(*) يبدو لي أن المعلق السياسي والعسكري الإسرائيلي عوفر شيلح كان أول من أشار إلى كون العدوان الإسرائيلي الراهن على غزة، جسدًا وبشرًا، والذي أطلق عليه اسم "عملية الرصاص المسبوك"، يندرج في إطار "عقيدة دفاعية جديدة" في إسرائيل. وقد تبلورت هذه العقيدة فعلاً في الآونة الأخيرة من دون أن تكون نتاج تفكير مدروس، على حدّ قراءته.
لعل أبرز التغييرات الحاصلة في داخل المجتمع الإسرائيلي في الآونة الأخيرة، وهو ما أبرزته بشكل خاص الانتخابات البرلمانية الأخيرة، يكمن في انتقال الصراع البرلماني بين العلمانية والأصولية اليهودية (الحريديم)، من حلبة أقصى اليسار إلى حلبة أقصى اليمين. وهذا تغيير جدير بمتابعته نظرا لحساسيته على مستوى المجتمع في إسرائيل، إذ أن الكثير من المؤشرات تدل على أنه سيأخذ مستقبلا أشكالا أكثر حدة مما هي عليه اليوم.
جرت العادة، في كل مرة تشن إسرائيل خلالها حربًا دموية على الفلسطينيين أو العرب، أن يعلن الكتاب العبريون موقفًا منها، باعتبارهم "حراس شرف الكلمة". وتتجه أنظار الرأي العام، على وجه التخصيص، إلى ما بات يعرف بـ "الترويكـا" الأدبية الإسرائيلية المؤلفة من أبرز ثلاثة كتاب، وهم عاموس عوز وأبراهام ب. يهوشواع ودافيد غروسمان.
ظلّت "الديمقراطية" مجرد أيقونة لسياسة إسرائيل الخارجية، على الأغلب. فمنذ قيامها، على حساب نكبة الشعب الفلسطيني، اعتبرت إسرائيل ذاتها واحة للديمقراطية والحداثة في الشرق الأوسط، سعيا منها للتغطية على واقعة الاغتصاب والعدوان، جرياً على عادة النظم الاستعمارية التقليدية.
الصفحة 3 من 81