المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • مقالات وأراء عربية
  • 2469

لعل أبرز التغييرات الحاصلة في داخل المجتمع الإسرائيلي في الآونة الأخيرة، وهو ما أبرزته بشكل خاص الانتخابات البرلمانية الأخيرة، يكمن في انتقال الصراع البرلماني بين العلمانية والأصولية اليهودية (الحريديم)، من حلبة أقصى اليسار إلى حلبة أقصى اليمين. وهذا تغيير جدير بمتابعته نظرا لحساسيته على مستوى المجتمع في إسرائيل، إذ أن الكثير من المؤشرات تدل على أنه سيأخذ مستقبلا أشكالا أكثر حدة مما هي عليه اليوم.

 

فمنذ قيام إسرائيل، وتحت ضغط الأحزاب الدينية الأصولية وحتى الليبرالية، تم سن سلسلة من القوانين التي تتماشى مع الشرائع اليهودية المتشددة، بدءا من تعريف "من هو اليهودي" والزواج، وحتى قوانين الحلال والحرام في الطعام، وحركة المواصلات أيام السبت والأعياد اليهودية، وغيرها الكثير من تفاصيل الحياة الدقيقة.

وشكلت هذه القوانين طيلة الوقت عقبة كبيرة أمام اليهود في إسرائيل، ولكن بشكل أكبر مع المهاجرين الذين يصلون باستمرار، ويصطدمون مع واقع حياة صعب بالنسبة لهم، خاصة أولئك الذين عاشوا في مجتمعات مفتوحة، مثل دول الاتحاد السوفييتي السابق وأوروبا.

ورغم أن عدد أعضاء الكنيست المتدينين في جميع الدورات البرلمانية قليل نسبيا، إلا أنهم شكلوا دائما كفة الميزان، التي ترجح قيام وسقوط الحكومات المختلفة، وهذا ما دفع كل الحكومات إلى مسايرة هذه الكتل البرلمانية الصغيرة ومنعوا الكثير من محاولات التغيير، وذلك تحت غطاء شعار "هوية الدولة اليهودية".

وعلى مدى عشرات السنوات كانت على رأس حربة كفاح العلمانيين قوى اليسار الصهيوني، التي تراجعت قوتها باستمرار في السنوات الأخيرة. فقد بدأ هذا الكفاح على المستوى البرلماني بقوة متواضعة من حركة "راتس"، بقيادة المحامية شولاميت ألوني، التي ظهرت لأول مرة في الحلبة البرلمانية في انتخابات 1973، بعد انشقاقها عن حزبها "مباي" (العمل لاحقا)، ولتفوز بثلاثة مقاعد، ثم تراجعت في انتخابات 1977 و1981 إلى تمثيل بمقعد واحد، وعادت في العام 1984 مع ثلاثة مقاعد، لينضم لها خلال الدورة النائب عن حزب "العمل" يوسي سريد، لتصبح كتلة من أربعة مقاعد.

وعلى مدى سنوات مثلت هذه الكتلة الكفاح ضد قوانين الإكراه الديني، وبالذات في مسألة الزواج، من أجل إفساح المجال أمام إبرام عقود زواج مدنية، وقضية تعريف من هو يهودي، ثم قضايا المواصلات أيام السبت، وحتى التوقيت الصيفي، الذي كان يعارضه الأصوليون اليهود على مدى سنوات طوال، ويمنعون تطبيقه في إسرائيل، بزعم أنه يخل في انسجام أوقات الصلاة المرتبطة بحركة الشمس، مع توقيت يوم العمل العادي.

وفي تلك الأيام كان ينحصر النضال بين هذه القوة اليسارية بالذات، وبين كتل الأحزاب الدينية الأصولية، وخاصة حزب "شاس" الديني الأصولي لليهود الشرقيين (السفاراديم)، كونه حزب الحريديم الأكبر، وكتلة "يهدوت هتوراة" التي تضم حزبين لليهود الأصوليين الغربيين (الأشكناز)، ولكن لم يكن هذا الصدام يصل إلى مستوى أزمة، لكون كتلة "راتس" كانت في المعارضة بشكل دائم، بينما الكتل الدينية والأصولية كانت في غالب الأحيان ضمن الائتلاف الحكومي.

 

الصدام الأول داخل

حكومة إسرائيلية

 

 

ظهر الصدام الأول داخل الائتلاف الحكومي في إطار حكومة إسحاق رابين الثانية في العام 1992، بعد أن ضمت كتلة "شاس" التي كان لها 6 مقاعد، وكتلة "ميرتس" التي كان لها 12 مقعدا، وتضم حركة "راتس" السابق ذكرها وحزب "مبام" الذي كان يخوض الانتخابات سابقا مع حزب "العمل" ضمن كتلة "المعراخ" وحزب "شينوي".

وفي تلك الفترة كان حزب "شاس" يتبنى مواقف سياسية وسطية، بعد أن اضطر للإفصاح عن تصوره لمستقبل إسرائيل، مع بدء مسارات المفاوضات مع مختلف الأطراف العربية، وبدء احتدام التقاطب السياسي في إسرائيل، واتساع الفجوات السياسية.

ويشار هنا إلى أن الجمهور الأصولي (الحريديم) ليس على قناعة بالمشروع الصهيوني والفكر الصهيوني، لا بل يعارضه من حيث الجوهر، وهناك جمهور كبير جدا منه يرفض الاعتراف كليا بالدولة الإسرائيلية، بينما جمهور آخر يقبل بالوضع القائم من منطلق أن إسرائيل اليوم هي "كيان مؤقت"، إلى حين يأتي المسيح لأول مرة ويقيم "مملكة إسرائيل الكبرى"، وهذا ما سمح لكتل "الحريديم" أن يتبعوا جانبا من المرونة السياسية، ولكنها رأت لاحقا أن اللجوء إلى معسكر اليمين قد يحميها من علمانية اليسار.

ونذكر أن "شاس" أيدت بداية اتفاقيات أوسلو، وحتى أن زعيمها الروحي التاريخي، عوفاديا يوسيف، كان يبدي مواقف فيها الكثير من الليونة، مثل فتواه الدينية في أعقاب اتفاقيات أوسلو، التي تجيز "التنازل عن أراض من أجل حقن الدماء"، وهي الفتوى التي تراجع عنها ضمنا في سنوات لاحقة.

وفي ذلك العام 1992 ظهر على الساحة البرلمانية حزب "تسوميت"، بزعامة المتطرف رفائيل إيتان، رئيس هيئة أركان الجيش الأسبق، الذي قاد حرب 1982 على لبنان، وقد فاز في انتخابات ذلك العام بسبعة مقاعد، وهو يلوح بأجندة علمانية متشددة، تصب جام غضبها على الأصوليين وأحزابهم، ولكن بقاء هذا الحزب في المعارضة، خفف من حدة الصدام في داخل الحكومة.

وفي نهاية الدورة البرلمانية، بعد اغتيال رابين، كانت بدايات التوجهات اليمينية في حزب "شاس" تظهر شيئا فشيئا، وما ساهم في هذا، هو حدة الصدام مع اليسار العلماني، ولكن أيضا تنامي التوجهات اليمينية في الشارع الإسرائيلي.

في انتخابات 1996 كانت قد تبلورت في الشارع الإسرائيلي متغيرات جديدة، بتزامن مع الاستقطاب السياسي على خلفية العملية السياسية، وأهم هذه المتغيرات وجود أكثر من 600 ألف مهاجر جديد، غالبيتهم الساحقة من دول الاتحاد السوفييتي السابق، وهؤلاء وصلوا إلى إسرائيل واصطدموا بواقع حياتي يفرض قيودا جمّة على حياتهم اليومية.

وأول أشكال الصدام هو رفض المؤسسة الدينية الاعتراف بيهودية نسبة كبيرة منهم، وجرى الحديث بداية عن حوالي 30%، ومن هنا جاء الاصطدام بقانون الزواج، ثم مسألة المواصلات والحركة أيام السبت، وطبيعة الطعام الحلال، إذ طالبوا بكثرة بتراخيص لفتح محال تجارية تبيع لحم الخنزير المحرم حسب الشريعة اليهودية، وغيرها من أشكال الصدام.

وكانت الغالبية الساحقة من هذا التجمع السكاني الجديد من ذوي حق التصويت، الذي يحصل عليه المهاجر في اليوم الأول لوصوله، وكان هذا السبب في نجاح أول حزب يطرح مطالبهم، "يسرائيل بعلياه"، الذي فاز في انتخابات 1996 بسبعة مقاعد.

إلا أن "يسرائيل بعلياه"، وبسبب توجهات زعيمه نتان شيرانسكي، اتخذ مواقف يمينية، وكان سببا في انشقاق لاحق في الحزب، لكون نائبين فيه لديهما توجهات يسارية.

إلا أن شيرانسكي لم يضع الأجندة العلمانية على رأس أولوياته، ولم يدخل في المسار الصدامي مع الكتل الأصولية، التي بدت في تلك الفترة كمن تهرب من حلبة اليسار لاجئة لليمين كي يحميها من مطالب اليسار العلمانية.

في العام 1996 تشكلت حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية، وبقيت "ميرتس" خارج هذه الحكومة، مما أضعف الصدام العلماني الديني داخل الحكومة، وهذا لأن "يسرائيل بعلياه" تراجع عن أجندته العلمانية، في حين أن "تسوميت" خاض تلك الانتخابات ضمن كتلة "الليكود" وكان له تمثيل من أربعة مقاعد، ولكن هو أيضا أخفى أجندته العلمانية، تحت غطاء "مواجهة مصير إسرائيل" في ظل العملية السياسية.

 

ظهور قوى

علمانية وسطية

 

 

في انتخابات 1999 بدأت تظهر معالم جديدة في الصراع العلماني الديني، إذ بتنا نشهد منافسة في الجانب العلماني، بين "ميرتس"، التي استردت بعضا من قوتها، وارتفعت إلى 10 مقاعد، وبين منافسين جدد، في الوسط القريب من اليسار واليمين، وأبرزهم حزب "شينوي" الذي وصل إلى الكنيست مع 6 مقاعد برلمانية، وبأجندة علمانية حادة جدا في خطابها، إذ تمحور خطابه ضد الكتل الدينية الأصولية (الحريديم)، في حين كان حزبا وسطيا من ناحية سياسية.

وفي المقابل فإن حزب "يسرائيل بعلياه" هبط إلى 6 مقاعد، ليجد أمامه حزبا منافسا على أصوات المهاجرين الجدد، "إسرائيل بيتنا"، بزعامة المتطرف أفيغدور ليبرمان، الذي دخل إلى الكنيست لأول مرة مع أربعة مقاعد، وهو ذو توجهات يمينية متشددة. ونضيف إلى كل هؤلاء حزب "المركز" الذي وصل هو أيضا لأول مرّة مع 6 مقاعد مع توجهات وسطية أقرب لليسار، ولديه أجندة علمانية ولكن ليست بتلك الحدة.

وضمت الحكومة التي أقامها إيهود باراك العام 1999، من جديد، "ميرتس" مع "شاس"، إلا أن ميرتس لم يكن بامكانها إتباع "خيار التهدئة" في الملف العلماني، وهي ترى من حولها أحزابا جديدة تنشأ في وسط الحلبة السياسية ويمينها، ولهذا فقد خاضت معركة محدودة في داخل الائتلاف، أدت في مرحلة معينة إلى هزات في الحكومة، ولكن في وقت كانت تتجه فيه حكومة باراك نحو مفاوضات مصيرية مع الجانب الفلسطيني، وأسفرت المعركة عن رضوخ حزب "ميرتس"، والتخلي عن حقيبة التربية والتعليم من أجل الحفاظ على كتلة "شاس" في الحكومة.

وانهارت حكومة باراك في خريف العام 2000، ولكن في تلك الفترة بات واضحا أن حركة "شاس" لجأت أكثر إلى اليمين، وكما يبدو لتحمي توجهاتها الدينية المتشددة، من اليسار وحتى من تيار الوسط المتنامي من خلال حزب "شينوي".

ولكن "شاس" وهي تحافظ على قوتها من 10 مقاعد، وجدت نفسها في انتخابات العام 2003 أمام منافس شرس، حزب "شينوي" الذي زاد قوته من 6 مقاعد إلى 15 مقعدا، وجزء من هذه القوة كان على حساب حركة "ميرتس" التي انهار تمثيلها البرلماني إلى 6 مقاعد، ولكن حين جاء أريئيل شارون لتشكيل حكومته الثانية، اختار حزب "شينوي"، وأبعد "شاس" متعمدا عن طاولة الحكومة، وهذا بسبب نهج "شاس" الذي طغى عليه الابتزاز المالي من كل حكومة.

ولكن "شينوي"، الذي نجح في إبعاد كتلة "شاس"، لم يستطع تمرير أي بند من أجندته العلمانية، التي طرحها بحدة، باستثناء مسألة التوقيت الصيفي، وحتى هذه المسألة لم يتوصل إليها إلا بعد تفاهمات مع حركة "شاس" وهي في المعارضة.

ووجدت "شاس" نفسها في تلك الدورة البرلمانية في المعارضة، سوية مع حركة "ميرتس" ومع حزب "إسرائيل بيتنا" الذي اندمج في انتخابات 2003 مع أحزاب المستوطنين، ولكنه حافظ على قوته من 4 مقاعد، وهذا ما خفف من حدة الصدام بين هذه الأحزاب المعارضة.

وكان فشل حزب "شينوي" في عدم تحقيق أي من المطالب الجوهرية، التي طرحها ضد قوانين الإكراه الديني، السبب الرئيس في اختفائه كليا عن الحلبة البرلمانية في انتخابات العام 2006.

في انتخابات العام 2006، بدأت ملامح التطور الكبير الذي لمسناه أكثر في انتخابات العام الجاري 2009، فقد قفز حزب "إسرائيل بيتنا" في ذلك العام من 4 مقاعد إلى 11 مقعدا، وطرح أجندة علمانية أكثر وضوحا، تتجاوب مع مطالب جمهور المهاجرين الجدد، وبالذات في ما يتعلق بقضية الزواج المدني، وتعريف من هو يهودي، وغيرهما من القضايا.

وكما هو معروف فإن لليبرمان أجندة عنصرية متطرفة، ضد الجماهير الفلسطينية في إسرائيل بالذات، وكان يحاول أن يعمل في الاتجاهين سوية، ولكن في نهاية المطاف طغت على أجندته القضايا العنصرية أكثر من العلمانية.

وخلال مشاركة ليبرمان وحزبه الجزئية في حكومة إيهود أولمرت لم يستطع تحقيق أي شيء من أجندته العلمانية، خاصة وأن "شاس" كانت شريكة في الحكومة طيلة فترة عملها، ولم يكن أي تقدم في تلك الدورة البرلمانية لكل الأجندة العلمانية.

 

الصورة تتضح في

انتخابات 2009

 

 

طوال السنوات السابقة كنا نشهد معارك برلمانية قصيرة في محور الصراع العلماني- الديني، وبتزامن مع هذا كنا نشهد لجوء كتلة "شاس" ومعها كتلة "يهدوت هتوراة" إلى الاتجاه أكثر نحو اليمين المتطرف ليحمي مصالحها، في وجه اليسار والوسط.

 

إلا أن انتخابات العام 2009، أفرزت انهيارا سياسيا لحركة "ميرتس"، في حين أن "راية العلمانية" باتت الآن في يد أكثر الأحزاب اليمينية تشددا وتطرفا، وبقوة كبيرة نسبيا، مع 15 مقعدا لحزب ليبرمان، بمعنى أن الصدام الآن سيكون بالأساس في داخل محور اليمين المتشدد، وهذا تطور نشهده لأول مرة في الحلبة السياسية في إسرائيل.

 

وكما تبدو الحالة السياسية في الأيام الأخيرة فإن حزبي "إسرائيل بيتنا" و"شاس" سيلتقيان مجددا في حكومة يترأسها بنيامين نتنياهو، ومن هنا فإن الرهانات كثيرة، ولكن قسمها الأكبر يتحدث عن إمكانية أن يتنازل ليبرمان عن أجندته العلمانية من أجل إطالة عمر الحكومة، التي يراهن الكثيرون على أن عمرها قصير، طالما كانت بأغلبية ضئيلة وتضم فقط أحزاب اليمين المتشدد.

ولكن من جهة أخرى، فإن ليبرمان الطامح لأن يكون حزبا ينافس على سدة الحكم، حتى في الانتخابات القادمة، ينظر إلى عدة تجارب في العقدين الأخيرين، من حزب "تسوميت" اليميني المتشدد، إلى "يسرائيل بعلياه" إلى حزب "المركز" إلى "شينوي"، فكل هذه أحزاب نشأت بسرعة ودخلت البرلمان بسرعة، وغادرته بسرعة أكبر، بعد أن فشلت في تحقيق بعض من أجندتها.

كذلك يعي ليبرمان حقيقة أن النواة الصلبة لقوة حزبه، حتى هذه الانتخابات، تكمن في جمهور المهاجرين الجدد، الذين أجندتهم على مستوى الشارع ليست كليا مع اليمين المتشدد، وفي حال لم يحقق بعضا من مطالبه، فإنه لا شك سيبتعد عنه، وليس بالضرورة أن ينهار الحزب كليا، ولكن يكفي أن يبدأ مسيرة التدهور، كغيره من أحزاب أخرى، ليجري ليبرمان حسابات دقيقة في هذا المجال.

كما يعي ليبرمان أنه ليس وحده الذي يحمل أجندة يمينية عنصرية متطرفة، ولهذا فإنه مضطر للتمسك بما يميزه عن باقي أحزاب اليمين، وهي الأجندة العلمانية، وهذه دوافع ستضطره لخوض معارك في داخل الحكومة لتحقيق بعض مطالبه اليمينية، قبل أن تباغته انتخابات برلمانية مبكرة، ولربما، تكون مبكرة أكثر مما نتخيل.

 

طابع الصدام مستقبلا

 

 

تتجه إسرائيل في هذه المرحلة بخطى أكبر نحو صدام من نوع آخر بين العلمانية والأصولية المتزمتة، التي ليست كباقي المجموعات الأصولية في الأديان الأخرى في العالم، فهي تبني نفسها ضمن مجتمعات منغلقة على نفسها.

إذ تشير سلسلة من التقارير إلى أن جمهور الأصوليين (الحريديم) في إسرائيل ستصل نسبته في غضون 12 إلى 15 عاما، إلى أكثر من 24% من اليهود في إسرائيل، وما يعزز هذه الفرضية، هو تقرير القوى العاملة في الجيش الإسرائيلي الذي صدر في الأيام الأخيرة، ويشير إلى أن نسبة الشبان الحريديم الذين لن يخدموا في الجيش في هذا العام 2009، ستصل إلى 12%، علما أن نسبة التكاثر بين هذا الجمهور تنافس النسبة بين العرب، وتشير تقديرات إلى أنهم يتكاثرون بنسبة 4% سنويا ولربما أكثر، في حين أن إجمالي نسبة التكاثر بين اليهود في إسرائيل هي في حدود 2%، بمعنى أن نسبة تكاثر العلمانيين اليهود قد تدور حول 6ر1%.

وهؤلاء الحريديم سيشكلون لاحقا قوة سياسية أكبر من اليوم، ومجندة أكثر من غيرها، ولكن الأهم على المستوى الإستراتيجي أن هؤلاء سيزيدون العبء الاقتصادي وحتى العسكري، وذلك لأن نسبة المشاركين في سوق العمل في إسرائيل من بين الحريديم هي الأدنى إطلاقا، وهي أقل من 40%، إضافة إلى أنهم بشكل عام لا يتجندون للخدمة العسكرية الإلزامية، باستثناء البعض الذي يتوجه إلى خدمة إدارية وليست عسكرية محضة في الجيش.

وتقتطع مؤسسات الحريديم جزءا هاما من الخزينة العامة، وبنظر اقتصاديين فإن هذا يعد صرفا من دون مردود، وفي حال استمر الوضع القائم فإن هؤلاء سيشكلون عبئا اقتصاديا جديا على الخزينة، وأيضا على الناتج القومي العام كونهم جمهورا غير منتج.

وأمام وضع كهذا فإن المؤسسة الإسرائيلية ستشرع في البحث عن حلول مستقبلية، وليس من المستبعد أن تضطر للاصطدام مع هذا الجمهور على المستوى الرسمي.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات