المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

حركة "محسوم ووتش" النسائية السلامية الاسرائيلية توثق في تقرير موسع أنواع ممارسات التنكيل بالفلسطينيين على الحواجز في الضفة الغربية المحتلة

أصدرت حركة "محسوم ووتش" النسائية السلامية الاسرائيلية تقريرا موسعا يوثق أنواع ممارسات التنكيل بالفلسطينيين على الحواجز في الضفة الغربية المحتلة، وأعلنت أنها بصدد تقديمه لهيئات حقوقية دولية لتعرض هذا الجانب من عذابات الفلسطينيين في المناطق الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967.

وحركة "محسوم ووتش" تضم حوالي 500 امرأة من النساء اليهوديات يتطوعن بالتناوب يوميا على مراقبة حواجز الاحتلال من شمال الضفة الغربية وحتى جنوبها، وجاءت التسمية من محسوم (عبرية) وتعني حاجز، و"ووتش" (انجليزية)، وتعني مراقبة. وظهرت الحركة لأول مرّة في العام 2001، بعدد قليل من النساء، ثم راحت تتوسع أكثر.

وتحاول عضوات الحركة في الكثير من الأحيان مساعدة الفلسطينيين على الحواجز، مثل استدعاء جهات معينة وذات صلة لمساعدة فلسطيني معين على عبور الحاجز في حال نشأت مشكلة مع جنود الاحتلال المتواجدين على الحاجز، على الرغم من ان عضوات الحركة يواجهن هنّ ايضا، في كثير من الأحيان، تعاملا فظا من قبل جنود الاحتلال.

ويشهد الفلسطينيون لعضوات الحركة نشاطهن الانساني، الذي لا يتوقف عند حد المراقبة فقط، لا بل يمتد إلى تقديم المساعدات الإنسانية، مثل المساعدة على العبور والمساعدة في نقل الاغراض، وغيرها الكثير.

وحسب التقرير فقد قامت عضوات الحركة، خلال العام الماضي 2004، وهي الفترة التي يعالجها التقرير، بأكثر من ثلاثة آلاف مناوبة على مختلف الحواجز، وفي كل مناوبة هناك على الأقل ثلاث متطوعات، وتركز عمل المتطوعات في 40 حاجزا بالأساس، إلى جانب زيارات بين الحين والآخر الى حواجز أخرى مثل تلك التي في جبل الخليل.

يقول التقرير إنه بناء على تقرير جمعية تابعة للأمم المتحدة في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي فقد انتشر في انحاء الضفة الغربية 719 حاجزا عسكريا وترابيا وعوائق. وجاء في التقرير: إن كل من يمر في أحد الشوارع السريعة في الضفة يستطيع رؤية الحواجز الترابية التي تسد الطرقات المؤدية إلى القرى الفلسطينية.

ويتطرق التقرير بالأساس الى الحواجز المقامة بين قرى الضفة الغربية، التي تعيق التنقل بين قرى ومدن الضفة وليس في اتجاه اسرائيل، ويؤكد أن التعليمات الصادرة للجنود بشأن كيفية التعامل مع الفلسطينيين هي في حالة تقلب وتغير دائم، ويغلب عليها مزاج وسياسة الجنود المتواجدين على الحاجز.

ويقول التقرير إن حركة كل فلسطيني حين يقرر مغادرة بلدته مرهونة ببطاقة ممغنطة (ذات خط مغناطيسي) يمررها الجنود على الحاجز لمعرفة ما إذا كان العابر مطاردا، لكن الأمر لا يتوقف هنا، فإن عملية استصدار هذه البطاقة هي رحلة عذاب بحد ذاتها، إذ عليه ان يستصدرها من مكتب التنسيق الاسرائيلي الفلسطيني، ولكن الأمر مرتبط بالاجراءات الاسرائيلية.

ويتركز التقرير في مسألتي الانتظار الطويل، والاحتجاز لساعات طويلة جدا، لمن يقرر الجنود ان الشخص الذي امامهم "مشبوها" من ناحية قوات الاحتلال الإسرائيلي. وأطول فترات الاحتجاز هي تلك التي يتدخل فيها جهاز المخابرات الاسرائيلية العامة، "الشاباك". وتمتد فترة الانتظار من 20 دقيقة على أقل تعديل الى خمس ساعات، وفي بعض الحالات وصلت فترة الانتظار إلى أكثر من عشرين ساعة. ويقول التقرير انه في بعض الحالات التي كانت نشيطات الحركة تراقبها تم اعتقال الاشخاص الذين كانوا ينوون عبور الحاجز.

ومن أنواع الاحتجاز، هناك الاحتجاز العقابي، بمعنى ان عملية الاحتجاز هي عقوبة لمن يقرر أحد الجنود انه يريد معاقبته، وهذا لأتفه الأسباب، ومنها أن الشخص لم يتوقف عند الخط الذي طلب منه الجندي ان يقف عنده، أو لأن الشخص ناقش وجادل الجندي، أو انه دخل إلى دور ليس له. ومن أشكال العقاب وضع الشخص او الأشخاص تحت وطأة الشمس لساعات، جالسين القرفصاء، أو جعلهم يقفون ووجوههم إلى الحائط، وتطلق قوات الاحتلال على هذا النوع من التنكيل مصطلح "اجراء تربوي".

أما بشأن عمليات الانتظار فإنه عادة في ساعات الخروج الطبيعية، مثل ساعات الصباح، يكون اكتظاظ على الحواجز، ويضطر الفلسطينيون للانتظار ساعات طويلة بسبب عدم انتظام الجنود، وقلة خبرتهم، او من باب ان الضابط قرر الابطاء في الاجراءات من باب التنكيل ايضا، كما ان الوحدة القائمة على الحاجز قد تقرر في لحظة ما اغلاق الحاجز لساعات، وهو اجراء تنكيلي يطلق عليه الجنود مصطلح "وقف الحياة"، وهنا يضطر الفلسطينيون للانتظار ساعات من دون حراك حتى يقرر الضابط فتح الحاجز.

ويستعرض التقرير عشرات القصص كنماذج، ويركز بشكل خاص على معاناة المرضى وكيف ان جنديًا لا يفهم بالطب يعطي لنفسه الحق في ان يقرر بأن الحالة التي أمامه حرجة صحيا أم لا. ويقول التقرير انه في حالات كثيرة صادفتها عضوات الحركة، عرض جنود الاحتلال على المرضى الذين ليس بحوزتهم تصاريح عبور ان ينتقلوا بواسطة سيارة اسعاف، وان هذا مطلب صعب للكثيرين، الذين ليس لديهم المال ليدفعوا لسيارات الاسعاف، التي هي ايضا يتم احتجازها وفحصها لفترات زمنية متفاوتة، واحيانا لساعات.

كذلك يتعرض التقرير الى معاناة العائلات التي تمر مع اطفالها، وتزعم قوات الاحتلال أنه حين يحمل الوالد طفله على حضنه فإنه يكون مشبوها، لأن "عادة الرجل العربي ان لا يحمل اطفاله بل يريد اختلاق الحجج للتهرب من التفتيش"، على حد مزاعم جنود الاحتلال.

ويخصص التقرير حيزا لجرائم واعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في الحواجز، إذ تفسح لهم قوات الاحتلال التدخل في بعض الأماكن، وخاصة في شمال منطقة نابلس شمال الضفة الغربية.

ويفند التقرير مزاعم جيش الاحتلال، بين الحين والآخر، حول التسهيلات ورفع الحواجز. وجاء في التقرير: "حين يعلنون بصوت جهوري عن تسهيلات للفلسطينيين، ويفتحون أحيانا بعض الحواجز الثابتة أمام حركة مواصلات، فإنهم خلال وقت قصير يغلقونها من جديد، من دون أي بيان أو إعلان".

وتقول الحركة في تقريرها إنها تلقت في نهاية العام الماضي قائمة من وزارة الدفاع الإسرائيلية بالحواجز التي شملتها التسهيلات المعلنة، وبعد فحص لقسم كبير من هذه الحواجز، تبين انها بقيت على حالها، ولم يتم ازالتها، أو أنه سرعان ما أعيد وضعها. وعلى ما يبدو فإن هدف هذه السياسة هو "إبقاء الفلسطينيين في حالة تشويش وعدم معرفة المستقبل وخلق نوع من البلبلة لديهم، من دول ان تكون لهم أي بادرة للتفاؤل بشأن المستقبل، ففجأة يعلنون انه مسموح لحاملي بطاقات هوية السلطة الفلسطينية العبور من نقطة ما، وبنفس الوقت نرى انهم يبنون الجدار في نفس النقطة، بمعنى ان العبور المعلن لن يكون مفتوحا وانما مشروطا".

ويؤكد التقرير، الذي يمتد على أكثر من 60 صفحة باللغة العبرية بالاضافة الى الجداول والقوائم، الكثير من الروايات وشهادات عضوات الحركة على الحواجز المختلفة. ويقول التقرير إن الحواجز هي غير شرعية لأن الاحتلال برمته ليس شرعيا، ويجب أن تنتهي مأساة الحواجز حتى قبل أن يزول الاحتلال كليا.

يذكر أنه على الرغم من أهمية التقرير وعزم معديه تقديمه لهيئات دولية في الخارج، إلا أنه لم يحظ بتغطية إعلامية ملائمة في وسائل الإعلام الإسرائيلية، باستثناء بعض الأخبار العابرة في عدد من مواقع الانترنت الاسرائيلية.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات