سياسية عراقية انتقالية تتولى المسؤولية تباعاً بمجرد استقرار الاوضاع الامنية". وشدد ولفوزفيتز على ان واشنطن "ستدعم إقامة نظام سياسي عراقي يعتمد على دستور يصوغه العراقيون بأنفسهم". واعتبر ان بلاده "لن تبقى أطول مما يلزم لتمكين العراقيين من ادارة شؤونهم... وهم قادرون على ذلك".

وشبه المسؤول الاميركي سقوط بغداد بسقوط جدار برلين في العام 1989، مؤكداً ان القوات الاميركية ستغادر العراق "بمجرد انجاز المهمة التي كلفت بها". واعاد التذكير بأن الولايات المتحدة "خرجت من الكويت بعد تحريره (في العام 1991)، كما خرجت من شمال العراق في 1 ايلول 1991 بعدما ضمنت حماية المنطقة الكردية. إلا انه ابدى "تفهماً" إزاء حساسية الدول العربية تجاه السياسات الاميركية.

واعتبر ولفوفيتز ان انسحاب القوات الاميركية في شكل مبكر قبل ضمان استقرار الاوضاع في العراق "سيعرضنا لإتهامات بأننا اسقطنا النظام وتركنا البلاد في حال فوضى". وكرر: "نحن محررون لا محتلون". ودعا الرأي العام العربي الى "الاستماع الى العراقيين انفسهم وهم يعبرون عن فرحتهم بالخلاص من الدكتاتورية".

إلى ذلك، وصف ولفوفيتز ما تحقق من خلال الحملة العسكرية حتى الآن بأنه نجاح كبير للخطة التي وضعها تومي فرانكس، قائد القوات المركزية، والتي اثيرت شكوك حول فاعليتها. وعلى الصعيد الاقليمي، قال إن تركيا واسرائيل لم تتخذا اي خطوات كان يمكن ان تحقق اسوأ التوقعات الكردية والفلسطينية، في اشارة الى مخاوف كردية من اجتياح تركي لشمال العراق ومخاوف فلسطينية من تهجير قسري للفلسطينيين الى الاردن.

تقارير حساسة بشأن سورية

وبسقوط بغداد حصلت اسرائيل على فرصة ذهبية لترويج مزاعمها بشأن ربط سورية بالنظام العراقي.

وصرح رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون بأن مشاكل اسرائيل لم تنته باحتلال العراق، لانها ـ اي اسرائيل ـ لها حسابات طويلة مع دول اخري في منطقة الشرق الاوسط.

وقالت امنية اسرائيلية ان الولايات المتحدة الامريكية قطعت علاقاتها علي المستوي المخابراتي مع سورية، كما انها بدأت بتخفيض مستوي العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وزادت هذه المصادر انه في الايام القليلة الماضية تلقي المستوي السياسي في اسرائيل تقارير حساسة حول هذا الموضوع.

واعربت المصادر عن تقديرها بان الولايات المتحدة الامريكية ستوجه طلبا صارما الي الرئيس السوري بشار الاسد مطالبة اياه بفتح المجال امامها وامام الامم المتحدة للبحث فيما اذا كانت تخفي بلاده اسلحة الدمار الشامل، خصوصا اسلحة كيماوية يزعم ان العراق هربها.

ويبدو ان الموقف السوري المناهض منذ البداية للحرب، جعل سورية في مرمي الهجوم الاول بعد العراق، وبحسب دبلوماسي غربي. فموقف بشار الاسد ربما اعطاه موقعا في العالم العربي الا انه يلعب لعبة خطيرة.. ولا نعتقد ان الولايات المتحدة ستوجه اليه ضربة عسكرية، ولكن سورية ستتعرض لنوع من العقاب .

وتشير تصريحات الدبلوماسي هذا الي الموقف الجديد لصقور الادارة الامريكية الذين لم يتوقفوا عن قذف التهديدات ضد دمشق.

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس, اريئيل, رئيس الحكومة, نائب وزير, بول

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات