المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • وثائق وتقارير
  • 2066

 مدخل

 تجمع البرامج السياسية- الأمنية للأحزاب الإسرائيلية الثلاثة الكبرى، الليكود وكديما والعمل، على "لاءات" إسرائيلية تقليدية، تتمثل في عدم الاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين وعدم الانسحاب من القدس الشرقية وخصوصا من منطقة البلدة القديمة وعدم الانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران العام 1967.

ويظهر، لدى الإطلاع على برامج هذه الأحزاب، أن حزبي الليكود وكديما يعارضان بالمطلق عودة أي لاجئ فلسطيني، فيما أن صياغة هذا البند في برنامج حزب العمل جاءت ضبابية إزاء احتمال عودة عدد محدود من اللاجئين، لكن موقف حزب العمل هو رفض حق العودة.

 

وفيما يتعلق بقضية القدس، فإن الليكود يرفض بالمطلق الانسحاب من أي جزء من القدس الشرقية، فيما يلمح حزب كديما إلى أن هذه القضية قابلة للتفاوض، لكن ليس فيما يتعلق بمنطقة البلدة القديمة. أما حزب العمل فإن موقفه هو إبقاء "الأحياء اليهودية"، والمقصود الأحياء الاستيطانية، تحت السيادة الإسرائيلية وإقامة نظام خاص لإدارة منطقة البلدة القديمة باستثناء الأماكن المقدسة اليهودية، مثل حائط البراق [المبكى]، التي يعتبر أنها ستبقى تحت سيادة إسرائيلية.

وفي قضية الحدود، فإن حزبي كديما والعمل يتحدثان في برنامجيهما عن ضم الكتل الاستيطانية الكبرى إلى إسرائيل. ويزيد حزب كديما أن الدولة الفلسطينية لن تشمل "مناطق أمنية" من دون أن يوضح موقعها، لكن المرجح أن المقصود غور الأردن. كذلك يتحدث هذان الحزبان عن إخلاء وتفكيك البؤر الاستيطانية العشوائية وعن إخلاء المستوطنات الواقعة خارج الكتل الاستيطانية. أما حزب الليكود فلا يتطرق أبدا إلى قضية الحدود أو البؤر الاستيطانية، كونه يحاول، كحزب يميني، جذب مصوتين من أوساط المستوطنين.

ولا يبدو أن الأحزاب الإسرائيلية، المرشح أحدها للوصول إلى الحكم بعد الانتخابات العامة في 10 شباط المقبل، تسعى للتوصل إلى اتفاق سلام، لا مع الفلسطينيين ولا مع سورية، وهما الجهتان اللتان فاوضتهما إسرائيل إلى ما قبل شهور قليلة.

وتغيب الخطط السياسية بصورة واضحة عن برامج هذه الأحزاب.

فحزب الليكود، المرشح للفوز بالانتخابات العامة وتشكيل الحكومة المقبلة، يعتبر، أصلا، أن الظروف الحالية لا تسمح بالتوصل إلى تسوية للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. ولا يطرح حزب كديما أفقا سياسيا، وإنما يتحدث عن إجراء مفاوضات مع جهة فلسطينية ومحاربة الجهة الأخرى. وكذلك الأمر بالنسبة لحزب العمل. وعموما، تتحدث الأحزاب الثلاثة بصورة واسعة عن محاربة ما يصفونه بـ "الإرهاب".

وفيما يتعلق بسورية، فإن حزبي كديما والعمل يعبران عن استعدادهما لمفاوضتها، لكنهما لا يوضحان مدى استعدادهما للانسحاب من هضبة الجولان المحتلة. ويقولان إن هذا الموضوع سيتحدد من خلال المفاوضات، لكنهما من الجهة الأخرى يشترطان أن تقطع سورية علاقاتها مع إيران وتتوقف عن تسليح حزب الله وأن تطرد قيادة حماس من دمشق. أما حزب الليكود فإنه لا يتطرق في برنامجه إلى سورية بتاتًا.

وتجدر الإشارة إلى أنه يتم عرض برنامج حزب الليكود على أنه برنامج رئيس الحزب، بنيامين نتنياهو، بينما يتم عرض برنامج كديما على أنه برنامج رئيسة الحزب، تسيبي ليفني. أمّا حزب العمل فيعلن أن ما يعرضه هو برنامج حزب العمل لا برنامج رئيسه، إيهود باراك.

كذلك فإنه لا يوجد "برنامج سياسي" في حيازة هذه الأحزاب وإنما برنامج "أمني - سياسي"، الأمر الذي يدل على عمق الجانب الأمني واستحواذه على أية عملية سياسية.

 

الموقف من العملية السياسية

 تدعي الأحزاب الإسرائيلية الثلاثة الكبرى، الليكود وكديما والعمل، في برامجها، أنها تؤيد العملية السياسية وتعرب عن استعدادها للانسحاب من أجزاء من الضفة الغربية من أجل قيام دولة فلسطينية. وفي المقابل تجمع الأحزاب الثلاثة على استمرار محاربة الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.

 

 

الليكود

 بحسب رؤية نتنياهو فإن "الليكود مستعد لتقديم تنازلات في مقابل السلام. تنازلات مثل تلك التي قدمها (رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق) مناحيم بيغن إبان اتفاق السلام مع الرئيس المصري، أنور السادات، أي تنازل من أجل اتفاق سلام حقيقي وصادق. وفي إمكاننا دفع السلام مع جيراننا فقط بواسطة اتفاقات كهذه، التي تحافظ على إسرائيل آمنة".

 

لكن نتنياهو يعتبر أن "المفاوضات الحالية (قبل الحرب على غزة) التي بدأت في أنابوليس والتي تركز على تحقيق اتفاق دائم بصورة آنية، تخطئ الهدف. وأنا لا أعتقد أن الفلسطينيين مستعدون اليوم لتسوية أيديولوجية ذات أبعاد تاريخية من شأنها أن تضع نهاية للصراع. ولا يوجد أي دليل على أن الفلسطينيين، اليوم، سيستجيبون ولو للحد الأدنى من المطالب، التي سيطرحها أي زعيم إسرائيلي مسؤول. وقد رفض الفلسطينيون بشدة اقتراحا للتسوية قبل ثماني سنوات (خلال مفاوضات كامب ديفيد العام 2000)، ولا يوجد دليل على أن مواقفهم إزاء قضايا الحل الدائم أصبحت معتدلة أكثر. بل على العكس، فقد أصبحت مواقفهم متصلبة أكثر أمام حكومة إسرائيلية ضعيفة".

 

وبدلا من ذلك يقترح نتنياهو أن "على إسرائيل تركيز جهودها على مساعدة أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) وفياض (رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض) وتحسين (مستوى) حياة الشعب الفلسطيني اليومية. وينبغي، بصورة خاصة، مساعدتهم على تطوير اقتصادهم بشكل سريع. وهذه الخطوة، بحد ذاتها، لن تنهي الصراع، لكنها ستوجد أجواء تتزايد من خلالها بشكل كبير احتمالات نجاح المفاوضات السياسية. وستعمل حكومة برئاسة الليكود بصورة فورية من أجل تغيير الأوضاع الميدانية".

 

ويرفض نتنياهو الانسحابات الأحادية الجانب. ويشدد على أنه "لن تكون هناك انسحابات أحادية الجانب في المستقبل. لأن أي منطقة يخليها الجيش الإسرائيلي، ستسيطر عليها حماس، وأي انسحاب أحادي الجانب سيبث رسالة ضعف واستسلام... فالأربعة آلاف صاروخ التي تم إطلاقها على الجليل إبان حرب لبنان الثانية، والأربعة آلاف صاروخ التي تم إطلاقها على إسرائيل من غزة، أثبتت لمواطنين كثيرين أن تحذيرات الليكود ورئيسه من الانسحابات الأحادية الجانب لم تكن عبثا".

 

ويضع نتنياهو خطوطا حمراء تتعلق باتفاق سلام. ويعتبر أنه "عندما يحين الوقت لإجراء مفاوضات نهائية من أجل السلام، فإن الليكود سيطرح خطوطا حمراء واضحة. وسيصر الليكود ورئيسه على أن المسؤولية عن سلامة مواطني دولة إسرائيل ستبقى في يدي إسرائيل. وستحتفظ إسرائيل بحقها في حماية حدودها، وهو حق نص عليه القراران 242 و338 الصادران عن الأمم المتحدة".

 

من جهة ثانية يرفض نتنياهو تطبيق قرار الأمم المتحدة حول حق العودة للاجئين الفلسطينيين. ويشدد على أن "حكومة بقيادة الليكود لن تسمح لآلاف، وبالتأكيد ليس لملايين اللاجئين الفلسطينيين، بالعودة إلى إسرائيل. وإسرائيل لن تتحمل مسؤولية أخلاقية إزاء أولئك اللاجئين، لأنهم موجودون في وضعهم الصعب على أثر قرارات مصيرية اتخذها العالم العربي، عندما قرر إعلان الحرب على إسرائيل، بدلا من قبول حق اليهود في دولة خاصة بهم، والقرار بعدم السماح، منذ ستين عاما، لأولئك اللاجئين بالتوطين ومواصلة حياتهم في الدول العربية".

 

وحول القدس، يقول نتنياهو إن "حكومة برئاسة الليكود ستحافظ على القدس موحدة كعاصمة إسرائيل وتحت حكم إسرائيلي. فاليهود في أنحاء العالم يتوقون منذ 2000 عام إلى العودة وبناء القدس، عاصمتهم التاريخية. والقدس هي في قلب الثقافة اليهودية وسنواصل الحفاظ عليها كذلك، مع منح الحرية لأبناء جميع الديانات لتطبيق إيمانهم في أماكنهم المقدسة في المدينة. وأسوأ شيء يمكن فعله من أجل السلام هو تقسيم القدس. فتقسيم كهذا سيوجد نقطة احتكاك من شأنها أن تشعل المنطقة كلها. والقدس الكاملة فقط، وتحت حكم إسرائيلي، في إمكانها الحفاظ على سلام إقليمي".

 

ويتوعد نتنياهو بمحاربة الفصائل الفلسطينية المسلحة. ويشدد على أن "حكومة ليكود برئاسة نتنياهو، ستتعامل وتواجه أي عملية إرهابية، من خلال الرد بوضوح وحزم".

 

كديما

 ينبغي الإشارة بداية إلى أن ليفني تتحدث في برنامجها على احتمال التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين خلال 15 حتى 20 عاما. وترى أن "إستراتيجيتي واضحة تماما، وستكون هذه هي السياسة التي سأقودها كرئيسة للحكومة. إننا نريد السلام، ومن أجل تحقيق ذلك نحن على استعداد للتنازل عن أقاليم من الوطن وإتاحـة قيام دولة فلسطينية إلى جانب الدولة اليهودية. ومن أجل أن يحدث هذا ينبغي على الفلسطينيين الاعتراف بحقوقنا القومية في أرض إسرائيل، والتوقف بشكل كامل عن العمليات الإرهابية والتحريض، والتوقف عن تهديد أمن وسلامة مواطني إسرائيل. ومن أجل الاقتراب من هذه الغاية فإننا على استعداد للتحدث مع الجهات البراغماتية، مثل أبو مازن، حول صورة الترتيبات الدائمة والترتيبات الأمنية. وفي المقابل، نحن ملزمون بالدفاع عن سلامة وأمن مواطني إسرائيل، وإحباط العمليات الإرهابية، وتوجيه ضربات ضد من يسعى أو يخطط أو يحاول المس بنا، ومن دون أية مساومة. علينا أن نسقط حكم حماس في غزة بأسرع ما يمكن، من أجل تقوية من يريد السلام معنا، وعلى استعداد لتقديم تنازلات من الجانب الفلسطيني أيضا. وتوجيه الضربات للمتطرفين تعزز استعداد وقدرة البراغماتيين على التوصل إلى حل دائم، وحتى يتم ذلك ينبغي تنفيذ حلول وتحسينات متواصلة في الأوضاع الأمنية وفي جودة حياة الفلسطينيين من خلال الوضع القائم".

 

وترى ليفني أن الحل يكمن في إطار مبدأ دولتين للشعبين. لكنها اعتبرت في هذا السياق أن "إسرائيل هي الوطن القومي للشعب اليهودي. ويسعى كديما برئاستي إلى محاولة التوصل إلى اتفاق يسمح بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل من أجل أن نمنع بكل ثمن رؤيا الدولة الثنائية القومية التي يقود إليها متطرفون فلسطينيون وسياسة الرفض التي ينتهجها نتنياهو. والاستعداد لتقديم تنازلات مؤلمة هو الضمان للحفاظ على إسرائيل وطنا قوميا وديمقراطيا. ويستحق عرب إسرائيل (الحصول على) المساواة في الحقوق المدنية الكاملة في دولة إسرائيل. لكن تطبيق تطلعاتهم القومية يتم بمجرد قيام الدولة الفلسطينية. تماما مثلما تحقق إسرائيل كدولة يهودية التطلعات القومية للشعب اليهودي. فيهود أميركا يستحقون كافة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، لكن تطلعاتهم القومية يطبقونها في إسرائيل فقط وليس بواسطة حكم ذاتي يهودي في الولايات المتحدة".

 

وتبرر ليفني انحسار فكرة "أرض إسرائيل الكاملة" بالقول "لقد تربيت على أفكار (مؤسس التيار الصهيوني التنقيحي، زئيف) جابوتينسكي. وهو يمثل بالنسبة لي قيم الدولة اليهودية والديمقراطية والليبرالية. وهي القيم التي أؤمن بها حتى اليوم. وبالنسبة لجابوتينسكي، فإن أرض إسرائيل الكاملة كانت وسيلة وليست غاية. وكانت الغاية وما زالت هي ضمان وجود دولة يهودية في ارض إسرائيل. وهو يقول بوضوح إن دولة يهودية تعني دولة ذات أغلبية يهودية. وفي واقع بداية القرن العشرين، كانت هناك أهمية لأكبر ما يمكن من المساحة، من أجل استيعاب يهود العالم. وفي واقع العام 2008، فإنه يعيش في منطقة أرض إسرائيل الكاملة ملايين الفلسطينيين. أي أنه لا توجد إمكانية لإقامة دولة يهودية وأرض إسرائيل الكاملة في آن معا. ولأن الغاية أهم من الوسيلة ووفقا للقيم التي تربيت عليها، فإني أقول اليوم إن إسرائيل لن تتمكن من مواصلة السيطرة على جميع مناطق يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية) وفي الوقت ذاته أن تحافظ على هويتها. وبالنسبة لي فإن وجود دولة يهودية هنا هو أهم".

 

وتضيف "أنا لا أعتقد أنه عندما أقول إنه ينبغي إقامة دولة فلسطينية فإن هذا يعتبر تنازلا. وأعتقد أن هذه مصلحة إسرائيلية، مثلما كان الانسحاب من غزة مصلحة إسرائيلية. لأن البديل هو أن تسيطر إسرائيل على ملايين الفلسطينيين، وتتحول عمليا إلى دولة ثنائية القومية. والدولة الفلسطينية بالنسبة لي، هي قبل كل شيء أداة للحفاظ على دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، ومن خلال ذلك منح فرصة للفلسطينيين لتحقيق طموحاتهم القومية في الطريق إلى السلام والتسوية. وعدا ذلك فإنه إذا كان هناك احتمال للتوصل إلى اتفاقيات سلام مع الفلسطينيين والعالم العربي، فإنه يحظر علينا التنازل عن هذه الفرصة. وينبغي أن نكون حذرين، وأن نصرّ على مصالحنا، لكن يحظر علينا أن نفوت فرصة تحقيق مستقبل أفضل لنا ولأولادنا هنا في الشرق الأوسط".

 

وتتطرق ليفني في برنامجها الانتخابي إلى قضية الحدود والأراضي الفلسطينية التي ستنسحب إسرائيل منها. وتقول إن "كديما تؤيد حلا سياسيا بإقامة دولتين للشعبين. والتنازل عن مناطق من الوطن في يهودا والسامرة سيتم تنفيذه من أجل ضمان أن تستمر دولة إسرائيل في الوجود كدولة يهودية وديمقراطية، ذات أغلبية يهودية واضحة، وطابع وطني يهودي بارز. وسيعمل كديما على الحفاظ على الكتل الاستيطانية اليهودية الكبرى في يهودا والسامرة تحت السيادة الإسرائيلية، وعلى سيادة إسرائيل في القدس ومناطق أمنية. وأي حل سياسي سيكون مرتبطا بإعادة الأمن بداية وإزالة تهديد الإرهاب، قبل التنفيذ".

 

وفيما يتعلق بقضية القدس تعتبر ليفني أن "كديما يؤيد المفاوضات مع الفلسطينيين من خلال الحفاظ على المصالح الوطنية لدولة إسرائيل بما في ذلك وحدة القدس كعاصمة للشعب اليهودي. والقدس هي القلب النابض للشعب اليهودي والدولة اليهودية ولن نتنازل عنها أبدا. أنا أؤيد التفاوض واستغلال أية فرصة لإجراء مفاوضات، وهذا سيكون الموقف الذي نصر عليه في إطار المفاوضات".

 

وترفض ليفني بصورة قاطعة حق العودة للاجئين الفلسطينيين. وتقول إنه "لن يكون هناك دخول للاجئين فلسطينيين إلى إسرائيل في أي حال من الأحوال. لن يدخل أي لاجئ. ويهدف استعدادي للتنازل عن مناطق من الوطن إلى ضمان أن تكون إسرائيل دولة يهودية وذات أغلبية يهودية واضحة. وقيام الدولة الوطنية اليهودية هو الإطار لحل قضيتهم القومية، بما في ذلك قضية اللاجئين الذين سيكون في الإمكان استيعابهم فيها والعيش في وطنهم ودولتهم كشعب حر، تماما مثلما تسمح إسرائيل لكل يهودي يرغب في العيش في دولة يهودية بأن يتم استيعابه في إسرائيل. إن هذا هو شرط أساسي لأي اتفاق سلام، والفلسطينيون يعرفون جيدا أن هذا هو موقفي".

 

وتؤكد ليفني على أنها ستفكك البؤر الاستيطانية العشوائية، وتقول "إني لا أعتقد أن هذا أمر يتعلق باليمين أو اليسار. فأنا أرفض أن تكون هناك مجموعة معينة لا تعترف بالقانون الإسرائيلي وبالمحاكم الإسرائيلية. إن واجبنا كحكومة هو تطبيق القانون في كل مكان. أنا لا أفهم كيف لا يفكر أناس يدعون أنه ينبغي أن تكون إسرائيل صاحبة السيادة على المناطق (الفلسطينية) أن معنى ذلك هو أنه ينبغي تطبيق القانون هناك".

 

وتتطرق ليفني باستعلاء قومي إلى إمكانية وجود يهود في الدولة الفلسطينية. وتقول "أنا لا أؤمن أنه سيكون هناك يهود يرغبون في البقاء تحت حكم فلسطيني. فدولة إسرائيل هي دولة يهودية وديمقراطية تحافظ على حقوق الإنسان والأقليات. وأنا لست مقتنعة من أن دولة فلسطينية ستحافظ على هذه القيم. نحن لا نريد أن نكون مثلهم، على الرغم من أننا سنكون سعداء إذا ما رغبوا في أن يكونوا مثلنا".

 

وتتابع ليفني "إني مؤمنة بأنه في نهاية المطاف سنتمكن من العيش بسلام، في دولتين قوميتين، يهودية وفلسطينية، الواحدة إلى جانب الأخرى. وعندما يتحقق هذا سيكون في الإمكان إبرام اتفاقيات اقتصادية فيما يتعلق بعمل فلسطينيين في إسرائيل أيضا. وحتى ذلك الحين، فإن القيود المفروضة على دخول فلسطينيين إلى إسرائيل نابعة من تخوف أمني مبرر، وينبغي إبقاؤها حتى يتم قطع دابر الإرهاب بالمطلق".

 

وتعتبر ليفني، لدى تطرقها إلى مسألة ما إذا كان هناك شريك فلسطيني "إننا لم نختر جيراننا ولا شركاءنا. إننا نريد مواصلة التفاوض مع الجهات الفلسطينية المهتمة حقا بالسلام والتعايش. وتوجد جهات كهذه في الجانب الثاني، وتوجد أيضا قوى متطرفة، مثل حماس، هدفها القضاء على دولة إسرائيل. وإذا لم نكن مستعدين للتحدث مع الجهات البراغماتية في الجانب الفلسطيني، بادعاء أنهم ليسوا أقوياء بما فيه الكفاية، فإننا نضعفهم بأيدينا ونقوي حماس. وعلينا أن نعرض أمام الجمهور الفلسطيني أيضا الثمن الذي سيدفعه جراء استمرار العنف والإرهاب، ولكن أيضا الفائدة التي سيحققها من طريق السلام والمفاوضات. وفقط عندها سيكون بالإمكان حل حكم حماس والتوصل إلى اتفاقات مستقرة مع القيادة المعتدلة في السلطة الفلسطينية".

 

وحول احتمال إجراء مفاوضات مع حماس تقول ليفني إن "حماس ليست شريكا ولا يمكنها أن تكون شريكا. حماس هي منظمة إرهابية، تدعو إلى القضاء على إسرائيل. وأنا قُدت عملية تقول فيها الأسرة الدولية إنه لا توجد مفاوضات مع من لا يقبل بالشروط الأساسية، وهي الاعتراف بإسرائيل ونبذ طريق العنف واحترام جميع الاتفاقيات السابقة. ويحظر على إسرائيل بالذات أن تكون هي من سيكسر هذه التفاهمات الدولية".

 

وتتطرق ليفني إلى مبادرة السلام العربية، وترى أن "مبادرة السلام السعودية هي نقطة انطلاق للمفاوضات. فلأول مرة تتحدث جميع الدول العربية على سلام واعتراف بإسرائيل وتعارض حلا عسكريا للصراع. ونحن لن نوافق على مطالب تتناقض مع مصالحنا وبالتأكيد لن نوافق على دخول لاجئين (فلسطينيين) إلى دولة إسرائيل. لكن من الجهة الأخرى فإنه ليس صائبا أن نرفض وحسب، وأن نقول لا وحسب، وبذلك ربما نفوت فرصة تاريخية. وأكثر من ذلك، فإن هذه المبادرة هي دليل أيضا على أن الدول العربية تدرك أن السلام سيتحقق من خلال المفاوضات، وليس من خلال وضع إنذارات وهذا إنجاز كبير للسياسة الإسرائيلية".

 

العمل

 يرى حزب العمل أنه "أولا: يواصل طريق رئيس الحكومة (الأسبق) إسحاق رابين. ويقر أن السلام هو مصلحة وطنية عليا لدولة إسرائيل. وسيجلب السلام والأمن نموا اقتصاديا وتصحيحا اجتماعيا. والسلام والأمن والرفاه مرتبطون ببعضهم بعضا. ثانيا: يرى حزب العمل في العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا ذخرا إستراتيجيا. وسيواصل الحزب جهوده من أجل التوصل إلى اتفاقيات سياسية في المنطقة، من خلال تنسيق المواقف وتجنيد تأييد الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة (للرئيس باراك أوباما). ثالثا: سيجري حزب العمل مفاوضات سياسية في الوقت الذي يخوض فيه حربا على العنف والإرهاب، من أجل ضمان أمن دولة إسرائيل ومواطنيها. وسيعمل حزب العمل على إنهاء المفاوضات مع السلطة الفلسطينية بسرعة، ووضع حد للصراع والتوقيع على اتفاق يستند إلى المبادئ التالية:

•دولتان قوميتان لكلا الشعبين، تعيشان بسلام الواحدة إلى جانب الأخرى. ويتم رسم الحدود بين الدولتين من خلال المفاوضات بين الجانبين. وستبقى الكتل الاستيطانية تحت السيادة الإسرائيلية، والمستوطنات في يهودا والسامرة التي لا تقع في الكتل الاستيطانية التي سيتم ضمها، سيتم إخلاؤها بالاتفاق، وسيتم تعويض المستوطنين وفقا لقانون الإخلاء والتعويض. وسيهتم حزب العمل بإخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية بموجب تعهدات دولة إسرائيل الدولية.
•القدس، بجميع أحيائها اليهودية (بينها الأحياء الاستيطانية في القدس الشرقية) هي العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل وستبقى كذلك. وسيتم إنشاء نظام خاص في البلدة القديمة والحوض المقدس، ليحقق تعبيرا عن خصوصية المكان بالنسبة للديانات الثلاث. وستبقى الأماكن اليهودية المقدسة تحت حكم إسرائيلي. وسيعمل حزب العمل من أجل الحصول على اعتراف دولي بالقدس كعاصمة إسرائيل.
•ينبغي ضمان التزام السلطة الفلسطينية بالحفاظ على الأمن والاستقرار والهدوء، بما في ذلك في غزة، في أي اتفاق سلام. ولن تخلي دولة إسرائيل مناطق من دون ضمان أمن مواطنيها.
•سيطرح حزب العمل مسار سلام إقليمي شامل، يتطرق إلى الخطة السعودية (أي مبادرة السلام العربية) لتشكل أساسا لمفاوضات من أجل تسوية الصراع بين إسرائيل والدول العربية. إن هدف أي اتفاق هو تحقيق السلام والتعاون في المنطقة. ويتم حل قضية اللاجئين (الفلسطينيين) في إطار اتفاق معقول، بمشاركة الدول العربية والأسرة الدولية، لكن من دون منح حق العودة. وسيسعى حزب العمل إلى التوصل إلى اتفاق خلال سنتين.
•يرفض حزب العمل انسحابات أحادية الجانب".

 

الموقف من سورية

 الليكود

 

 

يتجاهل الليكود ونتنياهو مسار المفاوضات مع سورية، علما أن نتنياهو كان قد أجرى اتصالات سرية مع سورية خلال فترة رئاسته للحكومة، وحتى أن خصومه السياسيين في إسرائيل "يتهمونه" بأنه وافق على الانسحاب من هضبة الجولان.

 

كديما

 تقول ليفني في شأن المفاوضات مع سورية إن "كديما يسعى إلى تحقيق السلام والحفاظ بحرص فائق على الأمن والمصالح القومية للدولة. وبعد سنوات من المحاولات الفاشلة للتوصل إلى سلام مع سورية، فإنه من الواضح أن سورية هي التي ينبغي عليها أن تثبت نواياها وجاهزيتها للسلام مع إسرائيل. ويمكن توفير هذا الإثبات فقط في حال انفصلت سورية عن محور الشر وألغت حلفها مع إيران، وتوقفت عن تسليح حزب الله وطردت قيادات حماس من أراضيها. فنوايا السلام لا يمكنها أن تعيش سوية مع التشجيع النشط للإرهاب الإسلامي المتطرف. وإذا نفذت سورية ذلك، فإني سأكون مستعدة للدخول في مفاوضات مباشرة على اتفاق سلام معقول ويحافظ على المصالح الأمنية والقومية الجوهرية لإسرائيل".

 

وتضيف ليفني، فيما يتعلق بالانسحاب من الجولان، أنه "قبل الخوض في المسألة الإقليمية، يتعين على السوريين التوقف عن كونهم مركزا أساسيا للإرهاب في منطقتنا، والتوقف عن كونهم سندا لحماس وحزب الله والانفصال عن محور الشر الإيراني. وواضح للجميع أن للسلام مع سورية ثمنا، لكني لا أعتقد أنه يجب أن استعرض منذ اليوم نقطة النهاية للمفاوضات، لأن أي مقولة حول تنازل محتمل ستتحول عمليا إلى نقطة بداية للمفاوضات. وفي إطار مفاوضات سلام سأحافظ على الأمن ومصالح الدولة".

 

العمل

 يرى برنامج حزب العمل أنه "ينبغي حل الصراع مع سورية بواسطة اتفاق سلام، يستند إلى تنازل إقليمي وترتيبات أمنية. وفي المقابل سيتعين على سورية ضمان حدوث تغيّر جوهري في سياستها الإقليمية وتطبيع كامل لعلاقاتها مع إسرائيل. وعلى سورية التوقف عن مساعدة دول ومنظمات تسعى إلى نفي وجود دولة إسرائيل. وسيشمل اتفاق سلام مع سورية اتفاقا مع لبنان، الذي سيحقق سلاما شاملا ويؤدي إلى تفكيك محور الشر: إيران - سورية - حزب الله".

 

الموقف من إيران

 

 

الليكود

 يفتتح الليكود ونتنياهو برنامجه الأمني- السياسي بالحديث عن "الخطر الإيراني". ويقول نتنياهو إنه حذر الكونغرس الأميركي من "الخطر الإيراني" منذ أن كان رئيسًا للحكومة في العام 1996، ودعا الولايات المتحدة إلى مواجهة إيران في حينه. ويرى نتنياهو أن "إيران قريبة من الحصول على سلاح نووي أكثر من أي وقت مضى، وهذا وضع سيتحول إلى خطر وجودي داهم على دولة إسرائيل وسيخرق بصورة متطرفة توازن القوى في منطقتنا وبعد ذلك سيشكل خطرا على العالم كله".

 

ويضيف نتنياهو أن "إيران متسلحة بسلاح نووي ستشكل سابقة تاريخية، تتمثل في حيازة نظام عسكري غير عقلاني أسلحة دمار شامل. وستحظى مجموعات إرهابية بدعم قوة نووية، وستواجه موارد النفط العالمية خطرا متزايدا بسرعة وستبدأ عملية تزايد ملحوظ لكميات السلاح النووي في أنحاء العالم. إضافة إلى ذلك فإن إيران قد تسلح الخلايا الإرهابية الخاضعة لسيطرتها بسلاح نووي، وسيصبح احتمال ردع النظام الإيراني ومنعه من القيام بذلك بالأساليب المتبعة غير قائم".

 

ويتابع نتنياهو أن "إسرائيل ليست الدولة الوحيدة التي تقف أمام هذا الخطر. وعلى الرغم من أن إسرائيل هي الهدف الأول للصواريخ الإيرانية، إلا أن أوروبا أيضا تقف أمام الخطر نفسه. ومنذ الآن يعمل الإيرانيون على تطوير صواريخ طويلة المدى ستصل أيضا إلى دول الاتحاد الأوروبي، وخلال سنوات قليلة، حتى إلى القارة الأميركية. إن منع إمكانية اقتناء إيران سلاحا نوويا، ينبغي أن يكون على رأس سلم أولويات الحكومة المقبلة، سواء أكان هذا الأمر يعني تجنيد الرأي العام العالمي لدعم فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على إيران أو الاستعداد لرد فعل عسكري مناسب، في حال فشلت جميع المحاولات الأخرى".

 

 

كديما

 تعتبر ليفني أيضا أن "الخطر الإيراني هو التهديد الأكبر على دولة إسرائيل. ويجري تنفيذ عمليات متنوعة جدا من أجل محاولة مواجهة الخطر. والحديث يدور على خطوة واسعة جدا وإسرائيل هي جزء منها فقط. ومما لا شك فيه أن الخطر الإيراني يهدد استقرار المنطقة وحتى أكثر من ذلك. وتحتفظ إسرائيل لنفسها بالحق في الدفاع عن نفسها ويعرف الإيرانيون وحلفاؤهم ذلك جيدا، ولا أريد أن أضيف على ذلك".

 

العمل

 يرى "حزب العمل في إيران أنها تشكل الخطر المركزي على سلامة العالم واستقرار المنطقة، وتكمن في إيران قدرة لتشكيل خطر وجودي على دولة إسرائيل. وسيعمل حزب العمل بكافة الوسائل الشرعية من أجل عزل إيران دوليا وإزالة الخط النووي".

 

خلاصة

 إن إجماع الأحزاب الإسرائيلية، وخصوصا الأحزاب الثلاثة الكبرى، على الربط بين الحل السياسي والترتيبات الأمنية من جهة، ومعارضتها البالغة للمطالب الفلسطينية فيما يتعلق بقضايا الحل الدائم، وخصوصا اللاجئين والقدس والحدود، من الجهة الأخرى، يبعد احتمالات التوصل إلى اتفاق أو حل قريب لإنهاء الصراع.

 

وفي الوقت الذي ترجح استطلاعات الرأي العام وصول حزب الليكود برئاسة نتنياهو إلى الحكم، فإن احتمال التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين هو أمر غير واقعي. ولن يختلف الوضع كثيرًا في حال وصول حزب كديما برئاسة ليفني إلى الحكم. إذ أن ليفني تتحدث عن حل الصراع بعد 15 أو 20 عاما. كما أنها تتحدث عن المفاوضات أكثر مما تتحدث عن اتفاق. وحتى أن الكثير من المحللين في إسرائيل يعتبرون أن لدى ليفني إستراتيجيا مفاوضات وليس لديها إستراتيجيا للتوصل إلى اتفاق.

 

ولا تعني هذه المواقف المتعنتة للأحزاب الإسرائيلية المرشحة للفوز بالسلطة أنها لن تجري مفاوضات سياسية، خصوصا مع الفلسطينيين. فالقناعة في إسرائيل، والتي تستند إلى تجربة السنوات الماضية، هي أنه عندما تكون إسرائيل في خضم عملية مفاوضات، فإنها لا تتعرض لضغوط دولية، خصوصا من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وبالإمكان المراهنة على أن إسرائيل، مهما تكن هوية حكومتها المقبلة، ستجري مفاوضات مع الفلسطينيين وربما مع سورية أيضا، لمنع ممارسة ضغوط عليها من جانب الإدارة الأميركية الجديدة، وبعد أن أعلن الرئيس الأميركي الجديد، باراك أوباما، أن إدارته تعتزم السعي بصورة "نشطة وقوية" لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات