المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • أحزاب وحركات سياسية
  • 1535

*بقاء حزب "العمل" في حكومة أولمرت بعد ضمّ ليبرمان يعتبر تصعيدا جديدا لأزمة الحزب *عمير بيرتس بدأ طريق النهاية السياسية *المعركة على رئاسة الحزب بدأت منذ الآن أكثر احتدادا *القرار فرصة لأوفير بينيس لإثبات مصداقيته ولتسريع تحركاته نحو القمة *المحللون والمراقبون أجمعوا على انتقاد حزب العمل ووصل بعض ذلك إلى درجة السخرية من الحزب*

 

يشكل قرار اللجنة المركزية لحزب "العمل" الإسرائيلي، مساء الأحد 29/10/2006، الموافقة على بقاء الحزب في حكومة إيهود أولمرت، حتى بعد ضم النائب العنصري المتطرف أفيغدور ليبرمان وحزبه "إسرائيل بيتنا" إلى الحكومة، تصعيدا آخر في الأزمة التي يعيشها الحزب منذ سنوات طوال، وتتصاعد من حين إلى آخر.

فقد أفرز القرار، الذي اتخذ بالأغلبية في اللجنة المركزية التي تضم 2400 عضو، معسكرين واضحين، ولكن كل معسكر يضم عدة أقطاب ومعسكرات. وإذا كنا اليوم نتحدث عن حالة تمرد متفاوتة في داخل الكتلة البرلمانية التي تضم 19 نائبا، فإن هذا القرار سيحول التمرد إلى حالة شرخ دائم، وعدم تماسك الكتلة البرلمانية، وهو شرط يحتاجه كل حزب لتثبيت مكانته في الحلبة السياسية.

لقد اعتمد رئيس الحزب، عمير بيرتس، في هذا القرار على عدة أجنحة لها وزنها في الحزب، أهمها قطاع القرى التعاونية، الكيبوتسات والموشافيم. وبحسب محلل الشؤون الحزبية في الإذاعة الإسرائيلية، حنان كريستال، فإن هذا القطاع يعاني من أزمة مالية، ووجود مندوبه، الوزير شالوم سمحون، في وزارة الزراعة سيساعده كثيرا في تخطي الأزمات.

كذلك اعتمد بيرتس على موظفي اتحاد النقابات العامة، الذي هجره قبل نحو عام إلا أن أنصاره ما زالوا يتحركون فيه، إضافة إلى معسكره الثابت داخل الحزب.

وفي المقابل فإن المعارضة العقائدية ضد البقاء في الحكومة لم تنجح في اجتياز عقبة هذه المعسكرات، وهي تضم حاليا ثمانية نواب من أصل 19 نائبا، وهي قوة لا يستهان بها. وعلى الرغم من أن الانشقاق حاليا في الكتلة البرلمانية هو أمر مستبعد، إلا أن هذا لا يعني أنه لن يكون على المدى البعيد، خاصة بعد ظهور نتائج الانتخابات لرئاسة الحزب، التي من المفترض أن تجري في شهر أيار/ مايو القادم.

إلا أن كتلة "العمل" منذ الآن ستتحرك ككتلتين في داخل كتلة واحدة، وهذه ضربة مركزّة وموجهة ضد رئيس الحزب عمير بيرتس، الذي يفقد سيطرته على الحزب باستمرار.

يشار هنا إلى أن قرار اللجنة المركزية لا يعني إطلاقا نصرا لعمير بيرتس، بل هو نتيجة لتلاقي مصالح بعض الأجنحة في الحزب، ومن بينها من يعارض بيرتس في رئاسة الحزب.

ويرى محلل الشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس"، يوسي فيرتر، أن القرار في حزب "العمل" نابع من دوافع شخصية، وبشكل خاص التنافس على رئاسة حزب "العمل" في ربيع العام القادم 2007، ولكن هذا أمر سيحكمه تصرف النواب الذين عارضوا انضمام ليبرمان، في الأشهر المقبلة. فإن "كل شيء في حزب العمل يبدأ وينتهي حول التنافس على رئاسة الحزب، وفي السنوات الست الأخيرة استبدل الحزب خمسة رؤساء له، والآن يستعد لانتخاب الرئيس السادس".

ويوجه فيرتر أسئلة ثاقبة إلى الأسماء البارزة في الحزب بعضها سنأتي عليه لاحقا، ولكن من بينهم وزيرة التربية والتعليم، يولي تامير، ويقول: "لقد كانت من قادة حركة السلام الآن، يسارية تثير الاعتزاز، ومن يؤمن الآن أنها تؤيد الجلوس كشريكة لليبرمان في الحكومة، ولكن على ما يبدو من الصعب عليها الانفصال عن حقيبة التعليم التي تمنت كل حياتها السياسية بالوصول إليها".

أما عامي أيالون فإنه، من وجهة نظر فيرتر، يؤيد البقاء في الحكومة، لأنه يقرأ تفوقه في استطلاعات الرأي، وبرأيه أنه حين سيفوز في الانتخابات لرئاسة الحزب فإنه سيستبدل عمير بيرتس في حقيبة الدفاع.

ونفس وجهة النظر نقرأها لدى مراسل الشؤون الحزبية في صحيفة "معاريف"، نداف إيال، الذي يفتتح مقاله بالقول: "هناك إثباتات جيدة على انسلاخ حزب "العمل" عن الجمهور الإسرائيلي".
ويقول إيال إن حزب العمل سيكون مشغولا في الفترة المقبلة بالانتخابات لرئاسة الحزب، وهناك عدد مثير من المتنافسين على منصب رئيس الحزب، عمير بيرتس وبنيامين بن إليعيزر وأفيشاي برافرمان وعامي أيالون، ولربما إسحق هيرتسوغ وإيهود باراك وداني ياتوم وأوفير بينيس، ولهذا فإن أي تحرك في الحزب سيكون مرتبطا بهذه المنافسة.

أما المحلل السياسي البارز في صحيفة "هآرتسعوزي بنزيمان، فإنه ينعي الأيديولوجيا في حزب "العمل" ويقول في مقال له تحت عنوان "عراة من كل أيديولوجيا": إن القرار المتوقع في اللجنة المركزية لحزب "العمل" حول بقاء الحزب في حكومة أولمرت، يجعلنا نستحضر وصفا جديدا للحزب، أكثر حدة من سابقيه: موت الأيديولوجيا في الواقع السياسي الحالي في إسرائيل".

ويضيف بنزيمان "إذا كان عمير بيرتس ويولي تامير قادرين على الجلوس في حكومة واحدة مع ليبرمان، فهذا إشارة كافية ولا حاجة لكل الكلام، ليس فقط لأن بيرتس أعلن في الماضي أنه لن يوافق على الشراكة مع ليبرمان، وإنما لأنه وحزبه تبجحا بالادعاء أن لديهما وجهة نظر مغايرة عن حزب إسرائيل بيتنا (بقيادة ليبرمان)".

 

إن هذا النقاش العاصف في وسائل الإعلام الإسرائيلية، دون استثناء، سيكون له انعكاس كبير على مستقبل حزب "العمل"، فمثل هذه الحملة شهدناها في نهاية العام 2000، ضد رئيس الحكومة الأسبق إيهود باراك، وقادت إلى انهيار حكومته وخسارته رئاسة الحكومة أمام أريئيل شارون، في شهر شباط/ فبراير من العام 2001.

لقد ترسخت في المجتمع الإسرائيلي فكرة أن حزب "العمل" هو حزب يفتقر للبرنامج السياسي، وللنهج السياسي الواضح، وأنه أصبح حزباً تابعاً لكل رئيس حكومة يظهر على الساحة الإسرائيلية، دون الأخذ بالاعتبار التباين في وجهات النظر، وأن ما تبقى من قوة للحزب في الساحة الإسرائيلية هو فقط نتيجة التأثيرات السابقة له في الساحة الإسرائيلية. ومن مؤشرات هذا تراجعه الحاد بين أوساط الشباب في إسرائيل، الذين بغالبيتهم الساحقة إما يتوجهون إلى اليمين أو إلى الامتناع عن التصويت، وفي الانتخابات الأخيرة كانت أعلى نسبة بين اليهود الممتنعين عن التصويت هي لدى الجيل الشاب.

 

بيرتس وبداية النهاية

 

يكاد لا يختلف اثنان في إسرائيل حول حقيقة أن عمير بيرتس بدأ طريق نهايته السياسية، منذ أن قبل بتولي حقيبة الأمن (الدفاع) في حكومة إيهود أولمرت، ومن ثم شن حرباً على قطاع غزة، وفي أوجها شن حربا على لبنان، واليوم يهدد بحرب ثالثة على قطاع غزة، بعد أن هجر كل أجندته الاقتصادية الاجتماعية، التي جعلها رافعة له في الحلبة السياسية ووصل من خلالها إلى زعامة حزب "العمل".

 

وجرت العادة أن يكون تمايز في الآراء في الصحافة الإسرائيلية في الموقف من قضية معينة. غير أنه في حالة قبول حزب "العمل" بالبقاء في الحكومة حتى بعد ضم ليبرمان، هاجم الجميع الحزب وعمير بيرتس في عدة اتجاهات.

 

بداية لكون بيرتس أعلن جهارة أنه يرفض أية شراكة مع ليبرمان، وثانيا لأن بيرتس نقض جميع وعوده الانتخابية، مقابل فتات حصل عليه من أولمرت، كما أنه لم نلمس عامل المفاجأة في الحلبتين السياسية والإعلامية لهذا التقلب في موقف حزب "العمل"، وهناك من راهن، وكسب الرهان، بأن حزب "العمل" سيبقى في الحكومة بعد ضم ليبرمان.

وتستذكر المراسلة والمحللة للشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس"، مازال معلم، أنه في نفس هذه الفترة من العام الماضي، 2005، وتحديدا في التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر، كان عمير بيرتس، الذي انتخب حديثا لرئاسة الحزب (في حينه) "يتجوّل وفي جيبه رسائل استقالة وزراء حزب العمل من حكومة أريئيل شارون، التي استخرجها منهم تحت ضغط".

وتقول معلم "إن بيرتس لم يضع الوقت في حينه، حين أراد أن يرسم لنفسه الحدود بصفته صاحب البيت (رئيس الحزب)، وبالأساس أمام رئيس الحكومة أريئيل شارون. لقد أراد ضمان استقالة وزراء حزب العمل وتقديم موعد الانتخابات البرلمانية، وقبل مرور عام على هذا فإن نهج بيرتس لا يزال على حاله، تحرك متردد وصمت طويل إزاء القضايا الحارقة، إن نهج بيرتس يتميز بالالتوائية، وتصريحات لا أساس لها، وتراجعات أضرت كثيرا بمكانته كقائد للحزب، وبالأجندة الاجتماعية والسياسية التي لوح بها على مدى سنوات".

وتعدد مازال معلم وعود بيرتس التي نقضها، وأولها أنه تسلم حقيبة لا تمت لتميزه بأية صلة، حقيبة الأمن، بدلا من حقيبة المالية أو حقيبة اجتماعية، وتقول معلم "إن موافقته على حمل هذه الحقيبة تسببت له بكارثة سياسية".

وتتابع معلم أن بيرتس وعد برفع الحد الأدنى للأجر من 750 دولارا إلى ألف دولار، وهذا ما لم يتحقق، كما أنه وعد بإخلاء البؤر الاستيطانية، وقد صرح عدة مرات أنه أصدر أوامر للجيش الإسرائيلي بالاستعداد لإخلائها وكان آخرها قبل أسبوعين، وبعد ذلك تبين أن بيرتس ذهب إلى المستوطنين لإقناعهم بإخلاء البؤر بإرادتهم.

وتقول معلم: في يوم الثلاثاء الماضي تراجع بيرتس عن تصريحه الذي أطلقه منذ أسبوعين، حين إتضح له ان رئيس الحكومة إيهود أولمرت ينوي ضم ليبرمان للحكومة. وقال بيرتس قبل أسبوعين "إنني لا أرى أية إمكانية لائتلاف مشترك مع حزب إسرائيل بيتنا، ولا يجري الحديث عن شطب على أساس شخصي، وإنما عن نهج ورؤية مختلفة تماما في جميع المجالات بين إسرائيل بيتنا والعمل".

ويوم الخميس الماضي صدرت صحيفة "هآرتس" بمقال لهيئة التحرير حاد عن عنوان: "ما الذي تبقى من عمير بيرتس"، وذهب للدعوة إلى انشقاق في الحزب وبشكل مباشر، إذ جاء في المقال: "إذا كانت هناك لحظة ملائمة للانشقاق في حزب العمل، على أساس قضية مبدئية مثل انضمام أفيغدور ليبرمان وإسرائيل بيتنا للحكومة، فإن هذه هي اللحظة".

وتابع المقال الافتتاحي: "إذا ما صادقت اللجنة المركزية لحزب العمل على انضمام ليبرمان للحكومة، ومقابل هذا الخضوع الكامل يحظى حزب العمل برشوى هامشية على شاكلة منصب نائب الدفاع لأفرايم سنيه، فإننا نأمل من الذين لا تزال مسيرتهم السياسية معقولة ومنطقية إلى الآن، مثل أوفير بينيس وإيتان كابل ويولي تامير، أن يعلنوا أن لا مكان لهم في الحكومة".

وتقول "هآرتس": "لقد خيب بيرتس أمل ناخبيه في كل ناحية ممكنة، فخلال نصف سنة على ولايته خادع بيرتس بمهمته الشعبية، حين امتنع عن الحصول على حقيبة اقتصادية اجتماعية، وبدلا منها تولى حقيبة الدفاع، وهو مجال لا شأن له فيه".

وجاء أيضًا: "إن بيرتس تنازل عما تبقى من تأثيره السياسي الأمني حين وافق على تسليم المجال الحساس المتعلق بالتهديد الاستراتيجي إلى الشخص غير الملائم (ليبرمان)، وبموافقته على هذا الأمر فقد عكس عدم فهمه الكامل في الأمن والاستراتيجية والردع، وبهذا فقد عزز الانطباع بأنه غير ملائم للمنصب".

وتشير الصحيفة إلى أن عمير بيرتس "وعد ناخبية بعدم الشراكة مع ليبرمان، وهذا الوعد قدمه قبل أيام قليلة من الانتخابات، حين تخبط الكثير من المصوتين في مسألة التصويت لحزب "العمل" أم لا، وخلافا لجميع الوعود الأخرى فإن هذا الوعد كان بسيطا جدا لتطبيقه، فلو أن حزب العمل هدد بالاستقالة في حال دخل ليبرمان إلى الحكومة ما كان ليبرمان قد انضم إلى الحكومة، أما بيرتس فإنه لم يستطع أن يفي حتى بهذا الوعد الصغير، واشترى استمرار ولايته في وزارة الأمن بثمن بخس".

 

بيرتس قبض ثمنا حزبيا

 

لقد وصل عمير بيرتس فجأة إلى زعامة "العمل"، وجرى الحديث في حينه عن تزويرات في الانتسابات للحزب وعن أن بيرتس استفاد من تنظيم الأقلية أمام الأغلبية اللا مبالية في "العمل"، ولهذا فإن انتخاب بيرتس، وكما كان متوقعا، لم يؤد إلى استقرار في القيادة، وحتى الأسماء التي جلبها بيرتس إلى الحزب كنجوم داعمة انقلبت عليه الآن وتقف في المعسكر المضاد له، مثل البروفيسور أفيشاي برافرمان والصحافية شيلي يحيموفيتش.

بالإمكان القول إن الحكم على بيرتس كان أيضًا ميدانيا هذه المرة، فقد حكم الإعلام والشارع الإسرائيلي بأن عليه أن يرحل عن الحلبة السياسية، وكل استطلاعات الرأي تشير إلى أنه سيهزم في الانتخابات الداخلية لزعامة الحزب، التي من المفترض أن تجري في شهر أيار/ مايو من العام القادم 2007، ولكن بيرتس يسعى لتأجيلها.

وتشير كل الدلائل إلى أن بيرتس الذي لم يدعمه أي من أعضاء الكنيست من الولاية السابقة سوى النائبة، والوزيرة لاحقا يولي تامير، هناك اليوم من بينهم من قرر دعمه. وعلى ما يبدو فإن بيرتس قبض ثمنا ليس فقط من أولمرت، بل أيضا من قيادات في حزب "العمل" معنية بالبقاء في الحكومة، وأبرزها الوزير شالوم سمحون، مندوب القرى التعاونية، الكيبوتسات والموشافيم، الذي يعمل حاليا على تأجيل الانتخابات لرئاسة الحزب إلى موعد أبعد مما يحدده دستور الحزب.

وكما يظهر فإن بيرتس سيحظى أيضا بدعم الوزير بنيامين بن إليعيزر، وقد ينضم إلى هذا الدعم أيضا الوزير إسحق هيرتسوغ، بمعنى أن بيرتس طلب من الوزراء الثلاثة الذي أيدوا منذ البداية البقاء في الحكومة، دعمهم المستقبلي له في الحزب في مواجهة منافسيه.

ويقول فيرتر في المقال المشار إليه سابقا "إن بيرتس من أجل أن يبقى في منصبه اتحد مع الوزراء الثلاثة، بن إليعيزر وسمحون وهيرتسوغ، الذين قادوا حملة التأييد لضم ليبرمان، وفي محادثات مغلقة يصفهم بيرتس بـ"عملاء أولمرت"، وهو يعرف أن أياً منهم لن يدعمه في المنافسة القادمة، ولكن هذا مريح الآن له ولهم".

إلا أن الأشهر المتبقية إلى حين إجراء الانتخابات الداخلية للحزب سيحاول استغلالها بيرتس لتحسين وضعيته في داخل الحزب، رغم أن مسيرته في الحكومة حتى الآن مليئة بالتعثرات، فهو يظهر في نظر الجمهور أنه مجرد وزير ليس لديه أي تأثير في الحكومة، ولم تظهر بصماته في أي مجال، سوى نقض وعوده الانتخابية، ومن الصعب رؤية كيف من الممكن أن ينجح بيرتس في تصحيح وضعيته طالما أنه مستمر بالشراكة مع ليبرمان في حكومة لا تأثير له عليها.

 

بينيس والفرصة الذهبية

 

قبل عددين من "المشهد الإسرائيلي" كانت هناك معالجة لشخصية أوفير بينيس، الذي يتوقع منه البعض ان يكون "توني بلير الإسرائيلي"، بمعنى ذلك الشاب (45 عاما)، الذي سينجح في إنقاذ حزبه من حالة السبات وحتى التقهقر، وإعادته إلى الحكم، كما فعل ذلك توني بلير، بعد غياب طويل لحزب "العمال" البريطاني عن سدة الحكم.

إلا أن بينيس لم يفلت هو الآخر من حملة التشكيك في موقفه، والقول إنه نابع هو الآخر من دوافع شخصية. فعلى الرغم من قول يوسي فيرتر إن بينيس شخصية محترمة، فإنه يضيف "إن أوفير بينيس جلس في ائتلاف (ليس وزيرا) مع ليبرمان ورحبعام زئيفي قبل خمس سنوات (في حكومة أريئيل شارون في العام 2001)، وهو على قناعة الآن أن هذه هي فرصته للاندفاع إلى مقدمة المنصة (القيادة)، وإذا ما قرر الحزب البقاء في الحكومة فإن على بينيس أن يستقيل من الحكومة، وإلا فإن كل تصريحاته وتحركاته ستظهر كانتهازية، وبينيس هو شخصية محترمة".

ولكن بغض النظر عن هذه الفكرة، فإن بينيس إذا ما اتخذ الخطوة المتوقعة منه، وهي الاستقالة، التي أقدم عليها فعلاً، فإن الجمهور لا يستطيع محاسبته على موقفه قبل خمس سنوات، كون إسرائيل كانت في أوج عدوانها وحربها على الضفة الغربية وقطاع غزة "وفي حينه كان كل شيء مباحًا".

كما أن من شأن ذلك أن يجعل بينيس منافسا قويا لرئاسة الحزب، لأنه قرر التخلي عن مقعده "المخملي" في حكومة أولمرت من منطلقات مبدئية. وهذا سيحرج شخصية مثل يولي تامير بالأساس، التي لا تزال تحظى باحترام الشارع الإسرائيلي، وتعتبر من السياسيين القلائل النزيهين في سدّة الحكم الإسرائيلي.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات