المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • العرب في إسرائيل
  • 16375

تحيط الهضاب بسهل البطوف من جهاته الأربع، وينعدم وجود مخرج طبيعي للأمطار التي تهطل بغزارة في السنوات التي يكون معدل هطولها 600 ملم وما فوق، حيث تتجمع  في 14 ألف دونم سهلية من شهر شباط حتى شهر تموز مكونة بحيرة كبيرة. 

 

 

 تحيط الهضاب بسهل البطوف من جهاته الأربع، وينعدم وجود مخرج طبيعي للأمطار التي تهطل بغزارة في السنوات التي يكون معدل هطولها 600 ملم وما فوق، حيث تتجمع في 14 ألف دونم سهلية من شهر شباط حتى شهر تموز مكونة بحيرة كبيرة.

 

تحدث هذه الظاهرة بمعدل مرة كل سنتين وتسبب غرق المحاصيل الشتوية، ما يعيق نمو المحاصيل الصيفية ويصعب من تسويقها ويؤثر على جودة المحاصيل.

 

يعتبر سهل البطوف من أخصب السهول في البلاد وهو غني بالمياه الارتوازية ولكن لا تتوفر فيه طرق لتصريف المياه الفائضة ولا طرق ري مناسبة، ما يجبر المزارعين للاعتماد على الزراعة البعلية (زراعة من دون ري وتعتمد على مياه الأمطار). يخترق سهل البطوف مشروع المياه القطري الإسرائيلي ولا يستفيد المزارعون منه، على الرغم من أن القناة تخترق أرضهم بعد مصادرة 500 دونم لمصلحة المشروع الذي تحول لمنطقة عسكرية مغلقة ومصدر إزعاج للمزارعين بتقييده دخولهم لأراضيهم حيث اقتصر على ثلاثة جسور، ما يطيل مسافة وصولهم للأرض. بدأت المطالبة بإيجاد حل مناسب في سنة 1964 بالتوجه لوزارة الزراعة الإسرائيلية، استمرت المحاولات ووضعت الخطط لحل المشكلة وعلقت وحفظت في أدراج مكاتب الوزارات المختلفة من دون تنفيذ. تبلغ مساحة سهل البطوف 40 ألف دونم تتبع لقرى كفر مندا، صفورية، عرابة، سخنين، رمانة، العزير وعيلبون، تمت مصادرة أراضي قرية صفورية المدمرة لصالح الكيبوتسات، وبقي منه نحو 35 ألف دونم تتبع للمزارعين العرب.

 

جولة صحافية في سهل البطوف

 

 على شرف يوم الأرض- 30 آذار- نظمت جولة خاصة للصحافيين العرب واليهود، قام بتنظيمها مركز إعلام للمجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل، بالاشتراك مع جمعيه الأهالي وهذا لاطلاعهم عن كثب على معاناة المزارع الفلسطيني في سهل البطوف.

 

تحدث السيد مصطفى ناطور، مدير جمعية الأهالي للتنمية الجماهيرية، عن القضية حيث يتم متابعتها من قبل جمعيتهم، فقال: "ما زال تنفيذ مشروع تجميع مياه الأمطار وتجفيف السهل مجمدا في أدراج وزارة الزراعة المكلفة بتنفيذه لأنه يواجه إعاقات من وزارة البيئة التي تعارضه، فهو حسب رأيهم يسبب ضررا بيئيا وقد يسبب انقراض بعض الأنواع من الكائنات الحية، وتعارض وزارة الداخلية إقامته تحسبا من أن يقوم أبناء قرى البطوف ببناء بيوت في الأرض التي سيتم تجفيفها". ومن الجدير بالذكر أن عمل جمعية الأهالي يتمحور حول قضايا الأرض والماء وتنمية الموارد البشرية.

 

تحدث إلينا، خلال الجولة، المزارع الحاج تركي طربية من سخنين، وهو أستاذ متقاعد، استشهد والده في 1948 في أثناء عمله في حقله فقال: "أملك 60 دونما أزرعها بالبطيخ، الشمام والخضروات، نعيش هنا على أرضنا التي نملكها منذ مئات السنين واستشهد أبي وهو يزرعها، كنا في الماضي نتعاون ونساعد بعضنا بفلاحتها واليوم فإن هذه الأرض لم تعد قادرة على إعالتنا، نزرعها حتى نحافظ عليها، وبالكاد نخرج بلا خسارة".

 

زار الصحافيون مزرعة قاسم محمد جربوني- أبو محمود من قرية عرابة والذي تحدث إليهم وشرح معاناته كمزارع: "أعمل بالزراعة منذ العام 1960 وأعتاش منها، أعاني كثيرا من مشكلة الغرق، نصرف كثيرا على عملنا الذي لا يدر علينا ربحا، الماء غالي الثمن ولقد مددناه من شبكة مياه قرية عرابة، ما يضطرنا أن ندفع ثمنا غاليا للكوب لعدم توفر المياه الزراعية، دفعت ثمن سهم الكهرباء قبل خمسة أعوام ولكن حتى اليوم لم يتم توصيلنا بالكهرباء".

 

 

استرجاع 93 دونما كانت مصادرة لمصلحة "مشروع المياه القطري"

 

 محمد حيادري، مزارع من سخنين ومدير مدرسة سابق، شرح عن نجاح المزارعين في استرجاع 93 دونما كان مستولى عليها لمصلحة مشروع المياه القطري الإسرائيلي. وقال "قمنا بمبادرتنا الشخصية عن طريق لجنة الدفاع عن الأرض والمسكن وأحضرنا مهندسين على نفقتنا الخاصة واكتشفنا أنه اقتطع من أرضنا 4 أمتار لشارع جنوب القناة و4 أمتار أخرى لشارع من شرقه، هذا المخطط موجود من سنة 1973 وبدأ تنفيذه هذه الفترة ولكننا نجحنا بإيقافه وأرجعنا 93 دونما كانت ستضيع علينا، إن سهل البطوف هو السهل الوحيد في إسرائيل الذي لا تتوفر فيه شبكه تصريف للمياه، نريد مياها بأي طريقة. ومن الجدير ذكره أن سهل البطوف مسجل كمنطقة غير تابعة لأي سلطة محلية ما يجعله غير قائم في أي خريطة هيكلية، إن تنفيذ مشروع الري في البطوف هو مشروع مربح سوف يدر الكثير من الأرباح".

 

مع رئيس اتحاد المزارعين العرب

 

 رافقنا أيضًا الدكتور هشام يونس، رئيس اتحاد المزارعين العرب. وطرحت عليه بعض الأسئلة عن الاتحاد وعن مشكله المزارعين في البطوف.

 

(*) سؤال: عرفنا على اتحاد المزارعين العرب؟ وما هي المشروعات التي تعملون بها؟

 

- إنه منظمة تسعى لتحقيق المساواة بين المزارعين العرب والمزارعين اليهود، فعلى سبيل المثال حاولنا إظهار الفرق بين الأرباح من الزراعة البعلية والتي ينتهجها المزارعون العرب مقابل الزراعة المروية التي تدر أرباحا كثيرة والتي يطبقها المزارعون اليهود. اتحادنا يعمل ضمن أربعة مشروعات كبيرة، الأول هو تسويق المنتجات المحلية التي يستصعب المزارع العربي تسويقها، مثل الفائض من الحليب والزيت، فبما يتعلق بالحليب نسعى لإنشاء مشروع يشبه مشروع شركة تنوفا الإسرائيلية، وبالنسبة للزيت نسعى لتسويقه بجودة عالية، مشروعنا الثاني هو إنشاء أطر اشتراكية للمزارعين على غرار ما قام به الإسبان في "ملاغا" أي تأطير المزارعين الصغار ضمن وحدة إنتاجية واحدة، وهذا يساهم في تسهيل تسويق المنتجات الزراعية حين تتحول لكمية واحدة، والمشروع الثالث تطوير قرية الصيادين في جسر الزرقاء، وقد تلقينا الترخيصات المطلوبة ولكننا لم نجد رأس المال المطلوب، والجزء الرابع من عملنا هو تنشيط دور المرأة وإيجاد أطر مناسبة لاستيعابها في سوق العمل.

 

(*) هل هناك حلول وأطر يمكن أن تساعد المزارع في البطوف وأن تعوضه عن الخسارة التي يمكن أن يتكبدها بسبب الغرق؟

 

- لا توجد أي أطر تدعم مزارعي البطوف، ولكن إن كان المحصول المتضرر معدا للتصدير فإن المزارع يُجبر على تأمينه، وفي هذه الحالة يمكن أن يدفع له تعويض يعيد له جزءا من مصروفاته، وإن قام المزارع بتنظيم عمله وتأمين محصوله يمكن أن يعيد ذلك له جزءا من المصروفات التي خسرها.

 

(*) كيف كانت الأرض في الماضي تشكل مصدر رزق رئيسيا للمزارعين في البطوف؟

 

- يملك المزارعون في سهل البطوف قسائم من الأرض موزعة بين الأرض المعرضة للغرق والأرض التي لا تتعرض لخطر الغرق، وفي الماضي وفي الأعوام التي كانت تغرق أرضهم فيها كانوا بالكاد يوفرون مؤونتهم من دون تحقيق أي ربح .

 

(*) هل هناك محاصيل لا يمكن زراعتها في سهل البطوف؟ وما هي الأنواع المفضل زراعتها فيه؟

 

- لا يمكن زراعة الأشجار في سهل البطوف لأنها لا تتلاءم مع طبيعة الأرض وسيؤدي ذلك لتعفن جذورها، فأرض البطوف غنية بالمياه الارتوازية ويمكن فقط زراعة الأشجار في أطراف السهل والأماكن العالية، والأنواع المفضل زراعتها هنا هي التوابل الورقية، القثائيات، البقوليات والحبوب.

 

(*) بشكل عام، كيف ترى علاقة المواطن العربي بأرضه؟ وكيف يمكن أن يستفيد منها؟

 

- يجب على كل مواطن عربي يملك قطعة أرض حتى لو كانت صغيرة أن يقوم بزراعتها ولو لاستهلاكه اليومي، إن نسبة الفقر العالية تضطر الإنسان أن يستفيد من كل شبر أرض وأن يتجه نحو الزراعة الدائمة، وقد أصبح هذا النمط من الزراعة منتشرًا عالميا، وهدفه هو توفير المؤونة الذاتية.

المصطلحات المستخدمة:

مركز إعلام

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات